الخميس , مايو 16 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* أوراق مبعثرة (17) …

*قصاصات* أوراق مبعثرة (17) …


كان حديث العسكري كصاعقة ، فقلت له : ماذا حدث لها اخبرني ، فقال لي : انها في غرفة العمليات ، لقد اصابتها رصاصة في ظهر وتحتاج جراحة لإستخراج المقذوفة ويبدو أن العملية صعبة ، فقلت له :
أين غرفة العملية ، فأشار لي بيده لنهاية الصالة ، وتحركت أحمل جسمي وشريط بسمتها  وضحكتها يحملوني ، وانا مثقل الخطي ، شارد العقل ، ولا أدري هل أصابتها بسيطة أم خطرة !!
كانت اقدامي تقف في النهاية الصالة ، وعيوني تتمعن اللافتات الصغيرة حتي وقعت عيناي علي كلمة (غرفة العمليات) ، والباب الابيض الضخم يقف حائل أمامي ، تقدمت نحوه بهدوء ويبدو انه غير مغلق واعطاني فرصة لأسترق النظر ، وعيوني تلتقط ما بالداخل ، حتي شاهدتها مستلقية علي جنبها ووجها يقابلني ، وشعرها يتهدل فوق جبينها ، وهي مغمضة العينين ، ويبدو انها مخدرة ، لم أشعر بنفسي ، كنت أريد أدخل لأقبل جبينها واحتضنها ، ولكني كنت خائفا”.
وفي تلك اللحظة نبهتني احدى الطبيبات كانت تقف خلفي محاولة الدخول لغرفة العملية وانا أغلق عليها الطريق ، فقالت لي : تصرفك هذا ممنوع ، فلو سمحت اجلس بعيدا” كان صوتا” نسائيا” فالتفت اليها ووجدتها الطبيبة واظنها التي ستجري لها العملية وتحركت وانا مطأطيء الرأس ، وقلت لها :
آسف دكتورة فانا قلق عليها ، فقالت لي :
ألست (قصي سالم ) ؟؟ فقلت لها:
نعم انا (قصي) هل ذكرتني (اسماء) فقالت لي :
لا ، ولكني زميلة اختك (ناهد) في المدرسة ، فنظرت اليها ، وبدأت اتذكرها وهي مبتسمة الوجه ، وعلامات  الاستعجاب ، تملأ عيونها فقلت لها :
انها قصة طويلة يا ….. فقاطعتني ، (سلمي البدوي) ، سمعنا الممرضة تنادي :
يا دكتورة ، العملية جاهزة فاستأذنت مني بسرعة ، ودخلت لغرفة العملية ، وجلست في المقاعد التي تقابل باب غرفة العملية ، ولم أنتبه للموجودين حولي ، الا بعد فترة ، وعندما رفعت رأسي لأتامل من حولي ، كان وضعا غريبا ، فجميع الذين ينتظرون  كانت تظهر عليهم علامات الشدة ،باجساد ضخمة ، وطويلي القامة ،وشوارب كثة لا تخلو من طول ،ويظهر من خلال الجلابية خنجر في زند كل واحد منهم ، وبدأت استمع لحديثهم وهم متزمرين انهم اهل (اسماء) ، لم أعرهم اهتمام .
بعد أكثر من ساعتين خرجت الطبيبة ، والتف حولها كل من يقف خارج الغرفة ، وقالت لهم: (الحمدلله)  العملية صعبة ، فالطلقة في الظهر لقد نجت من الموت ولا نعرف الآثار التي تنجم عنها ، ولكنا اخرجنا المقذوفة ، وانطلقت نحو مكتبها ، وانطلقت انا خلفها ، وكانت تشعر بخطواتي خلفها ، ولم تلتفت حتي دخلت مكتبها والتفت لي ، وقالت :
(قصي)  لا اكذب عليك فهذه العملية صعبة جدا ، والاصابة في مكان حساس سوف تعيش ، ولكني اخاف ان يكون مصيرها ان تكون مقعدة ، فقد استخرجنا المقذوفة جوار السلسلة الفقرية ، ونحتاج معجزة لإستشفائها ، كان خبرا” صادما” ولكني أحمد الله انها ستعيش ، كانت تتحدث معي ولكني سرحت طويلا” في تقبل (اسماء)  لهذا الخبر ، خرجت وأنا أشكرها ، وهي تسألني عن (ناهد)  اختي وأرد عليها ، ولا اعرف ردي أصحيح أم خطأ !.
وعدت أنظر للأميرة النائمة ، حاميتي لو لاها لكنت ميت ، علمتني اشياء كثيرة في أيام قليلة ، علمتني أن الحب الذي يبني علي مواقف ، ويصنع من التضحيات هو الحب الحقيقي ، اختلفت مع (اسماء) الأولي فذلك كان حبا” مشتركا” من القلب الي القلب ، وهذا حب صنعته الحياة بكامل تضاريسها .
خرجت ووجدت هاتف اتصلت بمكتب العمل وطمأنتهم ، واتصلت باسرتي وطمأنتهم ، واتصلت ( بمنتصر ) واخبرته بالمستجدات ، وعدت لداخل المستشفي ، ووجدتها قد حولت لغرفة صغيرة وأهلها يتوسطونها ، فدخلت وهي مستلقية بعد أن استفاقت ، وكانت تمعن النظر في المتواجدين ، كأنها تبحث عني ،  أزحت الجميع ووصلتها وجلست بقرب وجهها ، فنظرت اليها ، وكادت ان تعتدل في جلستها ، انها مؤدبة معي حتي في مرضها فمنعتها ، وانا اضع يدي علي جسمها ، فقلت لها : حمدلله علي السلامة (اسماء) وشعرت ببسمتها والسكينة والهدوء يهبطان علي محياها ، وقالت لي بصوت ضعيف : حمدلله انك رأيتك ، فلو مت الآن اكون مرتاحة ، وسمعت صوت أحد الرجال خلفي يسألها  :
أين (نور الدين) يا (اسماء)؟ .وكان صوته كالرعد فالتفت له وهي تقاوم ، وقالت له : لقد قتل .
وفجأة رد آخر يقف بجواره : لقد تآمرتي عليه انتي وهذا المهندس ، وتظنين بانك ستفلتي من العقاب انتي وهذا المهندس ، رد عليهم  آخر واظنه من إخوة (اسماء) :  اوزنوا كلامكم فاسماء ايضا أصيبت وكانت معهم ، فرد عليه الأخير:
لن تكون مصابة حتي غدا وسندفنها هي والمهندس في هذه المستشفي . وظهرت الطبيبة ومعها اثنان من العساكر ، وقالت : فليخرج الجميع هذه مستشفي ، فبدأ الجميع يخرج ، وحاولت الخروج ولكن وجدت يد (اسماء) تمسك بي ، وقالت لي الطبيبة بصوت صارم :  اجلس انت ، وكانها لا تعرفني ، بعد خروجهم قالت لي الطبيبة :
لو خرجت سيقتلونك قبل أن تضع قدمك خارج هذا المستشفي ، ثم التفت الي   (اسماء)وقالت لها  :
كيف وضعك (اسماء) ؟؟ فقالت:  بخير ، ولكني لا أشعر بقدمي .

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.