الخميس , مايو 9 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / *قصاصات* اوراق مبعثرة (11) …

*قصاصات* اوراق مبعثرة (11) …

*قصاصات*

اوراق مبعثرة (11) …

شعرت بكلمة( ثابت) تثقب أذني فتوقفت رافعا يداي ، زمن طويل حتي شعرت بالأقدام تطوقني من كل جانب ، وكلماتهم التساؤلية تغمرني مستفسرة من انت ؟ ومن اين حضرت ؟ وهم بين مكذب لردودي  ومصدق حتي الضابط المسئول ، وهو رجل مثقف واعي أمر باحضار  طعام  وشرب لي اولا” : واجلسني بهدوء فشرحت له القصة من بدايتها حتي لقائي به ، وهو يفتح فاه ويغلقه ! مستعجبا مما يسمع ، رغم أنه لم يقنعه حديثي ، فطلب من الجنود إحضار السيارة للتحرك لمدينة (زالنجي ) مباشرة ، واخذت اذن عشرة دقائق استحممت واغتسلت ، وقدم لي بعض الملابس الضخمة الواسعة ، فقبلتها ، وبدوت وكأنها ترتديني !.
وتحركنا وما هي الا ساعات ونحن داخل مدينة (زالنجي) والضابط يتوقف ليسأل عن مقر شركتنا حتي وجدناه في بداية الشارع المؤدي للسوق الكبير ، ونزلنا وانا ممسكا بأطراف الملابس حتي لاتسقط مني جراء كبرها ، واستقبلنا مدير القطاع بإستغراب فعرفته باسمي فوضع يديه في رأسه وهو ينظر لي ، قاطعنا الضابط ووجه كلماته لمدير القسم :
هل تعرف هذا الرجل؟؟ ، لم يهتم بسؤال الضابط فتحرك نحوي وسلم علي بقوة وهو ينظر لي ويتحدث مع الضابط :
نعم باشمهندس (قصي) مكلف لإدارة هذا المكتب بعد سفري ، وقبل ثلاثة أيام كلفنا احد موظفينا لتوصيله لمدينة (زالنجي) ولكن هاجمه بعض جماعات النهب ، وتم اخذه كرهينة ، وطلبوا فدية (عشرون مليون) ونسعى لتوفير المبلغ منذ يومين ، فضحك الضابط وقال له :
من قال هذا الكلام ؟، فرد عليه: أنه (نورين) الذي كان معه ، التفت الضابط نحوي وقال لي يبدو ان حديثك الذي ذكرته صحيح ولم يخب ظني فيك ، ومن الأفضل أن نقبض علي (نورين) فهو ضالع مع مجموعة (حمدان) الذي سردت قصته في الحامية .
كان تفكيري في (اسماء) فهذا هو زوجها ، ومهما حدث يجب أن احترم مشاعرها ، وهو لم يكن ضالع كانت مجرد صدفة ، وجود مجموعة النهب ولكنه كان سيقتلني ويجب علي القانون ان ياخذ مجراه ، قطع تفكيري حديث (مدير القسم) وهو يتحدث مع الضابط :
علي  الباشمهندس (قصي) أن يرتاح فيبدو أنه لم يرتاح منذ ثلاثة أيام وعانى كثيرا ، فقال له الضابط :
اذا” سوف أتحرك انا واقبض علي (نورين) .
خرج الضابط وقادنا مدير القسم لاستراحة وكان كثير الكلام ، وبدات أشعر بجسمي ينهار ، وكانت الاستراحة علي مقربة من الشركة او بالاصح خلفها ، منزل مكون من غرفتين وأسرة مجهزة بعناية وقال لي :
خذ راحتك وسوف أتصل بأهلك لأخبرهم بسلامتك فهم يتصلون بي يوميا” وسوف أرسل لك بعض الأطعمة ، وذهب للمكتب ، وأكاد أجزم انه لم يكد يصل باب المبني حتى كنت قد رحت في سبات عميق .
استيقظت علي صوت مدير القسم وهو يقف أمامي ومعه الضابط ، وكانت الساعة تجاوزت العاشرة ليلا” ، وقالوا لي :
لقد هرب (نورين) .
لم أدعهم يكملوا حديثهم وسألتهم : و(اسماء) ..
رد الضابط بسرعة (اسماء) غير موجودة يبدو أنه أخذها معه فالمنزل خاوي ربما علم بهروبك ، المهم خذ راحتك وغدا” لناظره قريب ، فلدي حملة للفارين ومجوعات النهب ، وأريدك أن تدلي ببعض البيانات الدقيقة ، فقلت له :
علي الرحب والسعة ، وانا استلقي علي فراشي . وشعروا بأني مرهق ومستاء ، وقال لي مدير القسم وهو في طريقه للخروج :
لقد طمأنت اهلك وفرحوا عندما علموا بانك بخير ، ارتاح الآن وهنالك غفير في الموقع سيكون تحت امرك يدعي (الكدك) وذهبوا ، وذهبت أنا في سبات عميق .
استيقظت باكرا ، وأنا أتفقد المكان ، وهو يضج بالأصوات المزعجة لقربه من السوق ، اغتسلت وخرجت ارتشف القهوة بعد أن دلني (الكدك) لمكان القهوة ، وكان الجميع أما حاملا” سلاح ، أو حاملا سلاح ، عدا قلة من الموظفين ،وفي جانب آخر كمية من المواشي تتربع في اطراف السوق ، وتشرب من مياه غسيل أواني القهوة والشاي وتاكل في المطاعم بقايا الزبائن ، حتي شاهدت مدير القسم يحضر ويلوح لي من بعيد ويحضر الضابط واسمه (قسم السيد) كما اخبرني ، ساعتان قضيتهم وانا أشرح له شكل المنطقة حتي سجلها في دفتر يحمله ، وقبل ان يخرج نظرت اليه فضحك يبدو انه ذكي وقال لي:
ستكون (اسماء) بخير ، ولكني أطلب منك أن تعود لأهلك فهذه البلد ترحابها كان قاسيا” ، وربما السكن فيها سيكون أقسي مما تتصور ، وخرج .
عرفني مدير القسم باسمه (مزمل) وهو من مدينة (نيالا) ومهمته تسليمي العمل في مكتب الشركة بسبب اعداده لرسالة الماجستير في المساحة ، وسوف يسافر مباشرة ، وسألني:
هل انت مستعد للتسلم والتسليم ، فقلت له : دع الأمر غدا فانا أحتاج لراحة وتفكير ، فالوضع في هذه المنطقة مخيف ، ضحك وهو يخرج لعمل خارجي واعطاني مفتاح التلفون ، بعد خروجه اتصلت باسرتي ولم استطيع التحدث معهم بسبب البكاء والعويل ، وجلست أفكر في مستقبلي ، وراودني إحساس أن اسال من (اسماء) الفتية فلا تزال جرح ينكأ في قلبي ، فخطفت التلفون واتصلت علي رقمها ، واتتني الأجراس المتلاحقة بدون رد .
خرجت تجولت في سوق واشتريت بعض الملابس ، ولكني لم أجد بنطال مقاسي ، فذهبت مع (الكدك) لنهاية السوق حتي وجدنا محل من جزءين وعرض علي مجموعة من البناطلين ، وكانت خلفية المحل للقياس تفتح علي شارع خلفي ، وبها طاقة ، فخلعت البنطلون الذي أرتديه وكان سهلا نسبة لكبره ، وبدأت  أجرب وانا انظر من خلال الطاقة فاذا بي أري وجه (نورين) أمامي وهو يسير في شارع الخلفي ، حقيقة اندهشت وتسمرت وهو ينظر لي نظرة يملؤها التهديد واشار لي بعلامة الذبح لو تحدثت بكلمة ، وهو سائر حتي اختفي ، لا اعرف هل كنت مرتديا بنطال او لا خرجت (للكدك) وقلت له (نورين)، كان الرجل سريعا فقز في الجانب الآخر ولكن الشارع كان خاليا تماما ، وعاد وهو ينظر لي فقلت له :
لقد وقعت عيني في عينه مباشرة ، فقال لي:
لا ، وهو مندهش ثم واصل ربما حديثك حقيقة فله اهل قريبين من هنا فكلما كان يحضر للمكتب يذهب بهذا الشارع ، واعطيك نصيحة عد لاهلك فهذه المنطقة موبؤة ، ولا تحكي لأحد حتي لا يقولوا ان عقلك غير سليم .

عدنا للمكتب ووجدنا مدير  القسم (مزمل) قد عاد ولم اشرح لهم الامر ، علي امل ان يمهلني حتي يوم غدا للرد عليه في موضوع التسليم والتسلم .
وتركته وذهبت للاستراحة ، وجدت (الكدك) اعد الغداء تناولته وكان من نوع الطعام الغير مهضوم بالنسبة لمعدتي ، ولكني مضطرا ، وخرجت ارتشف القهوة فانا احبها ، ودرست وضع المنطقة وسكانها جيدا حتي لا اتوه وعدت وبطني تؤلمني وكان الحمام جوار بوابة الشارع ، وبدات اتردد عليه ، حتي غافلني النوم ، وراودتني الهلاويس ، وصحوت والليل تعدي منتصفه ، والظلام حالك فلا توجد اضاءة سوي عن طريق البابور ، ومعظم السكان ينامون  بعد الساعة التاسعة لتوقف البابور عن العمل فقمت اتحسس الطريق وانعل نفسي فربما تكون هنالك ثعابين في هذه المنطقة ، وتوكلت ، حملت معي المياه ودخلت الحمام بهدوء حتي لا اوقظ الحشرات ، والمخيف حتي ضوء القمر مختفيا . جلست في الحمام والظلام حالك ولا توجد ضوضاء في هذا الوقت ، والهدوء يكتنف المكان ، وفجاة شعرت بصوت الغفير (الكدك) وهو يتحدث جوار الباب وكان حديثه واضحا ، لقد تجمد الدم في عروقي من صيغة حديثه  وكان يقول للذي معه:
اسمع حديثي جيدا ، هو نائم جوار باب الغرفة ، لا تعطيه فرصة للصراخ ، اللحظة التي تكون وصلت لمكان مرقده اكون قد ذهبت انا بعيدا ، فقد اخطرت المسئول باني ذاهب للمبيت في المنزل اليوم ، ورد عليه الصوت الآخر حتي كاد ابريق الماء يسقط مني عندما سمعته  انه (نورين) ، سوف اتحرك ببطء اذهب انت ، شعرت بان الدنيا تضيق بي ، وسمعت اقدام تبتعد بسرعة شديدة ، وبدأت اتلصص  لأشاهد من خلال الثقوب في الحمام ، ولم اري سوي شخصية (نورين) تشكل شبحا يتحرك نحو الداخل بروية ، وارتديت ملابسي بهدوء شديد فقد ظهرت من ملامحه انه يحمل سلاح في كتفه ، ولا ادري ماذا فعلت في الحمام ؟ ولحسن حظي ان المنزل والحمام لا يوجد بهم ابواب وتحركت بهدوء وانا اشاهد شبحه قد دنا من الغرفة التي أنام فيها ، وفي خطوة سريعة وجدت نفسي امام باب الشارع ، وخرجت انطلق بدون صوت نحو السوق ؛ فهو يعلم انني ساتحرك نحو المكتب لقد عكست الاتجاه ولا أدري أين أذهب ؟ ولا أري شيئا أمامي …

( يتبع )

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

لن يضلوا أبدا …

Share this on WhatsAppأسبوع انقضى واطلت علينا الجمعة التي تلت جمعة مجزرة نيوزيلندا التي راح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.