الأربعاء , مايو 8 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / وثائقيات سودانية / محنة الحكم الراشد في الدول الإفريقية

محنة الحكم الراشد في الدول الإفريقية

مقال للأستاذ/ محجوب محمد صالح 
محنة الحكم الراشد في الدول الإفريقية
سقط رؤساء الدول الإفريقية في امتحان الحكم الراشد. هذه هي النتيجة الوحيدة التي يمكن أن تُقرأ من قرارات اللجنة الدولية لجائزة الحكم الراشد التي ابتدرتها مؤسسة (مو إبراهيم) للحكم الراشد في إفريقيا قبل عشر سنوات، فلم يحصل عليها سوى 4 رؤساء، بينما حجبت الجائزة على مدى 6 سنوات، إذ لم يصل أداء أي رئيس إفريقي للمستوى الذي حددته لجنة الجائزة!! عشر سنوات ممتدة منذ العام 2007م تنافس فيها كل الرؤساء الأفارقة سنويا للحصول على الجائزة، ففاز البعض خلال 4 سنوات بينما فشل أي من المتنافسين خلال الـ6 سنوات الباقية في الوصول إلى المستوى المطلوب للفوز بالجائزة، مما يؤكد حقيقة نعرفها جميعا وهي أن إفريقيا ليست وحدها القارة التي تعاني من أزمة الحكم الراشد لكنها النموذج الأكثر وضوحاً. قيمة الجائزة 5 ملايين دولار تدفع للرئيس الفائز بها على أقساط سنوية بواقع 500 ألف دولار سنويا لـ10 سنوات، إضافة لمائتي ألف دولار سنويا مدى الحياة بعد انقضاء العشر سنوات الأولى، مع مبلغ يخصص لمشروع ينفذ برعاية الفائز بالجائزة، والفكرة وراء الجائزة أن تضمن للرئيس الذي أدى واجبه بنجاح أن يعيش باقي عمره حياة عزيزة مكرمة تليق بما أنجز لوطنه من تنمية وعدالة وحكم راشد. شروط الحصول على الجائزة بسيطة جدا ومنطقية جدا، فهي تمنح لأي رئيس إفريقي غادر منصبه خلال الـ3 سنوات الأخيرة ملتزماً بالمدى الزمني لتفويضه الدستوري بمعنى أنه لم يحاول أن يستمر في السلطة بعد نهاية ولايته، أو سعى لتعديل الدستور ليمنحه تفويضا جديدا ثم أسهم في تطوير بلاده وانتشل الناس من الفقر ومهد الطريق للرخاء المستدام العادل، عندما انطلقت المسابقة عام 2007م منحت في ذلك العام لرئيس موزمبيق جواكيم شيسانو، تلاه في العام 2008م رئيس بوتسوانا فسنوس موجاي، ثم أمعنت اللجنة النظر في المتنافسين عامي 2009م و2010م فلم تجد أحدا يستحق فحجبتها وقررت اللجنة عام 2011م منحها لرئيس جزر الرأس الأخضر بيدرو بيريس، ثم حجبتها من بعد لعامي 2012م و2013م ثم منحتها عام 2014م لرئيس ناميبيا ولم تجد أحدا يستحقها عن العام 2015م ولا العام 2016م، وقد يرى البعض أن المتطلبات التي وضعتها لجنة الجائزة هي من الأمور البديهية التي يجب أن تتوفر في كل من يسعى لرئاسة دولة ما، وأن المطلوب إنجازه هو أصلا أهم واجباته كرئيس للدولة، لكن الواقع يقول إن المشكلة تبدأ من أول بند في شروط النجاح، ذلك أن الجائزة تتطلب أن يصل الرئيس لمنصبه عن طريق دستوري وأغلب رؤساء إفريقيا جاؤوا للحكم عن طريق غير دستوري واستمروا فيه بطريق غير دستوري، فكل من وصل اعتبر عقد قرانه مع كرسي الرئاسة زواجا كاثوليكيا لا ينتهي إلا بالوفاة، وكل رئيس وصل السلطة عن طريق غير شرعي واستمر فيها دون تعديل أو تبديل، كان همه طوال سنوات حكمه أن يغتني هو وأفراد أسرته وأصدقاؤه المقربون والداعمون لسلطته، ولم يضع في اعتباره غير هؤلاء ولم يهتم بشأن (الرعية). لقد قال رئيس لجنة منح الجائزة الدكتور سالم أحمد سالم إن الجائزة يراد بها أن تبرز وتحتفي بالقيادة الاستثنائية حقا، وهذا معيار رفيع. واعتبر ذلك مبررا في عدم وصول أي رئيس للمستوى المطلوب، ولكننا لا نتفق معه في هذا التبرير، وليس في شروط الحصول على الجائزة شرط تعجيزي يصعب أن يحصل عليه أي من الرؤساء لكن الأزمة تتمثل في أن الحكم الراشد يتعارض تماما مع الحكم الاستبدادي، وأغلب الأنظمة في القارة الإفريقية أنظمة حكم استبدادي، والفروقات بينها ليست فروقات في النوع بل هي فروقات في الدرجة، وربما كان الأوان قد آن لإعادة النظر في جائزة (مو إبراهيم) فهي من ناحية مردودها المادي من أغلى الجوائز العالمية إن لم تكن أغلاها، وربما تخدم هدفها بطريقة أفضل لو منحت لتشجيع القوى الاجتماعية في أي بلد إفريقي، التي تنجح في مشروع لترسيخ الحكم الديمقراطي في أي دولة إفريقية ولا نظن أن المتطلعين لقيادة الحكم الاستبدادي في إفريقيا سيهتمون بجائزة حتى لو كان مقدارها خمسة ملايين دولار، لأنهم لو وصلوا لسدة الحكم لنهبوا هذا المبلغ في يوم واحد، فلتوجه الجائزة نحو القوى الراغبة حقيقة في التغيير والحكم الراشد لتحفزها كي تضاعف جهدها.;

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.