الإثنين , أكتوبر 7 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / المقاطعة .. ولا شيء سواها

المقاطعة .. ولا شيء سواها

=================

خالد السعيد

من حسن حظنا أن السياسة عندنا في السودان كتاب مفتوح يسهل قراءته والتنبؤ بمألاته .. وحدهم السياسيون عندنا هم الذين لا  يحسنون قراءة  هذا الكتاب المفتوح ..
إذ لم تأتي إنقاذ جديدة لنحتار فيما نختار .. فالإنقاذ هي الإنقاذ بل أسوء قيلا .. وأضل سبيلا ..
لذا ترانا نغرق في شبر ماء ونحن نتحدث عن المشاركة في الانتخابات من عدمها ..
في الوقت الذي كان يمكن فيه الحديث عن كيفية إسقاط هذا النظام الذي فقد مقومات وجوده وبقائه ..
فالأزمات تحيط بالوطن إحاطة السوار بالمعصم .. والأوضاع تزداد سوءا بعد سوء ..
لم تعد الأزمة أزمة وقود بل تبع هذه الأزمة أزمات وأزمات.. لقد ارتفعت أسعار السلع جراء إنعدام وسائل الترحيل من مواقع الإنتاج إلى المستهلك .. وتوقفت الزراعة وتعطلت حركة الإنتاج لإنعدام الوقود .. ومات المعدنون في صحراء الشمال وهم يحلمون  بقطرة ماء تروى قليل من الظمأ قبل الرحيل ، ولكن حتى هذه تأبى ، فماتوا والحلم بجرعة ماء صار شيئا مستحيل .. وماتت الماشية في كردفان عطشا لإنعدام الماء .. وكلنا ماضون في درب الرحيل ..
إنه الظرف المناسب والملائم لأحزاب المعارضة لتجتمع على كلمة سواء لإزالة هذا النظام الذي جثم على صدر هذا الشعب طويلا ..
لقد فقد هذا النظام مقومات بقائه .. وصار يتكىء على عصاة نخر السوس جوفها فلم يتبق إلا أن تهوي به في مكان سحيق ..
في هذا الجو جاء الحديث عن المشاركة في الإنتخابات ام مقاطعتها ..؟!!
لكن سادتي قبل الحديث عن الإنتخابات أو مقاطعتها دعونا نتساءل.. هل خوض الإنتخابات هو من أجل الحكم .. ام أن خوضها هو إجراء لفعل موضوعي وهو الديمقراطية ..؟!! بمعنى آخر هل نهدف من الإنتخابات إلى  المشاركة في الحكم كما شاركت أحزاب كثيرة في الحكم جنبا إلى جنب مع المؤتمر الوطني بغض النظر عن كون نظام الحكم ديمقراطي أم لا ، المهم المشاركة فحسب ، أم أن الإنتخابات هي في جوهرها إجراء شكلي للوصول إلى الحكم في وجود نظام ديمقراطي ..؟!!
واقع الأمر أن الإنتخابات ماهي إلا إجراء شكلاني للوصول إلى الحكم في ظل نظام ديمقراطي .. فإذا إنعدم النظام الديمقراطي أفرغت الإنتخابات من جوهرها ومضمونها ..تماما كالذي يحدث عندنا في السودان .. إذ ظل النظام يتخذ الإنتخابات وسيلة لتجميل وجهه القبيح ليقال عنه أن نظام ديمقراطي .. فالعملية الانتخابية عنده ماهي إلا عملية ديكورية صممت على مقاسه بواسطة حياكون (ترزية ) ظلوا يسهرون الليل والنهار ليفصلوها له على مقاسه ولا يتورعون في أن يعدلدوا له النظام الأساسي أو القوانين وحتى الدستور أن دعا الداعي .. دون أن يرمش لهم رمش ، أو يغمض لهم طرف ،  ودون خجل أو وجل ..
إن الديمقراطية هي جوهر ومضمون .. وما الإنتخابات إلا شكل من أشكالها.. هذا الجوهر والمضمون الذي يتمثل في الحقوق والحريات وسيادة حكم القانون و استقلال القضاء والفصل بين السلطات ، وهو الذي نفتقده في السودان لنحو ثلاثون عاما إلا قليلا..
هذا الجوهر والمضمون بغيابه يصبح الحديث عن الإنتخابات وغيرها من إجراءات حرث في بحر الديكتاتورية و لا يثمر الا دكتاتورية ، فمن يزرع في أرض بلقع هي الدكتاتورية عليه ألا ينتظر حرثا ، فبمثلما الحرث يكون الحصاد .. فمن يزرع الشوك لا يحصد العنب على الإطلاق..
ولنا ان نتساءل هل صار النظام ديمقراطيا فتوقف عن الإعتقالات ومصادرة الصحف وانتهاك الحقوق و الحريات ..؟!!
واقع الحال أن شيئا من هذا لم يحدث على الإطلاق .. فبالأمس القريب كان هناك مصادرة لصحيفة اخبار الوطن ، و بالأمس القريب كان هناك إعتقال للمعلمين أثر وقفة احتجاجية مطلبية . 
و هل أمنت الحركة الإسلامية بالديمقراطية وتخلت عن مشروعها العالمي في أسلمة العالم كله والذي يعتبر الديمقراطية ما هي إلا وسيلة لبلوغه أو على أقل تقدير تطبيقه في السودان ثم التنكر لها اي الديمقراطية بعد تحقيق المراد إذ أن مشروعها الفكري يقوم على ذلك اصلا .. ؟!! بالطبع لا ففي الأيام الماضية اجتمع مجلس شورى الحركة الإسلامية بالعيلفون وقرر الإبقاء على الحركة الإسلامية ، وأن تعقد مؤتمرها العام في أكتوبر المقبل هذا الاجتماع الذي حضره البشير رئيس مجلس الشورى وعلى عثمان ونافع والزبير محمد الحسن الأمين العام للحركة الإسلامية ، إذن فالحركة الإسلامية موجودة ومشروعها لأسلمة السودان إن لم يكن العالم بأسره موجود . 
وما الحصاد الذي جنته الأحزاب المشاركة في الإنتخابات الماضية .. سواء على مستوى الممارسة أو التغيير نحو الديمقراطية وسيادة حكم القانون ..؟!! الاجابة لا شيء ..
وهل هناك تنافس عادل وشريف بين المؤتمر الوطني وغيره من الأحزاب  ، أم أن الأمر لا يعدو كونه مسرحية سيئة الإخراج لمواصلة حكم المؤتمر الوطني للبلاد .. ؟!! في الحقيقة لا وجود لمنافسة عادلة شريفة في ظل هيمنة المؤتمر الوطني على كل أصول اللعبة ، حتى وسائل الإعلام الرسمية المملوكة للدولة نجده قد سخرها لخدمته . فالمؤتمر الوطني يتحرك في مساحة الدولة فمالية الدولة هي ماليته يتصرف فيها كيف يشاء دون حسيب أو رقيب ، وإعلام الدولة هو إعلامه ، وكل شيء في الدولة هو ملك يمينه فليس هناك فاصل بين المؤتمر الوطني والوطن .
وهل هيء الملعب السياسي للتنافس الشريف أم أن الحال في حاله ..؟!! في الواقع لم يهيء المسرح السياسي لتنافس شريفا أو غيره ، فالقوانين القمعية هي هي .. والممارسات التي كان يمارسها جهاز الأمن ظلت كما هي .. وظلت الحريات مكبوتة ، وحقوق الإنسان منتهكة كل صباح ومساء ..   
وهل هناك دولة حقيقة ام أن هناك حكم عصبة من الأخوان رأسمالية طفيلية إرتزاقية .. ؟!! ما نراه الآن ما هو إلا حكم لعصابة إسلامية رأسمالية طفيلية ارتزاقية همها البقاء في الحكم كيفما اتفق الحال . 
وهل الأوضاع الآن تسمح بمثل هذا الحديث أي الحديث عن المشاركة في الإنتخابات .. أم أن الأولويات الآن للحديث عن الضروريات وهذا الموت المجاني الذي نراه في كل مكان في السودان .. ؟!!  إن الأولوية تقتضي البحث عن كيفية إيجاد حلول لما نحن فيه من أزمات..
وهل لقاء الأحزاب بقواعدها يكمن في المشاركة ام لقاء الأحزاب يكون بكافة الوسائل.. ؟!! من الواضح أن لقاء الأحزاب بعضويتها لا علاقة له بالمشاركة في الإنتخابات من قريب أو بعيد فيمكن للأحزاب أن تلتقي بجماهيرها دون المشاركة في الإنتخابات .
وهل هناك ما يحول بين الأحزاب ولقاء جماهيرها .. ؟!! لا شيء يحول بين هذه الأحزاب والالتقاء بجماهيرها وحدها الأحزاب هي التي لا ترغب في ذلك .
وهل إلتقت الأحزاب التي شاركت في الانتخابات الماضية بجماهيرها ام أنها انزوت عن الجماهير .. ؟!! في الواقع نجد أنها انزوت عن  جماهيرها بعيد مشاركتها في الانتخابات الماضية ، وفي المقابل ظلت الأحزاب المقاطعة للانتخابات في تواصل حميم مع جماهيرها وظلت معبرة عنها في كل همومها و أحزانها و ألامها وتطلعاتها في الحرية و الكرامة والعيش الكريم . وما يناير وفبراير هذا العام ببعيدان .. حيث شهدنا التحام هذه الأحزاب مع جماهيرها التحاما اسفر عن الخروج إلى الشارع العريض والمطالبة بإسقاط النظام . لذا نقول للذين ينادون بمنازلة النظام في الانتخابات في حال  توحدت الأحزاب ، إذا كان بمقدور الأحزاب أن تتوحد لمنازلة النظام فلماذا لا تتوحد لاسقاطه وكفى الله الأحزاب شر الكيزان ..؟!!
ثم القول أن الأحزاب فشلت في إسقاط النظام تسع وعشرون عاما ، فهل هذا يبرر خوض الإنتخابات مع هذا النظام ..؟!! 
أليست الثورة المصرية والتونسية قد قامتا بعد أن وصلت الدولتان من حكم حسني مبارك وزين العابدين بن على ثلاثون عاما ..؟!! اليست أبريل قد اقصت النميري عن الحكم بعد ستة عشر عاما من حكم السودان ..؟!!
ثم القول بأن الأحزاب غير ملتحمة بالريف .. هذا قول صحيح يستتبع تغيير المنهج ونزول الأحزاب لقواعدها في الريف وليس مشاركة النظام في انتخابات معلولة إجراءاتها.. مشلولة أدواتها.. مغلولة حرياتها .. معلومة نتائجها ..
صحيح ان هناك بعض الأزمات كانت موجودة من قبل .. ولكن الأصح أن المواطن كان يمني النفس بتغيير قادم في حياته باكتشاف البترول ووقف الحرب ومجيء السلام .. ولكن أحلامه هذه ذهبت مع الرياح ، فلا بترولا   حصد ولا سلام ، وتعمقت الأزمات ، لذا لم يعد هناك شيء يدعوه للتمسك بهذا النظام ، فلا أمل ولا مستقبل لهذي البلاد في ظله  .
نحن قوم لا توسط بيننا ..
لنا الصدر دون العالمين أو القبر ..
فإما إنتخابات نكون نحن صناعها وشركائها الأصليون أو لا إنتخابات .. نحن لا نرضى أن نكون تبعا .. أو (تمومة جرتقا ) أو كمبارس في جوقة المؤتمر الوطني .
علينا أن نعمل على إسقاط النظام.. فإن لم نستطع علينا ألا نشاركه خيباته ..
لذا لا خيار لنا سوى الثورة ومواصلة النضال حتى أقامت البديل الديمقراطي الحقيقي المتمثل في دولة المواطنة التي ترعى الحقوق والواجبات ، و تحترم الحريات ، وتفصل بين السلطات ، وتحترم استقلال القضاء ، ويسود فيها القانون .. تلك هي الدولة التي ننشدها ..

*******
أنا لست ُ رعديدا ً يُكبـِّـل ُ خطوه ثِقـل ُ الحديد ْ
لا … لن أحيد ْ ،
وهناك أسراب ُ الضحايا الكادحون ْ
العائدون َ مع الظلام ِ من المصانع ِ والحقول ْ
ملأوا الطريق ْ
وعيونهم مجروحة َ الأغوار ِ ذابلة َ البريق ْ
يتهامسون ْ
وسياط ُ جلاد ٍ تسوق ُ خطاهمُ ُ
– ما تصنعون ْ؟!
يجلجل ُ الصوت ُ الرهيب ُ كأنه القدر ُ اللعين ْ
وتظل ُ تفغر ُ في الدجى المشؤوم ِ أفواه ُ السجون ْ
ويغمغمون ْ
– نحن ُ الشعوب ُ الكادحون ْ ..!
وهناك َ قافلة ٌ تولول ُ في متاهات ِ الزمان ْ
و بلا دليل ْ
عمياء ُ فاقدة َ المصير ْ
تمشى الملايين ُ الحفاة ُ العراة ُ الجائعون مشردون ْ
في السفح ِ في دنيا المزابل ِ والخرائب ِ ينبشون ْ
والمترفون َ الهانئون َ يقهقهون َ ويضحكون ْ
يمزقون َ الليل َ في الحانات ِ في دنيا الفتون ْ
والجاز ُ ملتهب ٌ يؤج حياله ُ نهـد ٌ وجِيــِد ْ
وموائد ٌ خضراء ُ تطفح بالنبيذ ِ و بالورود ْ
لهب ٌ من الشهوات ِ يجتاز ُ المعالم َ و السدود ْ
هل يسمعون ْ ،
صخب َ الرعود ْ ؟
صخب َ الملايين ِ الجياع ِ يشق ُّ أسماع َ الوجود ْ؟
لا يسمعون ْ !!!
في اللاشعور ِ حياتهُم فكأنهم صم ُّ الصخور ْ ..!
وغدا ًنعود ْ
حتماً نعود ْ
للقرية ِ الغنـَّاء ِ للكوخ ِ الموشح ِ بالورود ْ
ونسير ُ فوق َ جماجم ِ الأسياد ِ مرفوعي البنود ْ
وتزغرد ُ الجارات ُ والأطفال ُ ترقص ُ و الصغار ْ
والنخل ُ و الصفصاف ُ والسيال ُ زاهية ُ الثمار ْ
وسنابل ُ القمح ِ المنور ِ في الحقول ِ وفي الديار ْ
لا … لن أحيد َ
…………..

              (محيي الدين فارس )

خالد السعيد
الخرطوم 9 مايو 2018 م
اعلام حزب المؤتمر السودانى

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.