بإمكان أي نظام سياسي أن يُبقي على وحدة بلده من خلال ترسيخ المؤسسات الديموقراطية واحترام حقوق المواطنين المدنية والشخصية والحريات العامة والمساواة أمام القانون بين جميع المواطنين واحترام التعددية الفكرية والمذهبية والدينية وقيام الدولة بواجبها الإجتماعي الأساسي وهو إنشاء شبكات الدعم الإجتماعي من ميزانية الدولة لمواجهة الفقر والبطالة وتأمين كافة المواطنين صحيا عبر أنظمة التامين الصحي الشاملة. فإذا فشل أي نظام من تحقيق هذه لأهداف فإن الظلم والعدوان والعنف سوف يسود داخل المجتمع. وهذا يؤدي الى تحلل كيان أي دولة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ، عـنـدمــا يـكـون الـمـوضــوع السودان فلابد أن نتـرك خـلافــاتـنـا الـسّيـاسيـة و الـعـرقـيــة عـلـى أمـل أنقاذ الوطن من الكيزان ولكننا أصبحنا نسبح في بحر الخلاف وليس الاختلاف ونزرع الأشواك في طريقنا ونقفز على الحقائق طمعا في إثبات وجهة نظرنا حتى لو كانت متوغلة في الخطأ ونمارس العناد وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة والغريب أننا نكرر هذا الدوران دون أن نصاب بالصداع فالسير على الأشواك قاعدة وتبني طريق السلامة استثناء. وقد يلهث البعض فيه دون كلل أو ملل على أرصفة السراب ويجدون من يعبد لهم الشوارع في زفة كاذبة تحمل شعار السير خلف الحقيقة ويكذب البعض الكذبة ويصدقها كما يقولون ولكن هناك من يصدقها معه بل ويتحمس لها أكثر من صاحب الكذبة ، لم نعد نحتاج لنعيش رجبا لنرى عجبا ففي كل الشهور نعيش في العجب والحياة لم تعد تطربنا إلا إذا عايشنا هذا العجب في الخروج عن المألوف ، الغريب أن البعض أصبح يري الخلاف شطارة في نظرهم وان لم تفعل مثلهم فهي سذاجة. والغريب أكثر أننا ما زلنا نتمسك بأنتمائاتنا القبلية ومصالحنا الشخصية والوطنية أصبحت عندنا مزيفة وهذه الحقيقة التي يعرفها الجميع ويحاولون إخفاءها .
الطيب محمد جاده/ فرنسا