الإثنين , أكتوبر 7 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* اوراق مبعثرة (12)…

*قصاصات* اوراق مبعثرة (12)…

كانت خطواتي تتسارع وانا أشق السوق الكبير ، وخفت من العدو حتي لا يسمع صوت اقدامي ترتطم بالأرض ، فضلت المشي بسرعة ورغم الظلام فقد شعرت بصوت أقدام خلفي وفضلت ان لا التفت ، حتي بدأت أخرج من السوق ، ووجدت أول شارع جانبي فدخلته وانا احازي الحائط  ، وفجاة شعرت بشئ يوضع علي رأسي ، وسمعت صوت كالهمس يقول لي:
تقدم بهدوء والا ثقبت  رأسك وتقدمت ، وانا مزعورا”  ، لقد وقعت ، وهذه المرة يستحيل أن أنجو ، وهذا من فرط غبائي!
كان يجب ان اهرب منذ ان نجوت ، واحضرني الضابط كان يجب ان اطلب منه توصيلي المطار مباشرة ، ولكن (المكتوب في الجبين لازم تشوفو العين) ، دفعني الرجل بسرعة نحو منزل حتي دخلنا وتوارينا بجوار الحائط وهو يهمس لي :  لا تتحرك ، اجلس بهدوء وجلست والجائط بجواري ونحن بداخل المنزل الذي يبدو حتى هولا يعرف مالكه ، وجميع من في المنزل  نائمون ، وماذا الذي يجعله يختبئ ايضا ؟!، فقد جلس خلفي وهو يصوب سلاحه الى رأسي ويشدد علي بالصمت ، حتي شعرنا سويا” بإقدام تتحرك بجوار الحائط ، ونحن بالداخل وهم بالخارج ، ويفصل بيننا الحائط .
وسمعت الصوت الذي اعرفه جيدا” (نورين) وهو غاضب متزمر يتحدث مع شخص  بصحبته :
أين ذهب هذا المهندس ؟ ، ورد عليه الشخص الذي معه وكان واضحا انه (الكدك) ، لقد قلت لك ، لقد شاهدت شخصان ، وليس شخص واحد ، انهم من سكان هذه المنطقة ، لقد اخطاءنا فالمهندس لا يعرف الا مكتب الشركة واكيد انه مختبئ هناك ، يجب ان نعود ونبحث هنالك ، وبسرعة بدأت اصوات اقدامهم تبتعد .
ولكني اصبحت في تساؤل من يضع فوهة هذه البندقية في رأسي ؟ أيكون (حمدان) اما هذه البلد كلها قتلة ؟ أم أصبحت مطلب شعبي هنا ؟! ماذا يحدث ؟ كل هذا وراسي يكاد ينفجر من التفكير! ، لو صرخت ربما يعود (نورين ) ولكني لا اعلم ماذا يفعل هذا الشخص الذي يضع سلاحه فوق راسي ، سمعته يهمس في اذني بحزم قم قم ، فقمت وبدأ يدفعني خارج المدينة ، وبدأت احاول ان التفت بين الحين والحين رغم انتهاره لي ، وهو يضع عصابة في وجهه ، كما يسميها ابناء المنطقة ( الكدمول ) والحكومة تحارب من يضعها لانها مؤشر لحركات النهب ، كان الطريق وعرا وهو يقودني خارج المدينة ، فقلت له:  من انت ؟ وماذا تريد مني؟ ، فقال لي : لاتخف لن اقتلك فلو كنت أريد قتلك لتركتك ( لنورين) . لقد عرفته ، طالما انه يعرف نورين انه (جارين) الذي انقذني المرة السابقة من (حمدان) .
بدأنا نسير نحو الجبل ونلتف حوله والطريق طويل وهو يدفعني من الخلف وكان جسمي واقدامي تؤلمني من فرط المشي ، فقلت له ماذا تريد مني يا (جارين) فتوقف وقال لي : خير يا باشمهندس فمن اجل ذكاءك انقذتك المرة السابقة ، وستعرف فلا تستعجل ، وانطلقنا ، وهو يسرع وتجاوزنا في مسيرنا هذا اكثر من ثلاث ساعات ، حتي صعدنا تلة ووقف (جارين) ونادي باسم غريب وعرفت انه كود مرور او اسم متفق عليه ، والمنطقة محروسة ، وجاء الرد بكلمة امين ، وتحركنا وكان هنالك اثنان يحتميان بالصخور ويراقبان  الطريق  من بعيد ، وتسللنا حولهم ، كان المعسكر يشابه المعسكر السابق ، وبه نظام أغطية معقود اطرافها مع فروع الاشجار ، إتقاء  البرد والسخانة ، وهذا يدل ان هنالك نساء ، او عوائل ،  ووجدنا هنالك مجموعة من الرجال يشعلون نارا” في مكان منخفض من الجبل ، وهم يرتشفون الشاي ويتسامرون ، لم يهتم بهم (جارين) وطلب مني ادخل وراء (ضروة) ونادي عليهم (جارين) اكرمونا بكوبين من الشاي ، كانت هنالك فرشة كبيرة ، وفي طرفها شخصا ممد يبدو انه نائم ، فاخترت الجلوس بجانبه وجلس (جارين) جواري وشعرت انه يريد ان يسرد لي شيئا” ، وقال لي :
قبل أن أعرض عليك عرضي سوف احضر مكافأة لك ، لو حققت ما اريده ، وصمت ينظر لي من خلال الظلام وانا اتمعنه ، وحرك يده نحو الرجل النائم وهزه بقوة ليوقظه ، وهو يواصل في حديثه، سوف اعتق هذه الشخص ، لو نجحت في المهمة ، وعندما استيقظ النائم كانت أول ما شاهدتها رغم الظلام إنها (اسماء) وسمعت أجمل كلمة من فمها (قصي ) وجسمها يسير نحوي بقوة ، لم اتمالك نفسي واحتضنتها ، حطمت كل الأعراف والتقاليد التي يعيش عليها هؤلاء الاشخاص ، وشعرت بجسمها يذوب داخلي ، وتكاد تدخل في قلبي ، وتدفق حنيتها حتي شعرت بعروقي تنبض باسمها ، وكادت يداي أن تمزق ملابسها وانا اتحسسها ، وﻷول مرة اقبلها من بداية سبائب شعرها سبيبة سبيبة ، واشعر بدموعها تسيل على  ملابسي كالأطفال وهي تحتضنني ، وكأننا في العالم لوحدنا ، لقد تملكتني واستلبت حواسي وسكنت اعماقي ، واشترتني عندما باعني الزمن ، واحتوتني عندما طلبني الموت ، واختارتني عندما لفظتني الحياة ، ما أسعدني بانك بخير أيتها المرأة القوية  ، لم تتمالك نفسها وهي تبكي داخلي ، واحسست انها نفسي وروحي وقلبي ، فجاءني صوته وهو يقول:
لا وقت عندي لهذه الاشياء افعل ما امليه عليك ، وخذها معك الخرطوم او القيامة ، فكان ردي سريعا”:
قل
لي ما تريده سوف انفذه ولكن اترك (اسماء) ، فقال لي بصوت هاديء بطريقة توضيحية:
نعلم انك رجل ذكي وشجاع ومطلبنا بسيط يحتاج قليلة من الحنكة وانت لها ، استمعت  له  ،  وانا احيط (أسماء) بيدي الى جانبي  ،واشعر بنبض قلبها يهزني ، فقال لي :
اكن معك صريحا للقد ارهقنا من جراء التشرد من جبل لجبل ، ونحتاج ان نعيش بأمان ، والحكومة ضيقت علينا ، فقلت له : وماذا تريدون مني ؟ فقال:
اريدك ان تعقد لنا صفقة مع الحكومة بواسطة الضابط الذي يحاول ان يساعدك وتكون مشروطة فكثيرين  عقدت  معهم الحكومة صفقات ، ويعطونا الامان ونعود بلا مساءلة او عقاب واذا ارادوا ان نخدم ونساعد الدولة نساعدها ، وهذا الامر تتعامل به الحكومة مع الفارين ، والذين سبقونا ليس بأفضل منا ، وبامكانهم اعطائنا بعض الاموال تعيننا في الحياة ، ونحن لا نثق في احد هنا سواك فكل يبحث عن مصالحه ، وعندما نعقد هذه الاتفاقية يمكنك ان تاخذ (اسماء) فقلت له : دعني افكر حتي الصباح ، وسوف اجد حلا”  فقال لي : لك ذلك ، وطلب من أحد معاونيه ان يسحبني لأنام تحت تلك الصخرة مؤشرا” عليها وهي علي بعد خطوات ، فتدخلت (اسماء) تطلب منه أن يدعني أنام بالقرب منها ، فشكمها زاجرا” وهو يقول : لم احضره هنا عريسا” ، قبلتها بشوق ولهفة ، وسالتها هل انتي بخير حبيبتي ؟ فقالت لي:
عندما رأيتك شعرت بأني ولدت من جديد ، نعم أنا بخير.
وذهبت مع معاون (جارين) وهي في مرمي عيني تنظرني وأنظرها …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.