رسالة بخط جنوبي …
كما تعودنا منهم دائما تلفزيون الآن (AAN) بقيادة أوركسترته المواكبة للأحدث ، ومعد برامجه المميز الأخ:( محمد عوض) الذي اتصل بي مستفسرا وسائلا” عبر موضوع الحلقة (من يقف وراء مجاعة جنوب السودان ؟) عن الأحداث والمجاعة التي حلت بدولة جنوب السودان الحبيب ، وفاتحا” أشرعة قناتهم التلفزيونية لتصدر المعضلة كعادتهم ، وتقديمها إعلاميا” للمجتمع الدولي حتي تستدركها الحلول ، وشكرت تلفزيونهم الفتي الذي يضع إمكانياته كضوء كاشف لتعرية الباطل ومحاربة الديكتاتوريات ، وفتح باب الحلول للمشاكل عبر منبره النير ، لهم جزيل الإمتنان ، وهو يتلمسون بصيص نور في عتمة الظلام .
حقيقة المعضلة التي استفحلت هي نتيجة لصراعات أثنية قبلية ، وبذرة للتهميش من الحكومات السوانية في المقام الاول ولعب فيها اعلامنا السوداني في مبتداها بسلبية في تناولها ، ولم يضعها نصب العين فقل دوره حتي طفح الكيل بالأخوة الجنوبيين فساهموا في انتزاع حقوقهم إستقطاعا من الوطن ، وامسوا ماضيا نتوجع عند اجترار ذكراه كسودانيين .
وكان علي يد المرعوب (عمر البشير ) وثلته الفاسدة ، خوفا” من الإنهزامية التي لاحت لهم في انتخابات (2010) الهزيلة والمدبرة التي اقاموها بالطرق الملتوية ، بعد أن أيقنوا أن الشعب السوداني يفضل الشيطان عليهم ، بعدما مل كذب ونفاق وفساد حكومة (الكيزان)وإنهيار أخلاقهم قبل إنهيار اقتصادهم .
وكان هنالك (ياسر عرمان) مرشحا” نيابة عن الحركة الشعبية في (2010) فطلب (عمر البشير) ومنسوبيه من (سلفاكير) سحب (ياسر عرمان) من الانتخابات مقابل تنازلهم عن جنوب السودان ، وجازمين بإيفائهم بالعهود التي تم توقيعها في (نيفاشا) وما عرف بهم (الكيزان) انهم ناقضي العهود ، كاذبي الحديث ، خائني المواثيق ، ولكن في سبيل السلطة يبيعون انفسهم وأسرهم ، والحقائق تبرهن السوالف . وتأكد لجميع المستنيرين ان هذا البشير يمكنه أن يضحي بكل ما يملك نظير الإحتفاظ بكرسي الحكم ، فقبل سلفاكير هذا الصيد الثمين ، وسحب (ياسر عرمان) من الترشيح ورغم ذلك فقد احرز (ياسر عرمان) أكثر من (اربعة مليون) صوتا” ، وفصلت الجنوب بسبب رجل أوحد مستبد ضحي بوطنه من أجل مصالحه الشخصية ، وكان (خال الرئيس) من المأججين للصراع ، والمناديين بارتداء عباءة العنصرية البغيضة ، والمحورين للقضية السياسية البحته بعد أن كانت تهميش وتجاهل لمناطق شحت فيها التنمية ، وتطالب بالعدالة الاجتماعية للثروة والسلطة الي قضية جهاد وإستشهاد ورفع رأية الاسلام ، وكان من مؤيديه البشير وثلته حتي انفصلت ، ولكن انفصالها لم يكن مدروس ولم يبني علي أعمدة حتي تحمل مشعلها لمستقبل مزهر ، وكان قادة الركب قيادات الجيش الذين ناضلوا لتحريرها ، فيكونوا بذلك اخذوا ثمن نضالهم ، وهو أسوء أنواع النضال ان تناضل لتاخذ الثمن ، فالنضال من أجل شئ يعني التضحية ، وهؤلاء الذين يبحثون عن مصالحهم القبلية والشخصية امثال (سلفاكير ميار دوت) ومعه (رياك مشار) هم الذين يقفون وراء مجاعة جنوب السودان وهم الذين يبحثون عن حقوق نضالهم ، تحملهم الأنا والغطرسة وحب الذات . والذين يناضلون ضد نظام البشير حاليا لإزالته لو كانوا يفكرون في أخذ الثمن بعد إنقشاع طغيانه ، فسيكون علي الوطن السلام !، فالنضال الذي لا يبني علي التضحية ، ونكرات الذات ، واعطاء الأولوية للأخيار في مجالاتهم يبقي نضال باطل ، وهو أسوء أنواع النضال ، أنه نضال المصالح وإعادة ما ناضلنا من أجله لنملكه ، فيكونوا قيادات مشكلة في مناصب لايستحقونها ، ولا يملكون مؤهلات لادارته ، ولكن احقيتهم تكمن في الاعطاء مقابل النضال.
جنوب السودان صاحب الارض الخصبة ، والغابات الوارفة ، والثروة الحيوانية الضخمة والثروات البترولية المحفزة ، هذه الارض التي تضخ خيرات من كل جوانبها ، وخاصة ولاية( الوحدة) التي تئن من كارثة المجاعة الآن ، بسبب تفشي القبلية التي خلفتها رواسب الحكومات السودانية وبالاخص (الكيزانية) التي أعادت الناس الي زمن الجاهلية الأولي ، وفتحت جرح الأعراق والألوان ، الذي نبذه الدين والعرف ، فايقظوا ذلك المارد العرقي بين قبيلتي (الدينكا والنوير) ، فكانت هذه الحروب خلاصة حقيقة لرجال شبوا علي شيئا فشابوا عليه ، ولم ينظروا لصوت العقل .
والمجتمع العالمي الذي ضخ في وريد الشعب الجنوبي جل ما يملك في سبيل ارساء دعائم السلام والتطور ، وفتح أبواب استثماراته علي مصراعيها فكانت نتيجته الفشل الزريع ، فهنالك سرطان قد تملك في قادته وهو البحث عن حقوق نضالهم الطويل ، ومصالحهم الشخصية والأسرية ، فضربوا بحقوق شعبهم عرض الحائط ، وتمزقت إنسانيتهم ، التي تشبعت من دماء الحروب السابقات ، فامسي الموت لا يحرك فيهم ساكنا” ، وانتهجوا سياسات العصابات في تأجيج صراعهم الداخلي ، وكل يقتل وينكل بالشعب لإلصاق التهم بأخيه ، وكل ينادي بما فعل اخيه ، وما سوف يفعل حتي أشعلوا نيران قلوبهم ، قبل أن يقوضوا نيران وطنهم ، وكانت النتيجة صراعات محتدمة ، وتشرد وضياع ، ولا عزاء للوطن والمواطن .
لن تتوقف الحروب الا بارتفاع الوعي ، والإنصياع لصوت العقل ، ووضع السلاح أرضا ، وعودة المواطن لمناطق الزراعة بدلا من ميدان المعركة ، والجلوس بتجرد ونكران ذات ، وتقديم قيادة مؤهلة تقود البلاد ، والوقوف بعيدا” لحماية الديمقراطية والحرية التي في إعتقادهم بأنهم صنعوها ، ونؤمن بانهم صنعوها حتي لا نفتح الجرح ، ولكننا نطلب منهم حراستها فقط ، وان لا يفكروا في جني ثمرتها حتي يحفظ لهم التاريخ ما زرعوا …
Ghalib Tayour