رواية شاهد من الدمازين
للمرة الثانية خلال اقل من أسبوعين – و للمرة العشرين منذ بدء مليشيات حكومة المؤتمر الوطني زحفها نحو كلقو – تتكرر الماساة مرة أخرى ليحتشد ذووا الموتى من أولئك الأطفال الذين تعهدوا ببيع دمائهم لينعم الإسلاميون بالسلطة و وجاهاتها مقابل ضمان لقمة لا تسد رمقا لذويهم . هكذا اختبأ المحتفلون بتأبين شيخهم الترابي في قصورهم المنيفة في الخرطوم بعد أن آثروا الحياة الدنيا و تذوقوا لذتها و قد فارقوا شقوق الأرض التي خرجوا منها.
مأساة اليوم و التي كنت شاهدا عليها أمام مستشفى الدمازين العسكري ظهر اليوم‘ تحكي قصة خسة و دناءة لا تضاهيها دناءة و لكنها معتادة في سفر الإسلاميين الذين أيبسوا كل ما يمكن إن يكون مصدرا من مصادر رزق هذا الشعب حتى لم يبق إلا أن يتاجروا بدماء أبنائه مرة في عاصفة الحزم و أخرى في درع الشمال في خطوات لا تمثل شيئا غير إشباع جشع الإسلاميين للمال و اكتنازه ،
طوال يوم أمس ظل أزيز الطائرات يملؤ جو مدينة الدمازين في المعركة رقم 20 فيما أسموه باسترداد جبل كلقو . زعموا أنهم استلموا الجبل و باتوا و باتت مليشيات المؤتمر الوطني فوق سفحه حتى إذا ما حانت السادسة من صباح اليوم ‘ أمطرت هذه القوات بنيران لا قبل لهم بها . إنها مأساة هؤلاء البسطاء الفقراء ذوي الموتى و الجرحى قد ألقوا على الأرض بع ان اكتظت العنابر بمزيد منهم .نساء و أطفال و رجال يبكون مصير أبنائهم الذين تركوا الدراسة و التحقوا بالجيش ليعولوهم .!!!!
قبل أن أغادر الساحة خارج المستشفي – أحصيت من جثث الجنود ستة عبرت أمامي من داخل المستشفى –
يقول احد الجنود ان المجموعة التى تم تحريكها نحو سفح الجبل ‘ ما هي الا طعمه لإخراج الجيش الشعبي من مخابئه ، هكذا قصفت طائرات الميج و الاباتشي الطعمة و العدو المتوهم .
عدد الموتى في صفوف مليشيات الحكومة كان كبيرا جدا جدا في معركة اليوم بكل المقاييس – و كالعادة ، فأن العتاد و المؤن التي خلفتها هذه المليشيات ستحفز الثوار على الثبات و قد أثبتت قوات الحكومة رغم الدعم السعودي و العربي لها خذلانا ما بعده خذلان . و شتان مابين مقاتل من أجل الكرامة و أخر ليقتات و يقتات ذووه .
أخيرا ‘ ما قاله الرفيق مالك عقار عن كاودا حين قال ( ‘أتحدى أقوى نخب جيوش العالم لو تستطيع الاقتراب مائتي متر عن كاودا دون أن تهلك ) ينطبق أيضا على جبل أولو و كلقوا و عيرهما من الجبال .
ليتهم يتركون البكاء الزائف على شيخهم الهالك تحت أضواء الخرطوم ليلحقوا به في الجنان من على تخوم كلقو بدلا من إرسال هؤلاء الصبية التعساء .