الخميس , أبريل 18 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *✍🏽قبول الآخر ليس أن تكون صديقي أو أن أزوجك أختي…!!*

*✍🏽قبول الآخر ليس أن تكون صديقي أو أن أزوجك أختي…!!*

*بقلم: محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)*

*إن السودان بلد مترامي الأطراف، متعدد الأعراق ومتنوع الثقافات والأديان، وهذا التعدد والتنوع بدلاً أن يكون مصدراً للفخر والثراء ، صار للأسف مصدراً للفرقة والتناحر والشقاء، لجهة أن الحكومات “الوطنية” المتعاقبة قد فشلت في إدارة هذا التنوع ، بل مارست الإقصاء المتعمد وفرضت مشاريع سياسية أحادية تعبر عن “أقلية صفوية” مغتربة عن السودان وتاريخه.*

*إن هذه الممارسات السلطوية كانت سبباً في أشعال الحروب وعدم الإستقرار السياسي، حتي ذهب ثلث الوطن جراء هذه السياسات الرعناء.*

*إن الأزمة السودانية ذات جذور سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية، وأن الإقصاء وعدم العدالة في قسمة السلطة والثروة ، أدي إلى تفاوت في التنمية بين هذا الإقليم وذاك، مما ولّد الغبن فى نفوس الغالبية من المكونات السودانية، فعارضوا الحكومات المستبدة بوسائل متعددة ولا يزالوا.*

*يتحدث الكثيرون عن “قبول الآخر” ، ولكن الغالب الأعظم منهم يحصرون قبول الآخر في مسائل “شكلية” مثل المشاركة في السلطة وتقاسم الثروة أو حرية التعبد والإعتقاد ، أو أن “تكون صديقي أو أزوجك أختي” وووإلخ، ولكن في تقديري أن قبول الآخر أعمق معني وأبعد أثراً من كل ذلك.*

*وفي هذا الصدد أذكر أن أحد أصدقائي كان يجادلني حول المثل:*

*”الفي جعابو عويش ولا بنطي نار” كونه غير لائق من وجهة نظره!.*
*وهذا هو “مربط الفرس” والعنوان الأبرز للإقصاء وعدم قبول الآخر وثقافته.*

*إن صديقي هذا قد جعل من نفسه “ثقافته المحلية” معياراً لقياس مدي صلاحية بقية الثقافات السودانية، ولكني لا ألومه بقدر ما ألوم الثقافة التي غذته بهذه الأفكار الإقصائية ، وجعلت منه مصححاً للثقافات الأخري.*

*إن البيئة الثقافية التي نشأت بها ليس فيها هذه “العُقد” الإجتماعية ، فهم يطلقون أمثالهم كيفما يكون الحال للتعبير الموجز عن موقف أو حدث ما، فعندما يريد أحدهم أن يقول بأن كلامه واضحاً لا لبس فيه ، يقول:*

*”كلامي بّرا دُبُر عنزاية”.*

*أو عندما يريد أحدهما أن يتراجع عن فعل أو قول ما، لقطع حديث القيل والقال، يقول:*

*”كلامي هَنَا حُمار، نوووط بلعتا”.*

*وعندما يريد أن يقول بأن هذا الأمر في مكانه المناسب، يقول:*

*”قُلُنج فى أصقع”.*

*وغيرها من مئات بل آلاف الأمثال الشعبية التي تقال فى كل مكان وزمان، دون أن يتحرج قائلها ، لأن ذلك المجتمع “متصالح” مع ذاته ومتمسك ببيئته التي توفر له كل هذه الأمثال.*

*قد يكون “للآخر الثقافي” وجهة نظر مغايرة بناءًا على بيئته ونشأته، ولا يحق لي مصادرة حقه في التعبير عن رأيه ، ولكن هذا لا يعطيه الحق في إلغاء الآخر أو الإستهزاء بثقافاته وعادته.*

*يجب أن نقبل بعضنا البعض بكل محمولاتنا الثقافية وعاداتنا وتقاليدنا ، ولا يدعي أحد منا بأنه المثال “الأفضل” أو إنه “المركز الثقافي” الذي تدور فى فلكه كل الثقافات السودانية وهو من يعطيها صك البراءة وحسن السير والسلوك.*

*إن السودان حافل بالتباينات والإختلافات ليس فى الإطُر الثقافية فقط ، “فالدارجة العربية” مثلاً تختلف من إقليم لآخر بل تختلف حتي فى إطار الإقليم الواحد، مثلاً:*
*”لهجة أهلنا الحَمَر في ولاية غرب كردفان، تختلف عن لهجة المسيرية في نفس الولاية”!.*
*وكذلك شرق السودان يختلف عن شماله ، وجنوبه يختلف عن غربه، وهكذا هو السودان المتنوع الذي نعتز به وننتمي إليه بكل تبايناته وإختلافاته، وتنوعنا مصدر قوة وإعزاز وإلهام لنا جميعاً ، أو ينبغي أن يكون كذلك.*

*إن قبول الآخر هو أن تقبلني بكل “إختلافاتي” الثقافية والدينية واللغوية وعاداتي وتقاليدي، وكي تفهم “الآخر” على حقيقته لا تنظر له من زاوية “شوفك” أو ترغمه أن يكون أنت، فالإختلاف ليس شراً بل هو سنة “الله” في أكوانه.*

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.