الجمعة , أبريل 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الصراع فى دارفور.. نزعة قبلية أم لعبة سياسية؟

الصراع فى دارفور.. نزعة قبلية أم لعبة سياسية؟

الصراع فى دارفور.. نزعة قبلية أم لعبة سياسية؟

القبلية المستعصية فى دارفور قد تكون من أهم أسباب وقود الحرب ولكن عندما تتخطى أحلام الإنسان أُطر الواقع، تبدأ الصراعات التي تتصاعد وفقًا لمتطلبات السيطرة، والحصول على الثروة والسلطة، يدوس هذا المخلوق ” الإنسان”  من خلالها على كثير من المبادئ الإنسانية. تتطور النزاعات حتى تصل مرحلة الحرب، التي درجت القواميس على ترجمتها بأنها نزاع مسلح بين دولتين أو أكثر.
ولكن هل الصراع فى دارفور صراع بين قبيلتين أو بين الدولة والقبيلة  أم صراع على الأرض والرعي قد تكون أحداث كرينك بغرب دارفور فى الأيام الماضية وقتل  العشرات وجرح المئات وتهجير المئات بين نازح ولاجئ دليل واضح على أن الصراع فى دارفور بين الأثنيات العرقية فى حد نفسها ما بين عربى وأفريقي ووجود المكونين فى منطقة واحدة فى اجواء مشحونة بالبغص والكراهية لن يولد إلا المزيد من الدمار والحروب والمزيد من المعاناة…

دارفور منذ الآلاف من السنين كانت المقصد لقبائل عربية وأفريقية مختلفة ومتداخلة فى تعايش سلمى وامتزجت هذه القبائل مع بعضها البعض لتخلق لنا سودانا مصغرا فى دارفور ولكن بعد تدخل الدولة فى الصراع حول المرعى وتسليح هذا على ذاك أولد الحقد والبغضاء بين الأهل فى الماضى والأعداء اليوم فالكل يتربص بالآخر والخسائر بالآلاف بل الملايين وسط إنسان دارفور..

للحرب في دارفور كلفتها العالية إنسانيًّا واقتصاديًّا. هكذا بدأ  «الحرب والفقر متلازمان، فالحرب تعطل الدول عن التنمية، فتوجه جُل ميزانيتها للتمويل العسكري» وهذا ما فعله نظام المخلوع البشير فجل ميزانية الدولة ذهبت للحرب فى دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان . فالدولة أنفقت على النزاع في دارفور وحدها  أكثر من 25 بليون دولار وهو ما يعادل 162 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي منذ اندلاع النزاع فى درافور..

ويشمل هذا الرقم 10 بلايين دولار في صورة نفقات عسكرية مباشرة، وسبعة بلايين دولار في صورة خسائر في الإنتاجية بسبب فقد النازحين أراضيهم داخل دارفور، وأكثر من بليوني دولار في صورة خسائر في المدخرات الحياتية فقدها القتلى، علاوة على أربعة بلايين دولار خسائر تمثل الأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية والتحتية . هذا ناهيك عن آلاف القتلى، الذين يمثلون ثروة بشرية أُهدرت بسبب النزاع.

هذا الدعم من الدولة إثر سلبيا فى الصراع فى دارفور فتسليح قبائل على أخرى ودفع مليارات الجنيهات ديات القتلى للصراعات القبلية فى كردفان فتح الباب على مصراعيه وجعل القتل فى دارفور وكردفان مشروعا بأمر وإشراف الدولة…..

فإذا كانت الدولة وجهت إنفاقها  على الخدمات لم يذهب لإنتشال إنسان  دارفور  من دائرة الفقر . على مدار أكثر من عقدين وجهت الحكومات المتعاقبة أقل من 1.3 في المائة من ميزانيتها إلى الصحة العامة و1.2 في المائة إلى التعليم، لكنها في المقابل خصصت قرابة ثلث الميزانية السنوية (32 في المائة) على الإنفاق العسكري في سنوات الحرب في دارفور».

الصراع حول المرعى وأحقية الأرض الذى هو بداية شرارت الصراع فى دارفور ليتطور لاحقا إلى أسوأ كارثة إنسانية مرة على السودان و إفريقيا والوطن العربى على مدى عقد من الزمان  وهروب ملايين ، ممن أجبرتهم الحرب على النزوح والتهجير القسري للذهاب إلى مخيمات اللاجئين أو عبور الحدود إلى دول أخرى.  والعشرات الهاربين من المعسكرات” اليونميد” أنفسها ألتي حمتهم من بطش سلاح الدولة يوما ما، كان عليهم البحث عن أكثر الطرق أمنًا، بعيدًا عن أعين المتربصين وحاملي السلاح المنفلتين  فما أكثرهم فهم  أكثر الأعداء المتربصين بهم.

التدخل السياسى للدولة وأحزابها إثر سلبًا على شكل التماسك الإجتماعي في دارفور التى تشكل نسيجها الإجتماعي على مرِّ المئات من السنين . فقد إنهارت أسر بأكملها بسبب قرار سياسي، لم ينظر لمثل هذه العلاقات في إطارها المجتمعي.

كان ينبغي على العقلاء من السياسيين السودانيين والدولة إعمال الآلية المجتمعية وتشجيع التعايش السلمى ونزع السلاح الغير مقنن وأرساء دولة القانون وبسط هيبة الدولة وليس بالخطب السياسية الرنانة وصب الذيت على النار  . النسيج الإجتماعي في دارفور ظل لمئات السنين يخضع لآلية الإدارة الأهلية لفض النزاعات، لكن تداخلات السياسة أفضت لما يحدث الآن وما سوف يحدث غدا….

ختاما
الأحداث المؤسفة بولاية غرب دارفور محلية كرينك الأخيرة تعكس بوضوح عمق الكارثة الإنسانية والجرائم المستمرة  التي يعيشها إنسان دارفور، إذ تتحول أسر مستقرة لأسر نازحة تتفكك أواصر علاقاتها الإجتماعية وتحمل أمواج التشرُّد أطفالها…

وللقصة بقية

بقلم عثمان قسم السيد

osmanalsaed145@gmail.com

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.