السبت , أبريل 20 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / د.علي فضل (الإعتقال ووقائع التعذيب)

د.علي فضل (الإعتقال ووقائع التعذيب)

د.علي فضل (الإعتقال ووقائع التعذيب)

حوالي الساعة الخامسة فجر مثل هذا اليوم، وعلى وجه التحديد فجر السبت 21 أبريل 1990 فاضت روح الشهيد .I
علي فضل أحمد الطاهرة في قسم الحوادث بالمستشفى العسكري باُمدرمان نتيجة التعذيب البشع الذي ظل يتعرض له
خلال فترة إعتقال دامت 52 يوماً منذ اعتقاله من منزل اُسرته بالديوم الشرقية مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقلِه
. إلى واحد من أقبية التعذيب التي أقامها نظام الجبهة غداة استيلائه على السلطة في 30 يونيو 1989
طبقاً للتقرير الذي صدر عقب إعادة التشريح، ثبت أن الوفاة حدثت نتيجة “نزيف حاد داخل الرأس بسبب ارتجاج في
المخ ناتج عن الإرتطام بجسم صلب وحاد .”
وعندما كان جثمان الشهيد علي فضل مسجى بقسم حوادث الجراحة بمستشفى السلاح الطبي باُمدرمان سُجلت حالة
الجثة كما يلي :
•مساحة تسعة بوصات مربعة نُزع منها شعر الرأس إنتزاع اً.
•جرح غائر ومتقيّح بالرأس عمره ثلاثة أسابيع على وجه التقريب.
•إنتفاخ في البطي والمثانة فارغة، وهذه مؤشرات على حدوث نزيف داخل البطن.
•كدمات في واحدة من العينين وآثار حريق في الاُخرى (أعقاب سجائر)
عندما يمارس البشر التعذيب فإم يهبطون إلى مرحلة أدنى من الوحوش، ذلك أن الوحوش لم يعرف عنها ممارسة
التعذيب أو التنكيل الذي احترفه جلادو نظام الجبهة الذين عذبوا الشهيد علي فضل أحمد حتى الموت. فهؤلاء قد
هبطت م أمراضهم وعقدهم النفسية واضرابات الشخصية إلى درك سحيق لا تصل إليه حتى الوحوش والحيوانات
المفترسة. ليس ثمة شك في ان الجلادين المتورطين في تعذيب علي فضل حتى الموت قد تربوا في كنف تنظيم الجبهة
106
الإسلامية على مبادئ فكرية وسياسية تجعل الفرد منهم لا يتورع عن الدوس على آدمية وكرامة الآخرين وقدسية الحياة ولا
يترددون لحظة في إذلال وتعذيب البشر حتى الموت.
خلفية
كان للإضراب الذي نفذه الأطباء السودانيون إبتداء من يوم الأحد 26 نوفمبر 1989 أثراً قوياً في كسر حاجز المواجهة
مع نظام الجبهة الفاشي الذي استولى على السلطة أواخر يونيو من نفس العام بإنقلاب عسكري أطاح حكومة منتخبة
ديمقراطياً. وبقدرما أذكى ذلك الإضراب روح المقاومة ومواجهة الطغمة التي استولت على السلطة بليل، أثار في المقابل
ذعراً واضحاً وسط سلطات النظام الإنقلابي الذي بدأ حملة ملاحقات وقمع وتنكيل شرسة وسط النقابيين والأطباء على
وجه الخصوص. وفي غضون أيام فقط جرى اعتقال عشرات الأطباء، الذين نقلوا إلى بيوت الأشباح التي كان يشرف
عليها في ذلك الوقت “جهاز أمن الثورة”، وهو واحد من عدة أجهزة أمن تابعة لتنظيم الجبهة الإسلامية ومسؤولة عنه
مباشرة قياداته الأمنية :نافع علي نافع والطيب سيخة وعوض الجاز .كما ان فرق التعذيب التي مارست هذه الجريمة
البشعة ضد عشرات الأطباء كانت بقيادة عناصر الجبهة الإسلامية من ضمنهم الطيب سيخة وعوض الجاز وابراهيم
شمس الدين وبكري حسن صالح والطبيب عيسى بشرى ويسن عابدين .
الإعتقال ووقائع التعذيب
•ما حدث للشهيد علي فضل يُعتبر جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد لأن كل حيثياا تؤكد ذلك. فقد توعّد العقيد
(الرتبة التي كان يحملها عند حدوث الجريمة (الطيب إب راهيم محمد خير– الطيب سيخة- باعتقال علي فضل واستنطاقه
ودفنه حياً وتعامل مع هذه المهمة كواجب جهادي، وهو قرار اتخذه الطيب سيخة قبل اعتقال علي فضل. فقد
تسلّم الطيب سيخة) عضو لجنة الأمن العليا التي كان يترأسها العقيد بكري حسن صالح (مطلع ديسمبر 1989 تقريراً
من عميل للأمن يدعى محمد الحسن أحمد يعقوب أورد فيه أن الطبيب علي فضل واحد من المنظمين الأساسيين
. لإضراب الأطباء الذي بدأ في 26 نوفمبر 1989
•اعتُقل الشهيد علي فضل مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقل على متن عربة بوكس تويوتا الى واحد من أقبية
التعذيب، واتضح في وقت لاحق ان التعذيب قد بدأ ليلة نفس اليوم الذي اعتُقل فيه. وطبقاً لما رواه معتقلون آخرون
كانوا في نفس بيت الاشباح الذي نقل إليه، اُصيب علي فضل نتيجة الضرب الوحشي الذي تعرض له مساء ذلك اليوم
بجرح غائر في جانب الرأس، جرت خياطته في نفس مكان التعذيب وواصل جلادو الجبهة البشاعة واللاإنسانية التي
107
تشربوها فكراً واحترفوها ممارسة .
•إستمرار تعذيب الشهيد علي فضل على مدى 52 يوماً منذ اعتقاله مساء 30 مارس 1990 حتى استشهاده
صبيحة 21 أبريل 1990 يثبت بوضوح إنه هزم جلاديه، الذين فشلوا في كسر كبريائه وكرامته واعتزازه وتمسكه بقضيته.
ومع تزايد وتائر التعذيب البشع اُصيب الشهيد علي فضل بضربات في رأسه تسببت في نزيف داخلي حاد في الدماغ
أدى الى تدهور حالته الصحية. وحسب التقارير الطبية التي صدرت في وقت لاحق، لم يكن على فضل قادراً على
الحركة، كما حُرم في بعض الأحيان من الأكل والشرب وحُرم أيضاً من النظافة والإستحمام طوال فترة الإعتقال .
•نُقل الشهيد علي فضل فجر يوم السبت 21 أبريل الى السلاح الطبي وهو فاقد الوعي تماماً، ووصف واحد من
الأطباء بالمستشفى هيئته قائلاً: “إن حالته لم تكن حالة معتقل سياسي اُحضر للعلاج وإنما كانت حالة مشرد جيء به
من الشارع،، لقد كانت حالته مؤلمة، وإنني مستعد أن اشهد بذلك في أي تحقيق قضائي يتقرر إجراؤه .”
•العاملون بحوادث الجراحة بالمستشفى العسكري اضطروا للتعامل مع حالة الشهيد علي فضل كمريض عادي دون التزام
الإجراءات القانونية المتعارف عليها وذلك بسبب ضغوط رجال الأمن الذين أحضروا الشهيد بخطاب رسمي من مدير
جهاز الأمن وأيضاً بسبب تدخل قائد السلاح الطبي، اللواء محمد عثمان الفاضلابي، ووضعت الحالة تحت إشراف رائد
طبيب ونائب جراح موال للجبهة الإسلامية يدعى أحمد سيد أحمد .
•فاضت روح الطبيب علي فضل الطاهرة حوالي الساعة الخامسة من صبيحة السبت 21 أبريل 1990 ، أي بعد أقل
من ساعة من إحضاره الى المستشفى العسكري، ما يدل على أن الجلادين لم ينقلوه إلى المستشفى إلا بعد أن تدهورت
حالته الصحية تماماً وأشرف على الموت بسبب التعذيب البشع الذي ظل يتعرض له .
•بعد ظهر نفس اليوم أصدر طبيبان من أتباع تنظيم الجبهة، همابشير إبراهيم مختار وأحمد سيد أحمد، تقريراً عن تشريح
الجثمان أوردا فيه ان الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”، واتضح لاحقاً أن الطبيبين أعدا التقرير إثر معاينة الجثة فقط ولم
يجريا أي تحليل أو فحص. وجاء أيضاً في شهادة الوفاة (رقم 166245 )، الصادرة من المستشفى العسكري باُمدرمان
والموقعة بإسم الطبيب بشير إبراهيم مختار، أن الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا .”
•بعد اجتماعات متواصلة لقادة نظام الجبهة ومسؤولي أجهزته الأمنية، إتسعت حلقة التواطؤ والضغوط لاحتواء آثار
الجريمة والعمل على دفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة. فقد مارس نائب مدير الشرطة، فخر الدين عبد
الصادق، ضغوطاً متواصلة لحمل ضباط القسم الجنوبي وشرطة الخرطوم شمال على استخراج تصريح لدفن الجثمان دون
اتباع الإجراءات القانونية المعروفة، فيما فتحت سلطات الأمن بلاغاً بتاريخ 22 أبريل بالقسم الجنوبي جاء فيه ان
الطبيب علي فضل أحمد توفي وفاة طبيعية بسبب “حمى الملاريا”. العميد أمن عباس عربي وقادة آخرون في أجهزة الأمن
108
حاولوا إجبار اُسرة الشهيد على تسلم الجثمان ودفنه، وهي محاولات قوبلت برفض قوي من والد الشهيد واُسرته التي
طالبت بإعادة التشريح بواسطة جهة يمكن الوثوق ا .
•إزاء هذا الموقف القوي اُعيد تشريح الجثة بواسطة أخصائي الطب الشرعي وفق المادة 137 (إجراءات اشتباه بالقتل)
وجاء في تقرير إعادة التشريح ان سبب الوفاة “نزيف حاد بالرأس ناجم عن ارتجاج بالمخ نتيجة الإصطدام بجسم حاد
وصلب”، وبناء على ذلك فُتح البلاغ رقم 903 بالتفاصيل الآتية :
-اني عليه: الدكتور علي فضل أحمد
-المتهم: جهاز الأمن
-المادة: 251 من قانون العقوبات لسنة 1983 (القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.(
لم تتمكن (العدالة) من النظر في القضية وأوقفت التحريات نتيجة الضغوط المت واصلة والمكثفة من نظام الجبهة ورفض
جهاز الأمن تقديم المتهمين الأساسيين للتحري، أي الأشخاص الذين كان الشهيد تحت حراستهم ، وهم المتهمون
الأساسيون في البلاغ .
الآتية أسماؤهم شاركوا، بالإضافة إلى الطيب سيخة، في تعذيب د. علي فضل (أسماء حركية وأخرى حقيقية لأن غالبية
الجلادين كانوا يستخدمون أسماء غير حقيقية )
-نقيب الأمن عبد العظيم الرفاعي
-العريف العبيد من مدينة الكوة
-نصر الدين محمد
-العريف الأمين (كان يسكن في مدينة الفتيحاب بامدرمان)
-كمال
-حسن (إسمه الحقيقي احمد محمد وهو من منطقة العسيلات (
-عادل سلطان
-حسن علي (واسمه الحقيقي أحمد جعفر(
-عبد الوهاب محمد عبد الوهاب (إسمه الحقيقي علي أحمد عبد الله، من شرطة الدروشاب(
-نصر الدين محمد
-الرقيب الأمين (كان يسكن بمدينة الفتيحاب بامدرمان(
109
-الرقيب العبيد (كان يسكن في سوبا مطلع التسعينات وهو عضو بالجبهة القومية الاسلامية (
-على الحسن
نافع علي نافع : .II
*تلقى تدريباً على قيادة الأجهزة الأمنية في إيران خلال عقد الثمانينات، عندما كان يعمل اُستاذاً بجامعة الخرطوم،
للإستفادة من التجربة الإيرانية في إشاعة أجواء القمع والقهر وتعذيب المعارضين للسلطة، وأشرف بصورة مباشرة فيما بعد
على تشكيل أجهزة أمن النظام التي قادت حملات التعذيب والبطش (جهاز أمن الثورة وجهاز أمن السودان(
*إلى جانب مسؤولته عن أجهزة أمن تنظيم الجبهة الإسلامية، تقلد عدة مناصب وزارية منذ إنقلاب الجبهة في 30
يونيو 1989 حتى موقعه الحالي، حيث يعمل مساعد اً لعمر البشير .
*كان ضمن مجموعة قيادات وعناصر (أمن الثورة) التي قادت حملات الإعتقال والتنكيل والتعذيب بحق الأطباء عقب
إضراب 26 نوفمبر 1989 وقاد فرق التعذيب التي مارست هذه الجريمة البشعة ضد عشرات الأطباء إلى جانب الطيب
سيخة وعوض الجاز وابراهيم شمس الدين وبكري حسن صالح والطبيب عيسى بشرى ويسن عابدين .
*كان نافع علي نافع وبكري حسن صالح ضمن أفراد تابعين لأمن الجبهة مارسوا جريمة التعذيب بحق الدكتور فاروق
محمد إبراهيم في ديسمبر 1989 في بيت الأشباح رقم 1 (المقر السابق للجنة الإنتخابات)، إذ استجوب نافع علي نافع
اُستاذه السابق وزميله في هيئة التدريس بجامعة الخرطوم، الدكتور فاروق محمد إبراهيم، وهو يتعرض للضرب والركل
والتعذيب والألفاظ النابية، وسأل نافع الدكتور فاروق محمد إبراهيم عن آراء سبق أن طرحها خلال الجمعية العمومية
للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم وعن زمان ومكان إنعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة، كما سأله أيضاً عن أماكن وجود
بعض الأشخاص .
*اُبعد نافع من موقعه رسمياً كمسؤول للأمن الخارجي في اغسطس 1995 عقب محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني
مبارك في أديس أبابا وخلفه في هذا الموقع اللواءأحمد الدابي، الذي حل محله في نوفمبر 1996 قطبي المهدي .
*جرى تعيينه عام 1999 وزيراً للزراعة والغابات ثم وزيراً لديوان الحكم الإتحادي ونائباً لرئيس الموتمر الوطني ثم مساعداً
لرئيس الجمهورية، لكنه لا يزال يلعب دوراً أمنياً رئيسياً على الأرجح وعارفاً بكل مفاصل ودقائق مؤسسات الجبهة الأمنية
التي أشرف بنفسه على تكوينها لتلعب دوراً مباشراً ورئيسياً في إرهاب المواطنين وعمليات القمع والتعذيب والتصفية
. ابتداء من 30 يونيو 1989
110
بكري حسن صالح :
*عضو مجلس قيادة إنقلاب الجبهة الإسلامية الذي أطاح في 30 يونيو 1989 حكومة منتخبة ديمقراطي اً .
*ترأس عقب الإنقلاب مباشرة اللجنة الأمنية العليا وكان عمله مرتبطاً بصورة مباشرة بنافع علي نافع بوصفه مسؤولاً عن
أجهزة أمن تنظيم الجبهة، وبالتالي فهو مسؤول مسؤولية مباشرة عن كل جرائم التعذيب التي ارتكبت غداة موجات
الإعتقالات الواسعة التي أعقبت إنقلاب الجبهة الإسلامية وعلى وجه الخصوص موجات الإعتقالات والتنكيل والتعذيب
. التي طالت الأطباء عقب إضرام في 26 نوفمبر 1989
*شارك مع مجموعة ضمت قيادات أمنية وأطباء من أتباع الجبهة، من بينهم الطيب سيخة ونافع علي نافع وعيسى
بشرى ويسن عابدين وإبراهيم شمس الدين وعوض الجاز، مع الفِرَق التي مارست أبشع أنواع التعذيب وسط الأطباء
الذين جرى اعتقالهم قبل وبعد إضراب 26 نوفمبر 1989 – الدكتور مامون محمد حسين والدكتور سيد محمد عبد الله
. عقب الإضراب مباشرة والشهيد الدكتور علي فضل أحمد في أبريل 1990
*من ضمن القيادات الأمنية التي كانت تزور بصورة منتظمة مختلف بيوت الأشباح وشارك في استجواب عدد من
المعتقلين وهم يتعرضون للتعذيب والضرب والركل أمامه، إذ قام الحرس المرافق ل بكري حسن صالح بضرب وركل الدكتور
فاروق محمد إبراهيم خلال استجوابه .
*خلال واحدة من جولاته في بيوت الأشباح إبان حملات الإعتقالات والتعذيب، وعلى وجه التحديد في بيت الأشباح
رقم 1 (لجنة الانتخابات) قال بكري حسن صالح- وهو ضابط في الجيش لا علاقة له من قريب أو بعيد بالحقل
الأكاديمي- للدكتور فاروق محمد إبراهيم إم قرروا إخضاعه للتعذيب لعدة أسباب من ضمنها تدريسه لنظرية الإرتقاء
والتطور بكلية العلوم في جامعة الخرطوم .
*شارك بكري حسن صالح في إعداد قوائم الفصل الجماعي لضباط الجيش وملاحقة المشتبه في معارضتهم لنظام الجبهة
عقب الإنقلاب مع مجموعة من ضباط وقيادات الجبهة من بينهم :العميد كمال علي مختار) قُتل في حادث سقوط طائرة
في الجنوب) والعميد عبد الرازق الفضل ونافع علي نافع وإبراهيم السنوسي والرائد ابراهيم شمس الدين) قُتل في حادث
سقوط طائرة) والعقيد محمد الخنجر والعقيد سيد فضل كنه و العقيد عبد الرحيم محمد حسين)هذه هي الرتب التي كانوا
يحملوا بعد الإنقلاب مباشرة .(
*شغل بكري حسن صالح مناصب أمنية وعسكرية، من ضمنها حقيبتا الدفاع والداخلية، ويشغل حالياً منصب وزير
شؤون رئاسة الجمهورية ويحمل رتبة لواء.
111
عوض الجاز
واحد من أعضاء مجموعة مسؤولي وعناصر أمن الجبهة التي أشرفت على حملات ملاحقة واعتفال وتعذيب الأطباء عقب
. إضراب 26 نوفمبر 1989
*عوض أحمد الجاز،، من مواليد إحدى قرى ريفي مروي عام 1946 . درس مراحل التعليم العام حتى الثانوي بمروي
. والتحق بكلية الآداب جامعة الخرطوم عام 1966
*عمل بمركز تطوير الإدارة واُرسل عام 1978 في بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة للتحضير لنيل درجتي الماجستير
والدكتوراه، وعاصر خلال دراسته هناك مبعوثَين آخرَين هما نافع علي نافع، مسؤول أجهزة أمن الجبهة فيما بعد، ويحيى
حسين) يحمل الآن رتبة لواء) الذي أصبح مسؤولاً الأمن والاستخبارات في نظام الجبهة. عاد عوض الجاز إلى السودان
مطلع الثمانينات وعُيّن مسؤولاً عن الشؤون الإدراية ببنك التضامن .
*كان مسؤولاً عن أمانة التخطيط والتنظيم بالجبهة الإسلامية القومية عقب تأسيسها بعد إنتفاضة أبريل 1985 وقبل
انتخابات الجمعية التأسيسية في أبريل 1986 ، وظل يشغل هذا الموقع حتى إنقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو
. 1989
*أول مدير عام ل”بنك الشمال الإسلامي”، الذي كان اُسامة بن لادن من أبرز المساهمين في رأسماله. وجاء تأسيس
بنك الشمال الإسلامي بتوصية من حسن الترابي في إطار تأسيس شبكة متكاملة، ضمن عدد من المؤسسات المالية
والبنوك الإسلامية الأخرى، بغرض دعم أنشطة “المؤتمر الشعبي العربي الاسلامي” والتنظيمات الأصولية في عدد من
البلدان .
*كان واحداً من مجموعة القيادات والعناصر الأمنية لتنظيم الجبهة المسؤولة عن حملات ملاحقة واعتقال وتعذيب
الأطباء عقب إضراب 26 نوفمبر 1989 ، إلى جانب الطيب سيخة وبكري حسن صالح ونافع علي نافع والطبيب
عيسى بشرى ويسن عابدين .
*صدر عام 1992 قرار بتعيينه وزيراً لرئاسة مجلس وزراء نظام الجبهة، وظل في ذلك الموقع حتى عام 1996 عندما
تقرر تعيينه وزيراً للتجارة ثم وزيراً للطاقة، وهو الموقع الذي لا يزال يشغله حتى الآن .
*تولى مناصب عسكرية وأمنية في تنظيم الجبهة وظل يشغل منذ إنقسام ديسمبر 1999 موقع المسؤول التنظيمي عن
أجهزة المؤتمر الوطني العسكرية ومليشياته .
*إرتبط إسمه بالإتفاقيات والعقود السرية للتنقيب عن النفط واستخراجه وعدم ظهور عائدات النفط في الميزانية السنوية،
إذ كانت هذه العائدات تودع في حسابات خاصة به لا علاقة لها بوزير المالية أو بنك السودان .
112
*كان من المقرر أن يصل عوض الجاز، مع نافع على نافع وإبراهيم أحمد عمر ومجذوب الخليفة، الى العاصمة البريطانية،
لندن، في يوليو 2004 للمشاركة في تأسيس فرع لحزب المؤتمر الوطني، لكنه تخلف عن الحضور في آخر لحظة، إلى
جانب نافع علي نافع، إثر علمهما برفع دعوى قانونية ضدهما بسبب م تتعلق بضلوعهما في ارتكاب جرائم تعذيب في
السودان، وتخلف عن الحضور أيض اً إبراهيم أحمد عمر ومجذوب الخليفة.
الطبيب أحمد السيد أحمد
*من أتباع الجبهة الإسلامية .
*كان يعمل طبيباً عمومياً بقسم الجراحة في المستشفى العسكري (السلاح الطبي) باُمدرمان .
*حرّر مع الطبيب بشير إبراهيم مختار، وهو أيضاً من أتباع الجبهة الإسلامية، شهادة الوفاة الصادرة من السلاح الطبي،
التي أكدا فيها أن “حمى الملاريا” هي سبب وفاة الشهيد علي فضل .
*وصل إلى المملكة المتحدة للتخصص في جراحة القلب عام 1996 والتحق بمستشفى سينت بارثولوميو في لندن لبدء
التدريب في التخصص في مجال جراحة القلب، لكنه هرب من المملكة المتحدة عام 1997 إثر فتح بلاغ ضده وطبيب
آخر من أتباع الجبهة، كان يعمل في اسكوتلتدا، بتهمة الضلوع في تعذيب معتقلين في بيوت الأشب اح بعد إنقلاب الجبهة
في 30 يونيو 1989 وحتى النصف الأول من التسعينات .
*أصبح في وقت لاحق أخصائياً في جراحة القلب بالمستشفى العسكري باُمدرمان .
*جرى تعيينه رئيساً لمركز السودان لجراحة القلب، وهو مركز تابع للسلاح الطبي مقره أركويت- الخرطوم .
الطبيب بشير إبراهيم مختار
*من أتباع الجبهة الإسلامية.
*كان يعمل بالمستشفى العسكري وحرّر مع أحمد السيد أحمد شهادة وفاة علي فضل .
*أخصائي في علم الأمراض .
*صدر قرار مطلع التسعينات بتعيينه مديراً لمعمل ستاك .
*جرى تعيينه في وقت لاحق وكيلاً لوزارة الصحة .
*عُيّن فيما بعد عميداً لكلية الطب بجامعة كردفان.
*يعمل حالياً في القطاع الخاص .
113
د. يسن عابدين
*من أتباع الجبهة الإسلامية .
*حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية .
*شارك بصورة مباشرة في تعذيب علي فضل وكان واحداً من اموعة التي أشرفت على حملات ملاحقة واعتقال
. وتعذيب الاطباء عقب إضراب 26 نوفمبر 1989
*عُيّن رئيساً للهيئة القومية للكهرباء .
*عضو مجلس إدارة شركة سوداتيل .
ويبقى القول ان جلادي وقتلة علي فضل معروفون،، وسيطالهم القصاص، هم وكل من كان في موقع مسؤولية في
سلطات النظام في ذلك الوقت إبتداء من أنفار الأمن وحتى مجلس قيادة الإنقلاب والس الأربعيني وعناصر وقيادات
الجبهة التي كانت تدير دولة القهر والبطش من خلف كواليس اُخرى.
وصية الشهيد علي فضل كما رواها واحد من المعتقلين الذين كانوا معه في بيت الأشباح الذي تعرض فيه لتعذيب
وحشي حتى الموت:
أنا على فضل أحمد،،اُسرتى في حي الديوم الشرقية بالخرطوم،،ظللت أتعرض للتعذيب المتواصل وأعتقد بانني شارفت على
الموت،،ولقد كان ذلك بسبب أفكار وطريق اخترتة عن قناعة ولن أتراجع عنه،،، وأننى على ثقة بأن هنالك من سيواصل
بعدي فى هذا الدرب.
احمد حاج علي .III
القاتل يُقتل و لو بعد حين
“في تجديد العهد و المحبة معك يا علي يا فضل،” !
وحدها واقعة ميامي القضائية هي التي جعلتني أكثر فهما و استيعاباً، و هي التي حركت في دواخلي العهد و أيقظت
ذلك الأمل و تلك الإمكانية تجاه شهيدنا و شهيد حركة الأطباء و الشعب ، و من ناحية أخرى تفسر لي الواقعة سر
ذلك الخوف الداهم الذي حاق بالحجاج بن يوسف الثقفي، و أورثه ذلك الضجر الأرعن المستبد الذي ظل يقابل به
فتوى القاضي الورع سعيد بن جبير . ” القاتل يقتل و لو بعد حين، ” !
114
إن واقعة ميامي عند العام 2003 بولاية فلوريدا الأمريكية تتصل بما جرى في استاد سنتياغو الرياضي عند العام 1970
، إذ يحكي بأن ثلاثاً من المعتقلين اللذين اكتظت م المدرجات بعد أن امتلأت و طفحت ” معتقلات و بيوت أشباح”
أوغستيو بينوشيه ، شاهدوا أربعة من محترفي القتل التابعين لجهاز أمن الانقلاب العسكري الدامي يطلقون النار (اختيارا و
إصرار و ترصدا) على شخص ما ، هو أيضا معتقل و اعزل و ذلك بعد أن كدوا و جاهدوا في تحديده و فرزه من بين
المئات!
إذن و بعد 33 عاما صار اثنان من هؤلاء شهودا على أحد القتلة من أولئك الأربعة، و ذلك بعد أن توفى رب العزة و
الجلالة الآخرين (شهودا و متهمين). وهكذا دارت الأفلاك و الأزمنة لتستقر بوصلة الحق عند مقولة بن جبير ” ولو بعد
حين. و لو بعد 33 عاما ”
كان عيال أب جويل و منهم شهيدنا علي فضل احمد قد انطلقوا من تخوم كرري إلى فضاء السودان و سهوله الواسعة
بعد أن واروا شهداءهم ثرى الوطن العزيز، و هم ما انفكوا يلعقون جراحهم!
لقد نبهني استشهاد علي فضل و ضياعه من بين أيدينا على هذا النحو المأساوي إلى أننا و في أمر السودان ينطبق علينا
قول المتنبي و فلسفته للموت في قصيدته المسماة “يدفن بعضنا بعضاً . . و صرنا إن أصابتنا رماح تكسرت النصال على
النصال “! فهاهو ألماظ يدفن ود حبوبة، و هاهو عبد الخالق يدفن ألماظ، و هاهو علي يدفن عبد الخالق، و هانحن
ندفن علياً و ننتظر و ما بدلوا تبديلا ،! و منذ تلك الانطلاقة التاريخية الوثابة للعيال فالظلم و الاستباحة و القمع
صولات و جولات و دول في السودان ! إن نفس علامة الاستفهام الكبيرة(؟) التي رسمتها أعمدة الدخان المتصاعدة من
حطام عنبر جودة المحترق في سماء النيل الأبيض عام 1953 ، قد عادت لترتسم بوضوح في سماء مقابر الفاروق بالخرطوم
عند صباح ذلك اليوم من ابريل 1990 ، و هاهو شبح الاستفهام يتضخم و يكبر مرتحلا غربا و شرقا ليعلو فوق تلال
البحر الأحمر و وهاد دارفور ،!! لماذا؟! لماذا قتلوا أولئك المزارعين الطيبين البسطاء عندما طالبوا بتوزيع دخل المشروع وفقاً
لنسبة جديدة، لماذا قتلوا “علي” عندما حمل هموم الأطباء بإعادة توزيع الدخل القومي لصالح قطاع الصحة ؟ لماذا كلما
طالب أحد أبناء الجنوب أو الشرق أو الغرب بإعادة التفاوض سلميا حول أمر السودان كان نصيبه الاستباحة و القتل؟؟
، و على ك ل ، فلولا تلك الأيدي الآثمة لكان علياً بيننا الآن و هو يبلغ من العمر 56 عاما فيالها من سن للنضوج و
يالها من تجربة عظيمة !” و لكن كما لاحظ خليل فرح مبكرا” : وهل بمقدور العنزة الفاردة أن تبقى على قيد الحياة حتى
عمر كهذا أو لما بعده في بلد كالسودان. . ! ؟
و منذ العام 1979 و نحن متعلقين ب “علي فضل أحمد” نناديه تحببا و صفاء ب “علي يا فضل” و هي تسمية و حالة و
وصف كامل من صنع رجل بسيط بمعامل كلية الطب منسوب للطبقة العاملة المصرية! و عليا بعد أن تعرفه “ولا تستطيع
115
أن تتذكر متى و كيف كان ذلك من هول جمال التعاطي المنداح”، سرعان ما يستدرجك عفوا و اقتدارا إلى أن تتأمله و
ترصد مكونه الفريد الخاص، و يظل زنادك قلبا و عقلا ” مقدوحا” من فرط هذا السجال الفكري –الإنساني المدهش!
The linear ثم ينمو حبك له في خط صاعد أشبه بخطوط العلاقة الإحصائية ذات القيمة الإيجابية العالية
ففي العلاقة مع علي و في صعيدي الصداقة الحميمة و العمل النضالي الجاد تجد تنفسك منطلقا كما relation
عينات واسعة و أثيرة و Non-biased التحليل الإحصائي الدال من حالات عشوائية غير جاهزة و لا مصنفة سلف اً
مريحة، ثم سرعان ما يسوقك (علي) كوقع الحافر بالحافر وبذكاء إنساني لا ينضب إلى حالة من البساطة و الثقة و
الاحترام المتبادل لا تعترف بالشكليات و لا الخوف من الخطأ أو اللوائح أو الضوابط لينتهي معك عند تخوم الجمال و
الحقيقة، لم أر شخصا متزنا “و منتجا” على الصعيد اليومي كما “علي فضل أحمد”. . حقاً، فقد كان حديثا و متمدنا و
1991 من لجنة نقابة الأطباء الشرعية. /4/ بسيطا كالحقيقة أو كما جاء وصفه في كتاب الشهيد الصادر في 21
1989 ، كنا معاً عندما وصلنا تلك المزرعة بضاحية الخرطوم في فبراير – و ها نحن نعيد اكتشافه مجددا عند المدى 86
1987 فلقد مثل ذلك الاجتماع الموسع و الذي تجلت في أمر ترتيبه و الإصرار عليه عبقرية الشهيد التنظيمية و الفكرية
الفذة و أصالة جه الديموقراطي الجماعي، مثل نقطة الانعطاف التي رسمت مسار مستقبل حركة الأطباء لاحقاً و بلورت
جها و رؤاها الجديدة ، !
1989 قال لي يوم اشتعال شرارة الاضراب البطولي لأطباء السودان في مواجهة طغمة الإنقاذ : يا /11/ و في مساء 26
أبو الحاج ، لسنا سعداء لأن الإضراب قد تم تنفيذه بنسبة تفوق ال 96 % وهذا دون شك إنجاز يحتسب للحركة ، بقدر
ما إننا سعداء لأن قرار الإضراب قد اتخذته الغالبية الساحقة للأطباء من داخل جمعيام العمومية ، و إن كان علي
فضل قد استشهد بسبب ذلك الإضراب فإنني أقول و للتاريخ و للحقيقة:
“لم يكن شهيدنا و على المستوى الشخصي مقتنعا بتوقيت الإضراب و ظروف الإعداد له ؛ فعلي فضل بكل تجربته و
ثاقب نظره لم يكن ممن يدخلون المعارك الكبيرة بدون حساب دقيق مل الوضع على الصعيدين الوطني/السياسي و
التنظيمي، لكنه نفذ الإضراب و أصبح في قيادته؛ لأنه كان قرار الجمعيات العمومية و قرار اللجنة السياسية للتنظيمات
الوطنية وسط الأطباء.
قال لي علي ليلتها:
صارت علينا مسئولية كبيرة، سنواجه هذه المعركة بكل استقامة و عزم و ثبات؛ فقد صار الأمر مرتبطا بشرف الأطباء و
الوطن، أتوقع أن نتعرض لقمع وحشي فلا تقضي الليلة في المنزل و ابق خارجا حتى إشعار آخر، احرصوا على سلامة و
أمن “حاج إبراهيم” ، و رتبوا منذ الليلة مكانا لائقا لاختفائه. . ولنبدأ حملة الدفاع عن سلامة أطباؤنا المعتقلين صباح
116
اليوم نفسه . .
ثم غادرني “دابي الجبال” . . متخيرا وعرالدروب و هو لا يدري أين سيقضي الليل؟
كان علي وسطنا خلال الديموقراطية الثالثة مثل ” ستيف بيكو” وسط جماعة نيلسون مانديلا و مثل حمزة وسط جماعة
“النبي الكريم محمد” يوم نزال بدر، . . بالله ألا تبدو الأمور مترابطة؟ فقد سحلوا الأول و مضغوا كبد الثاني ثم ساقوا عليا
إلى آلة تعذيب وحشي دامي على مدى 21 ليلة ممسكة برقاب بعضها البعض ! اعذروني إذ أفتح عليكم أبواب الأوجاع
و الحزن ، و لكن من العذابات و الألم نحن ننهض لاستيفاء الحقوق و ما فينا تشوهات ولا رعونة و لا حقد و أريد أن
أذكر كل من يشعر بأن دم علي حق معلق برقبته ، و حيث أن الذكرى تنفع المؤمن . . بأن ما تعرض له شهيدنا من
تنكيل على أيدي جماعة المشروع الحضاري الاسلامي تتضاءل أمامه آلام بلال بن رباح و محنته على يد المشرك أمية بن
إلا Ali The verdant خلف! لقد كان تعذيبا مبرمجا “لأجل القتل” . . فما من موضع بجسد فتى الخرطوم المشرق
و به ضربة من سوط أو طعنة من نصل أو حرقة من نار ” مثلما دون تقرير الطبيب الشرعي آثار أعقاب السجائر على
إحدى عينيه” ! . . و الله حقا لا نامت أعين الجبناء .
1990 كان ” قنديل” واجما أمام باب منزلنا و محرك سيارته يدور فتوجهنا سريعا /4/ عند الساعة السابعة مساء يوم 21
إلى مجمع العيادات و تأكدت لنا الحقيقة ، الحقيقة التي مثلت طعنة نجلاء لا تزال في كبدنا !
سمعت هنالك كلمات ذلك الجراح الذي يعمل بالمستشفى العسكري و هي لا تزال ترن في أذني كأنغام مدوزنة على
مقامات قسم أبقراط و استقامة و نزاهة أطباء بلادنا ، كلمات لا تزال تعيد الأمل و الإمكانية في إيفاء العهد معك يا
علي يا فضل ، ” لم يكن مارايته هو حال معتقل سياسي مريض بحمى الملاريا كما يدعون ، بل هي حالة مشرد بائس
جيء به من زاوية الطريق بعد أن انتهكت حرمة جسده بما يفوق الوصف ! لقد كانت حالة هذا الطبيب السوداني مزرية
و مؤلمة و إنني مستعد أن اشهد بذلك في أي تحقيق جنائي يتم”. كان قنديل و منذ العام 1980 منسوبا إلى مدرسة
“الشيخ البكاي” في أمر الشهيد علي! دموع قنديل و عبد الله و مصطفى و شيخنا الأمير جرت عفوا و نحن نودع علي
عند باب الحديد مستقلا قطار عودته النهائية من مصر لأرض الوطن،بكى قنديل مرة أخرى في ميدان الشهداء بأم
درمان و أبكاني معه هذه المرة في أمر علي أمام الرجال، ما رد علينا عقلنا و ثبات قلوبنا إلا حزم و دلالات تلك
الكلمات الجليلة من أحد اشد الرجال صدقا و شجاعة و كرما كان ذلك الراحل د عثمان بشير عبد الله! أفقنا و لملمنا
سريعا حزننا و متاعبنا ” بالضبط كما كان يفعل شهيدنا ” . . لنواصل سيرنا الذي لم ينتهي بعد على درب محنة الوطن
الجريح!
شققنا طريقنا إلى حي الديوم بالخرطوم و ترن في ذهني كلمات الجراح و شهادته تلك و ينطبق علينا غناء ود الأمين ،”
117
عيال أب جويل د رب أب درق شقوا”
الساعة 9.45 مساء وصلنا و شاهدنا حركة غير عادية و نحن نرقب منزل الشهيد من بعد و لمحت المدعو “عباس عربي”
رجل استخبارات و أمن نظام القتلة يدخل و يخرج متوترا ، و هو يسعى جاهدا لإقناع العم فضل أحمد باستلام جثمان
ابنه و دفنه سريعا على قاعدة الإسلام التي تقول ” الميت أولى بالدفن و إكرام الميت دفنه” ناسيا عن عمد ما جاء في
محكم التنزيل معنى و دلالة ” بأن الذين إن أصام البغي فهم ينتصرون، و السن بالسن و الجروح قصاص ”
أكرر و أشير إلى أن فطنة و ثبات العم فضل وهي من ذات فطنة و ثبات قاسم أمين و الشفيع أحمد الشيخ حيث
يتناغم العقل و القلب بسبب من الجسارة و خبرة الحياة، هي التي قادت الأمر إلى ذلك الحد الذي قام بموجبه مولانا
1990 ووصفه و تحديده لجهاز أمن السودان كمتهم مباشر تحت المادة / القاضي المقيم “بشارة” بفتح البلاغ رقم 903
251 من قانون العقوبات لسنة 1983 القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد.
حلاً لإشكال إنساني و أخلاقي عويص تنزل على حشود كانت بانتظار جثمان الراحل عبد الوهاب سنادة ، توجه عمر
سنادة بسؤاله الى صديق طفولته وهو مسجي بداخل كفنه القادم من بلاد تموت حيتاا من البرد ، و ذلك في فناء مقابر
برى بالخرطوم :
“يا وهاب هؤلاء أهل خير و متطوعون رحمة و أجرا” ليدفنوا هذه المرأة الفقيرة التي لا تملك ثمنا لقبر في دولة المشروع
الحضاري! وهم يريدون قبرك الذي أعده لك آل سنادة؟!” قال عبد الوهاب و هو يحكي البرق مبتسماً ” باقي ليك يا
عمر نحن حنسابق على قبر بعد أن تركنا الدنيا مبكراً بحالها و نعيمها؟! يدنا مع الجماعة و قلوبنا مع الفقراء و الكادحين
أدوها القبر يا آل سنادة” – الواقعة رواها كامل إبراهيم أما كلمات عبد الوهاب فهو ما عرفته عنه و شاهدته بأم عيني. .
لذا فهي من عندي ”
ينطبق على عبد الوهاب و علي فضل و عثمان سوركتي قول الحردلو في وصف هذا النوع من الرجال
“من قومة الجهل ولدا مميز عومو،
حافلات اللبوس فيهن مفرز كومو،”
بالله يا قسم الله و يا راوي اسألوا عليا ماذا تريد منا الآن فأنتم أدرى بقوله ” محاكمة قضائية عادلة لمن استباحوا حرمة
جسدي و حاكموا فكرنا المسالم بالآلة الحادة ” حاكموهم ما وسعكم ذلك أمام قضاء مستقل و نزيه لكي ما نضع
بلادنا على درب الأمل ، ذلك الأمل الذي ظل يراود لويس أراغون بشواطيء جميلة لا متناهية مليئة بأمم عاقلة ونقية ”
إنني أشهد و أجزم أن شهيدنا علي فضل أحمد قد تزوج الناس كلها . . ” قد تزوجت البلاد يا علي كما قال محمود
درويش” و أن حب علي فضل أحمد للسودان كان حبا “عذريا” ليس فيه مغانم و كذلك كان حبا “سلميا” و اعزلا
118
كحب الشفيع أحمد الشيخ للكادحين و البسطاء و كحب مصطفى بطران لحسناء بحري و هو يردد على فراش موته في
ذلك الزمان الذي لم يكن فيه لداء الصدر دواء بعد “صدري مزماري و الدموع شربي ، و إنت عارف نوع حبي ليك ،،
سلمي، و شوقي مهما ازداد ، برضي شايفه قليل ”
لا تحدها حدود قد كانت أشواق عبد الوهاب سنادة و عثمان سوركتي و علي فضل لدولة القانون و الديموقراطية و
السلم !
في السودان و في مناطق خليجية و على ضفتي الأطلنطي بلندن و مدن أخرى أمريكية ناقشنا مع عدة عارفين و أحبار
قضاء و قانون وناشطي حقوق إنسان “حق أولياء الدم” فيما يشبه قضية شهيدنا علي فضل أحمد ، و عود على بدء ،
فلقد مثل أولئك التشيليين الثلاث وبعد 33 عاما ، شهود إثبات و عامل مبرر لإقامة دعوى قضائية أركاا مكتملة
فالمتهم حاضر و أولياء الدم موجودون و جريمة إستاد سنتياغو موثقة و أدلتها ثابتة و جلية .
إذن ما بالنا نحن؟ إذ أن قاضيا “مقيما” بقسم أم درمان الجنوبي قد طالب بإعادة التشريح وفقا لشك مقنع و تكييف
قانوني سليم استند فيه على المادة 137 من قانون الإجراءات “الاشتباه في القتل” فجاء تقرير الطب الشرعي بوصفه
البينة الكافية لتقبل النيابة الدعوى و يفتح القاضي بلاغه محددا المتهم و مادة الاام التي تنطبق على الفعل و تصفه كما
هو! إذن (لا تقادم و لا حصانة) فمن أوقف الإجراءات القضائية هم القتلة أنفسهم !
و في أمر شهيدنا “العلي” فلتتصارع اليوم الأدلة و القرائن بين تقرير الطب الشرعي . . ” ذلك أن البينة الطبية حاسمة في
إثبات أو نفي ادعاءات التعذيب، ” و بين تقرير آخر ملفق كتبه طبيب إسلامي يدعى “أحمد سيد أحمد” كان نفسه قد
جاء متخفياً إلى لندن فتم كشفه و فضحه و ما أفلت إلا لكوننا لم نمارس حقنا الصريح و المشروع في تجديد إقامة
حول قضايا Redress الدعوى كاملة داخل السودان و خارجه و بما تكفله لنا المعالجة الدولية كما جاء في دليل
التعذيب. . فما أصاب شهيدنا يندرج عند صلب المادة ( 1) من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب و في صلب مواد
.1976/3/ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر في 18
لا أدري إذا كان ج نيلسون مانديلا حول المصالحة و الحقيقة قد يصلح لبلادنا أم لا؟! و لكنني أرى أن ما يهمنا هو
جوهر الأمر المتعلق برسالة الشهيد ومهام قوى التحول الديموقراطي وقضاياه الماثلة اليوم! فنحن نروم و بحزم تحقيق العدالة
في أمر شهيدنا علي و نتمسك بإصلاح و جبرالضرر أمام محكمة قضائية كمبدأ قانوني و صفة للعدالة ، ونعلم تماما لماذا
يرفض القتلة الحاكمون إلغاء المادة 33 من قانون قوات الأمن الوطني و التي تبيح الإفلات و تشجع على التعذيب و
نعلم لماذا يرفضون حتى اللحظة المصادقة على الاتفاقية الدولية المناهضة للتعذيب ، لكن نضالنا لن يتوقف ، فنحن
أحبابك يا علي و رفاق دربك و فكرتك، نسير على خطى كلمات بازرعة و هو يخاطب الشهيد القرشي عند العام
119
1964 ” قلبي معا ، لا الغاز ، لا البارود ، لا التعذيب يوما أفزعا. . قلبي معا” بيننا و بينك يا علي شرف و ميثاق
وصيتك الأخيرة التي تقطعت فيها أنفاس رئتيك المتهتكة من التعذيب . . ” إنه درب اخترته و أموت لأجله و أنا واثق
بأن هناك من سيواصل بعدي على هذا الدرب.”
دعني أخبرك ختاما بما قالته عنك تلك العجوز الفقيرة التي كنت أراها دائما تنتظرك خارج عيادتك بذلك الحي الشعبي
العريق، بكت تلك المرأة و سالت دموعها و هي تقول “أحي عليه الوجيع، أحي عليه البليغ، إنت فهمك مو دراسة ،
إنت فهمك مو قليل ، بريت دار أبوك. . قش دمي البسيل ”
يا علي يا فضل . . يا فرتيقة أم لبوس يا لويعة الفرسان، كنت عنزة و قروا سنان، و كنت أعلم أم لن يتركوك ، لقد
حملت همنا و مهامنا ردحا طويلا و ها نحن بعدك نكبر و نصير أكثر وعياً و نضجاً و على دربك نسير،

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.