السؤال الذى خرج من رحم الجهل ..البديل منو ؟

مسارااات
عبدالقادر العشارى
السؤال الذى خرج من رحم الجهل ..البديل منو ؟
اصاب بحالة من الغثيان عندما اتناقش مع البعض عن ضرورة التغيير وحتميته فيمط احدهم شفتيه ويبرز لك عينيه حتى تظن انها ستخرج من مأقيها ، ويسألك بكل بلاهة “لكن البديل منو؟“
وهو لاشك انه سؤال تعسفى نابع من ردهات التعتيم و “مناطق العقل المقفولة ” التى صنعتها طغمة الانقاذ فى اطار مايسمى ب ” اعادة صياغة الانسان السودانى ” والتى استهدفت العقل الجمعى للمجتمع السودانى فوقع فى شباكها من وقع ونجى منها من نجى ..
ياعزيزى السائل اعلم ان الحقيقة المؤكدة التى تنطلق منها تجليات الارتقاء فى الممارسات المجتمعية ، تتحقق عندما ينشط النسق المعرفى والفكرى والثقافى للمجتمع ويتسع “تشكيل الوعى وانتشاره” بوصفه اهم الدوائر المؤثرة فى استمرار المجتمعات وتطورها واستقرارها ، حتى لايصبح المجتمع اسير اسئلة متخشبة جاهزة متوارثة فى مواجهة ضغوط احتياجاته ، بأجترار ثوابت معرفية تجاوزتها فتوحات الزمن المعرفى الراهن ، بتنوع انجازاته المتجددة ، فى حين ان رهانات المجتمع السودانى لتحقيق تجدده تتطلب ليس فقط ان يعيد تعريف المجتمع لنفسه ، بل يحتاج ان يصنع نفسه ، ويؤسس نفسه فى سياق ادراك دائم ان المجتمع لا يمكن ان يكون الا بتحرير العقل العام ، ليقرأ ، ويتمعن ، ويستوعب ، ويدرك ، ويعرف وتتحول مقروءاته ، ومعارفه المستجدة الى شبكة ممارسات يومية تسود كل مظاهر واليات البنيات الاجتماعية والفردية وعلاقاتها ، التى تواجه الصدوع اللا معقولة ، وحالات التسلط المغلق التى تغلف وعى الناس بشطحات الارتداد والعزلة ..
يقينى ان امكانية الانسان اكثر ثراء من الواقع ، اضافة الى ان لا شئ يتأبد فى الحياة الاجتماعية ، ليمنع العقل من بناء المعرفة الجديدة ، اذ ان شحذ العقل بأستخدامه الحر العام – بوصفه اداة الانتصار الأنسانى – يشكل ادراكا معرفيا عماده القراءة ومعرفة الجديد ، يحرر المجتمع من عطالته المعرفية ، ويفتح نوافذ التأمل التى تدفع المجتمع الى رؤية اشد تحولا ، وتؤسس لتفعيل ارادته وتحرير مصيره ، وتضعه ايجابيا فى مواجهة صور الوجود الحقيقى امام الممكنات المفتوحة التى ينتجها التواصل ، والحوار مع الاخر ، واستيعاب الاكتشافات الجديدة ، اذ ان غياب القراءة والمعرفة يمنع المجتمعات من تحولها المتواصل ، وينفيها من التأسيس الفعلى لزمن اجتماعى ، فالوعى والمعرفة هى البداية الكبرى التى ان ظلت رهينة ومحجوبة يصاب المجتمع فى ظلها بالخرس والصمت ، حيث بغياب الوعى والادراك تبرز وتتجلى علامات العجز عن احداث شئ ، استنادا الى ان الصمت عن الاطلاع والقراءة يبقى صاحبه خارج اطار المعرفة ، محجوبا عن التكوين الذاتى ، والفعل الاجتماعى ، اذ بالضرورة ان المعارف المستجدة تجعل الفرد يتمكن من ان يكون ، وان يفعل ، وتؤسس بذلك مسيرة ادراك المجتمع لمصيره الامن ، بأن تثرى امتلاكه قدرة تفجير ينابيع تخيل صورة وجوده وامكانية تحقيقها تصويبا للواقع . ليعيد الثقة فى نفسه ومجتمعه ويدرك انه او غيره لاينقصه ان يكون بديلا ناجحا يخرج مجتمعه من براثن الدكتاتورية والجهل والفقر والمرض الى رحاب الديمقراطية والرفاهية الاقتصادية والاجتماعية وتفعيل محركات المجتمع للنهوض والانطلاق نحو افاق التطور اللا محدود ..