الأربعاء , أبريل 24 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *من تاريخ الخرطوم*

*من تاريخ الخرطوم*

As forwarded from Dr Rosemary Suliman/Dr Rosemary Boulis Salama.

وهذا هو اسم المدينة الواقعة شمال السكة حديد مقسمة الى ثلاثة احياء رئيسية وهي الحي الانجليزي ويقع شرق شارع المك نمر حتى الشارع المؤدي لكبري بحري ويليه الحي الافرنجي ويقع بين شارع المك نمر وشارع القصر الذي كان يسمى في ذلك العصر بشارع فكتوريا وكان يسكن هذا الحي جاليات يونانية (الاغاريق) وايطالية ويهودية، كما كانت هناك اسر شامية من سوريا ولبنان وبعض العوائل الارمنية، اما الجزء الواقع غرب شارع القصر فكان به السوق العربي وتتخلله منازل اسر سودانية عريقة مثل اسرة الزيبق وآل كشة وآل الفوال على سبيل المثال لا الحصر.

اما اخواننا الاقباط فانهم من اعرق النحل التي استقرت بالخرطوم وكانت لهم حيشان كبيرة ومبانٍ قديمة مثل حوش بولص شرق شارع القصر وحوش سليم مكان الكمبوني الآن وعمارة آل نخلة الواقعة في تقاطع شارع الحرية مع شارع الجامعة ولهم منازل كثيرة في احياء الخرطوم المختلفة.

وكان لكل من تلك الجاليات شهرة في ميادين العمل العام فكان الاغاريق يعملون بالتجارة العمومية (البقالات) وكانت لهم حانات وسط الخرطوم كلورد بايرون وشناكا وخباز في شارع الجمهورية. وكانت تلك الحانات (البارات) هي الجزء الداخلي من مقاهي يقدم فيها الشاي والقهوة التركية والنسكافي والمشروبات المعدنية كالليمونادة والكيتي كولا كما كان الاغاريق اول من أسس الورش الصغيرة ودربوا كثيرا من الاولاد في الحرف المختلفة واشهر هذه الورش كانت ورشة (بني) جنوب سوق الدهب الآن ثم انتقلوا الى المنطقة الصناعية التي انشئت في ما بعدز ومن اشهر السيدات اليونانية مدام كترينا التي كان لها متجر ضيق في شارع ابوسن بالخرطوم شرق وكانت تبيع العيش والفول والزيتون والجبنة والمخلل والسجائر وكانت تمزح مع الزبائن عن الكورة وفريق النيل والاهلي وانتقلت بمتجرها في اوائل الستينيات الي الشارع المشهور باسم شارع كترينا الذي يقع شرق حديقة القرشي بالخرطوم جنوب وينتهي غرب مسجد شروني.

اما الشوام فعملوا في تجارة المنسوجات والاصواف واشهرهم آل قرنفلي وآل المراشي، كما ادخل آل كافوري من لبنان مزارع الابقار وانتاج الالبان المشهورة بكافوري وكانت عربات توزيع لبن كافوري البيضاء المرسوم عليها بقرة سوداء توزع زجاجات اللبن المبسترة في احياء الخرطوم المختلفة، اما الاسر اليهودية فكانت تعمل بتجارة المحاصيل كالفرد وقاعون وحبيب كوهين واليرث اشكنازي وال دويك وال العيني ولهم مقبرة قديمة موجودة حتى الان في المنطقة الصناعية بالخرطوم (محطة شاطوط)، كما كان لهم معبد بشارع القصر قام في مكانه الآن مبنى البنك الاهلي السوداني كما كانت بالخرطوم بعض الاسر الارمنية كازمرليان وبودريان ومعلوم ان هناك كثيرا من الاسر التركية التي انصهرت في المجتمع السوداني منذ زمن بعيد.

كان بالخرطوم القديمة بعض المعالم الاستعمارية التي تمت ازالتها بعد الاستقلال كتمثال الجنرال غردون امام بوابة القصر الجنوبية وكان التمثال البرونزي لآخر حكام التركية الذي قتله جيش المهدي عند فتح الخرطوم، كان التمثال مثبتا على ظهر جمل ووجهه متجه الى الجنوب الغربي حيث الضاحية التي كان يأوي اليها والمعروفة حينئذ بشجرة غردون. وفي الجانب الشمالي من القصر وامام وزارة المالية كان يقبع تمثال كتشنر القائد الانجليزي الذي فتح السودان سنة 1899م وكان التمثال على صهوة حصان من البرونز ايضا وقد تمت ازالتهما وارسلت التماثيل الى انجلترا وتم تغيير اسماء الشوارع من شارع غردون الى شارع الجامعة وشارع كتشنر الى شارع النيل.

وفي اواخر ايام الانجليز قامت امتدادات جديدة جنوب السكة الحديد حيث تم تخطيط الديوم الجديدة بشوارع وميادين وذلك في غرب الخرطوم وجنوبه وهي الآن الديوم الغربية (الحلة الجديدة) والديوم الشرقية جنوب مقابر فاروق وظهرت احياء حديثة في مكان الديوم القديمة وهي الاحياء المعروفة الآن بالخرطوم واحد والخرطوم2 والخرطوم3.

لم يحدث اي تغيير في الخرطوم عموم شمال السكة الحديد وظلت الاحياء القديمة داخل الخرطوم عموم كحي المقرن وحي السكة الحديد وحي الخرطوم الجديد شرق وغرب شارع الحرية وفي هذا الحي كان ولا يزال منزل عمدة الخرطوم العمدة ود كرم الله ومن قبله العمدة المرضي، وكلاهما من قبيلة المحس التي كانت قد استوطنت جزيرة توتي والجريفات وحلة خوجلي وحلة حمد والخوجلاب والعيلفون وغيرها من ضواحي الخرطوم كما اسلفنا وكان العمد يتبعون اداريا لمأمور المركز الذي يرأسه المفتش ثم مدير المديرية، ومعلوم ان المفتش ومدير المديرية كانا من الانجليز.

وكان للحرب العالمية الثانية آثار واضحة على السودان، وبهذه المناسبة اذكر اننا بعد أيام من رجوعنا للخرطوم التي غادرها كثير من الأسر بعد بداية الحرب في سنة 1939م الى اوطاننا الصغيرة بالشمالية لفت نظري تلك المجرات الضيقة العميقة وسط الاحياء وقد علمت من والدي انها الخنادق التي كانوا يلجأون اليها عندما تبدأ صفارة الانذار محذرة الاهالي من احتمال غارة جوية على الخرطوم من الطليان المتمركزين في اثيوبيا واسمرا حيث كانوا قد ألقوا قنابل على كسلا وبورتسودان وكانت تلك الصفارة متقطعة توت… توت… توت وبصوت مزعج فيهرع الاهالي الى الخنادق ثم يظلون مختبئين في وجل وترقب حتى يسمعوا الصفارة الاخرى وهي صفارة متصلة طويلة تـــــــــــــوت فيخرجون من الخنادق ويستأنفون نشاطهم في حذر ورهبة وكانت الغارة في الاسبوع مرة او مرتين وفي احدى الغارات على الخرطوم سقطت قنبلة في النيل الازرق شرق الكبري وفي هذا تقول المغنية:

الله لي الطيارة جاتنا هجوم

الله لي كشفت على الخرطوم

الله لي كتلت حمار كلتوم ست اللبن

الله لي الطيارة جات بدري

الله لي كشفت على الكبري

الله لي المدفع الجبلي

الله لي خلى البحر يغلي

وكان الانجليز قد انشأوا طليعة الجيش السوداني وسموها قوة دفاع السودان وقد تم التعيين من جميع مديريات السودان وكان لكل مديرية علامة بلون مختلف من ريش النعام مثبتة في عمامة الجندي وتم تدريبهم على عجل في مركز تعليم بام درمان وكانت لهم مخازن للذخيرة في جنوب الخرطوم بالقرب من رئاسة سكر كنانة الآن وكانت معروفة بكيلو خمسة وكان يتم ارسالهم الى الجبهة الشرقية في جبال اسمرا وكرن ومصوع والقلابات او الى الجبهة الغربية في برقة وطرابلس بليبيا حيث يصطرع الجيش الانجليزي مع الجيش الالماني.

وكانت محطة الخرطوم تزدحم عند قيام القطارات المتجهة الى الجبهة بالجنود والآباء والامهات والاخوان ويردد الجميع اغنية عائشة الفلاتية:

يجو عايدين يا الله

يجو عايدين ان شاء الله منصورين يا الله

يجو عايدين الفتحو كرن بايتين يا الله

يجو عايدين بالمدفع والمكسيم يا الله

وعندما يتحرك القطار تزغرد النسوة وهن يبكين ويصيح الرجال الله اكبر ابشروا بالخير والجنود يلوحون مودعين وهم ينشدون:

دايم دايم الله
دايم كريم الله
دايم لطيف ..
منقول ………..🌳✌

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.