الخميس , أبريل 25 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / انفعل وأخرج الهواء الساخن .. حميدتي يرفض دمج (الدعم) في (الجيش)

انفعل وأخرج الهواء الساخن .. حميدتي يرفض دمج (الدعم) في (الجيش)

أحمد عثمان جبريل
يبدو أن الخلاف بين الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) النائب الأول لرئيس مجلس السيادة ، قائد قوات الدعم السريع، وبين المجلس العسكري، أعمق بكثير من أي تصور، وما يؤكد ذلك هو حالة الغضب والانفال التي لازمت حديث الرجل خلال مراسم تأبين أحد قيادات حركة تحرير السودان التي يقودها مني أركو مناوي، مساء أول أمس الجمعة،  ما جعله يخرج  من جوفه الهواء الساخن ويميط اللثام عن خلافات ومؤمرات ذكر بعضها،  ووعد بكشف أخرى في حينها.

وبدا الفريق حميدتي، والذي أصبح بين ليلة وضحاها ظاهرة القرن الحادي والعشرين: رجل أعمال عسكري – سياسي، تتخطى إمبراطوريته العسكرية والتجارية، حدود السودان الدولية والإقليمية و(القانونية) غاضبا ومنفعلا في حديثه،  مرسلا خلاله رسائل تحذيرية شديدة اللهجة شملت حتى المكون العسكري والسياسيين وعامة الشعب السوداني .

وقال حميدتي أن الوضع في البلاد غير مريح وإن السودان مضطرب وفي وضع مفصلي خطير ، مشيراً إلى إضرابه سياسيا و أمنيًا إلى جانب تفكك اجتماعي – وخطاب عنصري وتابع : “البلاد مضطربة تماما، وفي وضع أمني واقتصادي غير مريح” محذرا في ذات الوقت من تفاقم كل ذلك .. وقال ان هناك مؤامرات من جهات  لم يسميهما ولكنها معلومة بالضرورة تسعى لوصول البلاد الى أقصى درجات الفراغ الأمني والسياسي والمزيد من التدهور الاقتصادي.

والواقع أن كل ذلك ليس مهما وهو معلوم للقاصي والداني ومن يقف وراءه، ولكن الأهم من ذلك هو أن حديثه كشف عن وجود خلاف جوهري وتصدع في التناغم بين أعضاء المكون العسكري وحميدتي، وتحديدا بين البرهان وحميدتي، وبعبارة أدق بين الجيش والدعم السريع.

إن معظم الذين استمعوا إلى حديث الفريق حميدتي، أجمعوا على أن أهم ما قاله هو إتهامه صراحة للمكون العسكري وتأمره بفض الاعتصام، وأنه الوحيد الذي رفض ذلك، عندما كان الجميع يعملون على فضه؛ وأن الفضل في تغيير النظام ودخول البشير للسجن يعود له وحده.. ولكن بالتدقيق إلى حديث الرجل سيلاحظ الجميع أنه كان يقصد نيه فضه ما قبل سقوط البشير؛ وهنا ينبغي أن يتذكر الجميع أن هذا الحديث إذا فهم على أنه بعد سقوط البشير لا جديد فيه،  فقد سبقه إليه الفريق كباشي عقب فض الاعتصام مباشرة، عندما  خرج للناس في مؤتمر صحافي موثق نقلته كل وكالات الأنباء العالمية، والذي كشف خلاله عن من أمر بفض الاعتصام وبموافقة جهات أخرى عددها في حينها و قوله بعدها ((حدس ما حدس)).. ومع ذلك ظللنا نقول بأن هذا الاعتراف يتطابق مع قاعدة قانونية مهمة أجمع عليها فقهاء القانون وهي أن الاعتراف (سيد الأدلة) ما يعني أن كل ما تقوم به لجنة أديب لا يعدو كونه مجرد تسويف ومماطلة لا نهاية لأفقها في المنظور القريب .

لم يترك حميدتي بأن يأخذ حديث العميد الدكتور الطاهر ابوهاجة المستشار الاعلامي للفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، ونفيه بعدم وجود أي توترات بين الجيش والدعم السريع ، أن يبلغ مداه في الفضاء الإسفيري حتى يتداوله الناس بوعي، ليصدقونه أو يكذبونه، فأطلق حميدتي بعد وقت قليل عبر صفحته مقطع فيديو يتضمن جزء يسير من ما قاله أمام حفل التأبين والذي ملأ الدنيا وشغل الناس، حيث تحدث مطولاً عن ما يدور في الساحة، ومنه ما قاله عن حقيقة فض الاعتصام، والذي بدأ وكأنه يشير صراحة بأصابع الاتهام للمكون العسكري .

أن أخطر ما جاء به حديث (حميتي) هو نفيه صراحة وبطريقة غير مباشرة حديث الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري، بأنه لا يوجد ثمة خلاف بين قائد الدعم السريع والمجلس العسكري، وأنه لا يوجد أي توتر بين القوات المسلحة ( الجيش) والدعم السريع ؛ ولكن الناظر بعين فاحصة لحديث دقلو،  يرى أن الأمر يتطابق مع حقيقة مهمة وهي أن الخلاف والتوتر بين الطرفين قد وصل مرحلة بعيدة جعلت حميدتي، يبدو وكأنه يغازل الحركات المسلحة الدارفورية أعداء الأمس قائلا : ( الشلاق ما خلى عميان) وتابع : “نحن تاني ما بننغشى عايزننا نتقاتل هناك في وادي هور”  في اشارة  منه لتحشيدها معه، فعزف أمامهم سيمفونية (العنصرية) وما أسماه بالكرسي نمرة أثنين على حد وصفه .

ولكن كل ما قاله (الفريق خلا) يظل أقل أهمية مما أعلنه بطريقة مباشرةً وهو رفضه كل الضغوطات التي مورست عليه لإقناعه بدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة بقوله:” الدعم السريع ليست سرية أو فصيل أو لواء حتى يتم دمجه، إنهاء قوات كبيرة بتعدادها وعتادها ونظامها..فيكف سندمهجها في القوات المسلحة .

والشاهد في الأمر أن رفض الفريق محمد حمدان دقلو، كان يمكن أن يكون مقبولا، اذا نظر للأمر على أنها أي (الدعم السريع )قوة صنعها الرجل مع أخرين كان لجهده وبذله القدح المعلا، ولكنه ينظر إليه من زاوية أنها قوة يرتكز عليها لحماية امبراطوريته ومصالحه وسلطته، إذ يمكن أن يفقد في حالة دمجها هيبته وسلطته المطلقة اذا ما غامر بتلك الخطوة غير محسوبة العواقب؛ ومع ذلك يمكن أن يتعامل معه في هذا الخصوص بسياسة النفس الطويل في إقناعه بحتمية هذا الدمج، ولكن الخلاف الأكبر يأتي بينه والبرهان في طرح واصرار الفريق حميدتي على ضرورة تسليح قواته بالدبابات والطائرات والراجمات والمضادات والصواريخ ؛ وهنا تقول معلومات أن الرجل تواصل فلعيا مع عدة دول لشراء منظمومات عسكرية هجومية ودفاعية متطورة، وهذا ما يقلق القوات المسلحة مجتمعة، وليس المكون العسكري فحسب.

أن أسواء ما خلفته الانقاذ والذي يفوق الانهيار الاقتصادي بمراحل بعيدة ، هو هذه المليشيا المسماه الدعم السريع، والتي كان من الممكن أن تكون هذه القوات مفيدة للغاية لو أنها جعلتها جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، لأصبحت الآن أعظم إضافة يمكن أن تحدث للقوات المسلحة، ولكنها تحولت لأكبر (خازوق) في تاريخ السودان الحديث يصعب لجمها، بعد أن تحولت لأمبراطورية عسكرية واقتصادية وسياسية وفوق هذا وذاك تمددت اجتماعياً ودولياً .

لم يكن السودان وحده الذي يواجه عقب سقوط  نظام دكتاتوري سابق، تعقيدات المليشيات المسلحة، فهناك دول عديدة مثل العراق وليبيا واليمن والصومال، وجدت نفسها وجها لوجه امام تعقيدات هذه المليشيات، وأمام معضلة صعبة وسط  خيارات محدودة في كيفية تفكيكها والتعامل مع صعوبات نزع سلاحها وتسريح وإعادة دمجها مع القوات النظامية الحكومية، مقرونة بعمليات إصلاح قطاع الأمن؛ ومحاولات الحفاظ على الأمن الداخلي .

أن اسواء ما يمكن حدوثه في السودان هو وقوع مواجهة مسلحة بين القوات المسلحة (الجيش) والدعم السريع في العاصمة الخرطوم ، وفي هذا الصدد تتفق الإستراتيجيات العسكرية المختلفة، على أن أي مواجهة بين الجيش النظامي المحترف والمليشيا داخل المدن، ستكون كلفته باهظة الثمن، وفي ذات الوقت ستكون أكبر وأعمق اذا تركت لتمدد، إذ سيكون حينها لهذه الميليشيا سيطرة على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد الى  جانب ارتباطات إقليمية خطرة وعميقة التأثير تسقطها كذلك على مسار  مصالحها العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

#الدعم_السريع
#مجلس_السيادة
#فض_الاعتصام
#لجنة_أديب
#لجان_المقاومة

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.