الخميس , أبريل 25 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / نص بيان القيادة القومية الذي ألقاه الرفيق القائد المناضل الأستاذ علي الريح السنهوري ( حفظه الله ورعاه ) في الذكرى الرابعة والسبعون لتأسيس الحزب

نص بيان القيادة القومية الذي ألقاه الرفيق القائد المناضل الأستاذ علي الريح السنهوري ( حفظه الله ورعاه ) في الذكرى الرابعة والسبعون لتأسيس الحزب

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب البعث العربي الاشتراكي   امة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة

      القيادة القومية                                وحدة حرية اشتراكية

ياجماهير امتنا العربية المجيدة
أيها المناضلون على مساحة الوطن العربي الكبير

تحل الذكرى الرابعة والسبعون لتأسيس حزب الثورة  العربية ،حزب البعث العربي الاشتراكي ،والأمة العربية تعيش اوضاعاً  شبيهة بتلك التي خيمت عليها  عشية ميلاد البعث ، يوم كان الوطن العربي يقف على عتبة الدخول الى مرحلة جديدة  من تشكل بنيانه القومي مع إرتسام معالم النظام الدولي الذي افرزته نتائج الحرب العالمية الثانية ووقعه الثقيل على الامة بإقامة كيان غاصب على ارض فلسطين.
في ذاك اليوم ، تظلل المجتمعون في غوطة دمشقية على ضفاف بردى  بشعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة “. وبسرعة البرق تلقفت جماهير الأمة  ونخبها الفكرية الدعوة الجديدة التي رأت فيها خارطة طريق لخلاصها وتحررها من كل أشكال الإستلاب القومي والاجتماعي ، وإستشراف أحلامها للمستقبل العربي الذي ينطوي على تبوأ الامة العربية لموقعها المتقدم بين الأمم ، وهي تعيد بعث ذاتها وإبراز هويتها القومية ، وإقامة نظامها السياسي الوحدوي الذي يضمن حقوق الأفراد والجماعات  ويصون الحريات العامة.
في ذاك اليوم ، الذي كانت فيه الأمة على موعد مع ميلاد البعث ، لم يكن خافٍ ، على القادة المؤسسين ، أن درب النضال سيكون سهل العبور وقطف ثماره سهل المنال ،لأن  توق الامة للتحرر والوحدة والتقدم سيواجه بمعوقات ،بعضها نابع من التراكم التاريخي للظواهر السلبية التي التصقت بكيان الأمة المعنوي ،على  مدى القرون والعهود الغابرة ، وبعض آخر يطرأ على واقع الامة  في كل مرة تكون الأحداث والحروب والصراعات الإقليمية والدولية  رامية  باثقالها على الوطن العربي المتميز  بموقعه الاستراتيجي.
لقد شخّص الحزب ومنذ انطلق الى مسرح النضال ، الامراض التي يعاني منها الجسم العربي  ،  وحدد سبل العلاج  ومخارج الحلول لمواجهة التحديات. واذا كانت  الامراض التي اصابت الجسم العربي قد انطوت على معوقات ذاتية أفرزها التخلف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتربوي وارتفاع مستوى الأمية في البنية المجتمعية العربية ، فان المعوقات الموضوعية أفرزها العدوان الخارجي وواقع التجزئة الذي فرضته القوى الاستعمارية التي رسمت الحدود الكيانية لمكونات  قطرية على أرضية المكون القومي الواحد.

ان الاستهداف المعادي التي تتعرض له الأمة العربية هذه الأيام ،للحؤول  دون استنهاضها وتوحيد قواها، فلإدراك القوى المعادية ، أن الامة تختزن في ذاتها كل مقومات  الانبعاث المتجدد بالنظر لما ينطوي عليه  تاريخها من إنجازات حضارية ، وهي كانت أمة الدعوة لرسالة توحيدية أحدثت ثورة في حياة العرب، ونقلتهم من مجتمع القبيلة الى مجتمع الدولة الذي جعل من أمة العرب ، أمة حاملة لمشروع حضاري تجسدت مفرداته في كل مجالات الحياة الإنسانية.
هذا  الإستهداف المعادي للأمة الذي  يأخذ  بعداً خطيراً هذه الأيام ، للنزول بالواقع القومي تقسيماً وتفتيتاً دون ماهو قائم ، لم يقتصر عليها  كمكون شعبي تجمعه وحدة المصالح والأهداف وحسب ، بل تناول  ولما يزل ، القوى المهيأة  والقادرة على قيادة الأمة والإنتقال بها الى مستوى تحقيق وحدة مكونها القومي بالفعل ،والبعث على رأسها فكراً وتنظيماً وحضوراً نضالياً ، كونها الأداة التي عكست من خلال تركيبها البنيوي الإطار القومي الحاضن لأهداف الأمة العربية في تحررها وتقدمها وتوحدها .
إن  هذين المسارين  سارا ويسيران بالتوازي مع بعضهما البعض.واذا كانت ابرز محطات الاستهداف للأمة في عصرها الحديث تمثلت بإغتصاب فلسطين والعدوان الثلاثي على مصر وحرب حزيران واكتوبر وعدوان ايران على العراق قبل وبعد العدوان الأميركي والمتعدد الجنسية عليه وغزوه وإحتلاله ، فإن أبرز محطات إستهداف البعث، كانت ردة تشرين الثاني / نوفمبر ١٩٦٣م في العراق ، وردة ٢٣شباط / فبراير ١٩٦٦ في سوريا ، والقرار الأميركي بإجتثاث البعث وإصدار قوانين التجريم والمساءلة بحق مناضليه ، دون إسقاط العوامل الناجمة عن سلوكية الذين إستوطنتهم العقلية التكتلية ولعبوا في بعض المراحل دور حصان طروادة لإختراق الحزب من داخله ، في محاولة مكشوفة لحرفه عن مساره النضالي بعدما أصيبوا بلوثة الطفولية اليسارية والانحراف الفكري والسياسي تارة ، ولوثة الأمراض المجتمعية التي سعوا لتسريبها الى بنية الحزب الداخلية  تارة أخرى ، عبر تغليب ذاتيتهم القاتلة على ذات الحزب العامة. 
ان القيادة القومية للحزب التي تؤشر على ما واجهته الأمة وما زالت ، من أشكال متنوعة من العدوان ، وما تعرض له الحزب من تأمر وتخريب ، انما تؤشر عليهما بإعتبارهما قد شكلا محورين للصراع  الذي تخوضه الأمة وقواها الثورية والحزب في طليعتها  مع الأعداء المتعددي المشارب والمواقع .
إن هذا الصراع المفتوح على مصراعيه أعاد  فرز المواقع والخنادق والاصطفافات السياسية  . ففيما تقف القوى الصهيو- أمبريالية ، المفتوحة  على تحالفات موضوعية مع مشاريع القوى الإقليمية من إيرانية مجبولة بالحقد الشعوبي الدفين ضد العروبة واحلام إستعادة الإمبراطورية الفارسية وتركية بإستحضارها لحنين ماضٍ عثماني تليد ، تقف الجماهير العربية في الخندق المقابل وهي تواجه بامكاناتها المتاحة هذا الحلف غير المقدس الذي يستثمر بقوى التكفير الديني والتخريب المجتمعي التي تنفذ دورها المشبوه عبر استنفار الغرائز المذهبية والجهوية والقبلية، لإضعاف المناعة الوطنية وتسهيل تمرير  الحلول التصفوية لقضايا الأمة وفي طليعتها قضية فلسطين وتمزيق النسيج الاجتماعي الذي يترافق مع تدميرالمدن والحواضر العربية وتهجير سكانها وتوطين المرتزقة لتغيير التركيب الديموغرافي في البنى المجتمعية العربية وكما هو جارٍ في العراق وسوريا وغيرهم من الأقطار العربية . 

أيها الرفاق على مساحة الوطن العربي الكبير

إن أمتكم ، أمة الرسالة الخالدة يراد دفعها  الى فم التنيين ، وحزبكم ،حزب البعث العربي الاشتراكي هو  في قلب العاصفة . فالأمة تواجه  بقواها الجماهيرية الحية ،قوى الامبريالية العالمية  والصهيونية والفرسنة والتتريك والشعوبية بكل أشكالها والطائفية  بكل مسمياتها ، والحزب ينخرط  في مواجهة شاملة  دفاعاً عن نفسه ودوره مستمداً قوته وعزيمته من صلابة مناضليه ومناقبيتهم ، وتمسكهم بالاصوال وأعراف وتقاليد الحزب النضالية ،  واستلهام روح الفداء والاقدام التي جسدها الرفاق في سلوكهم منذ انطلقت مسيرته عقب التأسيس واستمرت في خطها البياني التصاعدي مقدمة التضحيات الجسيمة بعشرات ألوف الشهداء متوجة بالمشهدية البطولية  التي أطل من خلالها قائد العراق وشهيد الحج الأكبر الرفيق المناضل صدام حسين على رفاقه وشعبه وأمته والإنسانية صبيحة الأضحى المبارك.
ان البعث الذي يقف على حافة يوبيله الماسي ، لم يكن غائباً عن إدراكه  لحظة ، ان العدوان والتآمر على الأمة وقواها الطليعية سيتوقف عند حدٍ ان لم يواجه بمصدات قوية ، والأمة لاتملك إلا المصد الجماهيري الذي اثبت حضوره في الساحات والميادين . فالجماهير العربية التي هتفت للوحدة واسقطت حلف بغداد وانتصرت لثورة الجزائر وثورة جنوب اليمن وثورة فلسطين وضد العدوان المتعدد الجنسية على العراق، هي التي تنادي اليوم بالتغيير وإقامة النظم السياسية التي تعبر عن مصالح الشعب وتلبية حاجاته ، وتأمين كل  مقومات امنه الوطني والحياتي. ان الجماهير التي كانت تنتصر لكل موقع تخوض فيه الأمة نضالاً تحررياً ضد الاستعمار والاحتلال الأجنبي اياً كانت هويته ، تنخرط اليوم في حراك شعبي مستحضرة كل عناصر القضية الوطنية السياسية والاجتماعية ،في مواجهة منظومات الفساد في الحكم وكل اشكال  التأبيد  والتوريث السلطويين وقمع الحريات العامة.
لقد أعاد الحراك الشعبي توجيه بوصلة النضال الجماهيري باتجاه وضع  حدٍ للإستلاب  الإجتماعي الذي عانت منه الجماهير طويلاً. وهذا الحراك الذي  استطاع اسقاط  نظمٍ سياسية في مصر وتونس السودان، وإسقاط رؤساء وحكومات كحال الجزائر ولبنان ، تعرض للإختراق والقمع بالحديد والنار كما حصل  في سوريا والعراق واليمن وليبيا ، واستدرج الى العسكرة في أكثر من ساحة.
من هنا ، فان الحزب عندما شدد على تفعيل  الحراك بتعبيراته السلمية  ،فلادراكه  بأن الرد على القوى المعادية التي تضمر شراً بالأمة يحتاج إلى ميزان قوى خارج مفهوم الحسابات التقليدية لنسبة توازن القوى،وهذا التوازن  لاتؤمنه الا الجماهير التي تمسك بناصية قرارها الحر المتحرر من كل أشكال الإحتواء والإرتهان.
وإذا كانت بعض الساحات قد تعرض حراك جماهيرها للقمع السلطوي ، وفي بعض اخر للاختراق والالتفاف عليه بهدف تفريغ برامج  التغيير من مضامينها الوطنية الديموقراطية التقدمية والعمل لإبراز البدائل التي تفرض تطييفاً ومذهبةً وجهويةً على مجرى الحياة السياسية والمجتمعية ، فإن وعي الجماهير يشكل العمل الكاشف لإبعاد المخططات المعادية وماهو مضمر من اهداف خبيثة يراد تمريرها لضرب الحراك الشعبي وإلى إدراجه  ضمن “نظرية المؤامرة”.واذا كان قد شاب الحراك الشعبي بعض الشوائب ،فهذا لم ينل من جوهر موقفه الأصيل وأهدافه النبيلة ، بل إقتصر على السياقات التنظيمية نظراً لضعف  الهيكلة السياسية للمجتمع العربي الذي شهد حراكاً ،والإمكانات الكبيرة المتاحة للقوى المعادية  للحراك من داخلية وخارجية. 
من هنا، فإن الحزب الذي راهن على الجماهير في إحداث التغيير وتعديل موازين القوى سيبقى يراهن  دائماً عليها  بإعتبارها صاحبة المصلحة في التغيير ،  وهي الأساس الذي يبنى عليه في بناء الصرح الوطني أولاً والقومي ثانياً ، لوضع حدٍ  للتداعيات السلبية على الأمة ، وتحقيق إمتلاء وعائها القومي الذي ينهي الفراغ الذي تستغله القوى المعادية للتغول والتغلغل  في الواقع العربي وتخريبه وضرب مرتكزات القوة فيه .
ان العودة للجماهير والاستقواء بها في مواجهة أعداء الأمة من إمبرياليين وصهاينة وفرس صفويين وأتراك عثمانيين وقوى دينية ومذهبية واثنية وجهوية ، هو السبيل الوحيد الذي يمكن الأمة من الوقوف على أرضية صلبة، للتعويض عن إحتواء وضرب مراكز القوة في الامة. فبعد إحتواء مصر وتكبيلها باتفاقيات كامب دفيد ، وضرب الثورة الفلسيطنية وإحتواء حركتها السياسية بعد إتفاقية أوسلو ، فقد بلغ الإنكشاف القومي ذروته بعد العدوان على العراق واحتلاله واسقاط نظامه الوطني ، ذاك النظام الذي أقام تجربة رائدة استفزت قوى الغرب الاستعماري والشرق الشعوبي والنظام الرجعي العربي ، ائتلفت  ضده قوى الشر والعدوان وشنت عليه  حرباًتحت ذرائع واهية وكاذبة . والجماهير التي يدعو الحزب لإعادة الإعتبار لدورها تحتاج دائماً إلى رُبان يقود سفينتها للوصول بها إلى شاطئ الأمان ، ومن غير الحزب مؤهل لذلك بعدمآ تشظت  قوى حركة التحرر الوطني العربية بتخلخل بنى بعضها ، ودخول بعض اخر في رهانات خاسرة. فالحزب وإن لم يكن بمنأى عن التاثيرات السلبية التي أرخت ظلالها الثقيلة على واقع القوى الوطنية والتقدمية العربية ، إلا أنه استطاع أن يتجاوز تأثيراتها – علماً أنه كان وما زال الاكثر تعرضاً للاستهداف المعادي – باعتباره الوحيد الذي عبر عن مشروع قومي شامل على مستوى البناءه التنظيمي والفكري .
وهو إذ صمد وقاوم وأثبت وجوده في الميدان ،فلأنه  حزب إنبثق من واقع الأمة بإرادة شعبية ، ولم يتشكل بقرار سلطوي ،كي يسقط بسقوط السلطة إذا ماسقطت مؤسساتها ومرتكزاتها بفعل عدوان من الخارج او تخريب من الداخل .  لذلك هو مستمر بحضوره النضالي بالإستقواء بقوة الجماهير في صراع الإرادات بإعتبارها  الحصن الحصين الذي  يوفر البيئة الحاضنة  لقوى النضال العربي ،والحضن  الدافئ لقضايا الأمة وخاصة قضاياها  المركزية التي تتمحور بشكل رئيسي  حول قضيتي  فلسطين والعراق وقضية وحدة التراب الوطني والحريات العامة والتحول الديموقراطي والعدالة الإجتماعية والتنمية المتوازنة والتنوع في إطار الوحدة.
ان هذا التأكيد لإعادة الإعتبار لدور الجماهير في النضال العربي ، يملي إعادة التعريف بأهداف الثورة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية في ضوء المتغيرات السياسية والمعرفية التي لم ولن تكون الأمة بعيدة عن تاثيراتها على مجرى الحياة العامة . 
فالوحدة التي منحها الحزب أرجحية معنوية في ثلاثية الأهداف، هي الوحدة التي تعبر من خلالها الأمة عن ذاتها القومية ،في ظل نظام دستوري إتحادي مرن يراعي خصوصيات المكونات الاجتماعية القومية والثقافية والدينية واعرافها وتقاليدها . وعندما تصبح حدود دولة الوحدة هي حدود جغرافية الوطن العربي يصبح  شعار العروبة اولاً، هو الشعار الذي يبطل مفعول كل الشعارات الأخرى التي تروج  لنهائية الكيانية القطرية.
فالعروبة التي تعرّف الأمة نفسها بها هي التي تخرج الجماهير العربية من الدوائر المحاصرة فيها في إطار الدولة القطرية ، إلى رحاب الدولة القومية التي  تنصهر فيها إمكانات الأمة وطاقاتها وتوظفها في خدمة قضايا الأمة في التحرير القومي والتقدم الإقتصادي والاجتماعي.
أما الحرية ، فهي حق الجماهير في حرية التعبير وإبداء الرأي وإقامة النظام السياسي القائم على تداول السلطة في ظل دولة مدنية يقوم  نظامها على أساس الفصل بين السلطات وتسوده قواعد العدالة والمساواة في المواطنة ،  وتكون الديموقراطية ناظمة للحياة السياسية على قاعدة التعددية ضمن ضوابط الانتظام والولاء الوطنيين ، وتمكين الشعب  من التعبير عن إرادته من خلال اإنتخابات محكومة بقواعد الشفافية وديموقراطية التمثيل الشعبي بعيداً عن أشكال الإجتثاث والإقصاء  والإلغاء.
واذا كانت الحرية  بشقيها السياسي والاجتماعي هي من الحقوق الطبيعية التي تمارسها الأمة على المستوى الجمعي. فإن الحق القومي  للأمة يترجم بحقها السيادي على أرضها وفضائها وثرواتها ، كما حقها  في تحديد خياراتها وتقرير مصيرها  وصياغة علاقاتها مع الخارج الدولي والإقليمي إنطلاقاً من ضرورات حماية أمنها القومي بكل أبعاده السياسية وطنياً وقومياً ومضامينه الإقتصادية والإجتماعية.
أما الاشتراكية ، فهي ليست مجموعة قواعد نظرية مجردة ،بل كما قال القائد المؤسس هي نظام شامل للحياة يوفر للإنسان في الوطن العربي كفايته وتلبية حاجات حياة كريمة ،عبر توزيع عادل للثروة  القومية وإقامة شبكة أمان قومي واجتماعي ، تٌمسك الدولة ذات الوظيفة الحمائية والرعائية بالمفاصل الأساسية للإقتصاد القومي وخاصة الثروة الطبيعية ، حيث لايكون فيها مركز وأطراف بالنسبة لتمركز الثروة .
ان هذا يملي فتح الحدود وإلغاء سمات الدخول وفتح سوق العمل العربي امام كل المواطنين  وضمان حرية تنقل الأشخاص والأموال وفق القوانين الضابطة لها ، وإقامة السوق العربية المشتركة وشبكة المواصلات التي تربط الأصقاع العربية في مابينها ، ووضع إستراتيجية التنمية البشرية المستدامة قيد التنفيذ ، وعندها لايعود المواطن العربي الذي يبحث عن فرصة عمل ولا يجدها ،يطرق أبواب المهاجر ومعه تحرم الأمة من طاقتها الشبابية الإنتاجية وكفاءاتها العلمية.

أيها الرفاق المناضلون

ان حزبكم ، حزب البعث العربي الاشتراكي ،هو حزب الأمة في المواجهات ذات البعد القومي ، وهو حزب الطبقات الكادحة في مواجهة أنظمة الإستبداد والرجعية والإستغلال التي تديرها الدولة الأمنية، ولهذا فإنه عندما أعلن عن ذاته في السابع من نيسان / ابريل عام ١٩٤٧ ، فإنه لم  يقدم نفسه كحركة سياسية تقليدية ،بل  قدم نفسه كحركة تاريخية ،تمثل الأمة بكل تكوينها القومي . وعلى هذا الأساس تقع عليه مسؤولية  تاريخية، هي مسئوولية الإنتقال بالأمة من واقعها الراهن المثقل بالإحتلال والتجزئة الكيانية وتسلط منظومات الحكم الرجعية والإستبدادية على مقدرات البلاد ومصائر العباد ، إلى مستوى التوحد القومي والتحرر الإجتماعي. وإنطلاقاً من هذه المسؤولية يدعو إلى تفعيل النضال الجماهيري إنطلاقاً من تطوير العمل الجبهوي بين القوى العربية التحررية والارتقاء بها الى مستوى الصيغ المتقدمة على صعيد الرؤية البرامجية ببعديها  المرحلي والاستراتيجي ، وعلى صعيد البناء  التنظيمي الذي تأتلف هذه القوى في اطاره، وبما يمكنها من تشكيل محور إستقطابيٍ لقيادة الحركة الجماهيرية العربية في نضالها التحرري في كل الساحات.
إن الحزب يولي أهمية لقيام الجبهة العربية القومية الشعبية ، كونها  تشكل عاملاً اساسياً من عوامل هيكلة المجتمع السياسي العربي لسد الفراغ الحاصل في بنيته والذي بسببه تعرض الحراك الشعبي للإحتواء والإلتفاف عليه في بعض الساحات وإختراقه في العديد في ساحات أخرى .
ان توجيه بوصلة النضال الجماهيري نحو توحيد صفوف القوى الشعبية العربية ، رؤيةً واطاراً ، محكوم  بتوفر وحدة الموقف حول  طبيعة الصراع العربي – الصهيوني بإعتباره صراعاً وجودياً وانطلاقاً من كون مشروع تحرير فلسطين هو مشروع قومي عربي بإمتياز، كما وحدة الموقف من تشخيص الدور الإيراني باعتباره دوراً منطوياً  على عدوانية ضد الأمة بكل موروثها التاريخي وهويتها القومية ، وإن هذا الدور كما الدور التركي هما دورين تخريبيين وخطرين على الأمن القومي العربي ، وهما مع الدور الصهيوني يشكلون المتكئات الشرق أوسطية لقيام نظام إقليمي جديد تحت مسمى الشرق الأوسط  الجديد التي ترعاه  الامبريالية الأميركيةعلى حساب المكون القومي العربي.
إن إعادة تركيز أضلع  الهرم العربي على قواعده الإرتكازية الأساسية في ظل أنظمة حكم وطنية ، بقدر ماهو ضرورة قومية لمواجهة الأطباق الإقليمي المحتضن أمريكياً وروسياً على الوطن العربي ،هو ضرورة لتوفير حاضنة  للقوى الشعبية العربية المقاومة للاحتلال وخاصة في فلسطين والعراق والأحواز ، وطارداً للمتغولين في الواقع العربي ولكل الساعين  لتشكيل نظام إقليمي على حساب المكون القومي العربي  .

في هذه الذكرى ،التي يتوقف فيها  الحزب عند المعطى الإيجابي الذي أفرزته وفرضته معطيات الإنتفاضات الشعبية العربية في جولتها الثانية . يقدر عالياً ثورة الجماهير في السودان التي إستطاعت أن تسقط نظام التمكين والإستبداد والفساد ، وتقيم  سلطة ائتلافية لقيادة المرحلة الإنتقالية وإنهاء النزاع مع بعض المكونات وإدخالها في عملية بناء الثقة وتوفير مناخات السلم الأهلي والوطني الحاصل ضمن تفاهمات التشكل الجديد للسلطة ، كما يقدر الإنتفاضة الشعبية في لبنان التي أسقطت حكومتين ، وحققت الإسقاط الأخلاقي للسلطة التي أدى فسادها إلى إيصال البلد للإنهيار الإقتصادي والإفلاس المالي ، ويسجل لإنتفاضة الشباب في العراق بعدها الوطني وإصرارها على فتح صفحة مضيئة  في تاريخ هذا الشعب العظيم الذي  قاوم المحتل الأميركي وطرده ويخط اليوم سفراً نضالياً عبر إنتفاضته في مقاومة المحتل الإيراني بكل أشكال تغوله وعمليته السياسية التي تديرها قوى مليشيوية مذهبية نهبت ثروة العراق وأفقرت جماهيره ، وهي اليوم تواجه إستحقاق سقوطها تحت ضغط الشارع بإرتكاب الجرائم بحق الناشطين والمعتصمين في الساحات والميادين وبعدما أخذت الإنتفاضة بعدها الوطني الشامل . وفي الجزائر التي إنطلق حراكها ضد حكم التابيد والتوريث ، مازال شارعها على حيويته للحؤول دون الالتفاف على الإنجازات التي تحققت في سلوك مسار التحول الديموقراطي والدولة المدنية.
ان الحراك الشعبي في جولته الجديدة  ، وبما يرفعه من شعارات انما  يحاكي صفاء  ثورة الياسمين في تونس ،التي تحاول حركة النهضة “اخونتها”كما حصل مع انتفاضة ميدان التحرير في مصر، وهو يحاكي إنتفاضة الجماهير في سوريا التي قمعت بالحديد والنار .
ان هذا الحراك يثبت ان نبض الشارع العربي مازال قوياً ،وهذه رسالة الأمة من خلال قواها الحية  ومحركاتها  الجماهيرية ،الى العالم وكل المتدخلين بشؤونها . واذا ما كانت بعض  المشهديات  المأسوية قد طفت  على السطح  ، فإن الأمة بما تختزنه من معطيات إيجابية ،مازالت بخير ، وإن من يمثلها ليس نظامها الرسمي العربي المغرق في رجعيته وإرتهانه وقمعه للجماهير. بل من يمثلها هو الشعب المنتفض الذي توحد على أرضية الموقف من التغيير والموقف من التطبيع.

في هذه الذكرى المجيدة لميلاد حزب الثورة العربية ، تستحضر قضية فلسطين في الوجدان البعثي، هذه القضية  ظلمت من النظام الدولي وتستثمر بها القوى الإقليمية وخاصة النظام الإيراني وتحاصرها قوى النظام الرسمي العربي ، وستبقى قضية مركزية في النضال العربي ، ونداؤنا الى جماهيرها ان تكون مساحة ثورتها هي مساحة كل فلسطين من البحر الى النهر ،ودعوتنا الى قواها المقاومة ان توحد صفوفها على قاعدة برنامج نضالي مقاوم رافض لكل اشكال التسويات والترتيبات الأمنية التي يراد تمريرها تحت مظلة الشروط الصهيونية. 

إن هذه المناسبة التي نستحضرها بكل دلالاتها النضالية ، نستحضرها وقد فقدنا رفيقين مناضلين ،الرفيق القائد عزة إبراهيم الذي آلت إليه الأمانة بعد إستشهاد القائد صدام حسين وكان خير خلف لخير سلف ، والرفيق المناضل عبد الصمد الغريري عضو القيادتين القومية والقطرية ،ورفاق اعزاء اخرين أودت بحياتهم جائحة الكورونا ، اليهم والى من سبقهم من شهداء وإلى من إرتقت أرواحهم للرفيق الأعلى نتوجه بالتحية ، وإلى كافة الرفاق في منظمات الحزب في الوطن العربي وخارجه ونشد على أيديهم منوهين بأدائهم النضالي وخاصة في حضورهم في فعاليات الحراك الشعبي ومقاومة الإحتلال ، ونخص الرفاق  في العراق العزيز ، قيادة وكوادر وقواعد وعلى رأسهم الرفيق أبوجعفر أمين سر القطر، وهم الذين أثبتوا إن العراق ليس قاعدة إرتكازية للأمة وحامي بوابتها الشرقية وحسب ، بل هو أيضا قاعدة إرتكازية للحزب في مواجهة من يحاول النيل من وحدته وشرعيته التنظيمية والتطاول على إرثه وتاريخه وتضحيات مناضليه .

تحية لكوكبة القادة المناضلين المؤسسين الذين قدموا للامة هدية البعث وعلى  رأسهم الرفيق القائد المؤسس الأستاذ احمد ميشيل عفلق ، وتحية لشهداء الحزب وفي مقدمتهم شهيد الحج الأكبر الرفيق القاىد صدام حسين . وتحية لشهداء  الامة في العراق وفلسطين والأحواز وكل ساحات النضال العربي وتحية للانتفاضات الشعبية العربية وشهدائها والشفاء لجرحاها والحرية لمعتقليها ولكل الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ومعتقلات أنظمة القمع والاستبداد.
عاش البعث العظيم ، عاشت الامة العربية  وعاشت أهدافها في الوحدة والحرية والاشتركية.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

السابع من نيسان ٢٠٢١م

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.