الجمعة , مارس 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / رسالة بروف عشاري الى ابنه عمر عشاري

رسالة بروف عشاري الى ابنه عمر عشاري

يوم 28/يناير/2021
إبني عمر،
سلام من منفاي الإجباري في مدينة سياتيل البعيدة.
لقد فوجئت حين وجدت اسمك، عمر عشاري، في القائمة النهائية للوزراء المرشحين المتوافَق عليهم من قِبل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وهي القائمة المقدمة إلى رئيس الوزراء عبد الله آدم حمدوك للنظر فيها واعتمادها، لابد بعد الموافقة السبقية بواسطة العسكر والجنجويد في المجلس السيادي.
فنصيحتي لك هي أن تنسحب فورا، دون تأجيل، من هذه القائمة، للأسباب التالية، حتى وهي الأسباب أسبابي، وليست أسبابك، وحتى إن كنت تريد بالتَّوزير خدمة الوطن. وفي جميع الأحوال، فإن نصيحة الأب مفترضة سلامتُها، لأنها نصيحة مشدودة إلى مصلحة الأبناء.
ومع ذلك، فبعد هذه النصيحة الصادقة مني، يبقى القرار النهائي قرارك أنت وحيدا لستَ متعَقَّبا عليك، تتحمل وحدك مسؤولية قرارك. وقد قصدت لهذه رسالتي إليك أن تكون علنية، لأنها تتعلق بالشأن العام. فحتى البعد الخاص فيها، كالعلاقة بين الأب وابنه، إنما هو في هذه الحالة المحددة أمرٌ سياسي بالدرجة الأولى، وكل سياسي إنما هو من قضايا الشأن العام، وهي قضايا يجب لزوما أن تكون كل كتابة عنها علنيةً.
هذه هي أسبابي الثلاثة التي تفسر نصيحتي لك أن تترك هذا الطريق، وهو طريق التيه في ضلال أربأ بك من أن تتردى فيه:
أولا، بشأن الكيان الذي رشحك وزيرا، قوى الحرية والتغيير الموقِّعة على ورقة الترشيح، أذكِّرُك بما أنت تعرفه أن هذا الكيان ليست لديه أية مشروعية ليرشحك لأية وظيفة في العمل العام. إذ هو كيان طفيلي فرض نفسه بالخدعة، وبدعم جهاز الأمن، على الثورة السودانية العظيمة، وخان هذه الثورة، بأن ضلل الشباب الثوار الحقيقيين، وعقد اتفاقات سرية مع المجلس العسكري الانتقالي، اللجنة الأمنية لنظام الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة، قصدَ إجهاض الثورة السودانية، ولوضع حد لطموحات الشعب السوداني في إقامة ديمقراطية حقيقية، ولضمان حماية هذا الكيان لما نراه اليوم هو السطو الإماراتي السعودي المصري الإسرائيلي على موارد السودان، بعد شراء هذه الدول القرار الوطني السوداني من هؤلاء العملاء. وكله كان ويظل خدمة هذا الكيان، المدفوعة الثمن، خدمته المصالح القومية العليا لهذه الدول الأجنبية عدوة الشعب السوداني.
وعلى مستوى بالغ الخطورة، تواطأ هذا الكيان، الذي رشحك لوزارة الصناعة وأنت غير مؤهل لها ابتداء، تواطأ مع اللجنة الأمنية بما هي المجلس العسكري الانتقالي، في تنفيذ جريمة مذبحة 3 يونيو 2019، وفي التغطية على هذه الجريمة، بتستر هذا الكيان على كبار الجناة أصحاب المخطط الإجرامي المشترك: أعضاء المجلس العسكري الانتقالي؛ رئيس وكامل عضوية رئاسة هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة؛ رئيس القضاء عباس علي بابكر؛ النائب العام الوليد سيد أحمد محمود؛ قادة الشرطة وجهاز الأمن. وقد سهل هذا كيان قوى الحرية والتغيير إفلاتَ الجناة من العقاب على جريمتهم الثابتة أمام محكمة الشعب، ومن ثم كان تأهيله لهم، دائما لقاء الرشوة، ليمكِّنوا أنفسهم همباتة مرابطين في رئاسة الدولة، بسلطات سيادية تنفيذية وتشريعية وقضائية واسعة النطاق.
ثانيا، بشأن من قد تعمل معه وتحت إمرته في مجلس الوزراء، إن هو كان أصلا سيقبل ترشيحك وزيرا. فعبد الله آدم حمدوك، رئيسك المحتمل، ثابت عليه أنه شخص كذاب محتال تسلل إلى رئاسة الوزراء مستخدما الخداع والتدليس، تنفيذا لاتفاق سري، في أديس أبابا، بينه وبين صلاح عبد الله قوش المدير السابق لجهاز الأمن، وآخرين من بينهم قيادات حزب الأمة ومو إبراهيم، في فبراير 2019.
ذلك بالإضافة إلى أن حمدوك ظلت مهمته الأساس، منذ ذلك تسلله إلى رئاسة الوزراء، هي التغطية على جريمة مذبحة الشباب الثوار المعتصمين، ليس فقط باتفاقه الجنائي مع المحامي نبيل أديب، بل كذلك في سياق حدث أدائه القسم سرا لدى قائد الجنجويد محمد حمدان دقلو حميدتي، مما فضحه حميدتي في لقاء عيد رمضان، ومما سكت عليه حمدوك، ولم يتجرأ على نفي وعده حماية حميدتي من أية محاكمة على جريمته مذبحة 3 يونيو، لقاء أجر. ولنا عقول تربط بين الأشياء، وتستنبط وتستنتج.
فإن مَكْر رئيسِك المحتمل، عبد الله آدم حمدوك، وخبثَه، وخيانتَه للثورة السودانية، وعمالتَه للعسكر والجنجويد بنير “الشراكة النموذجية”، وارتهانه للإسلاميين الدائنين له بوظيفته في الأمم المتحدة، يذكرونه كذلك بسعيهم لتمرير ترشيحه دون تأهيل، للكوميسا، كلها وقائع ثابتة ثبات وقاح أكاذيب حمدوك عن كل قضية جوهرية في السودان: إسرائيل؛ المذبحة؛ المرتزقة في اليمن؛ تمثيل المرأة؛ تسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي؛ الاقتصاد؛ شركة الفاخر؛ السلام؛ ملف استرداد الأموال المنهوبة المهربة بواسطة الإسلاميين؛ فبركة رواية محاولة اغتياله؛ المشاركة في فبركة رواية تمرد العمليات في جهاز؛ وهي قائمة أكاذيبه طويلة ممتدة مفروشة في الأرشيف العام.
ثالثا، بشأن من قد تؤدي القسم أمامه، في حال قبل بك حمدوك وزيرا لديه، فلابد أنت تعلم علم اليقين أن من قد تجد نفسك تؤدي القسم أمامه، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، هو ذاته رئيس المخطط الإجرامي المشترك، والمسؤول الأول عن الجريمة العالمية، بما هي جُماع جرائم ضد الإنسانية، مذبحة الشباب الثوار 3 يونيو 2019، والعدوان المتزامن على السكان المدنيين في مدن العاصمة المثلثة، وفي مدن أخرى في ولايات السودان.
ولابد أنك تتفق معي، وأنت القانوني، أن مذبحة الشباب الثوار إنما يتم تكييفها في القانون الجنائي الدولي جريمة ضد الإنسانية، بسبب وجود بينات إثبات الهجوم الواسع النطاق والمنهجي المنتظم، ضد سكان مدنيين، تنفيذا لسياسة حكومية (اجتماع الجناة برئاسة البرهان يوم السبت 25/5/2019، بوزارة الدفاع، واتخاذهم قرار تنفيذ المذبحة).
أتحدث معك عن هذا الهجوم الذي في سياقه اقترفت القوات المشتركة من الجيش والجنجويد والكجر وجهاز الأمن، بأوامر وتوجيهات وتعليمات رئيس المجلس العسكري الانتقالي، ونائبه، وبقية الأعضاء الأشرار مجتمعين، اقترفوا جرائم أساسية خطيرة، منها القتل العمد لما يقارب الألفين من الشباب الثوار المدنيين السلميين، في يوم واحد، 3 يونيو، في كامل منطقة الاعتصام الكلية بمكوناتها الخمسة (ميدان الاعتصام، شارع النيل بما فيه كولومبيا والعمادة والحوش، وكوبري الحديد، وجامعة الخرطوم، والمفوضية والأشعة).
وقد تمددت مسارح هذه الجريمة العالمية إلى خارج منطقة الاعتصام الكلية، لتشمل المستشفيات، وإسعافات الجنجويد كمحال متحركة لتنفيذ الجريمة، والشوارع، والمساكن، والأسواق، والمعتقلات السرية، والمشارح ذات الثلاجات تحت إشراف أطباء عدليين فاسدين مرتشين، والمقابر الجماعية في منطقة المرخيات العسكرية شمال غربي أم درمان.
هذه الجرائم نعرف تفاصيلها من البينات المادية في جثث الشهداء، الجثث التي تتحدث، ومن شهادات الثوار الحاضرين الناجين من المذبحة، ومن المستندات مثل الفيديوهات والصور والمكتوبات والمصورات. وكلها بينات ذات مصداقية وموثوق بها، حتى وبعضها فيديوهات نشرها الجناة أنفسهم للاستعراض ولإرهاب الشباب.
ومن الجرائم الأساسية المتكررة والمتعددة، التي اقترفها الجناة، تحت إمرة عبد الفتاح البرهان، من موقعه كرئيس العصابة الإجرامية، ضد الثوار المعتصمين 3 يونيو 2019، التعذيبُ، والاغتصاب الجنسي للشباب الثوار والثائرات والأطفال، والحرمانُ الشديد من الحرية، والاضطهادُ، وجرائم لا إنسانية أخرى منها النهب، ومسح الآثار الفنية، والأدائيات المسرحية لامتهان كرامة الثوار.
يا عمر،
فلأن قائد الجنجويد سيكون حاضرا في حالة وجدت نفسك تؤدي القسم، صاغرا، أمام الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أشحذ ذاكرتك الآن، لتتذكر بشاعة تربيط الجنجويد في منطقة نفق كوبري الحديد، تربيطهم الشباب الثوار من أرجلهم ومن رقابهم، بالحبال، إلى الألواح الأسمنتية، وهم الشباب الذين كان الجنجويد، حسب خطة رئاسة هيئة الأركان المشتركة، وتوجيه رئيسهم حميدتي، انتقوهم من القائمة، بمعاونة جهاز الأمن والكجر والاستخبارات العسكرية، انتقوهم لهذه القَتْلة المروِّعة، على أسس عرقية عنصرية، استنادا إلى مجرد شبهة الزُّرْقة، زرقة أهل دارفور، ذاتهم ضحايا الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وهي الجرائم العالمية المستمرة التي كذلك كان شارك ويظل يشارك في اقترافها ذاته حميدتي وذاته البرهان. وهنا مجددا، على شاطئ النيل الأزرق، حمل ذات الجنجويد، قتلةُ الزرقة في دارفور، حملوا هؤلاء الشباب الثوار يتوسلون الرحمة، والجنجويد يهللون ويكبرون ويضحكون، حملوهم وقذفوا بهم أحياء في نهر النيل الأزرق.
فتَذَكَّر.
وتذكَّر أنك في ماضيك وهو مستقبلك أنك ستكون وقفت يوما أمام القتلة تصافحهم، ومثل حمدوك هرولتَ تحاضنهم، أمام الكاميرات المنصوبة ذاتها، التي كانت بالتدبير السبقي صورت للتاريخ هرولة حمدوك لمعانقة القاتل المجرم البرهان، وصورت كذلك بالتدبير السبقي فنسة حمدوك وإجباره، بالتدبير السبقي الماكر، على مد دبره جراء تلهفه لمصافحة اليد التي كانت للتو قتلت ألفين أجمل الثوار. تذكَّر.
ابني عمر،
إن قرارك أن تقبل ابتداء بالترشيح للوزارة، بواسطة كيان إجرامي فاسد، هو قوى الحرية والتغيير، يظهرك وقد فقدت بصيرتك وظهرت غير قادر على التفكير. فكيف تغيب هذه الوقائع الظاهرة الثابتة عن فطنتك، وأنت تتخذ هذا قرارك الغريب بالقبول المبدئي للمشاركة وزيرا في حكومة مهمتها الأساس شرعنة حكم العسكر والجنجويد، باسم “المدنية” الزائفة؟
أذكرك أن مذبحة الشباب الثوار تظل دائما هي المرجعية الأساس لكل قرار، من كل مواطن حقيقي لا سمسار فالصو مثل “أيقونات” الثورة المعروفين.
ولا تخادعن نفسك بأنك قبلت الترشيح لوزارة ما بحجة أنك تريد خدمة الوطن. فهي خدعة جربها قبلك حمدوك، في وقت مضى كان فيه أغلبية أهل السودان مخدوعين بالعينين الزائغتين لهذا الصنم عميل العسكر والجنجويد. هذه حجة خدمة الوطن انتهت صلاحيتها، بعد أن استبانت على أخَرة، لجميع السودانيين، حقيقةُ الأمر أمر إجرام الدولة السودانية وفسادها تحت حكم العسكر والجنجويد المتحالفين مع المدنيين العملاء من بينهم حملة الجوازين للسفر، وحملة الدكتوراة، والسماسرة في كل بضاعة، وناس الحركات، جميعهم المتسابقين حجيجا إلى سلطان الإمارات يريدون الدينار والدولار.
فلقد سُقت لك هذه الوقائع التفصيلية، التي أنت تعرفها، حتى لا أترك لك سببا قد تتعلل به، أنك لم تكن تعرف، أو أن تريد بعلة عدم المعرفة التسبيب بالمغالطة لتسويغ المشاركة في هذه وزارة الخيانة والسمسرة والعمالة.
باختصار، فإن الذي أراه هو أن تجعل نفسك مستعدا لسماع صوت ضميرك، والضمير لا يطلب منا عمل شيء سوى أن نصغي إليه، معتمدين الأصالة والأخلاقية والحق.
….
ولك التقدير العظيم
عشاري

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.