الجمعة , أبريل 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *#الهدف_آراء_حرة* *السودان: من دولة (الإسلام) إلى (إسلام) الدولة: التغيير المستحيل*

*#الهدف_آراء_حرة* *السودان: من دولة (الإسلام) إلى (إسلام) الدولة: التغيير المستحيل*

*أحمد محمود أحمد*

الأزمة التي تعاني منها غالبية الدول الإسلامية ترتبط باقحام الدين وادماجه في الدولة، ليصبح الدين هو قاعدة السيطرة على تطور الدولة.
الإسلام المقتحم لقاعدة الدولة هو إسلام مصطنع، ترسخ عبر قرون التخلف والذي تشكل بعد أن اكتشف المسلمون حالة التوهان والتخلف التي يتعايشون معها بعد أن اتصلوا بالغرب وانبهروا بحضارته.. ولهذا فلا غرابة أن نسمع بعض الذين شرعوا في مشروع النهضة، وعلى المستوى العربي، وهو الشيخ محمد عبده، أن يقول وبعد زيارته للغرب بأنه وجد الإسلام ولم يجد المسلمين. وهي مقولة مفخخة وتجريدية، تحاول إعادة كل شيء إلى الإسلام، وهي الرؤية التي تطورت لتصبح عقيدة وشعار وهي مقولة (الإسلام هو الحل) والتي أسس لها تيار الإسلام السياسي وفق منظور شمولي لا يقبل بالرؤية الأخرى، ليكتمل التجريد بمقولة (الاسلام دين و ذدولة).
ولهذا فقد أصبح اللجوء إلى الدين في معالجة قضايا الحياة سمة السمات في الواقع الإسلامي، وهذا ما انتج جماعات ومجموعات تعمل على ترحيل كافة قضايا الحاضر إلى ماضي متخيل تحاول اعادته لمواجهة قضايا العصر الحالي.
وفي الواقع السوداني تطورت الحالة التجريدية تلك والمرتبطة بمقولة (الإسلام هو الحل) إلى أن استلمت هذه الجماعات الدينية السلطة في السودان ولمدة ثلاثة عقود، وأصبح السودان هو دولة (الإسلام) ضمن هذا المنظور التخيّلي.
ولقد عكست دولة (الإسلام) هذه طبيعة وتفكير هذه الجماعات، إذا تحولت الدولة الموسومة بالاسلام إلى أسوأ أنموذج عرفته الدولة الحديثة، من حيث ضرب المسلمين انفسهم، وقتلهم، واستخدام الدولة لتصبح دولة عنف غير مسبوق، مبررة كل ممارسة بالمنطق الديني، حتى انهار معنى الدين تماماً في مشروع دولة (الإسلام)، وبالنتيجة فقد فشلت دولة (الإسلام) في السودان.
وكان هذا الفشل ينظر إليه كاتجاه يمكن أن يغير في منظور الناس في تحديد دور الدين، وعدم تدخله في شؤون الدولة، وبالذات بعد ثورة ديسمبر، والتي لم ترفع أية شعار ديني.
لقد تحول السودان وفي الوقت الراهن، ونتيجة لغياب الوعي من دولة (الإسلام) إلى (إسلام) الدولة، وهو الإسلام الذي تفرض فيه الجماعات، والمجموعات الدينية، رؤيتها على الدولة، وحتي لو كانت هذه الدولة مدنية، وتكون هذه المجموعات، والجماعات  في الغالب خارج دائرة السلطة، وتحاول اصباغها بالرؤية الإسلامية في قراراتها، وتوجهاتها، مستغلة الضعف الذي يمارسه بعض رموز الحكم، وذلك من خلال التخويف الذي تقوم به هذه الجماعات والمجموعات، إذ يتم تقييد يد الدولة وحصارها تحت مدلول (إسلام) الدولة، ويتم الهجوم على القيادات الحاكمة لو حاولت تطبيق القوانين المدنية، أو تغيير المناهج لصالح العقل النقدي، وتصبح الدولة في هذه الحالة تدار من قبل مجموعات الضغط الدينية، وبالتالي التحكم في مساراتها، وجعلها تدور في فلك الإسلام الرجعي، والذي يفرض اجندة تتناقض والرؤية الحديثة لدور الدولة، والذي أدى إلى هذه الحالة هو واقع التخلف والتراجع عن فهم مستويات الدين، وكذلك دوره في حياة المجتمع. فالدين يشتغل على بناء القيم، وتعزيز الأبعاد الروحية للفرد والجماعة، ولكنه يجب ألا يتم الزج به في الحكم والسياسة، حتى لا يتحول الدين إلى شعار يتم افراغ جوهره وفق المنظور البشري الذي يقبل الخطأ والصواب في الحكم.
ولقد نتجت الحالة المذكورة سابقا، والتي تحاول الباس الدين للدولة، وفي حالتنا الإسلام الرجعي، نتجت هذه الحالة عبر قرون من التخلف، استغلت فيه تلك الجماعات المخيال الشعبي البسيط لتشكل به حاضنة تعترض أي تغيير تسعى نحوه الدولة السودانية، أو أي دولة أخرى مشابهة، سواء في مجال الاقتصاد، أو التعليم، أو المجال الاجتماعي، لتبدو أي خطوة تقوم بها الدولة كهجوم علي الإسلام.
ولهذا فقد يتحول (إسلام) الدولة إلى حالة اخطر من حالة دولة (الإسلام) والتي يمكن أن تتكشف للبسطاء من خلال ممارسة الجماعات الدينية التي تقودها، ولكن (إسلام) الدولة، والزاحف من قبل عناصر لا تسيطر على الدولة مباشرة، لكنها تنطلق من الرؤية الدينية، يبدو أخطر من دولة (الإسلام) نفسها والقامعة للأخرين، والمتعينة من حيث الوجود.
المواجهة القادمة هي مع (إسلام) الدولة أو أسلمتها، والذي تمثله تلك الجماعات، والمجموعات والتي تشرعن تحدي الدولة وفق المنظور الديني، وتغيير مساراتها وفق ما تطرحه من رؤى، وقد تجلى ذلك في قضية المناهج، والتي سيطر فيها (إسلام) الدولة على الدولة، وهو في النهاية هو الإسلام المتخيل الذي زرعته تلك الجماعات في عقل الناس، وشكلت حاضنتها تلك عبر الشعار، فهل سيبدو (إسلام) الدولة أخطر من دولة الإسلام حقا؟
هذه الرؤية والتي يشتغل عليها هذا المقال، تميز بين إسلام يعتنقه الناس وفق اختياراتهم، ورؤية أخرى تدفع هذا الإسلام ليكون إسلام سيطرة على مقاليد السلطة، ودفعها من الخارج لتخدم مشروع، وأجندات تيار الإسلام السياسي، لتتحول الدولة إلى دولة ذات صبغة دينية تقود إلى التناحر.
ويصبح الواقع ـ وبالنتيجة تقوده هذه التيارات تحت ضغط الشعارات والهجوم على أية فكرة لا تنسجم ومنطلقاتهاـ الصراع القادم هو مع هذا الإسلام الزائف والخارج عن اطار الدولة والداخل في معترك الصراع لشل قدرة الدولة واقعادها عن أن تمسك بالطرق الصحيحة للتغيير.
*فهل سيجعل (إسلام ) الدولة هذا التغيير مستحيلا؟*

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.