السبت , أبريل 20 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *إتفاقية جوبا للسّلام – العملية والمضْمون* *ياسر عرمان*

*إتفاقية جوبا للسّلام – العملية والمضْمون* *ياسر عرمان*

*ورقة مُقدّمة لورشة تعزيز المُسآءلة عن حقوق الإنسان للمرأة وتمْكينها*
*28 – 30 نوفمبر 2020*
*الخرطوم*
بعد التّحية للقائمين على أمر الورشة والمُشاركات والمُشاركين؛

في السّتينيات فطن المُغنّي والمُحارب من أجل الحرية جون لينون قائد فريق الخنافس ( البيتلز) والمنحدر من صفوف الطبقة العاملة بمدينة ليفربول؛ فطن على أن قضايا السّلام  والنّساء والمواطنة، ذات صلة وثيقة ببعضها ،وحرر إنحيازه من ثلاثة قضايا في شيكٍ كان رصيده حياته حينما تم إغتياله في ميدان الفراولة في نيويورك.
كان جون لينون مدركاً لعمق إضّطهاد النّساء وكتب أغنيته ( المرأة زنجِ العالم الحديث) وحينها اصطاد قضيتين بحجر واحد، وامتد تحدي جون لينون لقضايا الاضطهاد الاثني بعيداً ، بأن تزوج ( أوكا أونو) اليابانية الأصل والآسيوية وكان حينها أحد الايقونات الابداعية في العالم ومعبود الشباب الأبيض وبزواجه أعطى رسالة معاكسة للتيار المركزي في الثقافة البيضاء ونظرته للأجناس الأخرى وكان ذلك درسا بليغاً للشباب الأبيض  ولقضايا التعددية العرقية واليوم فان مدينة ليفربول قد أطلقت على مطارها اسم جون لينون وكتبت عليه (لايوجد فوقنا الا السماء) .
إن قضايا السلام والمرأة والمواطنة بلا تمييز هي واحدة من المضامين الرئيسية لاتفاقية السلام ،وأتت بعد نظام استمر ثلاثين عاما جسّد الفاشية المتسربلة بالدين بأبشع  أشكالها، ولقد استهدفت هذه الفاشية الديمقراطية والسلام والنساء والمواطنة بلا تمييز ونهب الثروات كواحدة من أهم اركان الأجندة الفاشية.
المرأة الريفية عانت من إضطهاد مركب ،طبقي وإثني والنوع والمواطنة وكانت هدفاً رئيسياً لجرائم الحرب والإبادة واستهداف انسانيتها معنوياً ومادياً في حملات لم تتوقف عند الاغتصاب والاذلال والتهجير القسري والنزوح واللجوء وقد جسد رأس النظام ذلك في عبارات جارحة نقلها عنه د. حسن الترابي العراب الفعلي لذلك المشروع.

المضمون الفعلي لاتفاق جوبا ؛ لاينفصل عن المضامين والشعارات التي طرحتها ثورة ديسمبر المجيدة  2018 بل أن اتفاقية سلام جوبا هي إحدى ثمرات وضوح الحركة الجماهيرية في شعارها العظيم ( حرية سلام وعدالة ) الذي رسم أولويات برنامج الفترة الإنتقالية وجعل من السلام أولوية  فقط أدركت الحركة الجماهيرية أن بناء أي مشروع وطني جديد لابد ان يستند على السلام كأولوية قصوى،  وتم التأكيد على ذلك في إجتماع أديس أبابا الذي انعقد بين الجبهة الثورية  وقوى الحرية والتغيير  والذي أدرج السلام كقضية رئيسية في الوثيقة التي تحكم الفترة الإنتقالية وقد نتج عن ذلك؛ محادثات جوبا التي تمخض عنها اتفاق السلام بجوبا وهي رغم النواقص تشكل أساس لبرنامج للبناء الوطني.
إن فترات الانتقال في البلاد منذ العام 1953 مروراً باكتوبر 1964 وأبريل 1985 فشلت في الإتيان بالسلام والديمقراطية كحزمة واحدة ، والفترة الإنتقالية الحالية  هي أولى فترات الإنتقال التي تشهد بداية جدية وفعلية للمصالحة والمزاوجة بين السلام والديمقراطية كحزمة واحدة.
الحركة النسائية في السودان متعددة التوجهات ومتنوعة المنطلقات وقد؛ شاركت النساء السودانيات مشاركة فعلية في التّصدي لفاشية الإسلام السّياسي . ولا يمكن أن نتخيل انتصار ثورة ديسمبر دون المشاركة الواسعة للنساء وعلى الرغم من هذه المشاركة فان الحضور الفعلي للنساء في مراكز القرار أبعد من أن يتناسب مع مشاركتهن وتضحياتهن.
فتحت أتفاقية السلام الطريق الدستوري لمشاركة النساء بنسبة 40% في مراكز اتخاذ القرار الرئيسية ولكن يظل تنفيذ هذا القرار تنقصه الإرادة السياسية ويحتاج إلى عمل سياسي واسع يجعل منه واقعا فعليا أكثر منه نصوصا غير قابلة للتنفيذ ويحتاج الى آليات تنفيذية وتشريعية للمراقبة وإلزام المؤسسات  التنفيذية بتنفيذ نصوص ما ورد في الإتفاقيات والدستور فيما يخص النساء .

القطاع الأمني والعسكري واحدة من أهم القطاعات المطلوب فيها مشاركة النساء بفاعلية للعمل من أجل مقرطة وأنسنة هذا القطاع وقد ورد في اتفاق المنطقتين نصا حول ضرورة المشاركة الفاعلة للنساء في هذا القطاع وبناء قطاع مهني وغير مسيس وبعقيدة عسكرية جديدة، والدفاع عن المصالح العليا للسودان  لن يتم في غياب المشاركة الفاعلة للنساء.
أذا تطرقنا للعملية نفسها فان عملية التفاوض كانت مفتوحة  وشهدت قدر مهم من مشاركة النساء لاسيما من جانب قوى الكفاح المسلح ومع ذلك؛لم يكن كافيا ولكن تنفيذ الاتفاق والمناخ الديمقراطي الحالي وامكانية رجوع النازحين واللاجئين يتيح فرص أفضل لمشاركة النساء في التنفيذ خاصة وان الحروب قد أدت إلى ولادة وعي جديد في الريف والمدن بقضايا النساء .
إنتشار وسائل التواصل الحديثة وشبكة العلاقات وسط الحركات النسوية هو أيضا فرصة جديدة لايجاد رقابة فعلية من الحركات النسوية على مضمون عملية السلام وتنفيذها .
قضايا الأرض وإعادة الوجه المنتج للريف، تعتبر قضية رئيسية في نهوض الحركة النسوية الريفية.
العدالة الانتقالية والمحاسية على الجرائم التي ارتكبت لاسيما ضد النساء طوال الثلاثين عاما تشكل أهم مضامين استدامة السلام.
مضمون العملية السلمية يأخذ وجه الاستدامة والديمقراطية في بناء حركة نسوية ديمقراطية من أجل السلام تمتد من الريف إلى المدن ،حركة حقوق مدنية  سياسية ثقافية تعمل من أجل المواطنة بلا تمييز ولانصاف النساء من أجل بناء مجتمع جديد ؛والآن فان نوافذ الريف مشرعة لحركات البناء السلمي من اجل المواطنة وإنصاف النساء كما حدث في لقاوة ونيرتتي ومشاركة النساء في ثورة ديسمبر المجيدة.
السلام جوهر مضمونه وجوهر الاتفاق الحالي يجب أن ينتهي ببناء مشروع وطني جديد بدونه لن تنتهي الحروب ويجب ان يستند هذا المشروع على الديمقراطية والعدالة والمواطنة بلا تمييز.
*أخيرا*:
إن الزمن لن يسعفني لاستعراض جوانب أخرى كما أن العنوان لم استشار في اختياره ولو اتيحت لي فرصة اختيار عنوان لتحدثت عن تجربتي خلال 35عام في العمل المسلح وتأملاتي في مساهمة الحركة النسوية عموما وخاصة التي تنطلق من الريف في قضايا بناء السلام ومشاركتها الفعلية في تصميم قضايا وأجندة التفاوض.

*مع وافر الشكر والتقدير.*

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.