الخميس , أبريل 25 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / زيادة الأجور والمعاشات بين تحقيق العدالة الاجتماعية وتأثيراتها على نسبة التضخم وزيادة عجز الموازنة

زيادة الأجور والمعاشات بين تحقيق العدالة الاجتماعية وتأثيراتها على نسبة التضخم وزيادة عجز الموازنة

#الهدف
#كلمة_الهدف

إن المطالبة بالأجر العادل كانت وما زالت مطلباً أساسياً من مطالب انتفاضة ديسمبر المجيدة وركيزة أساسية من ركائز البرنامج الاقتصادي لحزب البعث العربي الاشتراكي، ولكن هل قرار وزارة المالية القاضي بزيادة الأجور بنسبة متوسطة 569% يحقق هذا المطلب؟ أي يحقق العدالة المرجوة؟ وفي اطار السمات العامة لموازنة 2020؟
بعد نجاح الانتفاضة وتشكيل الحكومة الإنتقالية بدأ الحديث حول ضرورة مراجعة الهيكل الراتبي للعاملين بالقطاع العام وانسحاب ذلك بالضرورة على العاملين بالقطاع الخاص، جرت العديد من النقاشات مع الجهات المختصة وقدمت العديد من المقترحات، من ضمنها مقترح اللجنة الاقتصادية لحزب البعث العربي الاشتراكي والمتمثل في  زيادة الأجور زيادة تصاعدية متدرجة بحيث تزيد الأجور الأقل بنسبة أعلى وتزيد الأجور الأعلى بنسبة أقل وكان الدافع وراء هذا المقترح هو إصلاح تشوهات الهيكل الراتبي وتحقيق المزيد من العدالة والرضا الوظيفي والسيطرة على الآثار التضخمية.
في خواتيم العام الماضي قدمت وزارة المالية مقترحاً ضمنته ميزانيتها المعلنة 2020 بزيادة رواتب بعض الفئات (المعلمين وأساتذة الجامعات والأطباء) بنسبة 100% مع تحريك الحد الأدنى للأجور من 482 جنيه ليصل إلى 1000 جنيه ثم لاحقاً وبخطوة منفردة أقدمت وزارة المالية وصادق مجلس الوزراء على هيكل الأجور الجديد متوسط نسبة الزيادة فيه 569% بزيادة تنازلية، أي الدرجات الوظيفية الأعلى لديها نسبة زيادة أعلى تصل إلى 693%، والدرجات الوظيفية الأدنى لديها نسبة زيادة اقل تصل إلى 393% مع زيادة المعاشات بقيمة ثابتة وهي 2000 جنيه دون ادراجها في الزيادة بالنسب المئوية بما يعكس انحرافاً عن التوجه الأول.
ان التخبط الذي لازم أداء وزارة المالية في معالجة قضية الأجر العادل، وفي الوقت اللازم، وعكسه تقديمها لأكثر من تصور في أقل من خمسة أشهر. هو انعكاس للتخبط والذي يرتقي لمصاف التناقض في السياسات الاقتصادية العامة، ثم إن الانفراد بالقرار والاستعجال في اصداره يعكس سلوكاً فرديا ذاتيا يلهث وراء مكسب سياسي ليس إلاّ، وتهيئة الأرضية لتطبيق برنامج التكيف الهيكلي لصندوق النقد الدولي والذي تروج له الوزارة، والا ما سر القفز بالزيادة المحدودة من 100% الى هذه النسبة التوسعية في موازنة احدى سماتها الهيكلية العجز (الداخلي والخارجي) والذي دفع بمعدي الموازنة الى المضي قدما، وبوقع الحافر على الحافر، مع نهج وتوجهات النظام السابق، حد عدم القدرة على ابتكار ذرائع مختلفة، لتخلي الدولة عن احدى وظائفها بتوفير ودعم السلع الأساسية، بالرضوخ أو الابتهاج لتطبيق شروط صندوق النقد والبنك الدوليين. والتي تتعارض كلياً مع الأهداف الثورية والتطلعات الشعبية للانتفاضة المجيدة.بمزاعم توجيه الدعم.
إن العاملين بالقطاع العام وممثليهم ومن خلفهم قوى الثورة حينما يطالبون بالأجر العادل فإنهم بذلك لا يطلبون منةً ولا إحسان بل يطلبون حقاً وعدلاً، فلا ينبغي ان تتحول هذه الحقوق الى كلمة حق يراد بها سواه.
إن الزيادة الاسمية في الأجور لا تعني شيئاً اذا لم تحدث معالجات اقتصادية متكاملة هدفها كبح جماح التضخم والسيطرة على انفلات السوق ثم تحقيق نسبة نمو إيجابي، وفي التخطيط السليم لا بد ان ترتبط أي زيادة في أجور العاملين بزيادة مقابلة في السلع والخدمات التي ينتجها السوق (الناتج المحلي الإجمالي) مع ضرورة خلق فرص عمل جديدة لاستيعاب العاطلين، وهذه المعالجات طرحها البرنامج الاقتصادي لحزب البعث العربي الاشتراكي القائم على اضطلاع الدولة بدور القائد في العملية الاقتصادية الاجتماعية من خلال اتقان ادارة توازن القطاعات الثلاثة (العام والخاص والتعاوني)، وايلاء اهتمام خاص لقيام شركات المساهمة العامة لتقود قطاع الصادر وقطاع الإنتاج بشقيه، كشركة الحبوب الزيتية وشركة الثروة الحيوانية والصمغ العربي والأقطان وغيرها، مع التركيز على انشاء بورصة للذهب والمعادن والمحاصيل وولاية المالية على المال العام وإحكام سيطرتها عليه ومنع وتجريم التهريب والتجنيب وتقليل الإنفاق الحكومي البذخي، والتحكم في الواردات،، كل هذا يرافقه اضطلاع الدولة بدور حمائي للفئات الفقيرة والأكثر فقراً بالتوسع في دعم الصحة والتعليم والبني التحتية والسلع الأساسية.
إن قرار زيادة الأجور والمعاشات هو جزئية من موازنة لا زال يدور حولها جدل كثيف ما بين منهجين، منهج التبعية والرضوخ لبرنامج صندوق النقد الدولي ومنهج التطور الوطني المستقل.
ومع التمسك به كمطلب حيوي، الا ان الأرقام لا تكذب، فهذا القرار وبصورته هذه يطرح العديد من الأسئلة التي تبحث عن اجابة ضرورية حولها أولها: ما هو انعكاس هذا القرار على العاملين بالقطاع الخاص والقطاعات الاخرى وهم حسب آخر إحصائية صادرة من وزارة العمل يبلغون 10 ملايين عامل ويمثلون 91% من جملة العاملين في الوقت الذي يبلغ فيه العاملين بالقطاع العام مليون عامل بنسبة 9% من القوة العاملة، مقرونا بهذه الأرقام هناك 8 ملايين عاطل عن العمل، إن مسؤولية وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي تقتضي منها أخذ التأثيرات الجانبية لهكذا قرار في الحسبان قبل اتخاذه.
وثاني الأسئلة هو: من أين سيتم تمويل هذه الزيادة فبالحساب البسيط نجد أن الموازنة المجازة ارقامها كانت كالآتي ( الأرقام بالجنيه)
– الإيرادات العامة 568 مليار
منها منح 145 مليار  وأخرى (من ضمن الأخرى القروض) 253 مليار
والضرائب 159 مليار فقط .
– المصروفات العامة 584 مليار
العجز 16 مليار + المصروفات الرأسمالية 58 مليار = 74 مليار
– اجور العاملين 131 مليار

بعد زيادة الاجور بنسبة 569% سيرتفع بند تعويضات العاملين من 131 مليار إلى 745 مليار تقريباً – بما يعني ان تعويضات العاملين لوحدها ستكون أعلى من الإيرادات العامة، والتي تراجعت كثيرا بعد 4 اشهر، لعدم اعتمادها على مصادر حقيقية، كما نبهت اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، وللتدني المقصود في كفاءة الأداء الضريبي والجمركي، والذي سيدخل موجة أخرى من التدني وفق معطيات جائحة كورونا.

مع الأخذ في الاعتبار ان الإيرادات ستتضرر بشكل كبير بسبب عدم تحصيل الضرائب وبسبب عدم الالتزام بالمنح والقروض المتوقعة وبسبب التراجع في رسوم عبور نفط الجنوب.

وحتى في حالة رفعت وزارة المالية الدعم السلعي كلياً، والذي حولته الى برنامج سياسي اعلامي، والمقدر ب 252 مليار جنيه حسب كتاب الميزانية المنشور فإن هذا المبلغ إضافة إلى المبلغ المرصود أصلا وهو 131 مليار جنيه ستكون الجملة 383 مليار جنيه تعادل تقريباً نصف المبلغ الجديد المحدد لبند الأجور والمرتبات لوحده.

ووفقاً للمعطيات سيكون أمام وزارة المالية خيار أخير لتمويل هذا البند ولتغطية بقية البنود وهو التمويل بالعجز والتوسع في الطباعة بدون قيمة وهذا الخيار هو خيار كارثي بكل المقاييس وسيوقع الاقتصاد والمجتمع بسرعة في فخ التضخم الانفجاري الحاد. (نقود أكثر لسلع أقل)  والمعروف بوهم النقود.
أخيراً :  وزارة المالية ومجلس وزراء الحكومة الإنتقالية مدعوان أكثر من أي وقت مضي، لتوسيع نطاق التشاور في هذا الأمر وإخضاعه لمزيد من الدراسة والتحليل، جراء عدم انعقاد المؤتمر الاقتصادي المتفق عليه في مارس الماضي، وبمغادرة التفكير المغلق والتعصب لسياسات أصبحت بعد فشلها المكرر، وتازيمها لاقتصادات الأقطار الأقل نمواً واغراقها في الديون والأزمات الاجتماعية، من مخلفات اقتصادات السياق الذي انتجها، ولتدق معطيات كورونا المسمار الأخير في نعشها، ولتعود الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للدولة الى الواجهة مجددا بقوة وجدارة انسانية.
______
#القومة_للسودان
#تحديات_الفترة_الانتقالية
#الالتزام_بالوثيقة_الدستورية
#الوقاية_من_كورونا

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.