الأربعاء , أبريل 24 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *سقوط حكم الفرد القمعي* *أولاد بــوش..!!*  *(إنني لا أفرض.. إنني لا أقترح.. إنني أعرض) فولتير* *عرض: محمد على خوجلي*

*سقوط حكم الفرد القمعي* *أولاد بــوش..!!*  *(إنني لا أفرض.. إنني لا أقترح.. إنني أعرض) فولتير* *عرض: محمد على خوجلي*

كان من أولى قرارات حكومة الديكتاتورية العسكرية الأولى (58–64) قبول مبدأ ايزنهاور (المعونة الأمريكية) مع استبعاد إقامة قواعد عسكرية في السودان بسبب موقف الشعب (الناس كل الناس) الرافض قبل تسليم السلطة (حزب الأمة وافق ووقع على المشروع الأمريكي الذي رفضه حزب الشعب الديمقراطي – حزب الختمية – المؤتلف مع حزب الأمة).
وقبل أن يجف مداد القرار دخلت الوفود الأمريكية الاستخباراتية السودان تحت مظلة (الخبراء) بقيادة أمريكي من أصل أفريقي. وكان أول المشروعات طريق (الخرطوم – مدني) وتنفذه شركة (ولشي) وطريق (الخرطوم – بورتسودان) وتنفذه شركة (لوكهيد) ذات السمة المخابراتية المعروفة.
ثم تقدمت أمريكا بطلب للسودان للسماح بطائراتها بالاقلاع والهبوط على ومن طريق عطبرة. ورفضت الحكومة وأوقفت أمريكا المشروعات.
وفي 28 مارس 1985 زحفت المواكب نحو مبنى السفارة الأمريكية في الخرطوم التي كانت تحت حراسة الشرطة. ومظاهرات يوم 29 مارس:
(تسقط.. تسقط أمريكا) و(لن يحكمنا البنك الدولي) والجماهير لا تخطئ.
وجمهورية مصر العربية في مارس 1985م كانت رافضة (كما أمريكا) لتوجهات نميري، وما اسمته الخروج على أعراف السياسة الأقليمية. وتجاذبها تياران: تيار أسامة الباز وبطرس غالي الذي رأى أنه قد حان الوقت لانهاء دور نميري بينما التيار الآخر الذي مثله المشير أبو غزالة رأي ضرورة استمرار دعم نميري.
ومعلوم أن نميري غادر السودان لأمريكا يوم 27 مارس 1985 وجاء في أخبار الجمعة 29 مارس أن مباحثات نميري وريجان بواشنطن تبدأ يوم الاثنين أول أبريل وجاء في أخبار 3/ 4 بأن لجنة الشوؤن الخارجية بالكونجرس الأمريكي أقرت إزالة آية عقبات أو شروط تمنع تدفق المساعدات الاقتصادية للسودان. ووصل نميري القاهرة في 6/ 4/ 1985م وفي محادثة حسني مبارك مع سوار الدهب طلب الثاني ابقاءه بمصر.
وفي ديسمبر 1984م، قبل حوالي تسعين يوماً من انتفاضة 26 مارس 1985م تسرب تقرير صادر من المخابرات الأمريكية والذي كان من بين توقعاته: أن القوات المسلحة هي الأداة الوحيدة القادرة على التغيير في السودان. وأن تذمر صغار الضباط قد يؤدي إلى (ثورة) تضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية. ورصد التقرير أسماء عدد من الضباط المرشحين للقيام بانقلاب عسكري. ومن البديهي أنه لم يكن من بين تلك الأسماء (عبد الرحمن سوار الدهب) الذي عينه نميري وزيراً للدفاع في 15 يناير 1985 (وهو ذات التاريخ الذي أوقفت فيه أمريكا امداداتها العسكرية للسودان).
وكان نميري وحلفاؤه من الاسلاميين في ذلك الوقت مشغولين بمسائل أخرى ومنها إعدام محمود محمد طه في 18 يناير 1985، حيث واجه النظام المايوي حملة اعلامية عالمية ضخمة استنكاراً لاعدام (الشيخ) لم يشارك فيها الإعلام الصهيوني بالضرورة للمحافظة على مصالح اسرائيل مع (النظام) وليس نميري وحده.
إننا لا نستطيع تجاوز أثر العوامل الخارجية في التغييرات السياسية الداخلية في كل دول العالم ومنها الدول النامية والتي تظهر أكثر عند التحولات.
ففي 4 مارس 1985 زار جورج بوش الأب (نائب الرئيس الأمريكي ريجان) وهنرى كوهين من قيادة المخابرات المركزية الأمريكية السودان لثلاثة أيام. وتفقد بوش معسكرات النازحين (الجفاف والتصحر) وكانت أمريكا هي الدولة الأولى في العالم التي تقدم مساعدات غذائية للنازحين (عيش ريجان) كما زار أيضاً معسكرات اللاجئين في شرق السودان وسعى لتسهيل خروج ما تبقى من الفلاشا.
واجتمع بوش بمسئولين سودانيين بعد اجتماعه بنميري، كما عقد اجتماعاً مع أساتذة الجامعات، أطلقوا عليهم في جامعة الخرطوم (أولاد بوش) وعقد اجتماعاً مع شخصيات منتقاة بطلب مباشر للسلطات الأمنية (محامين واقتصاديين وغيرهم) مثلما اجتمع مع الصادق المهدي. وناقشت الاجتماعات الأوضاع السياسية والاقتصادية في السودان وانتقد اجتماع أساتذة الجامعات مساندة أمريكا للنظام(!) وتم تسريب يبدو أنه مقصوداً لمحضر اجتماع نميري – بوش ونشر في أكثر من مجلة تصدر خارج السودان. هدفه بيان رغبة أمريكا في (رحيل) نميري مع (المحافظة) على النظام بما يحافظ على المصالح الأمريكية والاسرائيلية.
(وفي التداعيات عند التحولات رفض الثوريون في اجتماع نقابة أساتذة جامعة الخرطوم الاضراب السياسي وأن المظاهرات لن تسقط النظام وأقترحوا مظاهرات محدودة ثم اختفى دفتر محضر الاجتماع بعد نجاح الانتفاضة).
(وفي التداعيات عند التحولات: دعا الصادق المهدي في خطبة الجمعة 5 أبريل إلى مظاهرات محدودة مثلما دعا العسكريين للإطاحة بالنظام..).
وفي الضفة الأخرى، وبعد خطاب نميري الذي اتهم فيه الاسلاميين بالإعداد لمؤامرة للاطاحة بالنظام، سارع الاسلاميون بتكوين مكتب قيادي (تنفيذي) جديد في 10 مارس 1985م تم فيه الابقاء على د. الترابي في المكتب القديم. ودارت مناقشات بين الاسلاميين وفي المكتب الجديد حول التعامل مع الأوضاع المفاجئة وتلخصت خياراتهم في الآتي:
1- إذا قام نميري بتصعيد المواجهة مع الاسلاميين إلى حد (تصفية القيادات) أو (تراجع) عن الشريعة الاسلامية، تتم مواجهته عسكرياً وشعبياً.
2- إذا لم يتم التصعيد حتى التصفية ولم يتم التراجع عن الشريعة يمكن أن تقاوم الحركة بشرط (عدم السماح بانهيار النظام).
3- حركة الضباط في القوات المسلحة من غير القيادة العامة، ترتب للاستيلاء على السلطة وتسليمها للقوى السياسية الأخرى. ولذلك فإنه على الاسلاميين العمل على أن تتم مواجهة نميري من داخل المؤسسة العسكرية باستيلاء القيادة على السلطة.
من ناحية أخرى فقد تكفل مسؤولون في الدولة بحفظ الاسلاميين أو (انقاذهم) ومن دون علمهم لتفادي سقوطهم مع نميري (!) فاصلاً لم تكن هناك أية مشاكل بين نميري والاسلاميين. وكانت أقرب الطرق لافساد علاقة نميري بهم هو تقديم معلومات وتقارير كاذبة، وخداع نميري بأن (الخطر) من الاسلاميين وأنهم يتآمرون عليه للانفرد بالسلطة. فقاموا بضاعة مكيدة عن طريق قيادات أمنية واستخباراتية بتزوير (نشرة داخلية) تشير إلى عقدهم العزم على الاطاحة بنميري. وهذه المعلومات الكاذبة كانت أساس خطاب نميري الذي بثته الإذاعة السودانية عن (المؤامرة) وفي مساء الجمعة 17 مارس 85 جرى اعتقال د. الترابي وفي يوم السبت 18 مارس 1985 صدرت قائمة اعتقال تضمنت أربعة عشر من القيادات الاسلامية لم يكن من بينهم أي عضو في المكتب القيادي الجديد.
إن محاولات نميري لاتباع سياسات جديدة بعد 1983 محلياً واقليمياً، اعتقد خطأ أنها تمنحه رضا الأمريكان، لكن نتائجها جاءت معكوسة ووبالاُ عليه. ومن رأي الأمريكان أنها لا تتوافق في إطارها العام مع التوجهات الأمريكية في المنطقة الأفريقية ومحلياً لأسباب كثيرة أبرزها:-
• تجاوز الحدود المرسومة، ومن ذلك موقفه المنفرد لاسقاط النظام الماركسي في أثيوبيا، والذي أزعج أمريكا وأثار غضبها لاخلاله بترتيبات أمريكية جارية لاسقاط نظام منقستو. وأن هذه المسألة ليست مهمة نميري ولا نظامه.
• أنه أصبح مرفوضاً شعبياً.
• فشله في القضاء على الحزب الشيوعي خلافاً لما يدعي.
• لم يعد على هواها في مسائل أخرى.
ووصفت أمريكا نميري بالديكتاتور الذي يضطهد شعبه منذ 25 مايو 1969م، أي  وصفته بما هو معلوم. فأمريكا قبل ذلك لم تهتم بما حاق بشعب السودان تنكيلاً واضطهاداً، ثم وظفت ذلك التنكيل والاضطهاد بجعله من الذرائع الداعية إلى رحيله. لقد تركته يذهب ( مع بقاء النظام والمحافظة عليه والمحافظة على المصالح الأمريكية).
في الجانب الآخر كان الخطاب الداخلي لسكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني مارس 1985 ومن قبله الموجهات الشفوية (من مطلع فبراير إلى 15 مارس 1985) لقيادة الحزب بالخرطوم على النحو التالي:
– علاقة نميري بالأخوان المسلمين علاقة استراتيجية.
– أن تتم الدعوة لاضرابات محدودة، لا الاضراب السياسي.
– التجمع النقابي تنظيم أمني هدفه اصطياد النقابيين الشيوعيين ثم الشيوعيين ويحظر على العضوية العمل معه أو الانضمام إلى عضويته وتحققت أهداف أمريكا والأخوان المسلمين وقيادة حزب الأمة وقيادة الحزب الشيوعي برحيل نميري والمحافظة على النظام. ونحج الاسلاميون في التسريع باستيلاء القيادة العامة على السلطة، هدف القادة الاسلامية.
*إشارة:*
*هذا هو الجزء السابع من مقال سقوط حكم الفرد القمعي والذي نشر في مارس/أبريل 2014م من تسعة أجزاء ونعيد نشره الأن.*

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.