في ذكرى اعتصام القيادة: الثورة بين محطة اسقاط النظام ومتطلبات التغيير الثورى

#الهدف
#الهدف_آراء_حرة

بقلم: دكتور عبدالخالق أحمد علي

عكست ثورة ديسمبر- ابريل المجيدة روح الحيوية التي يتمتع بها الشعب السوداني الذي تمكن خلال خمسة وخمسون عاما من إسقاط ثلاثة أنظمة ديكتاتورية لكنها (ثورة ديسمبر-ابريل) تميزت عن سابقتيها بأنها أفرزت حالة جديدة من الوعي عبرت من خلال محطاتها التي امتدت زهاء الأربعة أشهر كأطول ثورة في تاريخ السودان الحديث ملتزمة بشعار السلمية في مواجهة بطش النظام وأجهزته القمعية المتعددة التي وقفت عاجزة أمام اتساعها وشمولها لتصبح جزءً من حياة البيوت السودانية في كل قرية ومدينة وتصبح شعاراتها وأهازيجها أغاني يرددها الصغار والكبار داحضة كل دعاوى العنصرية والقبلية والمناطقية، معلية لقيمة الوطن ومسقطة لمشروع التدجين باسم الدين وبالتالي مشروعية الإنقاذ التي فوجئ قادتها بأن الجيل الذي يقود هذه الثورة هو الجيل المسمى بجيل الإنقاذ متناسين عمق القيم وأصالة هذا الشعب وجوهره. ان من أبرز سمات هذه الثورة هو توحدها خلف مركز قيادة موحد ببرنامج يعبر عن أهدافها وتطلعاتها وظهر مستوى الانضباط العالي في الالتزام بتوجيهات مركز القيادة الموحد من خلال منبر تجمع المهنيين الذي نجح في توصيل الخطط الميدانية وصولا الى اعتصام القيادة وإسقاط النظام. ان الآلية التي سقط بها النظام لا تتناسب والعنفوان الذي ميز هذه الثورة التي رسمت مسارها باتجاه الوصول الى الإضراب السياسي والعصيان المدني بما يتيح لها الإمساك بعصا الشرعية الثورية لإزالة وتفكيك بنية النظام وهذا هو الذي جعل اللجنة الأمنية تعجل بإعلان تحركها وفرملة الحراك الثوري بدعوي الانحياز للثورة وافراغ شعاراتها من محتواها والمحافظة على ركائز النظام السابق ومصالح القوى المرتبطة به. إن ما تلا ذلك من أحداث في إبعاد عناصر من اللجنة الأمنية وتشكيل المجلس العسكري ودخوله في مفاوضات مع قوى الحرية والتغيير وصولا الى الوثيقة السياسية والدستورية يعكس موزاين القوى بين المكونين وليس ميزان القوي الحقيقي الذي عصبه الشارع وقواه الثورية.
لذا فان استمرارية الثورة حتى تصل الى غاياتها وتحقق تطلعات وشعارات قواها الحية في الحرية والسلام والعدالة يتطلب أن ترتقي كل مكونات قوى الحرية والتغيير الى مستوى التحديات الماثلة والمخاطر المحدقة بالثورة وأن تعي أن الصراع من أجل تحقيق مصالح ذاتية ضيقة إنما يصب في مصلحة القوى المتربصة بالثورة داخلية كانت أم خارجية وأن الجماهير الثائرة تتطلع الى اليوم الذي تشكل فيه قوى الحرية والتغيير قيادة ثورية حقيقية تعكس من خلال أدائها أحلام وطموحات شباب وشابات هذه الثورة.
وهذا لن يتأتى إلا إذا غيرت هذه القوى من قواعد العمل السياسي وفعلت قاعدة أن الوطن فوق الصراعات ووعت أن نتاج ثلاثين عاما من التدمير الممنهج لا يتيح إمكانية العمل المنفرد لأي طرف وأن البديل هو العمل الجبهوي بأفقه الاستراتيجي والمؤسس على برنامج وطني قادر على أن يتحسس تناقضات الواقع وتعقيداته بكل شفافية وجرأة وبالتالي طرح حلول قادرة أن تؤسس لديمقراطية مستدامة تخدم جميع هذه القوى وتتيح أن تتفتح في بيئة صحية ومعافاة.
ان قوى الحرية والتغيير مطالبة اليوم وبشكل عاجل ان تلتزم مع نفسها أولاً وجماهيرها وشهدائها وأن تعجل:
1 – نشر ثقافة العمل الجبهوي على كل المستويات وصولا الى لجان المقاومة وتوحيد كافة قوى الثورة.
2 – بث روح الطمأنينة في معسكر الثوار بإنجاز محاكمات عادلة لكل من أجرم في حق الشعب السوداني.
3 – الإسراع في تصفية مرتكزات نظام الإنقاذ ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة.
4 – الاعتماد على شباب وشابات الثورة في عملية البناء والنهوض خاصة الاقتصاد فقد أثبت أداؤهم خلال مسار الثورة بأنهم يمتلكون إرادة وعزيمة وقدرات أكثر مما نعي.
5 – اعتماد سياسة المكاشفة والمصارحة مع الشعب وتمليكه الحقائق بكل شفافية وشجاعة.
6 – استكمال الأجهزة الرقابية القادرة على تقويم أداء الجهاز التنفيذي.
7 – على قوى الحرية والتغيير أن تعي ان ظلامات نظام الإنقاذ لم تطل العاصمة فقط إنما امتدت لتشمل كل شبر من أرض الوطن وان شرارة هذه الثورة بدأت في الأقاليم وصولاً الى العاصمة وكانت الأقاليم زادها وسندها لذا فإن الإسراع في تعيين حكام مدنيين في الأقاليم وشمول الإجراءات المتعلقة بتفكيك بنية النظام لتصل الى كل شبر من أرض الوطن.
ختاما يجب على قوى الحرية والتغيير أن ترتقي وتكون بقامة هذا الشعب العظيم وصدىً لما يختلج بدواخلهم فالقيادة العظيمة هي القادرة على أن تحسس آلام الناس ومعاناتهم. والشعوب هي التي تبني نهضتها وتحافظ عليها متى ما كانت جسور الثقة قائمة بينها وبين قادتها.
وما زال في الوقت متسع.
______
#القومة_للسودان
#تحديات_الفترة_الانتقالية
#الالتزام_بالوثيقة_الدستورية
#الوقاية_من_كرونا