الخميس , أبريل 25 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / حميدتي: مفرط الذكاء أم مفرط الغباء؟

حميدتي: مفرط الذكاء أم مفرط الغباء؟

MJH

هناك الكثيرون الذين يعتقدون أن حميدتي رجل خارق الذكاء لمجرد أنه أصبح، فيما يبدو، كما لو أنه في يده الحل والعقد خلال هذه الفترة الانتقالية التي لا تمثل شيئا أكثر من كونها من أنها سوف تُسجل باعتبارها أكبر خيانة من قبل أشخاص تافهين بكل ما تحمل الكلمة من معاني؛ أناس يمكنهم أن يمثلوا أي شيء بخلاف الثورات الشعبية، وعلى وجه الخصوص أكبر وأعظم ثورة شعبية في تاريخ البشرية. هؤلاء الأشخاص أنفسهم يبدون كما لو كانوا غير مقتنعين بهذا الذكاء الذي ينسبون إلى حميدتي. ويمكننا تلمس ذلك في ذهابهم لوصف ذكاء حميدتي المدعى بأنه ذكاء فطري – كذا! أي، في أفضل ما يمكن فهمه أنه يعني أنه ذكاء بدوي وغير متحضر. هؤلاء كثر لدرجة أنه لا مجال لحصرهم. ولكن، في المقابل، يمكن وصف هؤلاء جميعا بأنهم أنفسهم ضعيفو الذكاء، إن لم يكونوا منعدميه! فهذا الذكاء الفطري المفترى عليه كان يمكن قبوله لو أن السياق الذي ظهر فيه كان البادية، بادية تشاد ودارفور التي ترعرع فيها أهلُ حميدتي وعاش هو نفسها فيها طفولته الباكرة إلى مرحلة المراهقة، ذلك فيما يعتقد أكثر المراقبين. ولكن مضت الآن أكثر من عشر سنوات منذ أن غادر حميدتي حياة البادية وركوب الحمير والجمال، وبأكثر من ذلك منذ أن غادر أهله بادية تشاد. هذا بجانب أن إحالة الذكاء الافتراضي هذا يتم بموجب ما انتهى إليه أمر حميدتي في الحضر، بل في حاضرة الحضر، أي الخرطوم، عاصمة البلاد، وليس عندما كان هو وأهله في بادية دارفور وبادية تشاد.
ولكن، في المقابل، هناك قلة ممن مكّنهم ذكاؤهم إلى الحكم بأن ما عليه حال حميدتي ليس فيه من الذكاء ما يمكن التعويل عليه لإنقاذ رقبة هذا الرجل الباطش المسكين من المصير الذي ينتظره، وما قد ينتظر جميع من شايعوه في مسعاه الخاسر المنهزم هذا. ومن هؤلاء الفاضل الجبوري المعروف بتسجيلاته، وبالأخص
في تسجيله الأخير حيث شرح كيف أنه ستتم التضحية بحميدتي إن عاجلا أم آجلا، بالضبط كما حدث لجار النبي صاحب شركة كونكورب الذي تم استغلاله حتى لم يعد به من مُتَحَلّب ثم قُذِف به خارجا بالضبط كما يَقذِف آكلُ التمرة بالنواة.
هنا نجد أنفسنا نتفق مع الجبوري بدرجةٍ ما فيما يقوله عن حميدتي. أول النقاط التي لا نختلف فيها معه هو أن جار النبي قد تم الغدر به، هذا بقدر نختلف فيه معه أن جار النبي قد غادر المسرح دون أن تتلوث يداه بدماء الأبرياء من أهالي دارفور الإصلاح. هذه النقطة أراد أن يعبرها الجبوري كما تعبر الطائرات خارقة السرعة المجال الجوي لأي دولة مستضعفة لا تدري ما اخترق أجواءها. لكني سوف تتجاوز عن هذا باعتبار أن “دش” الكلام لا يمكن مقايسته مكتوب الكلام. ولكن، بجانب هذا. أجدني اختلف معه في جزئية صغيرة، ألا وهي جزئية أن حميدتي رجل ذكي. واختلافي هذا لأني والله لم أشاهد غباءً مثل غباء هذا الحميدتي، ليس منذ أن كان يركب الحمير، بل حتى بعد أن أصبح يركب فارهات السيارات والطائرات، بما أصبح يملك من المليارات من الدولارات، ثم بارتزاقيته، هو وجنوده، لكل من يدفع.
من حيث المنشأ والصدور، نلاحظ أن حميدتي ليس مُنتِجا لوضعيةٍ ما (أي ما كان يمكن أن يعني أنه بالضرورة صانع شروط الانتصار في اللعبة التي ابتدرها)، بل هو مجرد مُنْتَج لوضعيةٍ ما (أي بما يعني أنه مصنوع بما يخدم جهة أخرى هي صانعة شروط الانتصار في اللعبة)، وهذه الوضعية اسمها المختصر هو نظام الإنقاذ المباد. وعليه، هو في أفضل الأحوال متبقيات survivals  لنظام انتهى لانتهاء صلاحيته. وبهذا، سوف يلحق المُنْتَج بمصير المُنْتِج لا محالة، طال الزمن أم قصُر.
في هذا نلاحظ أن حميدتي بدأ حياته كلاعب في معترك السياسة السودانية بوصفه مجرد مقاتل في مليشيا قبلية يقودها موسى هلال زعيم قبيلة المحاميد التي تدعي النسب العربي بدارفور. وقد تصاعد نجمه عندما اختلف موسى هلال مع نظام الخرطوم (ولتلاحظوا استخدامي لمصطلح “نظام الخرطوم”؛ فهو بالضبط ما يشير إليه الفاضل الجبوري، جرّاء عدم وعيه بنظرية الهامش والمركز، باعتبار أن ” نظام الخرطوم” هو الثابت constant في السياسة السودانية، هذا بينما نستخدم ذات المصطلحات لأعني بها سلطة المركز السلطوي في السودان – وآمل أنني لا أحتاج لتكرار مقولاتنا بأنه لا يوجد شيء اسمه “مركز جغرافي”، ذلك بمثلما أنه لا لا يوجد شيء اسمه “هامش جغرافي”، ذلك لأن كليهما مركز سلطوي، الأول إيجابياً بما يعني أنه يستحوذ على السلطة، والثاني سلبياً بما يعني أنه لا يستحوذ على السلطة، ذلك بصرف النظر عن الإحالتين العرقية أو الجغرافية لأيّهما – وهذا يعني أن المركز بكل سلطته ليس ثابتاً، بل هو مجرد متغيِّر variable، هذا في حال تصاعد وعي قوى الهامش السلطوي واتحادها بما يجعلها تتوحّد لتفكيك التهميش). وتكمن النقطة التي يرتكز عليها الحكم بذكاء حميدتي من غبائه في السؤال التالي: لماذا اختلف الزعيم القبلي موسى هلال مع سلطة المركز في الخرطوم وهو – أي موسى هلال – الذي نال من المال والمجد الزائل والقوة العسكرية بمثلما ناله حميدتي وربما أكثر منه؟ هذا هو سؤال المليار دولار!
قبل الإجابة على هذا السؤال، دعونا نقارن ما بين الرجلين: موسى هلال وحميدتي! أولاً، موسى هلال زعيم قبلي سوداني بما يعني أن هناك قبيلة معتبرة يفترض فيها حمايتها له بمثلما يفترض فيه حمايته لها، وبالتالي استعداد أيٌّ منهما للموت من أجل الآخر باعتبار أن ذلك موتا في سبيل شرف القبيلة؛ هذا بينما حميدتي مجرد مغامر ضمن بطن لقبيلة متهمة في أصالة انتمائها للسودان حيث لا يمكن أن يعوّل إلا على أعضاء عائلته الذين، على قلتهم، لا يمكن التعويل عليهم ألوان أمرهم وقلة عددهم، بما يعني أن ولاء جنوده لا يعدو الولاء لأسرة دقلو (وهذا ما يفسر أن أعلى ضباط مليشيا الدعم السريع ينتمون مباشرةً إلى فخذ قبيلة حميدتي – هنا يرى الكثير من المراقبين أنه لا مجال له للاعتماد على النظارة التي سبغها نظام الإنقاذ المباد على عمه)، وبخلاف ذلك فهم، وفق ما يراه أغلب المراقبين، مجرد مرتزقة، ما يعني انفضاضهم الجماعي عنه متى ما عجز عن دفع مرتباتهم وتوفير الوضعية المتميزة التي يستمتعون بها الآن على حساب باقي قطاعات الشعب السوداني. هذا بالضبط ما حاول الأستاذ الفاضل الجبوري تحذير حميدتي منه. ثانيا، توفر لموسى هلال بالضبط ما توفر لحميدتي من حيث المال (مناجم الذهب بجبل عامر) والقوة العسكرية (مليشيا الجنجويد التي يُظنّ من قبل الكثيرين أن أغلبها مستجلب من خارج حدود السودان؛ أي من دول الجوار الغربي، هذا بجانب رضى حكومة الخرطوم تجاه كليهما ودعمها لهما. بالعودة للسؤال السابق من حيث انقلاب موسى هلال ضد حكومة الخرطوم بما جعلها تبحث عن شخص آخر،  لا يمكن أن نقع على أي إجابة مقنعة بخلاف أن موسى هلال قد اكتشف أنه مجرد ترس في ماكينة أكبر منه بما لم يكن يتصوره أو يتخيله، وأنه بهذا الوضع لا يعدو كونه مجرد مُنْتَج وليس مُنْتٍجاً بأيّ حال من الأحوال؛ هذا على عكس حميدتي الذي عجز، أولا، عن الانتباه لهذا المتغير، ثم ثانيا بعد كل هذه التغيرات وسقوط نظام الإنقاذ، لا يزال عاجزا عن إدراك حقيقة أنه لا يعدو كونه مجرد “تمومة جرتق” لحفل زواج مضى عليه الآن ما يقرب من عامين. هذا بالإضافة إلى إدراك موسى هلال أنه هو ومجمل أهله إنما ينتمون لأهالي دارفور (الزُّرقة) بأكثر مما ينتمون لمن كان يظنهم أنهم العرب العاربة التي، بدورها تنظر إليه بالضبط كما ينظر هو ومجمل أهله إلى “زُرقة” دارفور – هذا على عكس حميدتي الذي لا يزال يسوم أهل دارفور “الزرقة” سوء العذاب بطريقة يراها أغلبي المراقبين بأنها تجسد مصطلح “الجنجويد” بأكثر مما جسده موسى هلال. كل هذا بجانب تقاصر وعي حميدتي، من حيث غريزة البقاء بجانب الوعي الوطني (الافتراضي)، عن أن ينتبه إلى هذه المحددات الحاسمة بخصوص حقيقة انتمائه وانتماء مليشيا التي تصبح قاتلة وبساطة في أغلب الأحيان في ظل انعدام الوعي بهذا الوعي بالانتماء إلى أي شيء بخلاف المال “الممحوق”. فإذا أضفنا لهذا الطبيعة الارتزاقية لجنود حميدتي (حسبما يعرفها المراقبون)، يمكننا أن نخلص إلى أن حميدتي في واقع الأمر ليس بهذه القوة التي يتخيلها هو بمثلما يتخيلها من يسعون لتضخيم حجمه (من ذلك العسكريين الذين يتبعون خطى المخلوع البشير حذو النعل وذلك باتخاذهم لقوات الجنجويد حمايةً ومجنّاً لهم مقابل الجيش). حقيقةً ربما تكشف لدى الكثيرين أمر حميدتي وأنه، في واقع الأمر، إنما يرتجف على مدار الساعة خوفا لعميق إحساسه بأنه أضعف من ضعيف، ذلك في الوقت الذي يرتجف منه آخرون من بعض قصيري النظر، عديمي الوطنية! وهنا ترتفع أصوات الكثيرين التي تصرخ قائلةً: يا سادتي هل هناك أجبن وأخوف ممن يحرق قرى الأهالي الآمنين، ثم يقتل الأطفال والعجزة ثم تبلغ به درجة انعدام الرجولة حد أن يغتصب النساء والفتيات؟
وبعد، نخلص من هذا المقال إلى الاتفاق، جزئياً، مع ما قاله الأستاذ الشفاهي الفاضل الجبوري في مجمل ما قاله، ذلك بخلاف جزئية زعمه بذكاء حميدتي الذي يرى الكثير من المراقبين أنه سيحصد، هو ومن اتبع خطاه بجهلٍ، ما هو أمر من طعم الحنظل. هذا ما يعتقده الكثيرون من المراقبين ثم من قطاعات الشعب السوداني بوصف أنه أقل ما ينبغي أن يحيق به، ولا ندامة ولا أسف!

MJH
March, 9, 2020A

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.