الجمعة , مارس 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / رحيلك يا حاجة فتحيه رحيل أجيال

رحيلك يا حاجة فتحيه رحيل أجيال

     انتقلت فجر يوم الجمعة ١٧ يناير ٢٠٢٠ إلى الرفيق الأعلى السيدة فتحية محمد فؤاد شكرى ارملة الدكتور احمد السيد حمد عليهما الرحمة الواسعة و المغفرة.

      قد يبدو الموت وكأنه زائر غريب يطرق أبوابنا فجأة ليخطف أحدنا مع أنه ليس بالوافد وليس بالغريب، فهو يعرفنا بقدر جهلنا به أو تجاهلنا له، ومن منا من لم يشهد موتا أو لم يذق حرقة فقدان صديق أو عزيز ؟ هي ظاهرة لم تستثن أحدا، تحدث فينا صدمة آنية لنتجاهلها بالانخراط مجددا في صخب حياة ابتلعتنا.
      قد لا اجد الكلمات والعبارات التي تساعدني في الكتابة عن الحاجة فتحية، احياناً كثيرة يتوقف الحرف ويرفض القلم الكتابة عن أناس ان أقول في حقهم الكثير لكي يعلمه الجميع، والحاجة فتحية لها الرحمة والمغفرة، واحده من هذه الحالات التي تستعصي المفردات ان توفي حقها.
   لمحتها في اول زيارة لدكتور احمد السيد حمد في نهاية النصف الثاني من الثمانينيات، وتكررت الزيارات لشقتهم العامرة في ميدان لبنان بالمهندسين بعد ذلك، نلمحها وهي ترحب بالضيوف وتقدم ما لذا وطاب من مستلزمات الضيافة وتختفي عن الأنظار، شأنها، شأن نساء بلادي النبيلات.
     مجرد اقامتي في مدينة لندن في ١٩٩٤، كلفني السيد محمد عثمان الميرغني، باستقبال دكتور احمد السيد حمد وبرفقته شريكة حياته الحاجة فتحية، ومرافقتهم في آخر زيارة لهم الي بريطانيا، لإجراء فحوصات طبية للاطمئنان علي صحة دكتور احمد السيد، اذكر ان قلت لمولانا هذا ليس تكليف، بل تشريف، وأن الله قد أكرمني بأن أكون ملازما لهما فترة ثلاثة شهور، حتي عودتهم الي القاهرة، بدأنا رحلة الفحوصات ومقابلة الأطباء ولم تستغرق وقت طويل، وتم تشخيص الحالة الصحية لدكتور احمد السيد، وكان كل ما يحتاجه جلسات للعلاج الطبيعي وفترة نقاهة بعيدا عن اجواء القاهرة في ذلك الوقت، والتي كانت تضج بالعمل السياسي المعارض لنظام الإنقاذ.
   كانت العيادة التي تخصص العلاج الطبيعي، قريبة من الشقة وكنا نذهب راجلين ذهابا وإيابا، ما عدا أيام قليلة كنا نستغل التكاسي في تلك الفترة، بسبب امطار لندن علي قلتها في ذلك الفصل، وبعد جلسة العلاج الطبيعي، كان هناك متسع من الوقت لخلق برنامج ترفيهي وما أكثرها في لندن، وتناول وجبة الغداء في احدي المطاعم العربية المنتشرة في المنطقة المحيطة، هذه ملامح من البرنامج بصورة عامة.
   كانت حاجة فتحية ترافقنا في معظم المشاوير ما عدا جلسات العلاج الطبيعي، يقال إذا أردت ان تعرف إنسان واكتشافه علي سجيته، يكون ذلك في السفر، السكن او ان تكون جاره.
هذه الثلاثة شهور اتاحت لي التعرف علي دكتور احمد السيد حمد وايضاً حاجة فتحية، كان يربطهما حب نبيل والفه وشعور متبادل تغمره المحبة والعشرة الطيبة.
   حاجة فتحية كانت تهتم بأدق تفاصيل حياة دكتورنا العظيم في ملبسه وهذا ما لفت انتباهي، قبل خروجه تختار له ما يناسبه من الشرابات الي ربطة العنق، وكنت أمازح دكتور أحمد عند خروجنا، بهذا الاهتمام والرقه في تعاملهما، وكان يرد علي بأن اسرع في إكمال نصف الدين، عشان تدلع،  احيانا كنا نتمشي لمسافات طويلة في الحدائق العامة علي حسب ارشادات الأطباء، وكنا نترك حاجة فتحية لوحدها في الشقة، ويتوقف في الشارع للاطمئنان عليها من اقرب كابينة اتصال، اشهد ان ما بينهما موده ورحمه، تقدره ويقدرها ويتبادلان الاحترام لبعضهما البعض.
     بعد رحيل دكتور احمد السيد حمد بفترة،وصلتني اخبار بإن الحاجة فتحيه تعاني من اشكاليات صحيه، وأطلقت نداء في احد القروبات الاسفيريه والتي تضم مجموعة من الاتحاديين للوقوف معها وتكريمها دين مستحق لمحبي دكتور احمد السيد ولأسرته، وهم كُثر في بقاع الأرض، وكذلك الحاجة فتحية، فقد ظل بيتهم في السودان وشقتهم في القاهرة مفتوحه لجميع ابناء وبنات السودان لقضاء حوائجهم، كانت الاستجابة سريعة وتكفلت المحامية مني سيد أحمد بمتابعة حالتها، وسافر من لندن الشقيق علي حسين سليمان الخطيب، وسجلوا لها زيارة في بيتها العامر، وتابعوا معها ما تحتاجه من أدوية، وقد تكفل بها كثيرين من محبي هذه الأسرة الكريمة، من داخل السودان وخارجه، لم تكن الحاجة فتحية تحتاج الي ان نحمل هم علاجها ومتابعته، فقد كانت ميسورة الحال وسط أهلها وأحبابها، بل كانت صرخه داخل أفئدتنا ان لا ننسي فضلها علي كل ابناء وبنات السودان، وأن تكون امتداد لرد الجميل، لمن اعطوا ولم يستبقوا شيئا.
     كنت حريص علي زيارتها في كل إجازاتي المتقطعة الي السودان، بصحبة زوجتي هاجر وابنتنا مي وابننا أحمد، نقضي معها ساعات نلاطفها وتلاطفنا بالرغم من معاناتها مع المرض، وفي آخر زيارة سجلنا زيارة لشقيقها والذي يسكن ليس بعيدا عن بيتها، برفقة الشقيق علي حسين سليمان.
  اللهم ارحم الحاجة فتحيه برحمتك الواسعة، اللهم أبدلها دارا خير من دارها واهلا خيرا من أهلها وألهم أهلها وأحبابها الصبر وحسن العزاء
مزمل فزع ( لندن )

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.