الجمعة , مارس 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / قوى الإسلام السياسي: المنطلقات الفكرية بين المراوغة والتوظيف
حزب البعث العربي الاشتراكي (الاصل) قيادة قطر السودان

قوى الإسلام السياسي: المنطلقات الفكرية بين المراوغة والتوظيف

#الهدف
#الهدف_آراء_حرة

بقلم: محمد الأمين أبو زيد

يحاول هذا المقال ومن خلال جهد المقل تقصي العناوين الرئيسية للخطاب الفكري لمجمل قوى الإسلام السياسي على اختلاف منصاتها، تطرفاً واعتدالاً، من خلال عناوين مفتاحية شكلت قواسم مشتركة لهذا الخطاب، رغم التباينات هنا وهناك والتي لم تشكل فوارق نظرية أو معتقدية ذات بال.
شكلت حركة الأخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا عام 1928 الحاضنة الفكرية التي خرجت من عباءتها كل ألوان الطيف الفكري والسياسي لكل تيارات الإسلام السياسي الحركي، وهذه المسلمة ستكون هي جذر المقال بشكل عام.
يناقش هذا المقال من منطلق حواري المفاهيم المشار اليها بضوء الواقع والعصر والتجربة.

*مفهوم الحاكمية لله:
يعتبر مفهوم الحاكمية مفهوم شائك ومعقد جداً ومجرداً ولا يخلو من المراوغة، حتى في نظر دعاته، وهو (السيادة المطلقة لله في الكون حيث لا مشرع إلا الله في الكون) وقد يبدو هذا المنطلق عند النظر إليه خارجياً سليماً وصحيحاً، على الأقل لعوام الناس، ولكن عند الخوض فيه وتشريحه تبدو المفارقة المعاكسة، حيث لا يتعدى المفهوم سوى أنه ظاهرة سياسية خالصة هدفت لتوظيف الدين في الاحتجاج السياسي، نظراً لأنه أقرب إلى قلوب الناس ويثير عاطفتهم برغم من أن جوهر الدين يعلي من قيمة العقل والنظر الفكري.
انطلق أهم منظري تيار الإسلام السياسي، سيد قطب، من رؤية حكم الشرع دون اللجوء إلى تأويلات العقل، حيث يؤسس لمفهوم الحاكمية بأنه (السلطة والتحكم في الناس وتسييرهم وفق المنهج الإلهي في جميع شؤونهم). وعند تفكيك هذا المنهج المزعوم لن تجده سوى تأويلات سياسية لم تحظ حتى بالاتفاق داخل الجماعة نفسها إذ اختلف مع مفهوم قطب كل من حسن الهضيبى والشيخ الغزالي كمرشدين سابقين للجماعة.
قام المفهوم على تفسيرات لآيات عديدة من القرآن الكريم خاصة الآيات 44/45/47 من سورة {المائدة} (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون/الظالمون/الفاسقون). فإذا نظرنا إلى الآيات فإن كلمة الحكم الواردة تعني القضاء وفض النزاعات وليس نظام الحكم، ووردت الآيات في سياق توضيح ما ورد في التوراة والإنجيل من أحكام للتقاضي بينهم.
عند النظر في التاريخ الإسلامي والذي يشكل خلاصة تجربة المسلمين في الحكم وتعاملهم مع قضاياه ومطلوباته لم يحمل هذا التاريخ أي مرتكزات تاريخية لمفهوم الحاكمية الذي يعد حديثاً نسبياً برز مع نشوء حركة الأخوان المسلمين عقابيل انهيار دولة الخلافة العثمانية، وهو لا يعدو سوى تصور نظري يمثل وجهة نظر غير متفق عليها حتى في إطار الجماعة نفسها، سابقاً وحاضراً، وخير دليل على ذلك الاتجاهات الفكرية الجديدة لحركة النهضة التونسية، وحزب العدالة الحاكم في تركيا، وحركة الأخوان في المغرب، وتصورات الترابي المتأخرة بعد المفاصلة في إطار التجربة السودانية؛ فكل هذه التطورات الفكرية اعتمدت على تأسيس فكرة المواطنة كأساس للحقوق والواجبات، وهو ما ينادي به دعاة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وهو بالنتيجة ينسف أحد مرتكزات الجماعة التي تعلي من الانتماء الديني على حساب الانتماء الوطني، ومكمن الخطر في هذه النظرة أنها ستستجيب لفكرة تمزيق النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية للدولة القطرية.

*الإسلام هو الحل:
برز هذا الشعار في منتصف الثمانينات بعد التحالف الذي جمع حزب العمل المصري، ذو الجذور اليسارية الناصرية، مع حركة الأخوان المسلمين وحزب الأحرار الدستوريين لخوض انتخابات مجلس الشعب في ظل نظام مبارك!!!!
لم يكن للشعار مضمون نظري أيدلوجي لبرنامج سياسي لمعالجة معضلات الواقع بقدر ما كان يمثل في جوهره احتكاراً للأيدلوجيا والحقيقة ويؤطر العقول في تنميط عاطفي قصد به الخداع الجماهيرى ليس إلا حيث يمثل ظاهر الشعار مدلولاً لا يمكن الاختلاف معه.
إن إقامة العدل وضمان الحرية من مقومات الشريعة، يرى د.فرج فودة في كتابه (الحقيقة الغايبة) الأشرع بدون محتوى فكري أو سياسي أو اقتصادي، وفي ذات السياق يرى الترابي (أن المشروع الإسلامي نظري لاعلاقة له بالواقع) حلقة 14- شاهد على العصر.
إن شعار الإسلام هو الحل شعار بعيد عن فهم الواقع الموضوعي، وهو أقرب لمقولة سيدنا علي: (كلمة حق أريد بها باطل) حيث لا يتعدى سوى التأسيس لدولة ثيوقراطية يمثل فيها الحاكم ظل الله في الأرض. إن حلول مشكلات الواقع تتطلب اجتهاد نظري وسياسي قائم على معرفة جذور المشكلات وأسبابها وكيفية طرق حلها وهذا اجتهاد بشرى محض ليس له مضمون ديني- أي دين كان.

*القرآن دستور الأمة:
من المبادئ الأساسية لمؤسس جماعة الأخوان المسلمين حسن البنا (الله غايتنا والرسول زعيمنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أغلى أمانينا) يشكل المبدأ من ناحية عامة إطار جاذب ومحبب ولكن بتفكيك المضامين تتضح المفارقة ويظهر الغلاف دون المحتوى..
ليس في القرآن والسنة النبوية ما يشير إلى القرآن دستور، لا ضمناً ولاصراحةً، فالمفاهيم المتعلقة بالدستور والفقه الدستوري ظهرت بظهور الدولة الحديثة..
الدستور هو وثيقة قانون أساسي ناظم للعلاقة بين الحاكم والمحكوم بصفتهما التعاقدية كوكيل وأصيل وهي ضمن ما تحدد أسس اختيار الحاكم وسلطاته وصلاحياته وممارستها وعزله..إلخ (أمين م. إبراهيم سودانايل 28/11/2016) وبالإجمال فإن كل فقهاء القانون الدستوري متوافقون حول رؤية المفكر الفرنسي جان جاك روسو(الدستور عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم)..
والإسلام، كدين، لم تتطرق نصوصه للحكم كنظام، ولا السنة النبوية، وإنما اكتفت بقيم ومبادئ كلية ناظمة للحياة تركت الاجتهادات في تفاصيلها للبشر، حسب مقتضيات الزمان والمكان، وهنا يكمن مفهوم صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان..
إذا نظرنا إلى أقرب تجربة للإسلاميين في السودان مع الدستور يمكن ملاحظة ما مفاده أن التجربة ابتداءً تأسست على انقلاب عسكري، انقلب على الشرعية الدستورية التي كانوا هم جزءاً منها، وقد حكموا من 89-1998 بمراسيم اسموها بالدستورية صادرة من سلطة الانقلاب (مجلس قيادة الثورة) حتى كتابة دستور التوالي سنة 98 بواسطة الترابي وعلي عثمان، حيث لم يشر الدستور من قريب أو من بعيد إلى القرآن أو أي من آياته أو أنه استمد نصوصه من القرآن بل تم انتقاد وثيقة الدستور من السلفيين بأنه دستور علمانى!!
ولاحقاً جاءت وثيقة دستور 2005 بعد اتفاقية السلام الذي كان يؤسس لدولة مدنية تتساوى فيها الحقوق بين كل المواطنين على أساس المواطنة ومعترفاً بالتنوع والتعدد الديني والثقافي، وقد حوى الدستور على أميز وثيقة للحقوق..
نخلص إلى أن شعار القرآن دستور الأمة واحداً من التجليات الشعاراتية خالية المضمون التي قصد بها التعمية وخداع الجماهير..

*الإسلام دين ودولة:
يرى الشيخ علي عبدالرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم (أن الاسلام مجرد دين لا يحمل أي مضمون سياسي) وهذا رأي له مؤيدوه، وهنالك رأي آخر يستند إلى التجربة التاريخية للحكم والتي لا تتعدى في التحليل النهائي لها في مختلف مراحل الدولة إلى أنها تجربة المسلمين في تعاملهم مع قضايا الحكم ولا تمثل رأي الدين الإسلامي..
إن الدولة مفهوم حديث نسبياً (أرض وشعب وسيادة) تستمد مفاهيمها ونظمها من اجتهاد البشر عبر مؤسساتهم التمثيلية والنيابية، وتقوم العلاقة فيها على المواطنة المتساوية والاعتراف بواقع التعدد الديني والثقافي والسياسي.
ثمة نقطة مهمة في إطار التمييز بين الدين، الإسلام كرسالة سماوية وبين اجتهاد المسلمين في عصر من العصور، فمهما كانت جدارة من قاموا به لا يمكن نسبته إلى الدين بأي وجه من الوجوه، لأن الواقع متحرك ومشكلاته متطورة وفقاً للزمان والمكان، وللتدليل على ذلك يمكن النظر في طريقة اختيار الخلفاء الراشدين والتي اختلفت من كل خليفة إلى خلفه فسيدنا (أبو بكر) تم اختياره في اجتماع سقيفة بني ساعدة، أما سيدنا (عمر) فقد أوصى به سيدنا (أبو بكر) بينما اختار سيدنا (عمر) ستة يتم اختيار الخليفة من بينهم، وسيدنا (علي) في عهد خلافته برزت الخلافات التي قادها بنو أمية بعد مقتل سيدنا عثمان إلى أن آلت الخلافة إلى ملك عضوض بين الأمويين والعباسيين… فإذا كانت المسألة محسومة وفق النصوص من القرآن والسنة لحسمها النبي عليه الصلاة والسلام، قبل وفاته بتشريع لا مجال فيه للاختلاف..
خلاصة الأمر أن قوى الإسلام السياسي قد أدخلت نفسها في ورطة فكرية كبرى من خلال محاولة اعطاء تصوراتها السياسية أبعاداً تقديسية جعلت من منطلقاتها رديفاً للدين، شاهرة في وجه خصومها السياسيين والفكريين أسلحة التكفير والردة مثلما حدث في إعدام محمود محمد طه زعيم الحزب الجمهورى في يناير 85 بتهمة الردة والتي اعترف، لاحقاً، من حاكموه (الترابي وحسن مكي) بأن المحاكمة كانت سياسية، بل ذهب د. الترابي إلى أبعد من ذلك بأن اعترف بأن الردة ليست حداً فى الإسلام…
يمكننا القول وباطمئنان بأن كل التصورات الفكرية لتيار الإسلام السياسي بنيت على توهمات وفرضيات مهتزة شكلاً ومضموناً، وعمدت إلى المتاجرة بالدين وتسييسه وتسطيح عقول البسطاء، وقد أثبتت التجربة العملية في تجربة الإسلاميين في السودان، كيف أنهم أسسوا دولة دينها الفساد وديدنها إفساد العباد، وقدموا أسوأ نموذج حكم مر على تاريخ البلاد اتسم بكل الموبقات والخطايا…

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.