الجمعة , أبريل 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / بخصوص تعليق المفاوضات الجارية في جوبا

بخصوص تعليق المفاوضات الجارية في جوبا

محمد جلال أحمد هاشم

نائب رئيس وفد التفاوض عن الكتلة التاريخية

أخشى أن المعلومات المتداولة لدى الكثير من المؤسسات الإعلامية لجانب وسائط التواصل الاجتماعي بخصوص تعليق وفد الكتلة التاريخية للمفاوضات الجارية في جوبا وفي يومها الأول المقرر لها (16 أكتوبر 2019م) غير شاملة ومنقوصة، وذلك في أحسن الافتراضات وذلك لعدم اعتمادها على المعلومات الواردة من الميدان أو لاقتصارها على مصدر واحد. أدناه شهادتي لما جرى داخل مطبخ اتخاذ القرار هنا في جوبا للكتلة التاريخية بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال. بهذ أرجو أن نملك الرأي العام وجهة نظر الكتلة التاريخية بتقديم تفاصيل ما شرحه الرفيق عمار آمون (رئيس وفد التفاوض عن الكتلة التاريخية) في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس بفندق بيراميد بجوبا.

بحكم تواجدنا اليومي مع قيادة الحركة الشعبية منذ أكثر من أسبوعين ظللنا نتابعاللرحلات المكوكية التي قام بها الفريق كباشي لمنطقة جبال النوبة (عضو مجلس السيادة وعضو وفد التفاوض). وهي رحلات ظلت التقارير تفد لقيادة الحركة الشعبية على مدار الساعة خلال الأسبوعين الماضيين. وقد كان موضوع تلك الرحلات تتعلق بممارسة الضغط على النوبة كيما يسمحوا لأبقار المراحيل العرب بالعبور جنوبا من خلال الزراعات. في هذا استخدم الفريق الكباشي مختلف أساليب الضغط والرشاوى، متنقلا من قرية لأخرى.

خلال كل السنوات الماضية، كانت أبقار المراحيل تمر فوق طريق الأسفلت دون اختراق الزراعات. ولم تكن هناك أي احتكاكات. ولكن بعد زيارة الكباشي بدأت الاحتكاكات تعود مرة أخرى، حيث قام الفريق كباشي بدفع عشرات ملايين الجنيهات لشيوخ وعمد النوبة للسماح لأبقار المراحيل بشق طريقها عبر الزراعات مقابل التعويض المادي، وهذا ما رفضه الشيوخ والعمد بشدة. عندها استعان الكباشي بالجيش مستخدما عدد (2) طائرة هليكوبتر، بجانب متحركات وآليات من الجيش، لحماية المراحيل وأبقارهم أثناء عبورهم للزراعات. كان رد الفعل المتوقع هو لجوء أهالي الزراعات لاستخدام القوة حمايةً لزراعاتهم، علما بأنهم في غالبيتهم العظمى إن لم يكونوا جميعا أعضاء في الحركة الشعبية وكذلك في الجيش الشعبي. هنا ظلت قيادة الحركة الشعبية تقوم بتوجيه أهالي الزراعات المتأثرة بتفويت المسألة وعدم التعرض للمراحيل أو لأبقارهم. ولكن كان هناك ضابط في الجيش الشعبي بجانب شيخ قرية بعينها، ثم جنود في الجيش الشعبي، قد رفضوا اقتحام أبقار المراحيل لزراعاتهم. وقد قامت قوات الحكومة بفتح نيرانها عليهم وقتل الضابط وشيخ القرية، بجانب جرح الجندي الذي يتلقى العلاج حاليا في أحد المستشفيات بالأراضي المحررة. في ذلك الوقت كانت أبقار المراحيل قد عبرت المنطقة وتجاوزتها لمناطق أخرى وانتهى الأمر على هذا.

ولكن الشيء الغريب هو تقدم عدد 25 تاتشر من مليشيات الدعم السريع بكامل جنودها وعتادها للتمركز في خور ورل (المعبر الرئيسي ما بين الجبال الشرقية والجبال الغربية وهو نفس المعبر الذي سلكته قطعان أبقار المراحيل وتجاوزته جنوبا عبر الزراعات)، ومن ثم قامت هذه القوة بنصب كمين لمجموعة من التجار القادمين من عمق المناطق المحررة أو متجهين إليها وهم يمتطون الدراجات البخارية. هنا قامت تلك القوة بإلقاء القبض عليهم وعددهم 16 تاجرا ومصادر جميع ممتلكاتهم وبضائعهم. لاحقا قامت القوة بإطلاق سراح 3 منهم بينما لا يزال مصير البقية مجهولا. وفوق كل هذا قامت مليشيات الدعم السريع باحتلال هذا الموقع الذي يقع داخل دائرة الأراضي المحررة بما يعني انتشارا احتلاليا لمواقع جديدة لم تكن تخضع لنظام الخرطوم. فإذا وضعنا في الاعتبار التوقيت لهذا الهجوم والدور الذي لعبه الفريق كباشي (ابن المنطقة وعض المجلس السيادي ثم عضو وفد التفاوض)، عندها لا يحتاج المرء لكبير ذكاء ليستنتج أن وراء الأكمة من وراءها.

هذه المعلومات ظلت تترى لقيادة الحركة الشعبية ونحن حضور بينهم لأننا بحكم عضويتنا في وفد التفاوض كنا جزءا من طاقم القيادة في الحركة الشعبية وسمعنا وتابعنا التقارير الواردة من المنطقة.

هناك جهات إعلامية تحاول تصوير الأمر على أنه نتج جرّاء رفض النوبة لعبور المراحيل جنوبا لا حمايةً منهم لزراعاتهم، بل تحديا للاتفاقات القائمة مسبقا. وهذا تحريف وتشويه بجانب أنه اختلاق لقصص وهمية. فعلا كان هذا قد حدث قبل أعوام عديدة منذ اندلاع الحرب وفيها رفض النوبة مرور المراحيل عبر زراعاتهم وضرورة إلزامهم أن يسلكوا الممرات المحددة لهم. ثم عند اندلاع الحرب في 2011م لم يعد في مقدور المراحيل العبور بقطعانهم من خلال قرى وزراعات النوبة كونها أصبحت ميدانا للحرب. فماذا كان يفعل المراحيل بأبقارهم؟ كانوا يعبرون فوق شارع الإسفلت في توجههم جنوبا ولم يكن النوبة يتعرضون لهم كما لم يكن المراحيل يتعرضون للنوبة، محافظين على الأواصر التاريخية بينهم. وفي الحقيقة لم يحدث أي احتكاك بين النوبة والمراحيل، أكانوا من أهلنا الحوازمة أو المسيرية أو خلافهم وإلا كانت هناك جهات حكومية تقف خلف تلك الفتن. في هذا الصدد ظللنا نتابع سيل التقارير الوافدة من المنطقة لقيادة الحركة الشعبية في أديس ثم هنا في جوبا وكذلك المرسلة من هنا لقياداتهم الميدانية على الأرض وكلها كانت تتعلق بالتساؤل التالي: ماذا يريد المراحيل هذه المرة؟ إنهم يريدون العبور من خلال الزراعات الخاصة بالنوبة. وبالطبع لا يمكن منع الحيوان من الاعتلاف متى ما كان ذل متاحا بصر النظر عم إذا كان هذ العلف زراع أم حشائش. وهنا تحدث الفتنة: فالمزارعون يعملون على طرد القطعان رفضا منهم للتعدي عل زراعاتهم، بينما الرعيان لا يقبلون في المقابل بالتعدي على قطعانهم. وبالاستفسار عمّا جدّ، أشارت التقارير الوافدة من المنطقة إلى الدور الذي لعب الفريق كباشي في تحريض المراحيل للعبور فوق زراعات النوبة مقابل ضمان عدم تعرض النوبة لقطعان المراحيل كونه سوف يقوم بتعويضهم مادياً. فماذا كان موقف الأشخاص والإدارات الأهلية بالمنطقية؟ كان الرفض التام والتوعد بالمقاومة حتى لو اقتضى الأمر استدعاء الجيش الشعبي. فماذا كان رأي قيادة الجيش الشعبي – ونحن هنا شهود عيان؟ كان رأيها أن يتحمل النوبة الخسارة وقبول الأموال التي قدمها لهم ابن جبال النوبة الفريق كباشي وذلك كتعويض، ثم تفويتاً لخطته في إشعال فتيل الفتنة بين النوبة والمراحيل بصورة عامة أكانوا من أهلنا الحوازمة أو المسيرية أو خلافهم، مشددين على أن المراحيل هم أهل للنوبة وللمنطقة بجانب انهم أيضا لديهم شباب يقاتلون في صفوف الجيش الشعبي ويتقلدون مناصب عليا في الحركة الشعبية. كما كانت التوجيهات الصادرة من القيادة تشدد على ضرورة تفويت الفرصة على المجلس العسكري واللجنة الأمنية ومليشيات الدعم السريع المتخفية داخل ما يعرف بمجلس السيادة الانتقالي، ذلك أملا في تحقيق السلام إذا ما كانت الحكومة الانتقالية ترغب فعلا في تحقيق السلام. وقد لاحظ فريقنا التفاوضي بكل حسرة وألم ضع وقلة تمثيل الحكومة المدنية الانتقالية في وفد الخرطوم، فالحضور أغلبهم من الجيش ومليشي الدع السريع والأمن ومن أعلى الرتب (وزير الدفاع ومدى جهاز الأمن وقيادة مليشيا الدعم السريع إلخ) كما لو كنا فعلا نفاوض دولة الإنقاذ عبر منهجها العسكري الأمني.

بالعودة لحادثة خور ورل، الكثيرون لا يعرفون لكم من الزمن استمر هذا الاعتداء والمناوشات. فالحقيقة أنها ظلت مستمرة لما يزيد على العشرة أيام باعتبار يوم الأمس 16 أكتوبر لأنها بدأت ونحن بأديس واستمرت إلى ما قبل يومين هنا في جوبا. فماذا حدث على الأرض؟ انصاعت المجموعات المتأثرة بجبال النوبة لقرار قيادتها وكظمت غيظها وهي ترى أبقار المراحيل تعتلف زراعاتها إلى أن عبرت هذه الأبقار قراها، بما في ذلك فتح القوات الحكومية النار على المزارعين وقتل شيخ قرية وأحد منسوبي الجيش الشعبي وجرح آخرين. إلى هنا والأمور كلها تسير حسب خطة قيادة الحركة الشعبية وحكمتها. فما الذي جدّ؟ الذي جدّ هو أنه بعد عبور أبقار المراحيل للمنطقة عبر الزراعات جاءت قوة من مليشيا الدعم السريع قوامها عدد 35 تاتشر محملة بالجنود والعتاد وقامت باحتلال خور ورل (المعبر ما بين الجبال الشرقية والجبال الغربية) ومن ثم احتلت الموقع نفسه. ثم لاحقا قامت باعتقال عدد 16 تاجر يمتطون دراجاتهم البخارية بصرف النظر أكانوا قادمين من الأراضي المحررة أو كان بعضهم قادما من أراضي الحكومة، فاعتقلتهم وصادرت أملاكهم ودراجاتهم البخارية. وكما ذكرنا، فيما بعد، قامت مليشيات الدعم السريع بإطلاق سراح 3 من التجار المقبوض عليهم، بينما لا يُعلم مصير التجار ال 13 الآخرين.

هذه هي القصة كما عشناها لحظة بلحظة.

وطبعا الباقي كله معلوم ومبذول في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي. فقد قررت الحركة الشعبية الانسحاب من المفاوضات في يومها الأول وهو ما اتفقت عليه كلمة الكتلة التاريخية. وأصدرت الحركة الشعبية بيانها بتاريخ 16 أكتوبر 2019م مطالبةً بأن تعلن الحكومة الانتقالية وقف إطلاق النار والعدائيات مقابل قرار الحركة الشعبية الذي أصدرته بهذا الخصوص منذ أشهر من طرف واحد. ثم إطلاق سراح المقبوض عليهم وتسليمهم جميع ممتلكاتهم وثالثا التحقيق في مقتل الشيخ ومنسوب الجيش الشعبي على يد القوات المسلحة السودانية، ورابعا وأخيرا الانسحاب من خور ورل. حتى الآن تم في الإعلام نشر بيان منسوب للفريق برهان رئيس المجلس السيادي وهو، باعتبار الوثيقة التي اطلعت عليها قيادة الحركة الشعبية عبر فريق الوساطة، وهو عبارة عن بيان في ورقة A4 عادية وغير مختومة وبلا أي ترويسة للمجلس السيادي، هذا بجانب أن تداول خبر هذ البيان في وسائل الإعلام غير منسوب لوكالة سونا. وقد نقلت قيادة الحركة الشعبية تحفظاتها هذه للوساطة التي نقلته بدورها لفريق التفاوض التابع لحكومة الخرطوم الانتقالية. كما لم يصدر أي شيء حتى الآن بخصوص المطالب الأخرى. وها هو اليوم الثاني المقرر لانعقاد جلسات التفاوض دون أن تلتئم أي جلسة بين وفد حكومة الخرطوم ووفد الكتلة التاريخية الذي تقوده الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال.

Juba 17 October 2017

 

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.