الجمعة , مارس 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك  عن تشكيلة حكومته الإنتقالية التي تضم 20 وزيرا

أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك  عن تشكيلة حكومته الإنتقالية التي تضم 20 وزيرا

 وهي أول حكومة مدنية تشكل في مرحلة ما بعد عمر البشير الذي بدأت جلسات محاكمته بتهم الفساد واعترف بتلقيه ملايين الدولارات من دول الخليج.

وجاءت الحكومة بعد اتفاق مشاركة السلطة الذي عقده المجلس العسكري الانتقالي في 17 آب (أغسطس) أي بعد أربعة أشهر من التظاهرات المستمرة التي لم يشهد السودان مثلها في تاريخه وأدت إلى تحرك الجيش للسيطرة على السلطة واعتقال البشير الذي حكم السودان منذ عام 1989. ويعد الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والجيش حجر أساس في طريق التحول للتعددية والمشاركة السودانية ولو تم تطبيقه وسمح للحكومة الانتقالية القيام بمهمتها حتى موعد الانتخابات فإن مسار السودان الجديد الذي حلم به المتظاهرون سيتأكد وسيكون البلد نموذجا للدول الأخرى في محيطه المضطرب الذي تعاني إما من حروب أهلية أو أنظمة ديكتاتورية أو تعتبر دولا فاشلة.

تحديات

إلا أن التحديات أمام الحكومة الانتقالية لحمدوك ضخمة ونابعة أولا وأخيرا من الجنرالات الذين احتكروا السلطة لمدة ثلاثة عقود ولن يشاركوا السلطة بسهولة في وقت ترث فيه الإدارة الجديدة اقتصادا يعاني من ضائقة شديدة.

ومن هنا يبدو أهمية الدور الذي تلعبه الأطراف الخارجية التي رأت مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل بتقرير لها الشهر الماضي أن عليها لعب دور الضامن للاتفاق، خاصة الاتحاد الافريقي الذي سارع بعد تشكيل الحكومة لإلغاء تعليق عضوية السودان بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة. ومن أجل مساعدة الحكومة الانتقالية على تطبيق الجدول الزمني الموكلة به يجب على الدول الغربية ودول الخليج منح المساعدات المشروطة باحترام الجنرالات الاتفاق من الناحية المبدئية والعملية.

وتعد الحكومة الانتقالية تتويجا لتظاهرات بدأت في منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2018 مطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية ثم خرجت من عطبرة مركز أول احتجاج لتشمل السودان ووصلت العاصمة، الخرطوم. ومن هنا فالإنجاز السوداني كبير ليس لأن المتظاهرين أنهوا حكم البشير بل لوقوفهم أمام خطط ومناورات العسكر الذين حاولوا التأكد من استمرارية النظام الذي صنعه البشير على مدى ثلاثين عاما.  ومع ذلك فالمخاطر أمام السودان لا تزال قائمة، ذلك أن العسكر وافقوا على الاتفاق وبالتالي المجلس السيادي ثم الحكومة بعد ضغوط خارجية من الولايات المتحدة والاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وبيده لو أراد أن يعرقل العملية الانتقالية بما فيها من تحديات للحكومة المدنية. وعليه فقد لا تعجب تصريحات حمدوك حول ضرورة وقف الانفاق العسكري ووقف الحروب وتحقيق السلم الأهلي، الجيش الذي استفاد طوال فترة حكم البشير من المنافع الاقتصادية التي منحها لقادته. وراكم الجنرال ثروات ضخمة ليس عبر الميزانيات المبالغ فيها للدفاع ولكن من خلال احتكار قطاعات الذهب وإرسال الجنود السودانيين للقتال كمرتزقة في حروب الدول الأخرى. وهو ما تقدمه سيرة نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان (حميدتي) دقلو الذي أشرف على إرسال عشرات الآلاف من المقاتلين السودانيين للمشاركة في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. ولهذا يمقت الجيش فكرة الرقابة المدنية على هذين القطاعين ولم يتردد باستخدام القوة المفرطة في 3 حزيران (يونيو) عندما فضت قوات الدعم السريع التابعة لدقلو المعتصمين من أمام القيادة العامة وقتلت وجرحت المئات.

تمرد

وفي الوقت الذي أكد فيه حمدوك على ضرورة التحاور مع الجماعات التي لم توافق على اتفاق التشارك في السلطة، خاصة قادة التمرد في دار فور والنيل الأزرق وجنوب كردفان نظرا لعدم تمثيلهم بشكل كاف في مشاورات الاتفاق وتبعياته إلا أن ضمهم إلى العملية السياسية مفيد للمرحلة السياسية الحالية، خاصة أن العسكر حاولوا التواصل مع عدد من قادة هذه الجماعات وتوصلوا لاتفاقات منفصلة معهم خارج الاتفاق مع المدنيين بشكل يضعف من سلطة الحكومة المدنية. كما واتصلت الرياض وأبو ظبي مع بعض القادة مثلما فعلت مصر التي استقبلت عددا من قادتهم.

ولأن الجيش سيحاول تطبيق اسلوب “فرق تسد” للحفاظ على مكتسباته حتى بعد موافقته على حكومة مدنية فإن هذه لا تستطيع استبعاد الجماعات التي تمثل مناطق محرومة وظل مصدرا للتمرد والقلاقل طوال فترة البشير، خاصة دار فور التي قتل فيها مئات الآلاف من المدنيين.

ويواجه حمدوك تحديا أخر يتمثل في تحالف المعارضة الذي قاد المفاوضات مع العسكر، فعناصره ليسوا مجربين ولم يستطيعوا بناء رؤية موحدة أثناء المفاوضات. وهؤلاء اليوم أمام مسؤولية تاريخية، فالسودانيون العاديون هم من أوصلوا البلاد إلى هذا المنعطف التاريخي وعلى الحكومة المدنية بتشكيلتها التي ضمت أربع نساء أن يحققوا أحلام الثورة، خاصة أن الكثير من الدول الخارجية ترى في السودان مساحة لتحقيقها طموحاتها بعد تحول منطقة القرن الافريقي لساحة نزاع بين دول الخليج الطامحة للحصول على عقود وبناء هيمنة ونقل خلافاتها الداخلية إلى المنطقة. ولأن السودان مصنف ومنذ سنوات على قائمة الدول الراعية للإرهاب فالحكومة الحالية تحتاج لأن تقود مفاوضات مع واشنطن لشطب البلد من القائمة حتى يستطيع اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية وتحقيق التقدم المنشود.

دروس من مصر

وتظل المخاطر قائمة من عودة الثورة المضادة على الطريقة المصرية، فقد استطاع الجيش بعد عامين من الثورة التي أطاحت بحسني مبارك الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي وتشكيل أسوأ نظام قمعي تشهده مصر في تاريخها. لكل هذا حاول المتظاهرون في السودان التأكيد على طبيعة الفرق بين الظرف السوداني والمصري. ويرى باحثان في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (4/9/2019) أهمية استفادة السودان والجزائر التي لا تزال تشهد احتجاجات اسبوعية مطالبة برحيل “السلطة” من الدرس المصري.

وقالت ثريا الريس ونيل كيتشلي إن نجاح الثورة في إنشاء نظام ديمقراطي لا يعني استمرار المتظاهرين في الشوارع. فمنذ السبعينات من القرن الماضي كان المتظاهرون يواصلون اعتصامهم حتى بعد رحيل الديكتاتور. وساعد هذا في دول مثل البرتغال وجنوب افريقيا على تعزيز النظام السياسي الديمقراطي الجديد والضغط على النخبة الحاكمة ألا تتراجع عن وعودها.

واقترح بعض المراقبين على السودانيين عمل نفس الشيء. ولكن هل التظاهرات هي الجواب؟ وهناك من يشك في حيوية التظاهرات في دول مثل مصر، وأشار الكاتبان إلى ما كتبه علاء عبد الفتاح، أحد ناشطي الثورة المصرية الذي رأى أن قوى المعارضة تحتاج بعد الثورة لفهم طبيعة النظام السياسي في البلاد عندما تقرر التظاهر والاحتجاج.

ويعلق الكاتبان أن التظاهر هو سلاح فعال ولكنه قد يكون سلاحا ذو حدين. فنتائج البحث الذي قاما به يقترح، خاصة في الحالة المصرية، أن البقاء في الشوارع يؤدي إلى تنفير الرأي العام ويضعف دعمه للديمقراطية.

فبعد رحيل مبارك، شهدت مصر موجة غير مسبوقة من التظاهرات حيث نظم الناشطون ونقابات العمال حوالي 5.000 احتجاج في العام الأول على رحيله ولم تكن كلها محل إجماع. وشهدت الفترة نفسها احتجاجات ضد الاحتجاجات التي اشتكى فيها أصحاب المصالح من أن المتظاهرين باتوا يؤثرون على أعمالهم. وأجرى معهد غالوب في صيف عام 2011 دراسة مسحية كشفت أن التظاهرات المضادة للاحتجاجات ليست جيدة للبلاد كما قال المشاركون. وكشف الباحثان في دراساتهما أن السكان الذين كانوا يعيشون في المناطق التي تشهد دائما احتجاجات مستمرة ربطوها بالتهديد الاقتصادي والقيادة غير الحازمة وعدم الاستقرار. إضافة إلى أن الصحافة المصرية المحافظة عادة ما تهجمت على المتظاهرين واعتبرتهم مصدرا للفوضى وعدم الاستقرار.

وبعيدا عن مواقف المحافظين إلا أن البيانات المتوفرة عن تلك الفترة تظهر أن استمرار التظاهر أثر على مواقف السكان من الديمقراطية، خاصة أن الاحتجاجات عطلت الحياة اليومية – حركة السير والمدارس والمستشفيات والأعمال. ووجد الباحثان أن الشك في الديمقراطية وفعاليتها كان واضحا في المناطق التي استمرت فيها الاحتجاجات لمدة طويلة من مصر. واعتبرت مواقفهم صورة عن الطريقة التي ستقود فيها الحكومة الديمقراطية البلاد. ويرى الكاتبان أن شعور الناس بالخيبة من الديمقراطية قد يفتح الباب أمام الثورة المضادة لإثارة الحنين بين السكان للنظام الذي سقط ودفعهم للمقارنة بين وضع الفوضى “الديمقراطية” الحالي والاستقرار الذي حققه النظام الديكتاتوري. وفي الحالة السودانية يمنح اتفاق التشارك في السلطة الرموز من العهد السابق الفرصة للتجمع والعودة من جديد. ولهذا يجب على قادة المتظاهرين فهم الحساسيات العامة والرد على مطالبهم بأن لا تمس التظاهرات إن استمرت حياتهم. وفي الحالة الجزائرية فالوضع مختلف لأن قادة الجيش لا يزالون في سدة الحكم. ولهذا لم تتوقف التظاهرات، إلا أن البيانات الأولية التي جمعها معهد بروكينغز تكشف عن أن قطاعات من الجزائريين بدأت تشعر بالتعب من استمرارها. وقالت نسبة 40 في المئة من غير المحتجين إن هناك حاجة لوقف التظاهرات والتحضير للانتخابات، وفقط نسبة 18 في المئة وافقت على ضرورة استمرارها. صحيح أن الحالتين الجزائرية والسودانية مختلفة عن المصرية لكن ما يجمع الثلاث هو عدم وجود قوة معارضة متماسكة أمام قوة الجيش. وفي غياب المعارضة الموحدة فإن تظاهرات غير منسقة وغير ضرورية قد تؤثر على الدعم للديمقراطية.

أخبار زائفة

وهناك خطر آخر نابع من أننا نعيش في زمن التواصل الاجتماعي والأخبار المزيفة، فمنابر التواصل باتت الوسيلة المفضلة للأنظمة الديكتاتورية من أجل التحكم بالجماهير من الصين وروسيا إلى العالم العربي. ومن هنا تبدو أهمية ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” (5/9/2019) وبناء على تحقيق لشركة فيسبوك عن قيام شركة مصرية وأخرى إماراتية بمحاولات تلميع المجلس العسكري الانتقالي السوداني وتصوير المتظاهرين بالتهديد وسبب الفوضى. وبدأت الشركة المصرية وبعد أيام من مذبحة الجيش للمتظاهرين السلميين في الخرطوم بحملة لدعم الحكام العسكريين السودانيين، وكشفت ان الشركة يديرها ضابط مصري سابق يقدم نفسه على أنه خبير في “حروب الإنترنت” دفع لكل عامل جنده 180 دولارا في الشهر لنشر رسائل مؤيدة للنظام العسكري الجديد في السودان ومن خلال استخدام أسماء مزيفة على صفحات فيسبوك وتويتر وانستغرام وتلغرام. وكشفت الصحيفة أن الجهد المصري لدعم الحكام العسكريين في السودان هذا الصيف جاء عبر شركة في القاهرة اسمها “نيو ويفز” (الأمواج الجديدة) وهي جزء من حملة واسعة طالت أشخاصا في تسع دول شرق أوسطية وفي شمال افريقيا حسب فيسبوك. وتم فضح العملية في 1 آب (أغسطس) عندما أعلن فيسبوك أنه أغلق مئات الحسابات التي تديرها شركة “نيو ويفز” وشركة إماراتية لها اسم يشبه الشركة المصرية. وعملت الشركتان معا واستخدمتا المال والخداع والحسابات المزيفة من أجل التأثير على جمهور من 14 مليون على فيسبوك وكذا آلاف على انستغرام.  لم يستغرب النشطاء السودانيون الذين لاحظوا زيادة في المنشورات المؤيدة للنظام العسكري على منابر التواصل الحملة. وقالت فيسبوك إن الشركة المصرية والإماراتية عملتا معا من أجل إدارة 361 حسابا وصفحات كانت تصل إلى 13.7 مليون شخص. وأنفقتا 167.000 دولار كي تروجان لهويات مزيفة ومن أجل التغطية على عملهما الحقيقي. ودعمت المنشورات أمير الحرب الليبي خليفة حفتر الذي يعتمد في حربه ضد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس على كل من الإمارات ومصر. ودعمت المنشورات كذلك الدور الذي تقوم به الإمارات في المنطقة وهاجمت قطر. كما واحتوت الرسائل الأخرى عن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن ودعم استقلال صومالي لاند- وهي منطقة مهمة للإمارات في عملية التنافس على العقود في منطقة القرن الافريقي.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.