شئ من حتى
د. صديق تاور كافى
كأنما قدر أهل السودان أن تكبر أوجاعهم فى المحطات التاريخية الكبيرة، التى نحتاج فيها لحنكة الكبار و حكمتهم و تجربتهم و بعد نظرهم. رحل شيخ المناضلين السودانيين الأستاذ على محمود حسنين، كالبرق، فى لحظات تشرئب فيها الأنفس و تتطلع الأعين لسودان ما بعد الإنقاذ، خالصا مبرءا من شوائب العهد المباد، منطلقا نحو المجد بثقة و ثبات. و هى معركة ليست بأقل صعوبة من معركة إسقاط البشير و منظومته المتاجرة بالدين بلا أخلاق.
* فى ذات المنعطف قبل أربعة عقود فجع السودانيون و هم يتأهبون لإسقاط دكتاتورية جعفر نميرى المتحالفة مع ذات تجار الدين، فجعوا بالموت يختطف منهم المناضل الشريف حسين الهندى، أحد أركان المعارضة القوية وقتها. و قد كان لرحيل الشريف حسين عليه الرحمة، و غيابه عن مسرح الأحداث، بعد إنتفاضة أبريل ١٩٨٥م، إنعكاس مباشر على مسار العملية السياسية بمجملها، من خلال الآداء المضطرب للتيار الإتحادى فى فترة الديموقراطية الثالثة.
* الأستاذ على محمود حسنين المحامى، من القادة الوطنيين النادرين ممن يدرون ماذا يريدون. رجل مبدئى و صاحب مبدأ، و مناضل من طراز الأقوياء. حجز موقعه باكرا فى صفوف القادة الوطنيين، من خلال نضاله ضد تزييف الوعى و تغييب العقول و الإرادة، بتصديه لسياسة توظيف الولاء الطائفى من أجل الكسب السياسى. و أيضا من خلال دفاعه المستميت ضد الدكتاتوريات و الإستبداد.
* ظل شيخ المناضلين حاضرا بجهده و إجتهاده فى كل المنابر و السوح النضالية، رافضا للظلم فاضحا للظلمة و الطغاة، مناديا بالحرية للشعب. و قد دفع فى سبيل ذلك من عمره و حريته الشخصية، ثمنا ليس بالهين، ما بين السجون و المنافى و المضايقات، خاصة فى عهد تجار الدين الأبالسة.
* عاد على محمود للسودان من منفاه الإختيارى، بعد سقوط عمر البشير و نظامه، ليسهم فى وضع أسس الإنتقال السياسى لنظام مدنى ديمقراطى، يؤدى للإستقرار و التقدم. و قد كان حضوره في ميدان الإعتصام ألقا و بريقا و إضافة.
و لكن الأقدار و إرادة الخالق سبحانه وتعالى فوق أمانى البشر. نسأل الله له القبول الحسن مع الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا. إنا لله وإنا إليه راجعون.