الخميس , أبريل 18 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / حول التلجلج تجاه جنجويد مليشيا الدعم السريع او الترحيب بالتدخل السعودي الاماراتي المصري

حول التلجلج تجاه جنجويد مليشيا الدعم السريع او الترحيب بالتدخل السعودي الاماراتي المصري

محمد جلال أحمد هاشم
جاء في الأساليب، منقولة من صفحة أحدهم في الفيسبوك الاقتباس أدناه محالة إلى ياسر عرمان: “قوة الثورة يمتد تاريخها بثلاثين عام تغير فيها جلد الإنقاذ وتغيرت فيها مكونات قوي الثورة وهي التي قامت بثورة ديسمبر، إما التغيير فهو يضم قوي جديدة أعرض من قوى الثورة مثلا: القوات المسلحة والدعم السريع ساهموا في تغيير النظام القديم واعتقلوا رأس النظام وأتباعه وبذا أصبحوا جزء [جزءاً] من قوى التغيير” (انتهى الاقتباس). أ
دناه سوف نقوم بالتعقيب على الكلام أعلاه، صحت النسبة إليه أم لم تصح، فنحن إنما نرد على مفاصل الاحتجاج الوارد فيما نُسب اليه. أما إذا صدقت إحالة هذه الإفادة لياسر عرمان، فعندها لا نملك إلا أن نشعر بالأسف الشديد! ذلك أنه يصبح من الصعب الأقرب إلى المستحيل لأي وطني أن يقفز فوق الحقائق التي لا تزال ماثلة للعيان والذاكرة. بخصوص الجيش فليس هناك من يغالط بأنه لم يتحرك إلى أن قامت جماهير الثورة بمحاصرته في عقر داره، على العكس من تجربتي أكتوبر 1964م وابريل 1985م حيث قام الجيش بالانحياز للثورة. ورغم هذا الانحياز، تمت سرقة الثورتين. أما في حالتنا المعاشة، فلا زلنا في مرحلة الإنقاذ (2) التي يمثلها المجلس العسكري. وهو الذي يقف الآن كحجر عثرة أمام أحداث التغيير الثوري المطلوب. فكيف يكون شريكا في التغيير وهو يثبت يوما بعد الآخر انه يعمل لكلتا يديه رقدميه للمحافظة على بنية نظام الإنقاذ بما جعله يستحق بجدارة تسمية الثوار له باسم الإنقاذ (2)؟ ثم هل قامت هذه الثورة فقط لاعتقال رموز النظام، مثل البشير ونافع وخلافهما؟ ماذا عن مؤسسات الإنقاذ وعن جيوش الفساد وقوانين الإنقاذ؟ أولم يسمع بهتاف الثوار: “سقطت مرة وتسقط تاني وتالت ورابع”؟ أم أنه لم يسمع بهتافهم الذي جسَّد يأسهم من هذا المجلس: “سقطت ما سقطت، صابنها! حتى لو سقطت صابنها”؟ ما معنى هذا؟ انه يعني أن سقوط هذا المجلس العسكري (وهو أمر حتمي)، لن يكون نهاية القصة. فهناك التغيير الحقيقي وإزالة آثار الإنقاذ وتفكيك دولته تماما. وكل هذا لم يتحقق بعد، ولا يزال الجيش، ممثلا في المجلس العسكري، بعيدا بعد الفرقدين من أن يوصف بأنه قد أصبح شريكا في التغيير.

أما بخصوص ما نُسب إلى ياسر عرمان بخصوص الدعم السريع وكيف أنه قد أصبح أيضا شريكا في التغيير، مثله كمثل الجيش ممثلا في المجلس العسكري، فنقول تعقيبا عليه ما يلي: هناك حقائق يصعب القفز فوقها عند تناول أي دور للقوات المسماة بالدعم السريع. ولكن قبل الخوض في أمر هذه النقاط،نشير إلى معلومة خاطئة يعلمها كل من كان حول القيادة منذ يوم 6 ابريل إلى ما قبل تنحية البشير. هذه الحقيقة هي شروع قوة من جهاز الأمن وجنجويد الدعم السريع في الهجوم على المتظاهرين الأمر الذي جعل قوة يقودها بعض ضغار ضباط الجيش للتصدي لهم. لقد التقى حميدتي بأحد قيادات تجمع المهنيين بعد إطلاق سراحهم من المعتقل صبيحة الإطاحة بالرئيس المخلوع. وعندما نطق ذلك القيادي بجملة “الرئيس المخلوع”، قاطعه حميدتي رافضا لها وقال ما معناه “مخلوع عندكم، لكن عندي لسع ما مخلوع”. كم كشف في ذلك اللقاء القصير عن عدم وطنيته وعنصريته عندما خاطب القيادي بتجمع المهنيين قائلاً بأنه قد جاب بين صفوف المعتصمين وهناك ما أثار قلقه الشديد، ألا وهو تزايد عدد “الزُّرقة” بين المعتصمين. فهل مثل هذا يمكن أن يكون شريكا في الثورة والتغيير؟
جانبا عن كل هذا، هناك حقائق على الأرض تتعلق بمليشيا الدعم السريع الجنجويدية، لا يمكن أن يُقبل من أي شخص الحديث عن شراكتها في التغيير دون مواجهتها وإصدار موقف حكمي فيها. ويمكن تلخيص هذه النقاط في الاتي:
1) حقيقة أن قوات الدعم السريع قد تطورت من مليشيات الجنجويد الإثنية ضمن ما نعرفه جميعا عن أزمة دارفور.

2) ارتكبت المليشيات الإثنية في دارفور (ومن ضمنها جنجويد مليشيا الدعم السريع) جرائم ضد الإنسانية تمثلت في حرق القرى والتنزيح القسري للسكان وإحلال المجموعات الإثنية المنتمية لهذه المليشيات في قرى المنزَّحين، هذا بجانب القتل المجاني للمدنيين وبطريقة روتينية وغير ضرورية بغرض الاستيلاء على ممتلكاتهم الشخصية، وأحيانا لإظهار القوة، ثم ارتكاب جرائم الاغتصاب للفتيات والنساء بطريقة ممنهجة.

3) تتفوق مليشيا الدعم السريع على باقي المليشيات الجنجويدية الإثنية في دارفور في مجال الجرائم المشار إليها أعلاه في ان عملياتها تمددت إلى خارج دارفور. وقد ارتكبت ذات الفظائع والجرائم في مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق. هذا بجانب نشر قواتها في كل أقاليم السودان بما في ذلك العاصمة، بل داخل القيادة العامة، فتصوروا!

4) الجميع يعلم أن هذه القوات بكل عتادها تمثل جيشا موازيا للقوات المسلحة بما يعني أنها تهدم أسس الدولة الحديثة حيث لا يجوز أن يكون هناك جيش موازٍ للقوات المسلحة. ويعني هذا بالنسبة للثورة الشعبية ضرورة تصحيح هذا الوضع مهما كانت الكلفة. فالحركات الإسلامية، وبحكم عدم إيمانها بمؤسسة الدولة الوطنية، تقوم بتدمير مؤسسات الدولة الوطنية السلطوية الواحدة بعد الأخرى، ذلك بإنشاء موسسات موازية لها بغية إضعافها. فالبوليس ينشئون له الشرطة الشعبية والأمن ينشئون له الأمن الشعبي أما الجيش (وهو اقواها)، ينشئون له قوات الدفاع الشعبي والمليشيات. وهذا يعني شيئا جد خطير، ألا وهو أن الموافقة على وجود أي مليشيا (دع عنك ان تكون ذات أساس إثني)، لا يعني شيئا أكثر من الموافقة على تدمير مؤسسات الدولة، أي السير في نفس الخط غير الوطني لنظام الإنقاذ الإسلامي.

5) الجميع يعلم أن قائد قوات الدعم السريع (المدعو محمد حمدان دقلو والملقب بحميدتي) هو شخص جاهل وغير متعلم وبالكاد يمكن أن يفك الخط. وفي الحقيقة لا يُعلم له أي قدر من التعليم بخلاف ما أرغمه عليه جهاز الأمن قبل سنوات قليلة حيث الزموه بتلقى دروس في الكتابة والقراءة. وليس لنا مأخذ عليه كونه غير متعلم. إلا أن القوانين العسكرية في السودان لا تسمح الآن لشخص بهذا المستوى التعليمي تحت الصفر أن يُقبل كجندي نفر، دع عنك ان يُقبل كضابط. وعليه، المداومة على ترقيته إلى أن وصل لرتبة اللواء ثم الفريق ليست سوى فوضى لم يشهد لها السودان مثيلا منذ الاستقلال. هذا بجانب ما يشكله هذا من إذلال للجيش و”مرمطة”. ولهذا يصبح من الصعب الأقرب للمستحيل أن يفهم الثوار، دع عنك ان يقبلوا، بأن يأتي المجلس العسكري الذي تمخضت عنه ثورة الشعب وهو يضم بين أعضائه نفس هذا الحميدتي، بل ويقوم بترقيته لرتبة الفريق أول (خلوة). فهذا ليس فقط إذلالا للجيش، بل خيانة له. وما يشكل خيانة للجيش، هو بالضرورة خيانة للوطن. هذا دون التعرض للفوضى ضاربة الأطناب المتمثلة في احتكاره لمنجم ذهب خاص به وباسرته، ثم بعد كل هذا تجرَّأ وهدد الشعب بأنه لا مكان للفوضى بعد الآن، بينما يمثل وجوده هو نفسه وأسرته وجنجويده أكبر فوضى تمر على السودان منذ الاستقلال.

6) كذلك الجميع يعلم أن جنجويد مليشيا الدعم السريع تقف على قيادتها عائلة “دقلو”، وهي، فيما يُعلم عنها بالضرورة، أسرة تشادية دخلت إلى السودان ما بين عامي 1994م – 1998م. وهذا ضمن الفوضى العارمة التي ألمَّت بدارفور جرّاء سياسيات دولة الإنقاذ غير الوطنية التي سعت، ونجحت في ذلك إلى مدى كبير، في تغيير الخريطة الديموقرافية للإقليم بحيث يتم طرد أهل البلد من ذوي الأصول الأفريقية (الزُّرقة) لصالح مجموعات ثقافية مستعربة (العرب)، حتى لو أدى ذلك إلى استقدام الأخيرين من دول الجوار الغربي لدرجة ان هناك أناسا دخلوا دارفور بجوازات سفر أجنبية، فإذا بهم يتقلدون مناصب المحافظين والوزراء الإقليميين. كما يعلم الجميع بأن غالبية مجندي مليشيا الدعم السريع الجنجويدية قد تم استقدامها كأجانب، بالضبط كأفراد أسرة “دقلو”. فهل هناك عار وطني أكثر من هذا؟ وهل يمكن لأي ثوري أصيل أن يقبل بهذا باعتبار أنه أمر واقع؟
فالثورة لا تساوم! وإذا ساومت، انفتح الباب عريضاً أمام الثورة المضادة! وعلي المساومين بخصوص مليشيا الدعم السريع الجنجويدية بحجة الكلفة العالية لتفكيك هذه المليشيا أن يعلموا بان هذه الكلفة سوف تزيد وتتضاعف كلما تأخّرنا في مواجهتها. انك لا تقتل التنين بالالتفاف حوله، بل بمواجهته! فمحور ثلاثي الشر (السعودية والإمارات ومصر) سوف يقومون بتقوية هذه المليشيا ولو بمدها بالمدرعات والدبابات وحتى الطائرات، وهو ما أُشيع مؤخرا. فهم لديهم مصلحة في وجودها كونها تحارب بالوكالة عنهم في حرب اليمن غير العادلة التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل!

وبعد، بذكر ثلاثي محور الشر (السعودية والإمارات ومصر)، على قوى الثورة أن تعلم بأن دوائر التهميش عندما اكتملت عبر انبراش دولة الإنقاذ لعرب البترول وغير البترول، إذا بالسودان كله، بأفارقته المستعربين وأفارقته غير المستعربين، قد تم تهميشه للمركز العربي الكبير. وهذا يؤكد ما ظللنا نردده بأن التهميش لا هو عرقي ولا هو جغرافي، بل هو تهميش سلطوي، وأن جميع السودانيين، الأفارقة المستعربين والأفارقة غير المستعربين، يعانون من التهميش المزدوج (التهميش التنموي والتهميش الاجتماعي)، وان من لا يكتشف تهميشه سوف يقع ضحية في حبائل المركز فيختزله في العرق أو الجغرافيا أو كليهما. ودونما إطالة في هذا الخصوص ها نحن أولاء قد صرنا هامشا للعرب العاربة، يديرون أمورنا، ويحددون مصيرنا، ثم فوق هذا وذاك، ها نحن نحتل عندهم خانة العبيد الذين يتم تجنيدهم لخوض الحروب بالنيابة عن سادتهم. وليتنا كنا مشكورين على هذا! فكل شيء بثمنه! وبما أن قيمة العبد يستلمها النخَّاس دون العبد، فها هو مجلس النخاسين قد استلم السعر وهو محمي بمليشيا جنجويدية لها سوابق يندى لها الجبين في مجال تقتيل وترويع الآمنين.

فهل هناك عار وطني أكبر من هذا!
وهل تصبح هذه الثورة ثورةً شعبيةً حقيقية إذا كان يمكن استغلالها وتمرير هذه المؤامرة الدنيئة عبرها؟

في الدولة الوطنية تجوز التحالفات فيما بين الدول، لكن طالما كانت هناك استقلاليةIndependency  وطالما كانت هناك سيادة Sovereignty، فهناك إذن توجد روح الأمة بكل ما تشتمل عليه هذه الروح من أزمات مخاضية صعبة وقاسية. ولكنها سوف تستمر في التخلف والتشكل إلى أن تتمكن هذه الأمة من تحقيق ذاتها عبر تحقيق الرفاهية لمواطنيها بوصفهم متساويي الحقوق، ثم بتكريس استقلاليتها وسيادتها. ولكن تبدأ روح الأمة في الانتكاس بما يعني أن تنأى بالشعب مرافئ الاستقلالية والسيادة عندما تقوم قوة خارجية بإدخال يدها في الشئون الداخلية حلاً منها لأزمة خانقة، وإتماما منها لمهمة عاجلة ترى أنها تحقق مصلحتها اولا ثم مصلحة البلد المعني ثانيا. بمجرد حدوث التدخل الخارجي، فهذا يعني أن سيادة البلاد واستقلاليتها (أساس الدولة الوطنية) قد أصبحتا في المحك. فالعراق،مثلا، لم ولن تستقيم له حال قريبا بسبب التدخل الأجنبي وتخليصهم من حكم صدام حسين إذ طال بهم العهد وهم يحاولون فيما بدا للبعض أنه غير أمر غير ممكن؛ وكذلك ليبيا، على سبيل المثال، لم ولن يستقيم لها حال لزمن طويل بسبب التدخل الخارجي الذي قام بتخليصهم من حكم القذافي. لماذا نذهب خارج الحدود لضرب الأمثال؟ فنحن في السودان، وبالرغم من أطروحة على عبد اللطيف العظيمة لبناء دولة وطنية سودانية تقوم على مساواة جميع المواطنين، فقد ظللنا نعاني ولا نزال من حالة التراوح داخل الدائرة الشريرة (حكم طائفي ديموقراطي يعقبه حكم ديكتاتوري عسكري … وهكذا دواليك) بسبب التدخل الخارجي الذي قام بتخليصنا من حكم دولة المهدية الدينية الطائفية بقيادة رجل جاهل هو عبدالله التعايشي التي كانت بالفعل دولة متخلفة بقرون عن روح ذلك العصر في عدم مراعاتها لأي حقوق للمواطن كونها لم تكن دولة مواطنة. وهكذا لا زلنا نعاني إلى يومنا هذا من مرض عضال اسمه الطائفية بكل ما يتبعها من عقلية خرافية وهوس ديني الخ. وهذا ما استدعى تطوير خطاب السودان الجديد الداعي لتحرير السودان من رِبْقة هذه الايديولوجيا.
ولكنا حققنا تقدما كبيرا تمثل في تفجير ثورتين شعبيتين بطريقة سلمية، ثم الان بتفجيرنا لأول ثورة شعبية في تاريخ الاسلام والمسلمين منذ قرون تخرج في سمت سلمي ضد دولة دينية تحكم بموجب الحق الالهي والشريعة الإسلامية. من المؤكد اننا لا يزال أمامنا طريق طويل لنمشيه حتى نتمكن من تحرير السودان تماما من وبال الطائفية والعقلية الدينية الهوسية، وصولا إلى دولة المواطنة التي تستمد كل سلطاتها من الشعب كما لا تفرق بين المواطنين على أساس العرق أو الدين أو الوضعية الاجتماعية الاقتصادية.
إلا أن إجهاض جميع هذا سوف يتحدث إذا ما سمحنا لأي قوي خارجية بأن تقوم بترتيب الأوضاع لنا، بما يعني أن كلا استقلاليتنا وسيادتنا قد تتأثرا سلبا وربما ثُلمتا أرنبة الإحساس الجمعي الوطني بالعزة والكرامة. وليس أدل على هذا من أن دولا تنتمي لمرحلة ما قبل الدولة الوطنية (السعودية والامارات)، حيث لا يوجد لديها أي مفهوم للمواطن أو الشعب، كما لا تعرف حتى الآن شيئا اسمه الانتخابات، واحدة منهما (السعودية) تتسمي باسم أسرة، والأخرى فاقدة للهوية لدرجة ان يتسمى رعايا الشيوخ فيها بمسمي شكل الدولة (الإمارات)؛ دول لعبنا، نحن الشعب السوداني دورا كبيرا في بنائها وتعليمها، فما بلغت شيئا ولن تبلغه لو نفد عندها البترول – كيف يجوز لدول كهذه أن تحدد مصيرنا، نحن مهد الحضارات ومهد اول مؤسسة دولة في تاريخ البشرية؟

ورب سائل كيف امكن لنا أن نسقط من حالق الحضارة إلى درك التبعية الأسفل حتى يُغرَّرُ بالأعراب حالبي الشاة، المستحمِّين بأبوالها وأبوال الإبل بعد الارتواء منها حدَّ أن يتوهموا أنهم في مقدورهم التحكم في اقدارنا كما يتحكمون في أقدار رعاياهم سيئ الحظ الذين شاء لهم قدرُهم أن يتسلط عليهم هولاء بالسوط والسيف وأحيانا بالمناشير الكهربائية؟ كيف امكن هذا؟ طبعا بالايديولوجيا الإسلاموعروبية التي تقوم بتزييف الوعي لدى ضحاياها، واول هولاء الضحايا هما الثقافتان العربية والإسلامية السمحتان. فالايديولوجيا ليست سوى إبليس الثقافة، إذ تسممها وتزيِّف الوعي. وهذا يكشف لنا خطورة الخلايا النشطة والنائمة للايديولوجيا الإسلاموعروبية وكيف أن آخر مراحل تآمرها ضد الشعب السوداني هو تهميش كل الشعب للعرب العاربة. وهنا تتهتك عنها ستور النفاق والمداهنة لتكشف عن حقيقة انتمائهم جميعا للمركز الإسلاموعروبي الذي يعمل على تهميش كل الشعب له واستتباعه أولا ريثما يقوم لاحقا بتهميشه واستتباعه للمركز العربي الكبير. وما من أمة تم تهميشه واستتباعها إلا وكان ذلك على حساب استقلاليتها وسيادتها.

وبعد؛ نخلص إلى الآتي بلا مواربة أو مداهنة
اولا، علامة الثورة المضادة الأولى هي القبول بالجيش ممثلا في هذا المجلس العسكري الحالي تحت قيادة عبد الفتاح برهان بأن يكون شريكا في التغيير الثوري. فهذا المجلس ليس سوى اللجنة الأمنية التي كانت تخطط وتهندس قمع المتظاهرين وضربهم بطريقة “دقّ العيش”واانتهاك حرمات المنازل ثم توجيه الرصاص في صدور الثوار.

ثانيا، علامة الثورة المضادة الثانية هي القبول بمليشيا جنجويد الدعم السريع كلاعب مشارك في المرحلة الانتقالية، دون العمل على تفكيكها ومحاسبة قياداتها وكذلك المسئولين عن تشكيلها، وذلك ردا للمظالم واحقاقا للحق والعدل. فهذا أو هي الخيانة الوطنية، ولا كرامة لدينا لأي مكانة شخصية أو وطنية أو مؤسسية إذا ما وقعت في الحمى وشرعت في التبرير لهذا العار الذي ينبغي العمل فورا لمحوه وإزالة آثاره المدمرة.

ثالثا، لا ينبغي للثورة والثوار إذا ما أرادوا أن يستحقوا هذا المسمى بأن يسمحوا لأي حلول أو ترتيبات قادمة من خارج الحدود وخاصةً من محور الشر الثلالثي (السعودية والإمارات ومصر). فهذا الخط يسير في تضاد تام مع خط الاستقلالية والسيادة، وبهذا يدخل باحة الخيانة الوطنية. ولا كرامة لدينا لأي مكانة شخصية أو وطنية أو مؤسسية إذا ما وقعت في الحمي وشرعت في التبرير لعار التدخل الخارجي كونه يصل درجة الخيانة الوطنية.

رابعا وأخيرا، وعودا على بدءٍ، نأمل ألا  تكون تلك الافادة المقتبسة والمحالة إلى ياسر عرمان حقيقية. إذ ليس أقسى على التحمل لدى آفاق النضال من تنكب البعض لقيم النضال والعمل كمناضل مضاد.

MJH
الخرطوم 11 مايو 2019م

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.