الجمعة , أبريل 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الثورة السودانية الثالثة ✒الطيب محمد جاده

الثورة السودانية الثالثة ✒الطيب محمد جاده

هل يتفق ابناء السودان من اجل تحقيق اهداف الثورة الثالثة ؟ ما شروط الاتفاق للعبور إلى الدولة المدنية وتحقيق النهضة المنشودة؟ وهل تسير الثورة بهذا الاتجاه؟ هل تبعث المؤشرات والمعطيات على التفاؤل أم التشاؤم؟ هل توجد خارطة طريق واضحة لانتصار الثورة ؟ وهل يجوز الاستمرار في خداع الناس بالشعارات والوعود الحالمة؟ فشلت كل الاحزاب السياسية في السودان على مدى ثلاثة عقود في تعبئة الشعب وقيادته لإحداث التغيير المنشود، فبدأ الشعب طريق التغيير لوحده بعد ان ضاقت به سبل العيش ولكن سرعان ما تبنت بعض الاحزاب حراك الشراع وفرضت نفسها علي الساحة . بدأت الثورة في شكل احتجاجات في مدينة عطبرة “مدينة الحديد والنار” بمطالب محدودة فحولها تحسين الحالة المعيشية لكن سرعان ما تحولت إلى ثورة تطالب بإسقاط النظام ورفعت شعار تسقط بس ، واي كوز ندوسو دوس ما بنخاف ، واكتشف الشعب قوته الكامنة وواجه النظام بإقدام واقتدار وذكاء وتكاتف وتجرد .صحيح أن التغيير أصبح ضروريا وحتميا بحكم تردي الأوضاع وحجم الظلم والفساد والاستبداد، وصحيح أيضا أن كسر حاجز الخوف وانتزاع حرية التعبير والتظاهر مكاسب كبيرة ومقدرة، ولكن الحقيقة المرة أن ثورة بلا قيادة وطنية تهمها مصلحة الوطن قد تسقط نظاما ولكنها لا تقيم دولة ولا تحقق نهضة، ومن يظن أن أحزابا متناحرة ومهووسة بالسلطة وبمكاسبها الحزبية -ولو على حساب المصلحة الوطنية- يمكن أن تحقق أهداف الثورة فهو واهم. فجل هذه الأحزاب تفتقر إلى الديمقراطية والشفافية في إدارة شؤونها وغير مبرأة من الانتهازية والإقصاء والنرجسية والتنطع والدكتاتورية وتقديم الطاعة والولاء على الكفاءة والعطاء. فلا عمل مؤسسيا ولا تداول على السلطة ولا حق اختلاف ولا وضوح في المبادئ والصلاحيات والمسؤوليات، وإنما حلقة مفرغة من التكالب والصراع المحموم على السلطة كلما ظهر فيها فراغ أو ضعف يتبعه خضوع للفئة المتغلبة الساعية للتشبث والاستئثار بالسلطة وتدويرها وربما توريثها وهكذا كان حال الشعب . لقد لجأت الشعب مكرهة إلى خيار الثورة بلا رأس، بسبب بطش النظام وفشل المعارضة. فالشعب لم يجد أمامه قيادات وطنية يمكن أن يلتف حولها، قيادات يثق في كفاءتها وتجردها للوطن وتقديمها للمصلحة الوطنية. ولكن التغيير المطلوب في السودان ضخم ومعقد جدا ويواجه تركة وتراكمات ثقيلة وأوضاعا معقدة وأطرافا فاعلة ومتغلغلة، وتعلق عليه مطالب وآمال كبيرة حملتها أجيال ناضلت وضحت من أجله على مدى ثلاثين عام . لقد أحدث حكم الكيزان دمارا شاملا وعميقا في السياسة والاقتصاد وفي النفوس والعقول، فخلت حياة الناس من أي غاية أو رسالة وفقدوا بوصلتهم واهتزت ثقتهم . إن الثورة لا تقوم لمجرد إسقاط النظام أو لانتزاع حرية التعبير أو لتمكين هذا الحزب أو ذاك من السلطة أو لتصريف الأعمال، ولكن لاستنهاض الشعب وإحداث ثورة في العقول والنفوس وتخليصها من رواسب الاستبداد والفساد وتحصين البلاد ضد الاستبداد والفساد والمحسوبية ، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال توعية المواطنين . إن تحقيق أهداف الثورة وآمال الشعب والتعاطي مع التركة الثقيلة والأوضاع المعقدة ومواجهة القوى الطامعة والمتآمرة علي افشال قيام الدولة المدنية في السودان مهمة ضخمة لن تنجزها المليونيات والاعتصامات ، بل تحتاج إلى قوة عظيمة قوامها شعب معبأ حول مشروع وطني طموح وملتف حول قيادة وطنية متجردة قريبة من الناس حريصة عليهم وتشعر بآلامهم وحاجاتهم وغير مهووسة بالسلطة والمناصب ، تقدر على تحريك الشارع واتخاذ القرارات الجريئة وتقدم المصلحة الوطنية في كل خياراتها . إن نجاح الثورة يعني النجاح في إعادة بناء الإنسان والمجتمع من خلال تثبيت علاقة تفاعلية إيجابية بين الأفراد والأوضاع يترتب عنها نهوض دون سقف. والمواطن بوعيه ويقظته وانخراطه في الشأن العام هو حجر الزاوية في عملية النهوض وهو جهاز مناعة الثورة وصمام أمان المجتمع ، وكل ثورة لا تستند إلى ذلك تضعف حظوظها في النجاح وإن انتصرت لن يصمد بناء يقام على أسس هشة. إن من أعظم إنجازات الثورة أنها فتحت الباب أمام الشعب  ليتحرر من رواسب الاستبداد والتخلف ويفرز قيادات وطنية متجردة ويشكل تيار وطنيا جامعا يحمل رسالة إنسانية ومشروعا وطنيا، فتتحقق أهداف الثورة وتتحقق النهضة المنشودة ولو بعد حين . دولة مدنية هي الخيار .

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.