الجمعة , مارس 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الخطوط الحمراء …

الخطوط الحمراء …

     إن من يعتقد بأن الثورة السودانية تفجرت لإسقاط نظام (البشير) ومنسوبيه فقط ، فهو واهم ولم يقرأ العبر والدروس ، وسوف نتركه يتفكر ويتدبر فاتحاً فاه ، يسمع ويرى ، إن ثورتنا ليست لإسقاط نظام (البشير) بل هي : من أجل إسقاط الجهل ، والخوف ، والظلم الذي عشعش فوق عقول الكثير من أبناء الوطن ، وثورتنا من أجل إسقاط القبلية ، والجهوية التي تشرعنت وولجت الدواوين الحكومية حتى امست شرطاً أساسياً للعمل بها ، ثورتنا من أجل إسقاط الأصنام التى يركع لها مجموعة من الأرزقية أو المطبلين أو المغيبين الذين خدعوهم بعباءة الدين ، وإستأسدوا بالثروة والسلطة وأنفردوا يقذفون الجميع بالعمالة والتخوين ، ولم يتركوا لأبناء الوطن فرصة للتحسين ، فكانت  النتيجة تكميم أفواه الشباب الأشاوس وتقييدهم بسلاسل الخوف ، وقتل الثقة في أنفسهم ، فأصبحوا مجرد أشباح لا تعرف معني العدالة والتغيير .
    ثورتنا من أجل إسقاط  التقديس والتطبيل ،
وترسيخ معني التساوي والتسامي فوق الصغائر ؛ فما خرجت فلذات اكبادنا الأماجد الميامين من منازلهم وهم يحملون الوطن في حدقات عيونهم عبثاً ، ولا توشحوا برداء الحرية الفضفاض سهواً ، ولا حملوا اكفانهم على أياديهم هلعاً ، بل هبوا يستقبلون أزيز الرصاص المتطاير فرحاً ، وما تأخروا عن الموعد أو اللقاء ضعفاً ، خرجوا بصدورهم الموشحة بالثبات ؛ ليسطرها التاريخ وتحكي حكاية لأطفالنا في الأيام القادمات قبل النوم نرويها لهم بإفتتاحيتها الجميلة التي أنشدها الوطن بنساءه ورجاله ، بسهوله وجباله ، بصخوره وحجاره ، بنيله وامطاره (تسقط بس) حضارة وإنتماء ، ثبات في الدروب الوعرة ، وشموخ وعزة وكبرياء في المسالك الخطرة .

   كتبت الافتتاحيه أعلاه حتى يعلم القارئ الكريم بأن الثورة السودانية التي نحن بين ظهرانيها  ليس مقصدها إسقاط النظام فقط بقيادة فرعونه ومنسوبيه الذين سيسقطون تباعاً ؛ فلا نريد ان نكرس لإعادة إنتاج نظامٍ مشوه شاهدناه في الثورات والانتفاضات السابقات ، فقد تغلفت بغلاف التقديس والتشخيص ، وإنحسرت داخل ساحات التطبيل لأشخاص وأفراد هووا بالوطن في جبٍ سحيق ، وهذا ما نحسبه إعادة لماضي يرتدي ثوب الحاضر ، وقد بدأت فعلاً هالة من الجهل تغطي كثيراً من العقول ، وبدأ الشباب والكبار يرددون نفس الكلمات بمبدا التضخيم والتطبيل للأشخاص ، ويضعون خطوطاً حمراء لسياسيين وثوار خارج منظومة الارض فرسموا خيالاً لمناضلين لم يشتموا رائحة البمبان ولم تسمع اذانهم صوت الرصاص ، وهو يحصد أبناء جلدتهم ، ولم تصطادهم سياط الجلاد ، ولم تدهسهم ابوات العسعس سحلاً ورفساً ومن ثم ترميهم داخل التاتشرات القمعية ، كانوا مجرد كومبارس ومشجعين خارج أرض الملعب ، ورغم ذلك غرد لهم بعض المرضى والموهمين بانهم خطوطاً حمراء !!!
     يا هؤلاء الخطوط الحمراء هم : شهداءنا الأبرار الميامين الذي اختاروا الخطوط الأمامية وصعدت أرواحهم الي بارئها ، واصابع اياديهم مرفوعة الي عنان السماء بعلامة النصر والظفر ، الخطوط الحمراء تسابقت ارواحها الي السماء بعد أن نالت الصبر والثبات .
     الخطوط الحمراء سادتي هم الشباب الذين يختبؤون من الكاميرات والميديا ، وهم ممسكين على جمر الشوارع الملتهبة يصارعون الكجر والعسعس في الأزقة ، وخلف البنايات ، وعيونهم تكاد تتوهج من الإحمرار ؛ غضباً وحزناً على تراب الوطن ، أما عدا ذلك فلا توجد خطوطً حمراء ، إلا اذا كنتم تريدوننا أن نعود لماضٍ قد تولى وإِنحسر ، وأن نركع ونسجد من جديد لأشخاص هلامية ، وزعاماتٍ وطوائف دينية ، ونمنحهم فروض الطاعة والولاء ، وبذلك نكون قد تناسينا هدير الشوارع ، ودماء الشهداء الذين اقسموا على دك حصون الطغاة ، وآمنوا بوطن يتساوى فيه الجميع بلا محاباة أو دهنسة ، منحوت على بواباته الحرية قبل الطعام ، ومكتوب على بناياته المساواة في كل إقتسام .
      فلا تهدموا ثورة الوعي والاستنارة بصناعة أصنام جديدة لنعبدها ، فمن كان يعبد محمد (ص)  فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، بهذه الكلمات قضى الأمر الذي في تختلفون .
     الثورة التي نحلم بها هي ثورة أفكار وعقول ، وليست ثورة أشخاص وظهور ، الثورة التي لا تحترم النقد والرأي الآخر ثورة مبتورة ، والثورة التي ترتكز على الأشخاص والأسماء ثورة مقهورة ، والثورة التي لا تحترم التقويم والتصحيح ثورة غير منصورة ، ونحمد الله ان الثورة تجذرت في أعماق الشعب السوداني حتى مست العصب ، وعصفت بكبرياء وكرامة المواطن السوداني حتى جعلته يخرج من صمته في كل موقع ومكان ، وهو غير عابيء بالإعلام والمواقع الاسفيرية والصور ، والبوسترات المنتشره ، فقد شاهد بأم عينه وسمع بإذنيه ، وفهم بعقله أن لا مناص سوي “تسقط بس” ؛ فهي الملاذ والملجأ ، والذين لديهم آلهة يعبدونها ويظنون أنها صاحبة الفضل في هذا الحراك الشعبي نقول لهم كما قلنا سابقاً “كده بالواضح ما بالدس” : تباً لك ولآلهتكم .

  خلاصة :
       قصة محاولة إغتيال الكاتب الكبير (نجيب محفوظ) واعترافات (محمد ناجي) مُنفذ العملية والتفاصيل المؤلمة، قائلًا: “عندما خرج من منزله ليُقابل صديقه وجدت الفرصة سانحة لأنال شرف تنفيذ شرع الله في نجيب محفوظ ، وتقدّمت نحوه وأخرجت مطواة قرن الغزال من تحت ملابسي وطعنته في رقبته طعنة قاتلة”، وقد أكد في عدة مقابلات معه أنه لم (يقرأ أي رواية للنجيب )، وأوضح أنه حاول قتله تنفيذًا لفتوى عمر عبد الرحمن ، مفتى الجماعة الإسلامية آنذاك ، بإهدار دمه لاتهامه بالكفر وارتداده عن الإسلام بسبب رواية “أولاد حارتنا”، وأكمل حديثه لقد غادرت الموقع الجريمة ، وقد نسيت أن أقول الله أُكبر أثناء الطعن ، فقمت بالتكبير في سري .

      وهذا ما درجت عليه المشاريع الإسلاموية البغيضة التي تضحى بالمغيبين من الشباب من أجل فكرة مبنية على مصالح حياتية يموت بسببها آلاف من الأبرياء بحجة إعلاء راية الإسلام ، والإسلام بريء منهم  برآءة الذئب من دم أبن يعقوب .
   المرتكزات العقائدية جلها ، التى تستمد تشريعاتها وقوانينها من القوة والبطش وعدم إحترام الرأي الآخر هي عقائد شيطانية ، لقوله تعالي (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران …

  

Ghalib Tayfour.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.