الجمعة , أبريل 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / حوار مع الكوز الذي في رأسه ريشة

حوار مع الكوز الذي في رأسه ريشة

بقلم : عبدالله رزق أبوسيمازه
من اين جاء شعار :” أي كوز بندوسو دوس”؟ ومادلالته؟ ولماذا يشيع القلق والخوف وسط الاسلاميين المرتبطين بالنظام؟ وهو خوف، لم يقتصر على الكوز، موضوع الشعار، ذلك  الذي في رأسه ريشة ؟ إذ ان الكثير من الاسلاميين المشار اليهم،الموالين للنظام والمختلفين معه، على حد سواء، لفت نظرهم الشعار، اكثر من أي شعار اخر،  توقفوا عنده كثيرا، ووصفوه بالاقصائي؟ ولم تقتصر استجابة فسيفساء الاسلاميين ، عند ذلك الحد ،وانما انتقلوا من الموقف النقدي النظري الى موقف عملي مضاد ، بدء من التماس وحدة للاسلاميين ، مجددا في مواجهة خطر محتمل ، والتنسيق عبر عديد التكتلات لانتاج مشاريع ومبادرات عملوا لتسويقها والترويج  لها وسط بعض القوى المعارضة، بشكل خاص ، من اجل ضمان موقع لهم في الترتيبات المستقبلية لما بعد الانقاذ ، والا يكونوا – وهذا هو الاهم – هدفاً لاقصاء محتمل ينطوى عليه انتصار الثورة ؟
ويرهص هذا التطور  بوصول  الاسلاميين، المرتبطين بالنظام، خاصة ، لقناعة نهائية  بحتمية زوال النظام ، وانكشاف ظهرهم، وزوال الحماية التي ظل يوفرها لهم وجود النظام واستمراره، وان عليهم البحث عن بدائل توفر لهم الحماية لهم ولمصالحهم وتؤمن لهم الافلات من العقاب، أياً كان شكل العقاب.
كيف لمن مارس الاقصاء ثلاثة عقود ان يخشى صيرورته هدفاً للاقصاء المضاد؟ وهم الذين  بلغ بهم رفض الآخر ـ والتعدد ، حتى في اطار الدين الواحد، حد التشجيع على  إلغاء وجوده المادي ، كما تجسد  واقعة اعدام  زعيم الجمهوريين، الاستاذ محمود محمد طه .
يتميز شعار” أي كوز بندوسو دوس “، بلغته العامية ، واقترابه من الانتساب الى  راندوك بعض الفئات الهامشية  . في السابق، غلبت  اللغة الفصحى على الشعارات والهتافات الثورية، لغلبة طلاب الجامعات ومثقفي البرجوازية الصغيرة في حركة شارع الاحتجاجات، في عهد مايو، على سبيل المثال : “لن يحكمنا الامن القومي”،”جهاز الامن جهاز فاشيستي” و”لن يحكمنا البنك الدولي”،” لن ترتاح ياسفاح”، “سحقا..سحقا للرجعية” …الخ.كما يتميز بمضمونه الراديكالي الذي يحتقب رفضا للحلول الوسط ونهج المساومة، على غرار ” عفا الله عما سلف”.
ويؤشر تألقه ، جنبا لجنب مع شعار “تسقط .بس”،  صعود قوى اجتماعية جديدة اصبح له صوت واضح وبصمة مميزة في فعل الثورة وخطابها.وهي القوى التي همشتها ، سياسياً واجتماعياً، آلية  التمكين ، وهي تنقل الاسلاميين “الحفاة ،العراة العالة”، من الفقر الى رحاب الغني ومن الخمول الى النفوذ والشهرة، على حد تعبير الدكتور الطيب زين العابدين ، في مقال له نشر مؤخراً، ، على حساب افقار بقية فئات الشعب وطبقاته، وتحويلها الى بروليتاريا رثة ومسحوقة. ربما يكون د.زين العابدين، هو آخر من لفت الانتباه الى الاصل الاجتماعي للاسلاميين ، قبل الانقاذ ،وما صاروا اليه بعدها، وقد اشار لذلك ، على سبيل المثال ، الكادر الاسلامي السابق ، عمار محمد آدم. وهي تبدو ملاحظة مهمة وذات مغزى ، في تفسير السلوك السياسي اللاحق للاسلاميين ، بعد استيلائهم على السلطة في انقلاب عسكري في 30 يونيو 1989، وهم يستميتون في تسخير موارد البلاد وسلطان الدولة للإثراء الشخصي والخروج من حالة الفقر . فالاسلاميون ، في غالبهم،  ينحدرون من بيئات اجتماعية  فقيرة تضرب بجذورها في عمق الريف،وقد حلموا بناء على تعاليم محمد قطب بعدالة اجتماعية،مضادة للشيوعية والرأسمالية ، في آن واحد   .  الكوز،موضوع الشعار والهتاف ، هو سليل الطبقة الجديدة الصاعدة ، التي اختطفت الدولة ، واصبحت  ، تبعاً لذلك ، تملك كل شيء: المال والجاه والسلطة ، مقابل طبقة أو مجموعة طبقات ، لا تني تنسحق ، تحت عجلات الفاقة والبطالة ، حد افتقارها لقوت يومها.
لقد قامت الانقاذ، وبوسائل القسر والعسف، بعملية احلال وابدال قاسية ،  ،بموجبها تحول   الاسلاميون ،  الذين كونوا ثرواتهم منناتج  سياسات النظام ومارافقها من فساد  في اجهزة الدولة ، طبقة كومبرادورية  طفيلية ، مميزة تحتل  اعلى السلم الاجتماعي على حساب الطبقات والفئات البرجوازية  الاخرى .
لقد تولد الشعار بطابعه الهجومي وبشحنة التحدي التي تميزه، من جو الصراع الاجتماعي والسياسي وتراكماته طوال الثلاثين عاما الماضية من هيمنة الانقاذ وتسلط قواها، وهو ينطوى على عهد الثورة- الجارية الان ، منذ ثلاثة أشهر- بمحاسبة كل من اجرم في حق الشعب والوطن ،ان “يداس وفق القانون”، ليس القانون “البَطّال” ، على حد قول الرئيس الاسبق جعفر نميري، في إشارته لقانون الطوارئ الذي فرضه عامئذ،، وانما وفق قوانين الكيزان ذاتها.” بالكيل الذي تكيلون يكال لكم ” وكيفما تدينون تدانوا”. لعلها المصادفة المحضة ، هي ان ذات المضمون ، قد سبق ان تخلق بعبارات مختلفة – سبحان الله – جرى بها لسان وزير داخلية مصر ،على عهد الرئيس السادات، اللواء احمد زكي ، المشهور بعدائه الشديد للاخوان المسلمين ،حين توعدهم  قائلا :” سافرمهم ، لكن بالقانون”!
لكن ،لماذا يرتعد الاسلاميون من احتمال ان يداسوأو يفرموا، بالقانون؟ وان يُقْصُوا، بفعل الصراع السياسي والاجتماعي والفكري؟ كيف يتصورون جزاء من مارس الاقصاء المنهجي للآخر المختلف سياسيا وفكريا واجتماعياً…الخ، وفرض التمكين القسري للإسلاميين ، ثلاثة عقود؟ وما جزاء من استفاد من ذلك التمكين وذلك الاقصاء؟ أليس جديراً بأن يسجن أو عذاب أليم ؟ماذا عن الساكت على التمكين والمتواطئ على الاقصاء؟
يقترح شعار الثورة، التي تشكل طريقة حياة السودانيين منذ اكثر من ثلاثة اشهر  ، والتي   تستهدف التغيير الجذري ، وليس مجرد تغيير النظام السياسي، دون مرتكزاته الاجتماعية والاقتصادية والايديولوجية والقانونية …الخ ، استمرار الصراع مع الاسلاميين بوسائل اخرى،  استمرار الصراع على الجبهات السياسية والايديولوجية  والاجتماعية، حتى بعد اسقاط النظام ، من اجل تصفية تركة الاستبداد الاسلاموي، وفي كل الميادين. فالبديل الديموقراطي لايمكن بناؤه فوق أساس الشمولية .هذا الصراع سيشتد ويتصاعد من اجل الحاق الهزيمة النهائية بالاسلاميين.وعلى قدرة الاسلاميين على الدفاع عن اطروحاتهم وعن ماضيهم الانقاذي، بالذات ، يتحدد مكانهم وسط الجماهير ، وهي التي ستقرر بنتيجة ذلك الصرع موقعهم من الخارطة السياسية التي تتوزع عليها القوى.ان مغادرة الاسلاميين “صف” النظام والتحاقهم بـ”كنف” الثورة لايعفيهم من المساءلة ، حيثما كان ثمة ما يوجب المساءلة القانونية ، مثلما لايعفيهم من النقد والنقد الذاتي ، ولايوفر لهم ، بالضرورة ، موقعا في كابينة القيادة الثورية، على سبيل المكافأة.
abusimazeh@yahoo.com

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.