السبت , أبريل 20 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / وثائقيات سودانية / عصر كارداشيانس السودان: النجومية بلا استحقاق

عصر كارداشيانس السودان: النجومية بلا استحقاق


دارت واحدة من أشهر حلقات المسلسل الكوميدي الأمريكي الناجح (سانفيلد) حول فكرة البطل إنتاج عرض تلفزيوني عن الفراغ، أو اللا شيء إن شئنا الدقة، ومدى الحماس الذ استقبل به الناس هذه الفكرة. وقد دشنت تلك الحلقة، بلا قصد، إمكانية أن ينال المرء شهرة وذيوعاً واسعاً بدون أن يفعل أي شيء.

عصر كارداشيانس السودان: النجومية بلا استحقاق

عصر كارداشيانس السودان: النجومية بلا استحقاق


دارت واحدة من أشهر حلقات المسلسل الكوميدي الأمريكي الناجح (سانفيلد) حول فكرة البطل إنتاج عرض تلفزيوني عن الفراغ، أو اللا شيء إن شئنا الدقة، ومدى الحماس الذ استقبل به الناس هذه الفكرة. وقد دشنت تلك الحلقة، بلا قصد، إمكانية أن ينال المرء شهرة وذيوعاً واسعاً بدون أن يفعل أي شيء.
إذا ما كان العالم يستغرب من الشهرة التي نالها آل كارداشيانس لمجرد أنهم عرضوا حياتهم الخاوية والرتيبة والغارقة في اللهو والمجون والسطحية على الملايين، فلا بد للعالم أن يعرف أن هؤلاء الكارداشيانس قد بذلوا على الأقل نوع من الجهد في التخطيط الممنهج للوصول لتلك الشهرة. لا شك أنهم استعانوا بخبراء ومختصين لمساعدتهم في صنع تلك النجومية الزائفة المبنية عبر دغدغة أحاسيس المشاهدين بأمور حياتية تافهة.
آل كارداشينس حققوا هدفهم في الثراء الفاحش والشهرة الواسعة لأنهم درسوا بعناية ونفذوا بحذر كبير كل خطوة يخطونها وكل كلمة يلفظونها وكل “سيلفي” يلتقطونها وكل فضيحة يسربونها قبل أن يبثوها ويثبتوها في أذهان الملايين من المتابعين.
ولكن ماذا عن كارداشيي السودان المسكين والمبتلى؟ من المؤكد أنهم لم يخططوا لشيء، فإمكانياتهم الذهنية لا تتيح لهم هذا الترف. ومن المؤكد أنهم لم يلجأوا – مثل ما فعل نظرائهم الأمريكان – للخبراء من أجل تجميل (أو تقبيح) صورتهم وسط الرأي العام حتى ينالوا مبتغاهم بأن تصبح أسماؤهم وسيرتهم على كل لسان.
خلال الأيام الفائتة، امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبويتة وتطبيقات التواصل في الهواتف الذكية بأخبار وتسجيلات وأحاديث لأشخاص لا وجود لهم في حياتنا الفعلية. أشخاص كانوا يقبعون في العتبة الأخيرة من درجات السلم الاجتماعي ولكنهم بين ليلة وضحاها أصبحوا في مصاف الكبار، يلقون استقبال الأبطال أينما حلوا، ويعاملون معاملة الملوك والمفكرين والأدباء وتهبط عليهم الأموال مدراراً.
هؤلاء لم يؤلفوا كتباً ولم ينظموا شعراً ولم يستنبطوا مصلاً مضاداً للملاريا ولم يزرعوا شجراً ولم يشقوا بئراً ولم يميطوا أذىً. هؤلاء لم يخوضوا في مياه الفيضانان لإنقاذ طفل وليد أو شيخ عجوز ولم يواسوا أماً مكلومة خرج ابنها اليافع ماشياً على قدمية وعاد إليها جثة هامدة.
هؤلاء لم يفعلوا شيئاً غير إظهار سطحيتهم وخوائهم، مستخدمين في ذلك ألسنة صدئة لا يخرج منها سوى الغثاء المليء بالألفاظ السوقية والحافل بأخطاء النطق والنحو. ومع ذلك، باتت أسماؤهم على كل لسان وعلى كل لوحة مفاتيح، بل وطغت سيرتهم على كل جلسة أنس ومؤانسة.
ولكن دعونا نواجه الواقع ونخرج من حالة الإنمار التي تنتابنا. هؤلاء لم يصنعوا شهرتهم بل ولم يسعوا إلى نيل تلك الشهرة، بل نحن الذين صنعناهم. كنا في أمس الحاجة لنسخة محلية من آل كارداشيانس فوجنا ضالتنا في هؤلاء. مرحباً بهم في سوداننا الجديد حيث لم تعد الشهرة تتطلب حفراً بالأظافر بل نقراً بالأصابع.

مزمل عباس
*مترجم وكاتب مقيم بدولة الإمارات

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.