الخميس , مارس 28 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الصادق المهدي … هل يمثل الشرعية؟

الصادق المهدي … هل يمثل الشرعية؟

مختار محمد مختار

كونه السيد الصادق المهدي آخر رئيس وزراء منتخب فهذا ما لا تتناطح عليه عنزتان إختلاف حوله, أما كون ذلك مما يترتب عليه الإدعــاء بحق الإنابه عن الشعب السوداني في إختيار مساراته السياسية اليوم وغدا ومن ثم الإستبطان في أنه الأحق باستلام السلطة حال جرت اي تسوية مع النظام أو أن ذلك يعطي أفضلية لأطروحاته السياسية عن بقية المشاريع الأخرى فإن ذلك من خطل الحديث وتدليس المنطق والحقيقة . فقد عكفت بيانات حزب الأمة في الآونة الاخيرة تمهر السيد الصادق المهدي بلقب الرئيس الشرعي أحيانا وتارة أخرى بممثل الشرعية وهي ألقاب لها دلالات أعمق من أن تكون مجرد ألقاب أدبية وشرفية الهوى. فإن كانت هذه الإلقاب تصدر في مجادلات ومساجلات إجتماعية عامة فربما هي مما يمكن إغفالها, أما أن تنضح بها بيانات حزب الأمة الرسمية فإن للأمر ما بعده, خاصة وان قرئت تلك الإلقاب مع ما سطره بيان نداء السودان بباريس بأن نداء السودان هو( أوسع تحالف سياسي في الساحة السياسية السودانية) ويضم بين جنباته ما يضم وتلك جملة لم توضع اعتباطا في البيان ولا عبثا طرق عليها إطنابا بـ» في الساحة السياسية السودانية»و البيان سيترجم للغة الفرنسية على أقل تقدير , إذا قرأتهما معا فإنك تجمع أن هناك بحث دائم لنداء السودان عن شرعية لتخوض بها الحوارات التي تترجاها من الحكومة وتتسولها من المجتمع الدولي إلحافا, فمع ظهور بوادر الثورة في يناير مع بيان حجم السخط الجماهيري في البلاد أخرجت البعض أدواتها ومعاولها لتتناول السلطة,فهناك سؤال بديهي يواجه نداء السودان حال أن تحقق مأمولها وأستطاع المجتمع الدولي الضغط على الحكومة للجلوس في حوار معها أو ساءت احوال البلاد وعمت الفوضى وأستسلمت الحكومة لطرح الحوار, السؤال هو على أي شرعية تستند نداء السودان لتحاور النظام؟ !!
إن حقائق الثلاثين عاما ونيف تقول أن حزب الامة نال من الأصوات في الديمقراطية الثالثة ما قدره تقريبا 1.5مليون صوت من جملة من يحق لهم التصويت وهم تقريبا 6.9 مليون شخص أي ما يعادل %22 تقريبا كأعلى الاحزاب أصواتا , وبطبيعة الحال الديمقراطي فقد أهل ذلك السيد الصادق أن ينتخب رئيسا للوزراء مرة أخرى على السودان, وبغض النظر عن المسؤولية التاريخية للسيد الصادق المهدي ومدى فعاليته في الحفاظ على القسم بالمحافظة على الدستور وعلى النظام الديمقراطي فإن مياه كثيرة جرت تحت الجسر وربما فوقه ايضا وربما تحطم الجسر نفسه مع ما تحطم في بلادنا, فقد حدثت تغيرات جوهرية وبنيوية لا يمكن تجاوزها بأريحية الشكل ذو البعد الواحد, فالبلاد إنفصل عنها ربع سكانها وتوفى من توفاه الله من الناخبين آنذاك, ولا سياسيا ولا إقتصاديا ما عادت برامج الاحزاب التي تبارت في إنتخابات الامس البعيد صالحه في تفاصيلها فقد تغيرت كل المعطيات من حولنا وفي كل مجالات الحياة تقريبا.
لقد كان عدد الذين يحق لهم التصويت في انتخابات 2015 ما يقارب 13.9 مليون شخص, ما يعني أن عدد الذين حق لهم التصويت في 2015 ولم يكن لهم هذا الحق في انتخابات 1986 أكثر من الناخبين آنذاك , إما لانهم كانوا أطفالا أو لانهم لم يولدوا بعد, بلغة الارقام يعادل هولاء سبعة ملايين واكثر, فمن بعد ذلك يتجرأ ويقول أنه يمثلهم, فلو كانت تؤخذ الامـور بانتخابات 86 إذا لتجرأت الحركة الاسلامية والميرغني وادعوا تمثيلنا فمجتمعين كانت لهم أعلى الاصوات, وهم الآن مجتمعون!
إن السيد الصادق المهدي هو فعلا رمز لديمقراطيتنا المغتصبة كآخر رئيس وزراء فيها ولكنه عبث بهذه الرمزية ذات نفسه حين بارك للسيد مغتصب السلطة رئاسته عندما قبل بتكريمه وكان قد زج باحد أبنائه في مؤسسة الرئاسة الجديدة وبآخر في الجهاز المنوط به حماية تلك الرئاسة, وكان قد عبث بها أيضا حين قال ( ان النظام جلدنا ونحنا ما بنجر في جلدنا الشوك), فيا وجعي على قلبي فحتى الرمز تحطم, وبين هذه وتلك كثير من المواقف التي دعم فيها الصادق المهدي النظام قولا وفعلا
. لا أحد يستطيع الآن أن يدعى أنه يمثل الشعب السوداني, فالكل يدعي ذلك بما في ذلك النظام نفسه, ولكن بالطبع هناك دلالات ومؤشرات ومقاييس تكشف عن المزاج الشعبي والي أي الاطروحات يميل, فالذي يمثل الشعب السوداني في مجموعه هما المعارضة والنظام معا, وهنا يكمن الرهان والفرق, وطالما أن هذا الشعب لم يخرج لثورته فمن حق النظام أن يدعي أن الشعب يستلطفه وصابر على المحن معه, والمعارضة عليها تنظيم هذا الشعب في ثورة ليقول للنظام : (لا نحن لا نستلطفكم ونريدكم أن ترحلوا عنا) وإلي ذلك الوقت سيظل النظام جاثما على صدر الوطن ولو بإدعاء زائف, لذلك فإن اي عمل غير تنظيم هذه الجماهير لتقول كلمتها ما هو الا حرث في البحر وإطالة في الجدل بين النظام والمعارضة حول غرام الشعب
. لا ندري لماذا يتوقع البعض ان نصطف خلف الصادق المهدي لانه فقط آخر رئيس وزراء ورمز للديمقراطية؟ فالسيد الصادق ًالمهدي ليس رمزاً مجسدا كايقونة, بل هو زعيم سياسي له أراؤه واطروحاته ومن حق الناس الاتفاق والاختلاف حولها مع كامل الاحترام لقامة الرجل ومن يمثلهم ومع كافة الاعتبار لاطروحاته وارائه واثرها التاريخي على البلاد سلبا كانت أم ايجايا, فالناس تتعاطى معه بموضوعيه ليس إلا
.. لقد ساءنا عن جد تصرف الحكومة المصرية بعدم إستقبال الصادق المهدي, فهي تنذر بتداعيات مقلقة بين البلدين الآن ولاحقا، وهي سابقة غرست اسفينا آخر في جدار الثقة المهتز أصلا بين الشعبين السوداني والمصري والذي تعرض كثيرا للضربات في ظل الانظمة التي أعقبت إستقلال البلدين
. أما لماذا فعل النظام المصري ذلك؟ ذلك أن هناك صراع بين البشير والصادق وليس الصادق وكل النظام, فالبشير كما صرح مرة فإن دول الترويكا تطرح الصادق المهدي بديلا للبشير بعد إجباره عن التنحي بعصا المحكمة الجنائية وذلك ما كان قد دفع البشير الذهاب الي موسكو طلبا للحماية من الامريكان. وذلك هو التفسير لماذا تتآمر السلطة في السودان على الصادق رغم أنه يطرح ما كان يوافق هواها وما كان يوافق هوى النظام مجتمعا, لذلك فإنك تجد كثيرا من عرابي النظام أنفسهم وكثيرا من الصحفيين والكتاب يستغربون معاداة السلطة للصادق رغم دعواته للحوار ودعواته للعفو عن ما سلف في الجرائم التي أرتكبها النظام في حق الشعب السوداني, وعلى ما يبدو فإن مصالح مصر في الراهن والمستقبل القريب تقاطعات مع الترويكا التي تطبخ الهبوط الناعم على نارهادئة وليس أمام مصر متسع من الوقت لإنتظار الطبخة, فأمامها ملفات هامة تحتاج الحسم السريع مثل ملف سد النهضة وملف الاخوان في مصر وغيرهما, لذلك إستجابت لمطالب السلطة في السودان مقابل مطالبها بالطبع.
إلا أن تصرف النظام المصري أكد العيب في الإعتماد على الخارج لتخليص الشعب السوداني من النظام الديكتانوري القائم ذلك أن سياسات الخارج تنبع من مصالحهم ومتى ما تبدلت تلك المصالح اداروا لك ظهر المجن, تماما كما فعلت مصر . وكما أن لمصر مصالح فلامريكا والترويكا مصالح جمة ايضا في بلادنا وهي تهتم بالتغيير في السودان إنما لتضمن أن اي تغيير قادم سيخدم مصالحها أولا قبل الشعب السوداني نفسه صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير, أولم تسعى أمريكا لأن يكون التغيير في الجنوب لصالح الإنفصال لان ذلك يخدم مصالحها ؟ فكيف بالله تريدوننا أن نعتمد على أمريكا مجددا في تغييرنا القادم خاصة وأننا نعلم بقية المخطط؟ !
إن ما حدث في مصر نرجو ان يكون دافعا وعبرة لكل نداء السودان في التوجه نحو الشعب السوداني والاعتماد عليه أولا وأخيرا في إنجاز التغيير الذي يعبر عنه وعن مستقبل أجياله, وليس الاعتماد على الآخر الذي بالتأكيد تتقاطع مصالحه مع مصالح الشعب السوداني الإستراتيجية.
إن إسقاط النظام هو الحل السلمي والأسلم والأكثر شمولا !

Print Friendly, PDF & Email

عن suli nadus

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.