Laa-Laa لا لا موقع شباب السودان الحر
تقديم الكاتب عثمان نواي
هذا المجموعة من المقالات للأستاذ سامح الشيخ المعروضة في هذا الكتاب هي نقوش عميقة في جدران الصمت والمسكوت عنه. وهي تطرح اسئلة واعية وجريئة بشفافية عالية بحثا عن حلول جذرية ومستدامة لأزمات السودان المتطاولة الأمد والمعقدة التكوين. لقد سعدت بالتعرف على الاستاذ سامح من خلال قلمه الشجاع الذي لا يتوانى عن التفكير خارج الصندوق ومحاولة إيجاد ارضيات للحوار حول أزمات السودان تتجاوز المكرر والمعتاد.
ان المقالات المنشورة في هذا الكتاب تحتوي على عدة مواضيع رئيسية تبحث في اسئلة الهوية والعنصرية والتعدد الاثني والثقافي في السودان. وتخوض نقاشا منفتحا حول استحقاقات التغيير الشامل والجذري. ان الاستاذ سامح الشيخ عبر هذه المقالات يقدم وجبة دسمة من التساؤلات العصية التي يجدها الكثيرون مزعجة لأنها تهز الكثير من المسلمات. وفي بحث الكاتب عن إجابات عن اسئلة الهوية والتغيير يتسائل عن إمكانيات التفهم لواقع التهميش والتمييز في السودان من قبل الطرف الآخر الذي يقود هذه الممارسات على مستوى الدولة والمجتمع.
ان اسئلة واجابات واستنتاجات الكاتب تتميز بصدقيتها التي تنبع من كونها اسئلة شخصية وذاتية في الأساس لكن الكاتب طرحها بشكل مفتوح ليشارك رغبته في إيجاد الحلول التي لا تناسبه وحده لكن تناسب الجميع. ان هذا البحث المتجه نحو الذات الذي يعكس تساؤلات العديد من السودانين حول معنى مصطلحات سياسية ملتبسة مثل الهامش والمركز أو العنصرية أو الامتيازات هو في حد ذاته خطوة هامة في بناء أسس للمواجهة الحقيقة مع الواقع والتعامل معه بمسؤولية وجدية دون تعليق الأزمات التي يعيشها الوطن من حروب أهلية وإبادة جماعية في عنق الاستعمار والمؤامرات الخارجية. بل الكاتب يقدم دعوة لمثقفي ونخب المركز لامتلاك زمام المبادرة وتحمل المسؤوليات التاريخية عن الواقع الراهن والاعتراف بدور ثقافتهم وتكوينهم الاجتماعي وعيهم الجمعي في صناعة هذا الواقع.
ان هذا الكتاب هو مشروع مفتوح وبوابة للحوار الجرئ والحر والعميق على المستوى الشخصي والعام لاجل إعادة النظر في قراءة الواقع السوداني وأزمة عدم الاحساس بالآخر ومحاولة فهم منطلقات الأخر المختلف ثقافيا وسياسيا بدون أحكام مسبقة. ان الكاتب عمل بجد للتخلص من انحيازاته الشخصية ليصل لرؤية واضحة لأزمة الهامش والمركز والصراع الاثني والحرب الأهلية في السودان. وهذه المواجهة هي الخطوة الضرورية الأساسية لإعادة بناء الفكر السياسي السوداني القادر على إخراج البلاد من أزماتها.
هذا الكتاب يعد كل قارئ بتحدي المفاهيم السائدة وسبر أغوار التاريخ المنعكس في الحاضر بحثا عن رؤية أوضح للمستقبل. وطرح الكاتب لهذه المواضيع الشائكة هو ربما دعوة لحوار أكثر جدية حول إمكانية إيجاد نقاط مشتركة بين مكونات المجتمع السوداني فيما يسميه الكاتب مسعى إلى تكوين الكتلة التاريخية التي تجرؤ على الأعتراف بأخطاء الماضي وما ترتب عليها من تهميش وحروب وغيرها، وتسعى لصناعة تحالفات مبنية على المواطنة المتساوية ورد الحقوق . حيث أن الأصوات من المركز التي تحاول النقر على أبواب هذه الموضوعات المطروحة في هذا الكتاب لازالت تنأى بنفسها عن النقاط الأكثر حساسية التي حاول الاستاذ سامح التطرق اليها بجرأة وشفافية. ان هذا كاتب يستحق القراءة وخاصة للشباب الذي يبحث عن رؤي مغايرة وجديدة تعبر عن أزمات ألسودان بشكل واقعي ومثير للاهتمام.
عثمان نواي
26 ديسمبر 2017
*سامح أحمد الشيخ مدون سوداني من مواليد 2/يناير 1978 بمدينة الخرطوم بحري، تخرج من جامعة أم درمان الأهلية كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية قسم المحاسبة المالية 2001، له عدة مقالات في الشأن السياسي السوداني وعدد من القصص القصيرة وعدد من القصائد منشورة بالمواقع الإلكترونية السودانية كما صدر له كتاب السودان الدين باقي هل تبقى الدولة عن دار نور للنشر الألمانية.
