الخميس , أبريل 25 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / العنصرية وإختلاف الأوجه … (1)

العنصرية وإختلاف الأوجه … (1)

العنصرية : ( مَنْسُوبٌ إِلَى الْعُنْصُرِ ). 
1 . :- رَجُلٌ عُنْصُرِيٌّ :- : مُتَعَصِّبٌ لِجِنْسِهِ وَأَصْلِهِ . 
2 . :- التَّمْيِيزُ الْعُنْصُرِيُّ :- : ظَاهِرَةٌ تَعْتَمِدُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الأَجْنَاس ،ِ إِمَّا بِحَسَبِ الأَصْلِ أَوِ اللَّوْنِ وَيُقَالُ أَيْضاً : الْمَيْزُ الْعُنْصُرِيُّ . :- تُؤَكِّدُ الأُمَمُ الْمُتَّحِدَةُ رَسْمِيّاً القَضَاءَ السَّرِيعَ عَلَى التَّمْيِيزِ العُنْصُرِيِّ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ العَالَمِ بِكَافَّةِ أَشْكَالِهِ وَمَظَاهِرِهِ .
     نحن كسودانيين نقبع في بداية الالفية الثانية ولاتزال المساجلات ، والمخاشنات الكلامية تدور في هذه القضية ! التي ولدت ما قبل الميلاد لتطفو كل برهة علي السطح ، وفي كل منبر سياسي ، او محادثة  اجتماعية ، او مقابلة شخص جديد في حياتك لتصبح المنطلق الفكري للتعامل البشري ، وقبل أن أشرع في شرحها كمفهوم حديث من وجهة نظري ، التي أحسبها تختلف من جميع من سبقوني في هذا المضمار ، فانني أود ان اضع مفهوم الحلول حتي اجعل القارئ ينسج خطوط الإجابة بالتساؤلات في وأجهة الإستنباطية ويحيكها بالمقارنة ، والحلول التي تلامس الواقع مستشفة من أحاديث كثيراً من المستنيرين وضعت عليها بعضاً من التوابل لتنضج وهي :
(الوعي ، والعلم ، والعدل ، والمساواة )
   الحديث عن العنصرية أو التمييز العنصري  يظل مبتوراً كمصطلح إنشائي في قضايانا فقد حرفته الأزمنة وتلاعبت به الالسنة ، وعبثت به الأمكنة ، وامسي مجرد ركائز تحورت لمفاهيم إنتفاعية تخدم مصلحة بعضاً من المتمسكين بظلاله ؛ ليكسبوا التعاطف والمساندة داخلياً اذا جاز وخارجياً اذا إستغاث ؛ اي داخل اطار الدولة او خارجها ، وهذا اذا ما زاد وخلق الفوارغ الإنسانية وحدث تهتك في النسيج المجتمعي ، ليكون محفزاً للفرقة والتشظي فأصبح الامر لبانة يستمتع الكثيرين بان يلوكها مجتمعياً .
    واود أن أطرح العنصرية السودانية كمثال بأوجه شبهها وأمثلتها داخلياً وخارجياً ، المتشابه من حيث المفهوم كتطبيق ؛ وأستطصحب معي التميز العنصري داخل قلاع الوطن ، واخص به المواطن السوداني الذي انكوي من العنصرية فيبقي مثالاً حي ، لا اشك في ان العنصرية مرضاً عضال فقد قال فيها نبينا الكريم (ص)
أن رجلين من المهاجرين والأنصار تشاجرا فَقَالَ الأَنْصَارِى ُّيَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِى ُّيَا لَلْمُهَاجِرِينَ. فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
مَابَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ 
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ. 
فَقَالَ ؛ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ
(جاء في صحيح البخاري).

   برزت معالم العنصرية في السودان بصورة واضحة وجلية في عهد المهدية ، وارتدى عباءتها (عبدالله التعايشي) كما تحدث بعض المؤرخين إبان الثورة المهدية بعد ان حاول (غردون) اسقاط المفهوم الديني برسالته لأهالي الخرطوم ، وكأن تاريخ السوداني يعيد نفسه ، فقد نصت رسالة (غردون) منذ أكثر من مائة عام  : (الحرب التي يشنها الأهالي الآن ستسبب الخراب لبلدكم والدمار لأنفسكم، والعاقل ولي نفسه) وهو ينصح سكان الخرطوم وتحدي المهدي بعبارة *”إن كنت مهدياً جفف النيل” !!                            والعبرة في انطلاق بعض الأفواه الكاذبة بان السودان سيصبح ليبيا وسوريا واليمن !! .
  والمهم إنتصرت ثورة المهدية في يوم 1885/1/26م بجيش كانت عقيدته القتالية متشبعة بالوازع الديني ، وأرواحهم موقنة بجنان السماء ، وقتل القائد (غردون)، رغم اوامر المهدي بإحضاره حي لمقايضته بالمناضل (احمد عرابي) وتدفق جيش المهدي في الخرطوم وكان قوامه اكثر من (60) الف مقاتل حسب بعض المراجع الزمنية ، وما يهمني هو تدفق أنصار المهدي داخل العاصمة الخرطوم وأمدرمان التي شكلت عاصمة أنصار المهدي وتتابعت الاحداث لتشكل احياءً اُطلق عليها (المهدي) بالمسميات الديوانية لدولته او باسم القادة وخير مثال علي ذلك (بيت والملازمين ودنوباوي حي الامراء ود اورو ابروف الموردة ) توفي المهدي بعد خمسة اشهر بمرض (التايفود) كما اشارت بعض المراجع وكان (التعايشي) في الموعد ليكمل ما إبتدره (المهدي) ولكنه تميز بالعنصرية والإنتقاء القبلي ، وبرز في دوواين المهدية مجموعة ضخمة من اهل التعايشي ، ومجموعة ضخمة من اهل المهدي ليتسابقوا علي دوواين المهدية ، برغم من وجود السكان الاصليين الذين تجنبوا الصراعات ، وكانوا ضيوفاً في مدينتهم خوفاً من غضبة الخليفة عبدالله التعايشي الذي كان حكيماً في تعامل مع المقيمين وكانت احياءهم مغلقة من الدولة المهدية مثل حي المسالمة والمظاهر وحي السوق التي يقطنها اليهود والجنسيات الاجنبية الي يومنا هذا ، مثال اسرة ( ازمرليان وبيطار وحجار وسركيس والفرد مكاليان وبنجامين ووووووو) وكان حضورهم للإستثمار في المستعمرة الانجليزية بامر المملكة البريطانية ، وكانت هنالك احياء اخري مثل : حي العرب المتواجد حالياً غرب سوق امدرمان ، ومناطق الجمعوية والجميعاب وقبائل تقطن بعيداً عن صراعات السلطة ، فنعق ناقوس العنصرية وهذا ما اسميته :
(الجغرافية العنصرية ).
  عنصرية الوافد مع الأصل وهي : العنصرية المرتكزة علي الهجرة المكانية والزمنية دائما تنتج التمازج والتصاهر عن طريق المعاملات بين الوافدين والسكان الاصليين ، اذا كانت الهجرة قبلية بمعني قبيلة أجبرتها الطبيعة على التواجد داخل جغرافيا قبيلة اخري في المرعي او التجارة ، او دولية بمعني دولة غزت دولة او تهجرت داخل دولة  او عالمية تعني الارتحال والتشرد العالمي مثل (اللاجيئين ) او المغتربين وغيرهم .
   دولة المهدية عندما قدمت بجيوشها المقدرة أئنذاك بستين الف مقاتل ، وجعلت من مدينة امدرمان عاصمة لدولتها ، ورغم عدم تقبل المقيم او المواطن  الأصلي ، لمشاركته في الأراضي الا انها تعذرت بهدفها وهو إزالة المستعمر ومتشبعة بالنفحات الاسلاموية فوجدت القبول الثوري ، رغم انكماش السكان الأصليين عند إستقبال الوافد الجديد وكان إنكماشاً إجتماعياً ؛ ورغم النفور الطبقي بين الوافد والمواطن الاصلي إلا ان المعاملات الحياتية والتداخلات الإجتماعية خلقت نوعاً من الإختلاط والمصاهرات الاجتماعية ، بحكم الطبيعة بسبل متفرقة وضعيفة ولكنها تعاقبت حتي إستنسخت سحنات واشكال ممزوجة فأخرجت اجيال مختلفة ، وهذا الأمر يعد امراً طبيعياً ، فكانت هنالك اسماء اثرت في التاريخ السوداني ، مرجعيته تعود لغرب السودان بداية بقائد الاستقلال الزعيم ( إسماعيل الازهري ) من مدينة الابيض و(عبدالرحمن سوار الذهب ) ايضاً من مدينة الابيض وحتي (عمر البشير ) فهو من غرب السودان ) من قبيلة البديرية رغم ان الكثيرين نسبوه لقبيلة الفلاتة وهذا امر طبيعي في جميع الهجرات المتشابه او الثورات المرتكزة علي أسس تغيير الأنظمة عسكرياً ، او النزوح بعوامل كثيرة ومختلفة فيعقبه الإستيطان والتمازج بين الوافدين والسكان الاصليين أو المقيمين في المناطق مثار الحديث ، لذلك الموضوع يندرج في باب ( الجغرافية العنصرية) ويكون التخالط والتزاوج في المجتمع ثمرته تكون مفاهيم للأجيال القديمة أو الجديدة متنافرة تحمل جينات إستعلائيه ترتكز علي الأفضل وتقمص النسيج العرقي المميز لتستفرغه في نقاشات ومجادلة، فاذا عدنا للوراء ستكتشف ان الأسر المقيمة في العاصمة المثلثة خليط منسوج من كل القبائل السودانية فتجد الاسرة الواحدة تحمل مزيج من ثلاثة او اربعة قبائل ، والاسوأ انهم ينسبون انفسهم للقبيلة الافضل عرقاً بمفهوم التميز الطبقي ، لتتشرب من جغرافيا المكان ، والزمان ، واستغلت التصاهر الذي اصبغ عليها سحنة وشكلاً جديداً واضافت عليهم المنطقة الي إستوطنوا فيها التطور والتعليم زمانياً ومكانياً ، وهذا ما إفتقده أقرانهم ، فيحدث التميز والاستعلاء .
   فاذا تحدثنا عن الأجيال الممزوجة او المخلوطة التي استقت ثقافة الجغرافيا ، تجد انها تمتص التربية المجتمعية بمفاهيم تثقيفية ونسب لتسمو فوق العرق الاصلي ، الذي جاءت منه ! وتختار عرق المميز حتي لا تترك للسكان الاصليين حجة لإبراز عضلاتهم ، لتبرز  علي المواطنين الاصليين ويتساوي الوافد مع المواطن الاصلي فتكون المسآواة حاضرة ولكن الاشكالية تظهر من التمازج الذي يخرج مسخاً مشوها يقسو علي ابناء جلدته من الذين إنحدروا من المناطق النائية ، او الاخري فيحدث عزلهم  اجتماعياً وأكاديمياً ويتم تحجيمهم من المناصب الرفيعة ويختار لهم المهن الهامشية الشاقة جسدياً المهدرة للزمن والطاقة مما يغيبهم من التأهيل ويقصيهم من العلوم الإجتماعية .
  كما حدث في الثورة المهدية التي خلقت من امدرمان عاصمة مكانية فإرتدت امدرمان عباءة القبيلة بثوب اخر ، وتمردت علي علي ابناء الوطن بإحقية ابناءها في السيادة والقيادة ، فخلقت عنصرية المكان في كل شئ بداية بتوزيع السلطة والثروة والمعمار فكانت خصماً علي مدن كثيرة ، وكل مدن السودان كانت لديها تميز مكاني يتفاخرون به مثال ( ابناء الجزيرة ابناء نيالا اولاد بحري ) فحدث التعاضد المكاني وخير مثال ان فرص العمل يتم إختيارها علي حسب المسئول فاذا كان من الخرطوم تجد الطاقم الذي يعمل معه جميعهم من نفس المنطقة ، حتي حدثت العنصرية المزدوجة وهي ابناء المنطقة زايداً اولاد القبيلة ، وهذا ما جعل هنالك بعداً ازدواجياً ومعايير إجتماعية سطحية ، ولكن يبقي إختيار المنطقة هو الذي يطفو علي السطح حتي (1970) م ، والاستعلاء القبلي بدأ يذوب بعد موجة النزوح والتزاوج ، والروابط الاجتماعية ، وكان اكثر المتضررين من التميز والعنصرية حقيقة شريحة اخوتنا مواطني جنوب السودان الذين ذاقوا المرارات ، بسبب عدم اهتمام الدولة بهم والحق يقال !. اما في بقية التكوينات السودانية فقد كان الاستعلاء الجغرافي ونوازع الطائفية وسيادات القبلية المسيطرة بحكم مرجعيتها فقامت بتفويج ابناءها لنهل العلم وتطور الاكاديمي ووضع قيود لابناء المريدين والمنقمسين بخطوط تعليمية معينة وكلمة للتاريخ ان القيادات الطائفية والقبلية لم يمنعوا ابناء البسطاء ولكنهم ايضاً لم يشجعوا ، حتي تتساوي الكتوف ويتساوي الجميع ، ورغم ذلك كانت البوابات مفتوحة لكل سوداني ولكنها مقيدة بالحالة الاجتماعية والمادية ، فنبت من نبت وتقوقع من التقوقع ، ولكن نسبة الوعي الحياتي كانت كبيرة وإطلاع اسهم في اخراج اجيال مميزة ، وتميز المجتمع السوداني بتصوفه وإرتباطه بالدين الاسلامي كان له دور فاعل في خصائل ؛ جعلت من المواطن السوداني مرجعية اخلاقية متميزة ، فتجد ما يقدمه المواطن خارج وطنه ايقونة للتفاني ومعلماً للدولة السودانية . وللعودة للعنصرية التي زرعتها جغرافيا المكان وساعدت فيها الهجرات الكثيرة ، والحقيقة التي يجب ان يعلمها الجميع انها عنصرية غير مشاهدة ، ولكنها محسوسة تستشعرها في مناسبات الزواج المحصورة في الاعراق التي تتفاخر بالنقاء العرقي او شجرة العائلة التي يؤلفها بعض المتفاخرين لتنتسب بالزمرة النبوية ، فتكون محصنة من الالتصاق ببقية القبائل الاخري وهذا موجود في جميع انحاء العالم ، ويمكننا ان نضرب كثيراً من الامثلة : مثال انا حاليا في مدينة باريس كلما خرجت لمعاملة مستندية اذا صادفت اجراءاتي رجل من اصل فرنسي فاشعر باني محظوظ واجراءاتي ستسير بسلاسة ، واذا صادفت رجل من اصول افريقيا او اوربية (مجنساً فرنساً ) وهذا يظهر في لونه فتجدني بلا شعور أشعر بالإحباط وتصدق تنبؤاتي فالمعاكسة تجدها من بداية المقابلة ، وهذا الشعور اصبح مسار حديثٍ لكل الوافدين مع قناعتنا التامة بان الذي يعاكسك يكون دائما من اصلك ولونك !! ولكنه سبقك في الهجرة فمنحته الأفضلية الزمنية حق ، وهو بدوره يتدرج في المناصب نظير معاملته السيئة لبني جنسه وتودده المخزي للمقيمن الذين صنعوا منه اداة (لضرب اللون باللون) كما يحلو لي تسميتها ،  هذا ما يحدثاً دائماً .
خلاصة ذاتية :
– تبقي المتاجرة السياسة التي يستغلها بعض المعارضين هي : اسوأ الفصول وهم بذلك يضخمون العنصرية ، ويوسعون الهوة وتعود فوائدها لدولة المتأسلمين لتصبح لهم منظومة نفعية لتمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمع السودان وبذلك تضمن عدم توحد القوة الشعبية في قالب واحد ، وتضمن عدم  الإطاحة بنظامها المهترئ
– ويبقي وطننا السودان شاذاً في قاعدته بأن طرفي الصراع يأججون في لهيب نار العنصرية كلٍ علي حسب رغبته ..
حكومة تجلس في سدة الحكومة عبر بث النعرة العنصرية ، وتميز المواطن الشمالي كمواطن موالي للنظام .
والمعارضة تبث روح العداء لكل مواطن شمالي بإعتباره مستحوزاً علي ثروات الوطن . متناسية ان هذا العمل تقوم به فئة فاسدة ترتدي عباءة عصابة من كل سحنات الوطن لتنفذ مخططاً بلا وازع ديني او اخلاقي .
– وخاتمة الاشياء اذا تصارعت الأفيال فوق العشب فأن العشب هو المتضرر لان الصراع يدور فوق رأسه ، وهذا ما حدث للمواطن السوداني ولا سيما ابناء غرب السودان ، لتعم الوطن بتفاصيله …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.