*قيسانيات* *تنميط المهمشين*

*خذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة* 
*وخذوا ماشئتم من صور كي تعرفوا* 
*انكم لن تعرفوا*
*درويش* 

*في مقال سابق للفريق ياسر عرمان عن الراحل الفنان احمد ذكي وعن كيفية  اقتحامه للسينما المصرية باعتبار أنه من السحنات السوداء المهمشة في مصر ونجاحه، كانت رؤيتي محتوى ورسالة المقال بها تسطيح عجيب، وتساءلت هل  للون البشرة دلالات رمزية حتى على الفنون داخل المجتمعات الافريقية؟*
*لم يأتي في تصوري انها احدي صور التنميط للمهمشين قط، على اعتبار أن احمد ذكي نفسه من نفس الحقل الثقافي لغالبية الشعب المصري هل اللون يجعل منه حالة خاصة ورمز للمهمشين؟*

*هذا هو التنميط للمهمشين  الذي يتصدر لك في كلمة المهمش والهامش نفسها، قبل دراسات الهامش الكثيرة لعباقرتنا الافذاذ من المفكرين*
*ففي بلادنا الهامش تعني الجغرافيا في المقام الأول ( الطرف البعيد من قبضة السلطة المركزية ) وثم المكون العرقي ثم اللون، هنا التمييز اذا تفوقت علي باللغة بوجود بديل آخر للغة السائدة يدخل اللون أو درجة سوادك في التمييز لصالح الهامش*

*فمثلا الموجود في حلفا ليس مهمش بالرغم من أنه خارج عن نطاق التنمية ودائرة الفعل السلطوي ولا حتي الحقل الثقافي للسلطة لكن بصورة ما هو يخضع للمركز تحت درجة اللون (وذلك تحت فرية وفزاعة انكماش الهويات الضعيفة من الخطر الهويّاتي اللوني المغاير القادم من الهامش الجغرافي.*
*المناطق الأكثر تهميشا في وسط السودان حيث تنشط فيها عوامل الجهل والتخلف،التي ساهمت فيها  إرادة المركز  لإستدامة الجهل والتخلف، لإحكام سيطرته عليهم، فالتهميش الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه تلك المناطق، يجعلها  تدخل الصراع الدينامي حول السلطة ويجعلها منافس رئيسي لبقية الهوامش.*
*نجد أن اسوأ أنواع التهميش هي في أماكن داخل دائرة قبضة السلطة نفسها بل نجد أن مراكز الخدمات فيها متعفنة ومتآكلة في ظاهرها وجوه‍رها ولا تصلح لأن تكون مراكز تنمية حضرية.*
*هذه الهوامش نتيجة ضعفها وتفككها وقربها من السلطة ؛جعلها عرضة للبطش والتنكيل بصورة عنيفة، عكس الهوامش الجغرافية الأخري التي اتاح لها الموقع  القدرة علي رفع السلاح ضد الطغيان .وهذا ما جعل لها خاصية التفوق واكتساب خصائص التمييز كمهمش وحيد.*
*ولو قدر للهامش المحسوب جزافا على السلطة كحاضنة اجتماعية أو ثقافية أو …. الخ لحمل السلاح لأن كل عوامل وظروف التهميش من عدم وجود تنمية حقيقية وسيطرة على موارده واقصائه بصورة مباشرة عن دائرة السلطة المركزية، لخلق من حمل السلاح معادلة متوازنة على الأقل في نظر البعض الذي ينظر له كسلطة في حين أنه أكثر تهميش واذلال.*
*لذا أي خطاب للهامش يتجاوز هذه المجتمعات ( او الشعوب حسب رؤيتهم القاصرة لمفهوم الشعوب لأنها لاتخلق وحدة شعوبية من واقع التقسيم الثقافي،  الا إذا خضعنا لعقل العباقرة الذي اعتمدوا اللون كمعيار لوحدة الشعوب،حتى اللون لاعلاقة له بالتقسيم على الأساس الثقافي، بل هو تقسيم بيولوجي عرقي تجاوزتها المجتمعات في حركتها تجاه الانسنة  ) المقهورة في قبضة السلطة المركزية فعليه النظر إلي مرآة الحرية والعدالة وربما تسقط مفاهيم كثيرة كالصراع الثقافي والأساطير التي يبرع فيها عباقرة الهامش الجدد*
*اخيرا*

*في ذاكرتي مشهدين قريبين الأول ملحمة سد كجبار والثانية سبتمبر ٢٠١٣ م ففي لحظة واحدة اسقط الديكتاتور ٢٠٠ شهيد*

*الخلاصة*

*ان التقسيم الثقافي يخلق قوميات متنوعة  بحقولها الثقافية والاجتماعية تعمل  في دائرة تنافسية مع الآخر ولكن لاترتقي هذه القوميات لمستوى  شعوب،وهذا في حد ذاته تنميط الا إذا اخذنا بعقلية مصنفي الهامش  ( الوحدة علي اسس اللون)*

*محمد قيسان*
*٢٧-مارس-٢٠١٨*