الجمعة , أبريل 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *??علاء الدين الدفينة يروي تجربة اعتقاله … (ذهبان).. جدلية العرش والشيطان.*

*??علاء الدين الدفينة يروي تجربة اعتقاله … (ذهبان).. جدلية العرش والشيطان.*

11-02-2017

(1)

مقدمة :
(ذهبان هو اسم اسوا المعتقلات السياسية والعقائدية الموجودة في الشرق الاوسط…. ويقع خارج مدينة جدة السعودية على شاطئ البحر الاحمر ويتواجد بداخله الالاف من المعتقلين السياسيين من كل دول العالم…وهو اقرب للقلعة العسكرية من كونه معتقلا سياسيا…كما يتواجد به معتقلين من الجنسين واطفال بصحبة امهاتهم في النصف الذي يخص النساء… وكسائر المعتقلات والسجون السياسية التي دخلتها وتنقلت فيها داخل السعودية فانك تعرف مدى البشاعة ومستوى الظلم من اصوات الرجال الذين يصرخون ليلا ونهارا بعد ان تنهار اعصابهم نتيجة الضرب والتعذيب النفسي والبدني… 
في هذا السجن الكئيب فان الشمس الوحيدة التي تراها هي شمس يقينك بالله…في هذا السجن تعشش بداخلك شمس يقينك بقضاياك… هنا تخامر شمس الحرية وتعاقر شمس الانسانية… 
سياتي سرد تفصيلي لما يجب ان يعرفه العالم مما يدور خلف اسوار هذه القلاع الشيطانية…)
………
عرش ابليس :
في تمام الثامنة والنصف صباح الاثنين 26 ديسمبر 2016 توقفت بجانبي عدة سيارات فارهة من صنع امريكي وترجل منها العديد من جنود القوات الخاصة السعودية وقوات الطوارئ والامن والاستخبارات وبعض عساكر الشرطة الذين وصلوا على متن دوريات الامن.. تم تطويق المنطقة التي اوقفت فيها سيارتي واحاط بي بعض الجنود الملثمين والمدججين بالسلاح وسلاحهم مصوب نحوي…لم يكن يظهر منهم غير عيونهم..رجال تتدفق القسوة والشراسة من عيونهم..ذوي اجساد فارهة في الطول وابدان ممتلئة مفتولة العضلات.. يضعون اصابعهم على الزناد وينظرون نحوي بحذر مصحوب بتاهب تام.. وتحت حماية بنادقهم تقدم نحوي احد الضباط وبيده قيود حديدية امريكية الصنع..وبسرعة شديدة وضع يده على الباب حتى لا افتحه بينما امرني بوضع اليدين في مقود السيارة.. امتثلت لامره بهدوء.. قام بتقييد يدي وفتح باب السيارة وامرني بالخروج منها بهدوء.. وكمن كان يساعدني على الترجل من سيارتي وضع يده اليمنى على رقبتي بينما كان يمسك يدي المقيدتين بيده اليسرى.. وما ان وطات قدمي الارض حتى التف حولي الجنود المدججين بالسلاح في نفس الوقت الذي اقتربت فيه مني سيارة امريكية ذات حجم كبير يقودها جندي ملثم وعلى المقعد المجاور له جندي اخر يجلس ووجهه نحو المقاعد الخلفيه وسلاحه مصوب نحوي..صعدت السيارة وجلس جنديين عن يميني ويساري…
سبق ذلك مكالمة هاتفية من رقم مجهول افادني فيها المتصل انه موظف بمكتب بريد (الزاجل) وان لي طردا بريديا من شركتي… ذلك بعد ان استوثق من اسمي…
لفت نظري من المكالمة انه حدد جهة البريد الوارد وهي مدينة نجران السعودية التي تقع في الحدود الجنوبية مع اليمن حيث رئاسة شركتي…ونجران تعتبر جبهة مواجهة عسكرية شرسة مع الحوثيين وعلي عبدالله صالح وتتلقى بشكل راتب عشرات الصواريخ والقذائف المدفعية الحوثية… وكنت قبل الاعتقال باسبوع قد انهيت زيارتي لها وهي الثانية خلال شهر لاجتماعات مجلس ادارة الشركة التي كنت اتولى فيها مهام استشارية وبحثية ومهام تتعلق بالاستثمارات والمشاريع…لذا فليس من الطبيعي ان استقبل طردا او رسالة بريدية من نجران التي كنت فيها اصلا…كما ان اي ارسالية تخص العمل لا يتم ارسالها الا بتوجيه مني… ومما لفت نظري ايضا ان المتصل افاد بان الطرد البريدي من مكتب اسمه الزاجل…وهذا الاسم بالتحديد هو الذي استخدمه في الرسائل التي اوجهها ضد جهاز الامن السوداني ورئيسه محمد عطا وكانت بعنوان (رسائل الحمام الزاجل) ومنها الرسائل التي صدرت ابان العصيان المدني… لذا فقد كان واضحا لي ان هناك شيئا يحدث خصوصا وانني كنت اتوقع الاعتقال ونبهت له اسرتي التي هيأتها لذلك وناقشني في ذلك بعض الاقارب والاصدقاء الذين طلبوا مني مغادرة السعودية والتوجه لاي دولة عدا السودان…ولكن كان قد فات الاوان. 

(2)

مكة المكرمة.

حينما القي على القبض كنت بمكة المكرمة في حي العمرة جوار صيدلية ابوعمار…وقتها كنت متوجها من شقتي للعمل وبحسب برنامج ذاك اليوم فقد كان مقررا ان اتوجه لمدينة جدة برفقة الصديق بكري الطيب عيسى وذلك بعد ان اذهب للمكتب… اتصل بي بكري قبل ان يتصل بي الامن السعودي وطلبت منه ان ياتيني في الشقة ليذهب معي لمكتبي ومنه نتوجه لجدة…وبينما ذهبت لمقابلة ضابط الامن السعودي والذي ادعى انه يمثل مكتب بريد الزاجل كان بكري قد وصل للشقة وظل بسيارته منتظرا حضوري…وقتها كنت انا فعليا في قبضة الاستخبارات السعودية المدعومة باجهزة اخرى.

صعدت لسيارة الامن وجلست في المقعد الخلفي متوسطا فردين من الجنود الملثمين… وجلس في المقاعد الامامية اثنين اخرين احدهما هو السائق… وتقدم احد الجنود الفنيين من سيارتي وبدا بتفتيشها تفتيشا دقيقا…بينما انهمك الضابط في تفتيش محتويات جيوبي التي صادروها بما فيها جوالي وبطاقات هويتي وبطاقة الصراف الالي والتامين الصحي وبطاقات واوراق اخرى من ضمنها كرت عمل لمرافق خاص من مرافقي احدى الاميرات من ال سعود…وجدوا في السيارة بطانية جديدة ملفوفة بعناية كنت قد اشتريتها ضمن اغراض اخرى لاسرتي التي غادرت للسودان قبل اعتقالي بتسعة ايام فقط… وكنت قد نسيتها في جيب السيارة الخلفي… تعاملوا معها على انها جسم يشكل خطورة وظنوها متفجرات…واصيبوا بالاحباط حينما اكتشفوا انها بطانية… لم يعثروا على شي في السيارة سوى اوراق تخص العمل وبعض مخططات المشاريع… وبطاقات عمل وعنوانين داخل مكة اصابتهم بالازعاج واستغرقت لاحقا وقتا طويلا في الاستجواب والتحريات.

بقينا وقتا طويلا في مكاننا هذا وكانت السيارات المارة تبطئ من سرعتها وهي تستكشف انتشار جنود القوات الخاصة وقوات الطواري في المنطقة… تظن لوهلة ان المكان استحال لمنطقة عسكرية تعج بالجنود الملثمين والمدججين باسلحتهم… حينها كنت مكبل اليدين… كانوا بانتظار احد ما… سالتهم عن هويتهم واجابني احد الضباط (راح تعرف)… كنت على يقين ببراءتي من اي جرم…لم تسجل ضدي ولا مخالفة مرورية… وعملي كان ذو ارتباط بوزارة الداخلية السعودية وكنت حذرا تمام الحذر فيما يخص القوانين السعودية… كما كنت على يقين تام ان نظام البشير يقف وراء هذه العملية الدنيئة اذ كان في الاذهان الموقف المماثل الذي تعرض له المناضل البطل الاستاذ وليد الحسين مؤسس موقع الراكوبة الحر والمحترم… مرة اخرى سالت الضابط الذي على يميني هل لنظام البشير علاقة بهذه العملية؟ فاجابني (انت معارض للبشير؟)… اجبته بالايجاب ثم ابتسمت واردفت بعبارة اعتز وافتخر بها ما حييت (تاخرتم كثيرا…فعلنا ما يجب فعله)..وكنت اعني العصيان المدني الذي زلزل عرش البشير وارعب الطغيان وهز اركانهم هزا… طلب مني الضابط الا اسال…وسالني ان كنت بحاجة لماء اشربه…ثم ناولني قنينة مياه صحية… شربت منها قليلا وامسكت بالقنينة في يدي.
بعد قرابة ساعة ونصف تحركوا للشقة بهدف تفتيشها…كان المصورون يوثقون في كل شي تصويرا فتوغرافيا وفيديو… خارج العمارة التي كنت اقطنها توقفت سيارة صديقي بكري…وحينما وصلوا قريبا منه توجسوا منها ونزل نحوه بعض الجنود وطلبوا منه مغادرة المكان…والذين توجهوا نحوه كانوا من جنود القوات الخاصة السعودية… وهؤلاء من اشرس جنود المملكة وافضلها تدريبا… وبالفعل تحرك بكري بعيدا عن الموقع…دخلوا الشقة وقاموا بتفتيشها تفتيشا دقيقا شمل كل ركن منها…كانوا يبحثون عن شي ما…تركيزهم انصب على اجهزة الاتصال التي ظلوا يسالوني عنها باستمرار… ولم يجدوا اي شي…سالوني كيف اتواصل مع العالم… اجبتهم (بالموبايل)… لم يصدقوا..واعادوا التفتيش الذي وصل مرحلة نزع فرش الارض والبحث تحته…صادروا مني جوالين وبعض المستندات الخاصة وذواكر رقمية…ولم يتركوا شيئا دون توثيق مصور… حينها كنت اجلس في الارض حسب توجيههم بينما اسلحة اثنان منهم مصوبة نحوي… غادروا الشقة بعدها وطلبوا مني ان اتصل بمن يستلم مفاتيح السيارة والشقة…اجبتهم بان الرجل الذي طردوه هو من ااتمنه على ذلك…سالوا عن رقمه في الجوال وطلبوا مني ان اطلب منه الحضور فقط دون اي توضيح اخر…ثم اتصلوا به…وطلبت منه ان يحضر… وبالفعل حضر وهو في غاية الانزعاج وسلموه المفاتيح وطلبوا منه الانصراف… ولو لم يكن بكري بالجوار لما عرف العالم اين ذهبت…اذ عرف الجميع باعتقالي بواسطته.
……..
مرة اخرى طال انتظاري بسيارتهم وهم ينتظرون حضور شخص ما… وبعد فترة وصلت سيارة تتبع للامن العام السعودي… ترجل منها ضابط صف يرتدي زي الامن العام المميز لي…قام بالتوقيع على بعض الاوراق وسلمهم بعضها ثم غادر وهو يحمل البعض الاخر…بعدها تحركنا في رحلة طويلة تتقدمنا فيها بعض سياراتهم ومن خلفنا اخرى…كانوا ينطلقون بسرعة جنونية… حينها كمموا عيوني بكمامة سوداء يطلقون عليها اسم (غمة)… بعد زمن بدات السيارة تهدي من سرعتها حتى توقفت… ونزلوا منها ثم عادوا واوثقوا رجلي بقيود حديدية وانزلوني من السيارة ثم اقتادوني لاحدى الزنازين…جلست على الارض وكنت مكبل اليدين والرجلين…سحبوا مني حزام بنطال الجينز الذي كنت ارتديه…ثم فتحوا الزنزانة وسالوني عن بعض المعلومات الاولوية التي تخص بطاقتي الشخصية …ومن ثم اخذوا عينة من دمي…ومرة اخرى طلبوا مني ان اخرج…خرجت برفقة بعضهم وتوجهت للخارج وانا اجرجر القيود الحديدية ووصلت لسيارة تبينت بصعوبة انها سيارة اسعاف…ساعدوني على صعودها ثم اغلقوني داخلها…وتركوني فيها فترة طويلة وكانت دون تكييف في وقت اشتدت فيه الحرارة وارتفعت درجاتها… ثم انطلقنا بعد فترة في رحلة استغرقت وقتا طويلا قبل ان يتوقفوا توقفا تاما ويفتحوا لي الباب… انزلوني منها واقتادوني لاحدى الزنازين… حينها كان الليل قد دخل…طلبت منهم ان يسمحوا لي بالصلاة…وبينما كنت في طريقي للحمام طلب مني مرافقي ان اذكر الله واتذكر ما تعرض له الامام احمد من سجن وظلم…قلت له تتذكرون مظلمة الامام احمد وتنسون ظلم من ظلمه؟؟؟…صمت الرجل ولم ينطق بعدها بكلمة…توضات في قيدي…وبه صليت… ثم اخذوني من الزنزانة لمكتب وجدت بداخله احد الضباط وامامه بعض الاوراق ودفتر للتحري…نزعوا الغمة عن عيوني وطلبوا مني الجلوس في احد المقاعد المقابلة للضابط… رحب بي بتهذيب تام وسالني (انت وين؟)..قلت له لا اعرف… سالني مرة اخرى (ليش قبضنا عليك؟) واجببته (لا اعرف)… قال لي انت في قبضة الامن السعودي وقد صدر قرار بالقبض عليك وايداعك السجن لفترة غير محددة…ولم يحدد التهمة.
من هنا ابتدات رحلة السجن الطويل و التحريات السقيمة…

(3)

الدعارة السياسية.
حينما ادخلوني لاول غرفة تحقيق كنت موقنا بانني برئ من اي تهمة تخص الدولة السعودية… وكنت على يقين تام بان نظام البشير سلمني للامن السعودي… وقبل الاعتقال تلقيت عدة تحذيرات من الاسرة والاصدقاء والاهل برفاعة وكلها تحمل تنبيها عاليا بضرورة مغادرة السعودية ومن ضمن هؤلاء السادة محمد فول وعثمان الجمل واشرف فاروق والزين الامين وعادل الفادني وغيرهم.
غرفة التحقيق تقع في الطابق الارضي…مطلية بلون ابيض وتطل من سقفها كاميرات مراقبة واجهزة تسجيلات صوتيه… تحتوي على طاولة ومقعدين مثبتين على الارض و ستة مقاعد جانبية جميعها من الاستيل… لها بوابة واحدة وثلاث نوافذ مغلقة باحكام ومظللة تظليلا كاملا بحيث لا تستطيع ان ترى شبرا خارجها… ومن بعض الاثار الموجودة على الجدران علمت بان هذه الغرف ستشهد يوما ما امام الله على من تلظى بداخلها من رجال.
رمقني المحقق بنظرة تساؤلية فاحصة وهو يسالني سؤالا مباشرا (ايش مشكلتك مع عمر البشير؟)… واجبته بسؤال (هل البشير هو سبب وجودي هنا؟)… فاجابني بوضوح (طالبت حكومتك بالقبض عليك وتسليمك وتلقينا عبر سفارتك طلبا رسميا بذلك).. ثم طلب مني ان اتحدث.
اطمان قلبي طمانينة لم احس بمثلها في حياتي… وذلك لعدة اسباب… اولها ان سبب اعتقالي لا يمت بصلة للوضع داخل السعودية…وان القضية الاساسية في ذلك ترتبط بقناعات اعيش بها ولها وهي حرية هذا الشعب العظيم وتحرير وطننا من عصابات الارهاب البشيري.

اصبحت التهمة واضحة لي…وهي شرف اتمرغ تحت قدميه… كان المحقق ينظر في عيني نظرة فاحصة وهو ينتظر افاداتي… كنت انظر نحوه مبتسما ومتسائلا عما يريد ان يعرفه…وقررت ان اكون مباشرا في اجاباتي وان تكون افاداتي واضحة ومبسطة…كما قررت ان ادير التحقيق وامسك بزمام المبادرة…ان اسوا ما يمكن ان يقع فيه اي سياسي هو ان يسيطر المحقق على مجريات التتحقيق…القاعدة الاساسية في اي تحقيقات تعرضت لها في حياتي هي ان اسيطر على التحقيق واديره واوجهه حيث اريد لا حيث يريد المحقق … ثم ا هؤلاء القوم لا يعرفون معنى الشعوبية ولا ينتمون للوطنية والحرية باي صلة…تربيتهم نشات على الانصياع لال سعود والسجود لقصورهم…تربيتهم اساسها الاستسلام لعبودية القصور والحكام… 
قلت له اسالني واجيبك… قال لي حدثني عن الاحداث الاخيرة في السودان… فسالته عما يقصده من احداث…قال لي (الاعتصام اللي صار عندكم)… قلت له لم يحدث اي اعتصام في السودان…قال لي (ايش في عندكم…قولي اللي صار).. قلت له حدث (عصيان مدني)… قال لي (ايش يعني عصيان مدني)… قلت (حركة مقاومة مدنية… جماهيرية…سلمية…شاملة… صامتة…قرر بموجبها الشعب ان يواجه نظام البشير عبر البقاء داخل المنازل لفترات زمنية محددة ومعلنة ومتفق عليها ويشمل ذلك عدم الذهاب للعمل او الدراسة او ممارسة اي نشاط حيوي مما يعني تعطيل كل اوجه الحياة وارسال رسالة لنظام البشير مفادها ان للشعب وسائله السلمية الرادعة والمجربة والكفيلة باسقاط النظام)… ثم اردفت …العيان المدني قرار شععب كامل وليس افراد…وهو مسبب واقتضته عدة ظروف اقتصادية ومعيشية…
نظر نحوي طويلا ثم قال لي (بس الخروج على الحاكم حرام)… هنا علمت انه يستدرجني نحو ملعبه هو…ملعب الدين… وهذه كارثة حقيقية… عبارته تحمل ابعادا خطيرة جدا ذات صلة بالفكر التكفيري وهذا ميدان الصراع الطويل داخل المنطقة وهو (علاقة الدين بالدولة)… قلت له (الدعوة للعصيان المدني لا تحمل فكرة خروج…بل دخول) قال لي (كيف يعني)… قلت (العصيان يعني ان يلتزم الناس بيوتهم لا ان يخرجوا منها…فكيف يكونوا قد خرجوا؟)… سالني…انت دعيت للعصيان ضد البشير؟ اجبته : (انا ايدت دعوة جمعية تبناها شعب كامل مفادها التزام المنازل لثلاثة ايام وعدم ممارسة اي عمل او نشاط خلال هذه الفترة في رسالة للبشير بان الشعب يستطيع ان يقول لا باكثر من وسيلة وطريقة واسلوب)… سالني مرة اخرى عن الاسباب وتلوت عليه كتابا كاملا عن معاناة شعبنا في ظل نظام البشير ابتداء من الخدمات مرورا بالضائقة المعيشية وانتهاء بالحقوق القانونية والسياسية والدستورية.
نظر نحوي طويلا وهو يمسك بملف التحقيق ويقلب في بعض الاوراق… ثم سالني (انت معارض للبشير؟) اجبته (نعم)… سالني بعدها عما وجدوه معي اثناء القبض علي وعلى بعض ما عثروا عليه عند تفتيش السيارة والشقة…ما من شي ذو اهمية الا جوالي وما يحتويه…ثم قال لي : سوف يتم سجنك بتهمة (الدعوة للعصيان المدني ضد البشير)… وكتب ذلك في الغلاف الخارجي لدفتر التحقيقات… وقد شملت الاسئلة جوانبا اخرى حول الاسم والعنوان والعمر والمهنة والهوية والحالة الاجتماعية والعنوان بالمملكة والسودان وغيرها من معلومات ذات صلة.
خرج من غرفة التحقيق بعد حوالي ساعتين وجلست فترة طويلة قبل ان يدخل احد الجنود ويضع الغمة السوداء على عيوني ويقتادني مرة اخرى لمسافة طويلة عبر ممرات متعرجة وانا اجرجر في القيود الحديدية التي تكبل خطواتي بينما اليدين مصفدين بقيود قاسية تضغط على المعصمين.
ادخلوني لصالة فسيحة تنتشر فيها عدة مقاعد حديدية معدة للانتظار كما ينتشر بداخلها عشرات الحراس… جلست في انتظار مرافقي الذي مضى لتخليص بعض الاجراءات… حضر بعد فترة واقتادني لاستديو داخل السجن تم تصويري فيه من كل الزوايا ثم اخذوا بصماتي… كانت تلك مرحلة التفييش… جاءني احد الجنود بملابس جديدة عبارة عن ثوب وملابس داخلية وطلب مني ان ارتديها… ثم قال لي ان هذه هي الملابس الموحدة للسجن وانهم لن يردوا لي ملابسي عند خروجي منه… واعطوني رقما بدل اسمي وكان الرقم هو (8/946).. ومنذ تلك اللحظة اصبحت انا الرقم (8/946) واختفى اسم علاء الدين الدفينة… ثم اقتادوني لصالون حلاقة داخل السجن وحلقوا لي راسي…بعدها ذهبوا بي لمستشفى داخل السجن وسحبوا من وريدي دما للمرة الثانية خلال هذا اليوم… وخضعت لكشف طبي عام… ومرة اخرى اقتادوني في رحلة طويلة عبر ممرات متداخلة ومتعرجة قبل ان يفتحوا احدى الزنازين ويضعوني داخلها…وقتها كنت على اعتاب فجر اليوم الثاني.
اصبحت هذه الزنزانة بيتي الجديد…تحمل الرقم 12 في الجناح رقم 3’… جناح التحقيقات…وما ادراك ما جناح التحقيقات… في معتقل وسجن ذهبان… وما ادراك ما معتقل وسجن ذهبان.

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.