الثلاثاء , أبريل 23 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* *أرواح تائهة (8)*

*قصاصات* *أرواح تائهة (8)*


تقلبت في مرقدي حتي أطل الصباح ، وانطلقت نحو المكتب أنتظر (نينا) لم تحضر، وسألنني الباحثات عن ماذا أريد ؟ فلم استطع أن أجيب ، وخرجت متجهاللمدرسة التي قضيت فيها ساعات لم أتبين ماذا درست؟.
وعدت للغرفة ، وحاولت أن أتمدد علي فراشي ، وكأني اتمدد علي الجمر ، وخرجت نحو غرفة اصدقائي التي كانت خالية ، اتصلت عليهم ، فأجاب (محمد مدثر) وقال لي : نحن علي مشارف (بلجيكا) وهنالك معسكر بحوى لاجئين يتسللون من خلاله لبريطانيا عن طريق الشاحنات ، والباصات السفرية ، تمنيت لهم التوفيق .
خرجت وجلست تحت المبني ، وشاهدت الشرطة تحيط بسكن إحدى اللاجئات الإفريقيات ، ومن حديثهم فقد وشي بها بعض اللاجئين ، بأنها تمارس الدعارة أو تحضر فتيات مقابل عائد مادي ، وجاءت الشرطة وأخذتها بعد مشادات ، وصراع ، وتم نزع الأطفال – لتستلمهم الحكومة الفرنسية ، ولديها ثلاثة اطفال ، من ضمنهم طفلة رضيعة لم تبلغ من العمر شهرين – أن القانون الفرنسي يحاكم في قضايا الدعارة اذا كانت مرتبطة بعائد مادي ، ويعد إنتهاك للإنسانية ، فيجب أن تكون العلاقات مبنية علي نازع أخلاقي أو حب !
أما المبنية علي مقابل مالي فيعد جريمة – سحبوا أطفالها واقتادوها للمحاكمة ، فالأطفال ترعاهم  الدولة الفرنسية ، وهي صاحبة القرار في تهيئة بيئة صالحة لهم ، — سبحان الله — .
قضيت أكثر من شهر ، وأنا وحيد أتوسد حوائط غرفتي واذهب يومياللمكتب لقد تم نقل (نينا) لمكتب آخر ،    واستلمت الرسالة التي منحتني إقامة عشر سنوات ، وقفزت في شوارع (ليون) فرحا، ولكن لوحدي ، ولا تسعدني سوي بعض الإتصالات من أفراد أسرتي لتنهال علي التهاني ، والتبريكات.
وعدت لغرفتي الكئيبة لاجد ورقة صغيرة مكتوبة باللغة الانجليزية :
(العلاج الذي لا يحوي ألم غالبالا يفيد ….
إقامة طيبة في باريس)
(نينا) .
شعرت بغصة في حلقي ، وقلبي يعتصرني ، لقد قضيت شهر أتقلب في فراشي كي انساها ؛ ولكنها كلما غابت توهجت في داخلي ، وشعرت أنها تعاني أيضا، وقلت مواسيانفسي :ربما هذه الإقامة التي منحتني لها الحكومة الفرنسية تزيل هذا الجدار .
أغلقت غرفتي ، وخرجت لقد حددت وجهتي ، وأنا في المترو اتصل بي (محمدمدثر) واستقبلت مكالمته وهو يصرخ :
لقد نجحنا يا صديقي ،  ركبنا شاحنة ، وتم تفتيشها ثلاث مرات ، ولم يعثروا علينا ، نحن الآن في بريطانيا ، ووصلتني أصواتهم من خلال الهاتف ، يتقافزون ويرقصون ، وأغلقت الهاتف.   
في هذه اللحظة كنت قد وصلت شقة (نينا) فقرعت الجرس ، وأنا أفكر ماذا أقول لها ؟ حتي فتحت هي بصورتها البهية التي تجعلني دائما أتوقف دقيقة مشدوها بالجمال الفرنسي ، والقوام اللادن ، والشعر المتدفق ،والعيون الساحرة ، وهي تنظر لي مندهشة ، فقلت لها :
لقد نجح صديقاي وهم الآن في بريطانيا ، لقد ركبوا شاحنة تم تفتيشها ولم يعثروا عليهم ، كنت أبحث عن حديث ، أو سبب يجعلني أراها ، وكنت اتذرع حتي يبدو في محياي حتي أنني كنت خجلا ، ولكنها لم تتغير ( نينا) فأحتوتني ، وعانقتني حتي شعرت بيديها تمسح علي ظهري وهي داخل صدري العطش الظمآن ، وعادت للخلف خطوة ، ومهما ما تريد أن تقوله فأنا أتحمله ، فيكفيني أنني التقيت بها وسعدت بقربها ، لا يوجد حب كامل ، ولا سعادة كاملة ، الآن أنا مقيم في فرنسا ، وسوف أحصل علي إمتيازات  ، واصحابي وصلوا لبريطانيا ، كل هذا يدور في خاطري وهي تنظرني مبتسمة ، يجب أن أشكرها ، وانسحب من حياتها ، ولم يمكنني أن ادرك كل شئ جميل في الحياة .
كان الصمت طويل وهي تفكر ، كيف تتخلص مني ، فقد أصبحت زائراثقيل فقالت لي :
(الريح) هل ستعيش معي في شقتي ، أم أذهب لأعيش معك في غرفتك ؟، ولا تنسى في الحالتين سنتقاسم ثمن الإيجار …

ليس كل النهايات تكون بهذا الشكل ؛ فالبحر الأبيض يحوي آلاف الأرواح التائهة ، وأوروبا إختبار نتيجته يكون تسكع الكثيرين من الشباب ، او يسقطوا فيه ؛ حتي يصابوا بالجنون .
ولا أزال أعيش في مدينة (ليون) الساحرة …

( نهاية )

Ghalib Tayour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.