الثلاثاء , أبريل 23 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* أوراق مبعثرة (14)

*قصاصات* أوراق مبعثرة (14)


كان حديثهم بصورة حازمة ومخيفة ، وكانت عيونهم يتطاير منها الشرر ، و (اسماء) تشدني وتقول : ارمي البندقية سيقتلونك ، ارمي البندقية ، كان صوتها وكأنه آتي من آخر العالم ، ورميت البندقية ، وهم يصرخون في بعضهم :
اقتله ، فليس لدينا وقت للأسر والإزعاج ، وصوب أحدهم البندقية بسرعة نحوي ، وسحب الاجزاء ،  وتسمرت في مكاني ، وتحركت (اسماء) بسرعة  ووقفت أمامي ، وهى تقول لهم:
أنه أيضا أسير ليس له ذنب ، وهم يصرخون في وجهها:
ابتعدي أيتها المرأة ، سوف نطلق النار عليك ، أنه قاطع طرق ، وهنالك آخرين بدوا جميعا يصوبون اسلحتهم نحونا ، حتي سمعت صوتا” أعرفه  أنه الضابط  (قسم السيد) واطلق صرخته فيهم: ثابت ، كما كنت ، وهو يتقدم نحوي ، واخذ البندقية ورماها لأحد العساكر ، وتقدمت نحوه وأنا فرح لقد نجوت ، وتهللت أسارير (اسماء) ، وتقدم حتي وقف أمامي مباشرة، وقال لي :
لقد أخبرتك بالحملة التي سنقوم بها علي هؤلاء الخارجيين علي القانون ، وفررت ، واتيت واخبرتهم يا خائن ، كان لدي إحساس بأنك خائن  وعميل ، ولكني فضلت حسن الظن ، وشعرت بيده ترتطم بوجهي كالمطرقة ، وانهال علي باللكمات والضرب حتي سقطت ، و(اسماء) تحاول ان تبعده عني ، وهو يدفعها بعيدا” عنه حتي لا تمنعه حاولت أن أنهض وأقاوم ولكني شعرت بجنوده يتحفزون ، وهو يواصل ركلي بالحذاء العسكري ويرفسني به حتي شعرت بضلوعي تكاد تتكسر ، واسمع صوت (اسماء) وهي تبكي وتترجاه وهو غير آبه بها ، حتي أمر العساكر أن يسحبوني ويرموني في ظهر احد السيارات التي تتبع لهم ، ولم اشعر الا بجسمي يرتطم بظهر السيارة ، و(اسماء) بقربي ، ووضعوا القيد في يد واحدة واليد الاخري كانت يد اسماء والتف القيد بحديد الشباك الخلفي للسيارة (التاتشر) ، وتركوا احد العساكر يراقبنا ، وكان يأتينا صوت الطلقات من عدة أمكنة ، يبدو أنهم يطاردون( جارين) حول الجبل حتي تلاشت الاصوات  .
والدماء تتدفق من وجهي ، واشعر (باسماء) تمسحها بجزء من ملابسها وتبكي ، واطمأنها كل فترة بأني بخير ، حتي حضروا وكنت اسمع صوت الضابط في راسي ،من بعيد ، وهو يضج ويثور ويتوعدني ومن الواضح ان (جارين ) قد فر هو ورجاله ، وجاء  الضابط  ومد يده من شباك السيارة وجذبني نحوه من ملابسي وقال لي:
لقد خدعتنا ، ومحاولة هروبك من الخلف ما هي الا تضليل للجيش ، وقد مهدت (لجارين) الهروب من الأمام ونحن مشغولون في القبض عليك .
حاولت أن أتكلم وأوضح له ولكنه لم يعطني فرصة إذ دفعني بقوة ، وأمر جنوده بالتحرك.
بدأت السيارات تتحرك وانا اشعر بالقيد يمزق يدي من اثر السرعة الزائدة التي يقودون بها السيارة ، وكان الطريق وعرا” وطويلا” ، حتي وصلنا القيادة ، فكوا قيودي وسحبوني لزنزانة صغيرة ، وكانت اسماء معى لا تفارقني ، ودفعوني داخل الزنزانة بصحبة (اسماء) واغلقوا علينا ،وجلسنا على الأرض ، وجسمي يؤلمني من الضرب ، ووجهي تسيل منه دماء ،فتمددت على الأرض ، واخذت(اسماء) رأسي تتوسده على  فخذيها وتمسحي الدماء التي تتقاطر من جبيني ، وأنفي  باكمام ملابسها ، ورغم ألمي ، فقد شعرت بالأمان ، وهذه المرأة الجميلة القوية  تحتويني ، وتمسح مواجعي بحنان  ، وشوق ، وأشعر بدفئها يسري في جسدي.
كانت الساعات تمر ولم أشعر بالجوع ، والعطش ، فقط أشعر بأني سعيد بين أحضانها ، لقد ادخلتني في هواها بلا تاريخ ولا زمن ، وجعلتني أعشقها بالمواقف ، انها امرأة من عصر آخر بلاشك!!
بدأ الظلام يسدل استاره  والنهار يودع ، ولا نشعر سوي بحركة العساكر تدور حول المكان ، ماذا يريدون ان يفعلوا يا تري ؟ سؤال اصبح يؤرقني ، ولكن أملي في الله كبير .
حضر ثلاثة من العساكر وطلبوا منا التحرك ، خرجنا من الزنزانة ليتكرر نفس المنظر وضعوا لي القيد وحضر الضابط (قسم السيد) وصعد هو ومعه السائق وصعد معنا في الخلف  العساكرالثلاث ، وتحركت السيارة تشق الليل نحو الجبل ، حتي بدأ الجبل يظهر مثل شبح ، وتوقفوا تحت مجموعة من الأشجار ، وانزلونا ، وقيدوني لوحدي على شجرة ، وأتى الضابط وجلس أمامي ، وقال لي :
لن اتحدث معك كثيرا أين (جارين) أريدك أن تقودني اليه ؟
فقلت له:
سوف أشرح لك ، فقاطعني :
لا أريد شرح أريد ان تخبرني الآن اين (جارين) ، قلت:
و الله لا أعرف ، فنظر للعساكر الذين معه وقال
لهم:
أريدكم أن تغتصبوا هذه المرأة بوحشية ، وسوف انتظركم في السيارة ، كنت اظن أنه يهددني فقط ، وانا أنظر اليهم ، فامسك أحد العساكر (باسماء) ومزق فستانها ،وهي تحاول أن تقاوم ، فصرخت فيهم:
إياكم سوف اشتكيكم للقيادة ، و(اسماء) تقاومهم لتطلق يدها من احدهم وهو ممسكا” بها بقوة ، كانت تحاول أن ترتدي فستانها ،لتغطى جسمها ، ولكن أحدهم مزقه حتي ظهرت ملابسها الداخلية ، وذاك الضابط المعتوه يتفرج وتظهر أسنانه كأنه مستمتع بالمشاهدة ، وانا أصرخ وأحاول أن أنزع القيد الحديدي المحكم ، وقلت له:
سوف أخبركم فقط اتركوا (اسماء) ، فقال لهم :
كما كنت ، ما ابشع السلطة التي تبني علي انتهاك الحرمات!!  وقال لي :
اين (جارين) يا باشمهندس قاله وهو يستهزيء ، وكأني كاذب ، وكل ما قلته من وحي خيالي ، كان يجب ان اصنع كلاما  مقبولا حتي اقنعه ، وأنا انظرالى (اسماء) ترتجف وهي تقف شبه عارية ،تحاول أن تستر ماظهر منها ، فجمعت كل قواي وقلت له:
أنه يريد الأمان وسوف يسلم السلاح ، لو أعطيته وعدا” ، بدا ينظر لي مليا” وهو غير مقتنع ، ويفكر وأناأافكر ، ولكي اقطع الشك عنده اقدمت علي خطوة اخري قلت له :
انا حافظ للعهد باللغة الانجليزية
(I kept covenants)
فقد راودني احساس بأنه لايصدق اني مهندس ، فنظر لي مشدوها” وقال لي : اتجيد اللغة الانجليزية فقلت له انا خريج جامعي هندسة مدنية ونطقتها له بالانجليزي ايضا ، فقال للعساكر غطوا هذه المرأة بفستانها ، ونظر لي قائلا:
سوف تقودنا لمكان (جارين) وأضمن لك محاكمة عادلة ، واذا تلاعبت معي ستكون حبيبتك فريسة لجميع جنود المعسكر .
كان ينظر لي نظرة ملؤها الريبة بعد ما صعدنا مرة أخري أنا و(اسماء)  على ظهر السيارة ، وطلب منهم عدم تكبيلي وهو يقول:
لو حاول الهرب اطلقوا عليها الرصاص ، وجلست  (اسماء) بجواري وهي تحتمي بي ملتصقة معي ، وأشعر بحرارة جسدها فملابسها ممزقة ، وهي ترتجف كعصفور سقط من عشه ، ورغم شعوري بخوفها الا انني استمد منها قوتي ،وخلعت قميصي والبسته إياها ، وجذبتها نحوي واحطتها بيدي اليمني  علها تحس بشيء من الأمان والدفء .
وبدأ عقلي يعمل بسرعة فالشئ الذي تعلمته في هذه اللحظات العصيبة ؛ أن الجيوش التي تحارب تنزع اخلاقها في قياداتها العسكرية قبل أن تصل لساحات المعارك ،  وتفعل كل شي  لكي ما تنتصر ، وكأنما القاعدة الذهبية لديهم(الغاية تبرر الوسيلة)   فيدفن الإنتصار تحت فرحته مساؤي الوسيلة التي ينتصر بها .
إلا أن طريقة الضابط في تعامل معي  تؤكد أن هنالك وقيعة ، نعم هنالك من أوقع بي عنده ، عدت سريعا من تفكيري و طرقت زجاج السيارة ، فتوقفت السيارة ونزل وهو ثائرا ينظر لي فقلت له :
سأكون معك واضحا أن الوسيط بين جميع الخارجين عن القانون ، هو (الكدك) وهو يحمي جماعة (حميدان) في منزله  ، وحاليا معه (نورين ) وقد طلب مني (جارين ) اخباره بالإتفاق الذي سيتم بيني وبينك ، كان ينظر الضابط نظرة بصورة غريبة ، حتي قال لي :
اذا كنت بريء من كل هذه الاشياء ، من أين تأتي بهذه المعلومات ، قاطعته لكي تتاكد من حديثي دعنا ندخل منزل (الكدك) الآن ، صمت وهو ينظر لي مرة اخري ، ويراودني شعور قوي بان هنالك شيئا يدور في منزل الكدك ، ثم قال لي :
ان (الكدك) هو الذي كشفك لنا ، وانك مزيف والمهندس لم يحضر من الخرطوم ، قاطعته ضاحكا رغم آلمي ، وقال لك ربما قتل المهندس وينتحل شخصيته ، أومأ الضابط برأسه علامة الإيجاب  ، وقال لي:
سنذهب لمنزل (الكدك)  ولو صدق كلامه ستعرف ماذا سأفعل بك ، وتحركت السيارة ، وقلبي يخفق بشدة ، وتنام (اسماء) في حضني ، بعد ما أحست بأن هنالك رجل يحميها ،رغما عن  الموت الذي يحيط بنا من كل الإتجاهات ، ولكني استلذ بوجودها داخل أحضاني …

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.