السفارة السودانية بكندا تشرع في رفع دعوي ضدي ([/4)
حامد بشري
قررت أن أشرك معي القارئ في هذه الرسالة رغم التنبيه الذي ورد في مقدمتها حول خصوصيتها وضرورة المحافظة علي سريتها . فضلت تعميمها لأن القضية التي تم طرحها في هذه الرسالة هي قضية رأي عام في المقام الأول تتعلق بالمواطنة وحقوق الأنسان وحرية الرأي وكيفية التعبير عنها وثانياً تعكس ما آلت اليه الأوضاع في سفارات النظام التي أبتدعت أسلوباً جديداً في تعاملها مع المعارضين حيث لجأت للتهديد والوعيد بعد أن فشلت سياستها السابقة .
كان يوماً عادياً أمارس فيه عملي الرسمي . مر علي غير المعتاد الموظف المسؤول عن توزيع البريد الحكومي علي موظفي الدولة . تجدر الأشارة الي أنه طيلة فترة خدمتي التي أوشكت علي المعاش بدولة كندا لم يصلني أي مكتوب خاص عن طريق هذا البريد . أرسال الخطابات بهذه الكيفية يؤكد الأستلام من قبل الشخص المرسل اليه . سلمني الساعي الخطاب ووضعت المظروف علي الطاولة ولم أعبأ به . ظننته للوهلة الأولي خطاب من النقابه وبعد برهه راودني الشك بأنه قد يكون رد من مكتب الحركه بخصوص مخالفة مرور وبناء علي هذا الأفتراض فتحت المظروف .كانت المفاجأة عندما ما قرأت السطر الأول الذي يحتوي علي كلمتي سري وخاص . وقبل أن أرفق الترجمة غير الرسمية لهذه الرسالة الصادرة من السفارة السودانية بكندا لابد من الأشارة الي أنها كتبت بلغة ركيكة أفتقدت فيها عنصري اللباغة والكياسة .
النسخة الأصلية لخطاب السفارة باللغة الأنجليزية ومعها مقالي المشار اليه مرفق في نهاية هذه الرسالة .
عزيزي السيد حامد
عند عودتي من مهمة رسمية في السودان، أسترعى انتباهي مقالك المنشور في عدد من الصحف الأليكترونيه ( الراكوبه ، حريات ، سودانايل ) وأعتبره تشهيراً وأشانة سمعة .
وبحكم رئاستي للبعثة الدبلوماسية السودانية بكندا مُلقي علي عاتقي خدمة جميع السودانيين ، بغض النظر عن أتفاقهم أو أختلافهم مع سياسة حكومتنا . أضافة الي أن حرية الرأي المتمثلة في نقد سياسات الحكومة مكفولة للجميع داخل وخارج السودان علي السواء . والدعوة الأخيرة للحوار الوطني التي شملت المتمردين الذين يحملون السلاح ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطياً تقف شاهداً علي ذلك . وبكل أسف أجد مقالك لايصب في أتجاه معارضة هادفه وبناءة. بل علي العكس فهو محاولة متعمدة لتشويه السمعة والتشهير بالأبرياء وأغتيال شخصية الأفراد الذين خدموا بعثة السودان بكندا.
ومن جانبي فاني أحملُ محمل الجد أي أعتداء على مهنيتي وشخصيتي ، ليس فقط لأني أتبع البروتوكولات المعمول بها من قبل مخدمي ، وزارة الخارجية السودانية بل أيضا لأني رجل أتبع تعاليم ديني الحنيف.
من هذا المنطلق قررت أن اكتب إليك مع تسليط الضوء على بعض المعلومات الخاطئه التي وردت في المادة المنشورة من جانبك ؛ متوقعاً منك القيام بتلبيه المقترحات الوارده في ذيل هذه الرسالة حتي تتجنب أي إجراءات قانونية ضدك
الوقائع الخاطئة الواردة في مقالك
أولاً: قمت بنشر الرسالة المعنونة إلى وكيل وزارة الخارجية على الإنترنت بدلاً من أن ترسلها علي بريده وانت تعلم أن العنوان والبريد الإلكتروني لوزارة الخارجية متاح للجمهور. هذا التصرف يؤكد أن الهدف من الرسالة لم يكن بغرض الإصلاح أنما هومحاولة متعمدة من جانبك لتشويه السمعة ومهاجمة نزاهة موظفي الخدمة المدنية التي أتشرف بأ لانتماء اليها .
ثانياً : مقالك يوحي بأنه ليست هناك حاجة لأقامة علاقات دبلوماسية مع كندا . هذا تصريح غريب لم أتوقعه أن يصدر من موظف بالحكومة الكندية .
ثالثاً: السودان يثمن عالياً علاقاته مع كندا كقوة ناعمة في الساحة العالمية وأنا أعمل بجد لتطويرها لمصلحة البلدين . ورد في مقالك أن قرار الإبقاء على العلاقات الدبلوماسية مع كندا في رأيك تمليه وضعية أمتلاك السودان لعقارٍ بها وهو السذاجة بعينها .
رابعاً: قمت بتضمين معلومات غير مدعومة وغيرموثقة بأدلة كافية حول أختلاس أموال ورشاوى في منح العقودات. على الرغم من أن السجل الكامل لادعاءتك التي لا أساس لها من الصحة ضدي سأتناوله بالتفصيل في قائمة مطالبي التي ستأتي لاحقاً،عليك أن تعلم أن هنالك لوائح أدارية صارمة تحترم منح العقودات وهذه مضمنة في بروتكولات تشمل تشكيل لجنة لتحديد العطاء الفائز. وهذا ما فعلته بالضبط.
خامساً:هناك أشارة بتقديم نصيحة للعاملين بالسفارة بأن السلطات الكندية تقوم بالتجسس على وسائل أتصالاتنا الأليكترونية وأشرت الي سابقة ” ويكليكس ” لتدعم نصيحتك الغريبة .
أنني أجد مثل هذه التصريحات مقلقة جداً للأسباب الآتية :
أ- بعثتنا في كندا ليس لديها أي شيئ تخفيه وتعاملنا مع حكومة كندا كشريك موثوق بها يتمسك بأعلى معايير اتفاقية جنيف ونحن كذلك .
ب- هذه النصيحة التي أتت من موظف في الحكومة الكندية مثلكم ، توحي بأنك مطلعاً على معلومات سرية تتجاوز الجدل الذي نشرفي ” ويكليكس” .
ج- حتى وأن لم تكن مطلعاً على معلومات سرية ، أجد أنه من المقلق أن تُنشر مثل هذه الشائعات التي لا أساس لها من الصحة خلافاً لمصلحة الحكومة الكندية ، التي تعهدتُ وأقسمت علي اليمين بالولاء لها والحفاظ علي سرية معلوماتها .
مما سبق أخلص الي أن مصادرك مدتك عمداً بمعلومات خاطئة بهدف الحاق الضرر بمصداقيتك وتشويه سمعتي كدبلوماسي خدم بلده بشرف ونزاهة . ولمصلحتك أمنحك فرصة لفحص المصادر الخاصة بك في مختلف الأحداث التي ذكرتها وأقترح أنه يمكنك القيام بما يلي:
1- نشر أعتذار تسحب فيه هذه المادة من جميع الصحف الأليكترونية التي نشرتها وأي أماكن أخري قمت فيها بنشر المقال المعني
2- توضح في أعتذارك أنك لم تتمكن من التأكد من المعلومات الواردة من المصادر الخاصة بك
الكشف عن أسماء المصادر التي زودتك بالمعلومات.3
وبينما أتطلع إلى رد إيجابي منك يجب علي أن أحذرك أن لم أسمع منك في غضون عشرة أيام عمل من تاريخ هذه الرسالة، سيتم التعامل مع هذه المسألة قانونياً عن طريق محامي
محمود فضل عبدالرسول
Guy J Roy- Director Telephone : 819-654-0659 1-
سأتناول في حلقات قادمة بالتفصيل ما جاء في هذا الخطاب .
Mr. Hamid Bushra Hamid
22 Eddy Street
Gatineau, Quebec KIA OJ9
Canada
Dear Mr. Hamid,
Upon my return from an official business in Sudan, it was brought to my attention that you published a smearing and libellous article:
l . On The Online Newspaper, Alrakoba on October 6, 2016;
2. On The Online Newspaper, Hurriat on October 7, 2016;
3. On The Online Newspaper, Sudan Nile on October 7, 2016.
The three articles were identical and a copy is attached for your reference.
As the Head of Sudan Diplomatic Mission representing the government of Sudan in Canada, I am charged with serving all Sudanese Nationals in Canada, regardless of whether or not they agree with the politics of our government.
In fact, the right to speak freely and criticize government policies by the opposition is fully recognized both inside and outside Sudan. The recent call for a National Dialogue that included the rebels who bear arms against the democratically elected government is a living example of how the government reached out to all Sudanese to participate in forging a vision for the system a government to be employed in Sudan.
I find that the article you published does not meet the test for an honest and constructive opposition. Rather, it was a deliberate attempt to engage in a smearing and libelous campaign and character assassination of individuals, including myself, who worked for the Mission of Sudan to Canada.
I take any assault on my professional and personal integrity very seriously, not only because I follow the established protocols by my employer, the Ministry of Foreign Affairs, religiously; but also because I observe Allah in all my actions and decisions.
However, because as a Sudanese, I take pride in all Sudanese Nationals who earned the trust of their adopted country and became employed in its Federal Government, I chose to write to you and highlight some of the misrepresentations contained in your article; in anticipation that you would deliver the demands captured at the end of this letter to avoid legal action against you.
ERRONEOUS FACTS CONTAINED IN YOUR ARTICLE
l. You published your letter to the Undersecretary Ministry of Foreign Affairs online when you Imew or ought to have known that the address and e-mail address of the Ministry of Foreign Affairs are publicly available. This confirms that your objective was not effect reforms. Rather, it was a deliberate attempt to smear and attack the integrity of Public Servants, including myself;
2. Your statement insinuating that there is no need for maintaining diplomatic relations with Canada is a strange statement and I did not expect it to be issued by a Federal Public Servant in the employ of your adopted country;
3. Sudan values its relationship with Canada as a soft power in the world stage and I diligently work to improve it for the benefit of the two nations. The suggestion that the decision to maintain Diplomatic Relationship with Canada was influenced by the fact that Sudan owns properties in Canada is rather a naive one;
4. You included in your article unsubstantiated information about misappropriation of funds and kickbacks in the awarding of contracts. Notwithstanding that a complete record of your unfounded allegations against me will be detailed in my Statement of Claim, you need to know that administrative decisions respecting awarding of contracts is governed by stringent protocols mandated by the Ministry of Foreign Affairs, which included forming a committee to select the winning bid. That’s exactly what I did;
5. In your article, you indicated that you provided advice to us that Canadian Authorities are spying on our electronic communications. You referenced Wiki Leaks to support your strange rendered advice. I find such statements very troubling for the following reasons:
a. In our Mission to Canada, we have nothing to hide and we treat the government of Canada as a reliable partner that adheres to the highest standards of the Geneva Convention the same way we do;
b. For such advice to come from a Public Servant in the employ of the government of Canada, like yourself, suggests that you are privy to confidential information far and beyond what the controversial Wiki Leak had published;
c. Even if you are not privy to confidential information, I find it troubling that you spread unsubstantiated rumors contrary to the interest of the government Canada, to which you pledged allegiance and executed an oath of secrecy.
From all of the above, I can only surmise that your sources have deliberately given you misinformation with a view towards damaging your credibility as a Public Servant, and smear my character as a Diplomat who served his country with honour and integrity.
DEMANDS TO MAKE MYSELF WHOLE
In the interest of setting the record straight, and to give you the opportunity to reexamine your sources for the various events you relate, I would like to give an opportunity to set the record straight and I propose that you do the following:
l . Publish an apology retracting the article on all the three online publications mentioned above and any other publication that you might have published the article on;
2. Indicate in your apology that you were unable to confirm the information provided by your sources;
3. Disclose the names of your sources.
While I look forward to a positive response from you, I must caution you that if I do not hear from you within ten business days of the date on this letter, the matter will be handled with my lawyer.
Mahmoud Fadl Abdelrasoul
1. Guy J Roy — Director Telephone : 819-654-0659 E-mail : guy.roy@hrsdc-rhdcc.gc.ca 2.
محن السياسة السودانية
فوضي وزارة الخارجية/كُلنا حيران الفريق طه
حامد بشري/ أوتاوا
لعناية السيد عبدالغني النعيم
وكيل وزارة الخارجية
تحية طيبة
أخاطبك اليوم بحكم المعرفه السابقة التي جمعتنا حينما كنت تعمل قائماً بالأعمال لسفارة السودان بدولة كندا وحقيقة أثناء أقامتك بكندا لم أتشرف بلقائك في مجمع خاص لكي نتحاور في الأزمة السودانية وكانت لقاءتنا علي الدوام تتم في محافل أجتماعية عامة .
بعد مغادرتك أتوا نشرتُ مقالاتٍ تعرضتُ فيها لممارسات وزارة الخارجية وما آلت اليه الأوضاع بسفاراتنا التي أصبح مجرد الحديث عنها مدعاة للأسى ومضيعة للوقت والجهد. أوضحت أن مُبتغانا ودافعنا لإثارة هذا الموضوع والعودة اليه مجدداً نابعٌ من عشقنا اللامحدود للسودان وحرصنا اللامتناهي علي سمعته بغض النظر عن من هو في سدة الحكم ، وأن حافزنا لذلك هو الشعور الوطني الذي تشرَّب به جيلنا والمسئولية التي نحملها في أعناقنا تجاه الخدمة المدنية وتقاليدها الراسخة التي طالما أستظل الجميع بسلامتها وأستقامتها.
بمواصلة الكتابة الآن حول ذات الموضوع ، يتنازعني شعوران: “أولهما أن الضرب على الميت حرام” أو كما في المثل الشعبي ” الميته مابتسمع الصايحة ” وثانيهما يراودني شعور بأن مخاطبتك قد تثير فيك بعض من الحمية وتحفِّزك لأتخاذ قرارات وأجراءات لأزالة الأذى ودرء الخطر عشماً أن يكون بقي فيك ولو قليلاً من حب للوطن والشعب الذي علمنا وآوانا وأطعمنا جميعاً . أتتك الآن سانحة تاريخية وأنت تتولي أعلي منصب وهو وكيل أول وزارة الخارجية فأذا وظفتها في الأتجاه الصحيح حتماً سيسجلها لك التاريخ بأنك أوقفت عجلة التدهور في هذا الصرح .
سيادتك من السفراء والقائمين بالأعمال المحظوظين الذين أُبتعثوا الي دولة كندا ولا يغيب عنا أنك من أهل الولاء منذ نعومة أظفارك في الخارجية حيث خدمت مديراً لمكتب علي عثمان محمد طه في أيام الأنقاذ الأولي . ويحمد لك أن السفارة في عهدك أصبحت تؤول لها ملكية المبني الذي يُرفرف فيه العلم السوداني أضافة الي مبني آخر يقطن فيه رأس البعثة وعائلته . مكثت بكندا مايقارب ال 6 أعوام حتي أصبحت مرجعية فيما تحتاج اليه السفارة من طاقم أداري ودبلوماسي وما يتبعهما من مُخصصات أذا كان هنالك أصلاً ضرورة لوجود سفارة في هذا الجزء من المعمورة . ولعله من المناسب أن أذكر هنا أن ما صرح به أحد المسؤولين في الخارجية السودانية عندما ذكر أن السبب الوحيد للإبقاء على السفارة السودانية في كندا أن “السفارة وبيت السفير ملك“. متي أصبحت ملكية العقار هي أحدي المعيار أو المعيار الوحيد لإقامة علاقات دبلوماسية وفتح سفارات والاحتفاظ بها ؟
وبالرجوع للفوضي الأدارية والمالية التي تعاني منها السفارة ويتحمل عبئها وسمعتها المواطن السوداني ، تساءلتُ في أحدي المقالات السابقة عن كيفية التصرف في الحالات التي تستدعى الحاجة أو يقتضي طارئ دبلوماسي أو سياسي أو إنساني الإتصال بحكومة أو خارجية البلد المضيف كندا، في الوقت الذي ظلت فيه سفارتنا في أتوا لردحٍ من الزمان بدون أي كادر دبلوماسي ، وعما يمكن فعله إن تطلبت تطورات وضعٍ ما إقامة مؤتمر صحفي أو إصدار بيان أو إتخاذ خطوات بعينها تُراعى فيها الأعراف والأصول المرعية والمقتضيات المهنية في ظل الغياب المذكور للكادر الدبلوماسي الذي صاحبه مغادرة رئيس البعثة السابق قبل وصول دبلوماسي يتولي القيام بالأعمال إلى حين وصول خلفٍ لرئيس البعثة يكون معتمداً رسمياً. أشار المقال كذلك إلى العبث والاستهتار بالمال العام في زمن حكومة التمكين الذي وصل حد أن صار السفير أو رئيس البعثة يصطحب معه لموقع عمله بالخارج حشداً من العمالة من بينهم السائق والطباخ والحلاق. أُختتمْ المقال بمقترحات للتعامل مع مبنى السفارة وسكن السفير بصورة بعيدة عن البذخية تليق بدولة كدولتنا نامية متعثرة بل ساقطة سياسياً وإقتصادياً.
كانت هذه مقطفات من مقال قبل 5 أعوام مضت ولم تخطر بالبال مواصلة هذا الموضوع غير أن تعقيباتٍ وإفاداتٍ من مواطنين كرامٍ، بعضهم من أهل البيت وأقصد بذلك الخارحية ، أوضحت أن ما تطرقنا إليه لا يمثل إلا القمة الطافية والبادية للعيان من جبل جليدٍ تحجبه المياه، the tip of the iceberg و أن ما “خفي أعظم” و أن الذي تطرقنا له ليس سوى اليسير من كثيرٍ مخزي و مثير نأمل أن ينزاح بنضالات شعب السودان، آلينا على النفس أن نقوم بدورنا إزاءه وذلك أضعف الإيمان.
إزاء توفر مادة تصلح لمتابعة ما بدأناه، فإن السكوت على ما حدث ويحدث يكون مشاركة فيه وخيانة للوطن وتنصلاً عن الواجب القومي وقبولاً بممارسات الإعتداء على المال العام وجُنح الفساد الإداري وتكريساً لكل القيم الفاسدة التي تجعل من كل البدع سنناً وشرائع و نواميس تتسارع على هديها خطى أمتنا نحو الهاوية .
بكل أسف لم يتغير الحال الي الأحسن بل أصبح أكثر سوءاً . خلو السفارة من تمثيل دبلوماسي رفيع لازال طابع العمل هنا . يغيب السفير ويذهب للخرطوم في حله وترحاله حتي أصبحت بالنسبة له اقرب من مونتريال . في هذا العام وحده ذهب الي الخرطوم أكثر من أربعة مرات علي الرغم من توفر وسائل الأتصال بين البلدين . وحالياً هو موجود بالرئاسة في مناسبة خاصة ولا غبار علي ذلك الأ أن فترة غيابه طالت وعلي حسب علمنا أن الأجازة السنوية لا تتعدي الثلاثين يوماً . السفر الي الخرطوم بالضرورة أن تصحبه نثريات وبدلات وتذاكر طائرات علي الدرجة الأولي وهذه هي جزء من مستلزمات السفر المرئية . أما الغير مرئيه فتتناقله مجالس المدينة ويرجح أسباب التأخير في العودة من الخرطوم الي مآرب أخري وهي محاولاته العودة بصيد ثمين بعد أن نجح في أقناع الرئاسة بالتصديق له بالمبلغ الخرافي الذي طالب به لعمل صيانة لمنزله بأتوا . مبلغ الصيانه الذي طالب به يشيب له الرأس. وهو أقل بقليل من صيانة منزل رئيس الوزراء الكندي حيث وصلت التقديرات الأولية الي170 الف دولار مع فارق في حالة صيانة منزل السفير السوداني لم يُعلن عن عطاءٍ ولم تُشكل لجنه للنظر في أختيار أي من العطاءات المقدمة يصلح هندسياً وبئياً وأيهما أقل تكلفة ويطابق مزاج السفير وضيوفه الكرام . الجدير بالذكر هنا أنه لم تراع أصلاً في شراء السفارة ومنزل السفير الإجراءات المتبعة من حضور لجنة مالية فنية لتقييم المبنى من حيث الصلاحية والموقع والقيمة وللكثيرين بمن فيهم القائم بالأعمال الحالي مآخذ وملاحظات على المبنيين من جميع النواحي . هنالك طلب واحد فقط قُدم للصيانة وتم الأتفاق عليه بين صاحب الشركة اللبناني وسيادة السفير وقد يكون حتي هذا الأتفاق غير موثق بل تم شفاهة ما بين الطرفين وبموجبه تثني لهذا اللبناني الذي نزلت عليه ليلة القدر القيام بعملية صيانة منزل السفير . يزيد الطين بله أن هذا المنزل تمت صيانته في عهد السفير السابق ومضت علي فترة الصيانة الأخيرة ما يربو قليلاً علي الخمسة أعوام. ولأعطاء القارئ فكرة عن هذا المنزل الذي يتم ترميمه كل خمسة أو سته سنوات بهذا المبلغ من حساب الشعب السوداني الذي أصبح يعيش تحت حزام الفقر يجدر بنا ان نذكر أن هذا المبني كان يسكنه في السابق السفير والأبن والسائق والطاهيه أعقبه سفير وأبنته وقبله كانت تسكنه سفيرة وأبنيها . مجموع ساكني هذا القصر الذي طالب السفير بترميمه لم يتعد العشرة أشخاص خلال كل العشرة سنوات الماضية . وبعملية حسابية بسيطة بالقياس الي عدد الغرف نجد أن معدل كل شخص سكن هذا المنزل غرفتان أو أكثر.
والسؤال الذي يتبادر الي الذهن ما هي الحوجة الماسة لصيانة هذا المنزل الذي سيغادره السفير قريباً بأنتهاء فترة عمله في كندا وهل هو فعلاً يحتاج الي صيانة بهذه التكلفة ؟ الأجابة التي تتبادر الي الذهن خاصة في حالة أنعدام الشفافية في عملية الصيانة بأبرام عقد ما بين السفارة (السفير) وصاحب الشركة اللبناني وضخامة المبلغ المرصود بالضرورة أن يعطي القارئ والمتتبع لسياسات الأنقاذ التي لا لبس فيها ولا غموض ولا حرج فيها ولا حياء في نهب المال العام كما ليس من أهتماماتها الشعب السوداني وهمومه أنطباعاً وأحساساً قوياً بأن هذه العملية بالضرورة أن تكون صاحبتها عمولة والصحيح قد تكون العمولة هي السبب الرئيسي في التفكير الذي سبق الصيانة . هذا قد يعيننا في فك شفرة الكيفية التي تحصل بها السفير السوداني بيوغندا علي المبلغ الذي تمت سرقته من منزله بكمبالا كما ورد في الأخبار. في الغالب الأعم قد يكون أتبع نفس الأسلوب الذي أتبعه أخوه المسلم بكندا وهذا في أطار فقه تبادل الخبرات الدبلوماسية في عهد الأنقاذ.
الفوضي تتواصل بغياب السفير والوزير المفوض وتُترك السفارة في عهدة القنصل الذي هو بالطبع جديد علي العمل هنا وقد يكون حتي مبتدأً في سلم السلم الوظيفي . هذا مسلك يتنافي حتي مع مسئولية مدير قسم ناهيك عن مدير بعثة دبلوماسية وهذه من أبدجيات العمل الأداري في الخدمة المدنية السودانية .
السيد الوكيل
أنه من حق الشعب السوداني الأطلاع علي تقارير المراجع العام عن المبالغ التي تُصرف علي سفاراتنا بالخارج ؟ حان الوقت لكي نعرف كم يذهب من عرق الشعب السوداني في بند مرتبات وبدلات وسكن وأيجار مباني وصيانتها وسيارات ومصروفات مرافقين وحشم بالنسبة لكادرنا الدبلوماسي الذي كوفئ ببعثه لكي يمثلنا خارج الوطن. وهذا مطلب مشروع خاصة وأنك قضيت معظم سنين خدمتك بدول ديمقراطية تحترم القانون .
سفيرنا الحالي تصور أن العلاقات السودانية/الكندية تتأثر بالمظهر لذلك أنصرف بهمةٍ ونشاطٍ لتغير أساس مكتبه وسيارته ومنزله حيث طلب سيارة بمواصفات خاصة بلغت تكلفتها 60 الف دولار . سافر بها في رحلة تجربية خاصة (تيستا) الي أمريكا برفقة السائق الحكومي حيث نزل في أفخم الفنادق وأكل أطيب الطعام وهو غير بال ولا مستعد للمساءلة عن متي يطفئ شمعة الدولة ويوقد شمعته الخاصة كما كان يفعل الخليفة عمر بن عبدالعزيز . الحديث عن السيارة التي تم أستغلالها من المال العام قادنا الي ملاحظة أخري وهي عدد سائقي عربات السفارة يبلغ أربعة سواقين ولا نعلم كم عدد السيارات المسجلة بأسم السفارة الأ أننا نعلم بأن الدبلوماسيين الذين يقومون بخدمتهم بهذا العدد من السيارات يبلغ ثلاثة مما يعني وجود سائق أحتياطي تحسباً للطوارئ كأحضار الطباخة أو الحنانة أذا ضلت طريقها في دروب مدينة أتوا الوعرة . تفتقت العقلية الدبلوماسية عن أستحداث وظيفة رئيس سواقين في هذه السفارة ترقي لها سائق يتمتع بأمتيازات خاصة تم تعينه وأرساله لسفارة أتوا بأوامر عليا من الخرطوم . وأذا أفترضنا جدلاً أن من حق القائم بالأعمال شراء عربة جديدة تضاف الي الأسطول اليس لهذا القائم ذرة من الشعور بالوطنية تجاه المال العام الذي يبدده فيما لا ينفع الناس في حين أن الشعب السوداني في حالة يرثي لها من المعاناة والضنك وشظف العيش حتي أصبح كله يعيش في حزام الفقر . ألم يتذكر حين أمتطي هذه الفارهة حال المرضي في المستشفيات الذين تتوقف حياتهم علي قيمة أستيراد دواء أو أؤلئك الذين أجتاحت السيول مساكنهم او الذين أحاط بهم وباء الكوليرا من كل جانب . اليس من واجبه أن يربي العاملين معه علي الأمانة والأخلاص وأحترام المال العام . هذه الصفات أذا لم يتحلي بها السفير فكيف يتثني لنا أن نطلب من مرؤسيه أن يتبعوها . هؤلاء السفراء أصبحوا سُبة علي حزبهم الذي عينهم ووبالاً علي الخارجية وسمعتها .
أما الذين تثني لهم دخول مكتبه وجدوا حاله كحال من سبقوه ذاك كان مُنهمكاً في محادثات تلفونية مع الطباخة أو في متابعة مباراة هلال مريخ المنقولة من تلفزيون السودان أثناء ساعات العمل الرسمية نسبة لفروق الوقت وكأنه د. كمال شداد وتلك في مجادلات مع طاقم السفراء الذين صاروا بقدرة قادر ثلاثة سفراء يتقاسمون الكيكة ويتعاركون علي المخصصات وهذا ليس بأفضل حالا منهم مُنهمكاً مع وسائل التواصل الأجتماعي حتي أصبح خبيراً في الواتساب . صورة لا تليق بموظف خدمة مدنية مبتدئي ناهيك عن سفير. وبالضرورة وصلت المعلومات عن أهتمامات سفيرنا الي الخارجية الكندية والي الوسط الدبلوماسي بأتوا رغم تحذيرنا السابق بأن المحادثات التلفونية والزمن الذي تستغرقه والصفحات التي يتم الأطلاع عليها في الشبكة العنكبوتيه كلها مرصودة لمخابرات الدولة المضيفة وما ويكليكس ببعيدة عن الأذهان . وهذا السفير تحديداً بحكم فترة عمله بأيران والسعودية كان الأجدر به أن ينتبه وينبه الآخرين لمثل هذا السلوك بدلاً عن القيام بممارسته .
السيد الوكيل
هنالك ركود تام في العمل الدبلوماسي بهذه السفارة . لم نسمع بمؤتمر صحفي أقامته السفارة أو علي الأقل دعوة للدبلوماسيين الأفارقة أو العرب للتفاكر وتنويرهم عن الحالة السياسية في السودان أو أسباب قطع العلاقات مع أيران وتقارب السودان من المحور السعودي الخليجي أو مضار الحصار الأقتصادي الأمريكي المفروض علي السودان . الدولة السودانية صارت دولتان وهذا أكبر حدث في تاريخ السودان الحديث لم يفتح الله علي السفارة بلقاء تلفزيوني أو حتي أذاعي ولا دعوة للأعلام الكندي وتنويره عن هذا الزلزال الذي أصاب المليون ميل مربع وكأن هذا الحدث تم في كوكب المريخ .
وعلي مستوي الدولة التي يمثلها ويستلم راتبه منها يتوجب علي السفير أن يُفعلْ ويستخدم علم الدبلوماسية ليعكس ولو كذباً نية حكومته ومساعيها لوقف الحروب العبثية التي أرهقت موارد السودان البشرية والأقتصادية وأن حكومته تعمل علي عودة النازحين الي ديارهم وسوف تسمح بمرور مواد الأغاثة حال الأتفاق علي ميناء للدخول مع الحركات الحاملة للسلاح وتسعي لبسط الحريات العامة والشخصية بما فيها حق حرية التعبير والحريات المضمنة في المواثيق الدولية لحقوق الأنسان وأن المشاورات جارية لكي تُمارس الديمقراطية في أجهزة الحكم وتُحل مشكلة الأقليات . هذه مهام تدخل في صميم العمل الدبلوماسي وتتطلب أجتهاد وأطلاع ولقاءات دورية وفن مخاطبة . والأ فما هي فائدة بقاء هذه الزفة بالخارج ؟
نحن نعد في مصاف أفقر دول المعمورة ورؤساء بعثاتنا الدبلوماسية حينما يتم أرسالهم للخارج يسكنون في أرقي وأفخم المنازل والأحياء ويركبون أغلي السيارات وصاروا يتبارون في أستخدام حاشية من خدم المنازل وكأنهم أمراء بني أمية في حين أن عاصمتهم الخرطوم من أقذر وأبأس عواصم العالم . القائم بالأعمال الذي يرأس بعثتنا الدبلوماسية بكندا صحبته مواطنة سودانية تعمل معه في المنزل عندما كان يعمل بأيران ورافقته أثناء فترة عمله بالسعودية وحالياً معه بكندا . السفير الصادق قد سبقه وأنتهج ذات الأسلوب بل بصورة أكثر قبحاً وقبلهم سفيرة أستقدمت سودانية من الخرطوم لتصفيف الشعر بأتوا كما ورد في عقد عملها. حال سفراء السودان يغني عن السؤال .
هذه المجهودات في لقف المال العام لم تقف عند هذا الحد وأنما أستمرت بصور أخري وآخر موضة أن أصبحت السفارة تقيم أحتفالات خاصة من المال العام للذين يترقون في السلم الوظيفي أو أولئك الذين يحرزون درجات علمية او الذين يُمنحون القاب أكاديمية بحق أو بدونه . ما هي البنود التي من خلالها يتم الصرف علي هذه الفعاليات ؟ ومن هو الأحوج اليها الحفاة العراة الجوعي الذين يزينون عاصمة البلاد حتي نسجوا حزاماً من الفقر ليس فقط حول المدن وأنما في كل المنازل أم المترفين الذين يسبحون في النعيم بكندا.
الي متي يظل الأهتمام بشهوتي البطن والفرج من أولويات عمل سفاراتنا بالخارج؟
hamidbushra@yahoo.com
الرابع من أكتوبر 2016
عنواني البريدي الحالي بعد أن تم اغلاق العنوان السابق :
Hamedbushra6@gmail.com
11 فبراير 2017