ويصفق الحاضرون ثناءاً وتقديراً ، وفي أول لحظة يكون فيها المنتصر لوحده حبيس نفسه ، يقفز وهو رافعا يده لقد انتصرت ، ما أجمل هذه اللحظة التي يعيشها الكثيرون! ويحتفلون بها ردهاً من الزمان ، وما أجمل ميلادها ، وما أحلى لحظة إعلانها !
في كل منبرٍ ومحفل ورنين إنطلاق اسم المنتصر يداعب الحاضرين ويرتطم بأذن الفائز ، لترتج الارض بمن عليها ، وتختلج المشاعر ، وتتعلثم الألسن ، ومن يتذوق هذه اللحظة يدمنها، ويصارع المستحيل لإقتناصها في كل محفل ومنبر ، قفزة الإنتصار التي تعني إني البطل ، وإني المنتصر ، وإني الملهم ، والجميع يبارك لك ويهنئ ، وتعني بأنك نجحت ، تتراقص في هذه اللحظة الكلمات وتحتبس الأنفس ، وتغرد فيها الأرواح وتسمو ، وتبقي الحقيقة الوحيدة انها قفزة المجتهدون المثابرون المنتصرون مع ذاتهم قبل إنتصارهم مع الآخرين .
ولا أحتاج ان أتدحرج في الحروف لأوضح للقآري بان قفزة الإنتصار كانت حكراً علي كثيرً من ابناء وطننا المنحور سودان العزة كان له القدح المعلى ، ومنارة الإشراق ببنيه في جميع المحافل والمنابر ، وليس التاريخ ببعيد ولكن قبل ميلاد (الدجال المسيخ) اي قبل حكومة الاخوان المتأسلمين ، وزعيمهم الهالك ( الترابي) ، وطاغيتهم المآفون (عمر البشير ) الذي قام بتسجيل إيقاف معاني الإنتصار علي مستوي الوطن وأفراده ، بعد أن مس عصب التعليم وأعمل فيه يد التحريف والتغيير ، وقفز هو ومنسوبيه يرقصون في كل محفل محتفلين بنهاية الإبداع الوطني .
وحل المضاد لقفزة الإنتصار آلا وهي.. خيبة الأمل والإنكسار والهزيمة ، وتقبل التعازي المستمر بعد كل هزيمة وخسارة. وفي كل المحافل الثقافية ، الاكاديمية الرياضية ، الدبلوماسية ، وحدث الإدمان العكسي للهزيمة وحب خيبة الامل والإنكسار ، وتقبل التعازي الذي امسي يجلب الإستعطاف والتعاطف ويدر الاموال في حالات فصار يسمي بالكسب العكسي ، او الكسب المذل ، واصبح صفة وصيغة للدول التي عجزت عن الإنتصار ، فإنتصرت بذرائع أسباب الفشل !!!
ومن المؤسف أن تعيش الاجيال في وطني علي انتصارات الاجيال السابقة لتكون لهم عزاءاً وسلوي ، وكلما ذكر الوطن قفزوا للماضي القديم وتركوا الحاضر بكل مآسيه ، ليستمتعوا بشريط الماضي ، وكأنما الزمن قد توقف .
ويبقي العزاء الوحيد علي المواريث المعوجة في مقومات الدولة وهيكلتها التي تصنع اجيال من المبدعين من خلال بث الوعي الاكاديمي والاجتماعي والثقافي ، وتأطير التثقيف العالمي من خلال بوابة التواصل التحصيلي ، وفتح المنابر والميادين والصالات التي تنقل العالم داخل دولة ، ولكن ما حدث في بلادي كان مغايراً وهو فصل الدولة من العالم بمشروع اقصائي مشوه ، مشروع يشجع الحرب ، وينبذ السلام ، يلفظ التأهيل والمؤهلات ويزكى القبلية والجهوية ، وصلة القرابة ، ينصر المحاباة والدهنسة والفساد ، ويدمر المؤسسات التنظيمة .
عندما تجلس وانت تتنقل في إبداعات العالمية والتطور المستمر ، وتشاهد المخترعين والمنتصرين والمثابرين في كل بقاع العالم من خلال منابر ومحافل الانتصارات.
وبالنظر في جنسياتهم ، اذا صادفت جنسية سودانية ستحتاج زمنا طويلا للنظر في هذه المفاجأة فهذا شئ مخالف للواقع ، واذا عرف السبب بطل العجب .
قفزة الإنتصار ، ورفع اليد اليمين عالياً اختفت من وطننا ، وحلت مكانها الجثو بالركب مثل البعير . وطأطأة رؤوسنا بالإنهزامية ، وانتظار العالم أن يتعاطف معنا !!!
لقد أصبحت قفزة الإنتصار الوحيدة التي نحلم بها هي سقوط نظام المتأسلمين ؛ لينتصر الشعب لذاته ، وبذلك يكون موعوداً بإنتصارات كثر …
Ghalib Tayfour