الأحد , أكتوبر 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / وبدأ الانهيار الذي توقعناه

وبدأ الانهيار الذي توقعناه

✍ *أمل الكردفاني*

منذ بداية الازمة كتبت مقالا وضحت فيه ان الدولة على وشك الانهيار وان اول مظاهر هذا الانهيار ستظهر في ازمة الوقود … وهذا ليس تنبوءا بالغيب فهناك فرق بين التنبوء بالغيب الذي لا يبنى على مقدمات منطقية بل مجرد حدس وبين استشعار المستقبل بناء على مقدمات صحيحة .  كتبنا في ذلك الوقت ان الدولة ترفض اعلان افلاسها واشهاره ، ربما خوفا من الدائنين او لأسباب اخرى ، وبينا ان شركات التقييم الدولية قد اخرجت السودان من التقييم الائتماني العالمي تماما ، بالاضافة الى انعدام اي احتياطي من العملة الحرة او الذهب ، فأموال البترول تم اختلاسها من الكبار وتم اخراج مليارات الدولارات الى الخارج ، والذهب الذي ظهر اخيرا يتم تهريبه بواسطة الكبار ايضا الذين يحاولون تأمين مستقبلهم ومستقبل ابنائهم وأحفادهم اذا وقعت الواقعة. الحكومة اسقط في يدها واخذت تصدر يوميا سياسات متضاربة ، وانتهى بها الامر الى تحجيم تداول العملة الوطنية مما زاد من تفاقم الازمة وتعمقها . المتضررون من المواطنين انشأوا صفحة على الفيس تتابع ماكينات الصرف الآلي الخالية على وفاضها ليعينوا بعضهم البعض اذا ما تم تزويد احدى الماكنات بالمال… بالتأكيد ادت هذه السياسات المضطربة الى تراجع كل من يملك نقودا محلية او عملة صعبة عن ايداعها بالبنوك ومنع المغتربين من التحويلات البنكية ، مما فاقم ازمة الدولة في توفير الدولار ومن ثم قدرتها على توفير السلع الاساسية واولها واهمها مصادر الطاقة ، وكعادة الحكومة التي تبحث عن رزقها يوما بيوم فقط كالدواب ، لجأت الى اصدقائها القطريين والاتراك ولكن القضية اعمق مما تتصوره الحكومة. الرئيس البشير شعر بأنه مهدد وأن هناك مؤامرة تحاك ضده من قبل الاسلاميين عبر تجفيف الدولة من النقد الأجنبي ، لكن الرئيس نسي ان هذا التجفيف ليس وليد اليوم او البارحة ؛ فهذا التجفيف بدأ منذ ان امسك هو والاسلاميين بتلابيب السلطة ومليارات الدولارات التي تجاوزت المائة والثلاثين مليون دولار الناتجة عن البترول اختفت كما تختفي حمامة الحاوي في القبعة … يصرخ البشير الآن وهو يرى تداعي ما قدمت يداه هو والاسلامويين وبطانته العميقة والتي تتماس وقطر الدائرة  ، ويعلن حربا وهمية على الفساد ويتم القبض على فاسدين صغار وتشويه سمعتهم لجمع بضعة مليارات تعينه على سد مؤقت لفجوة العجز المتفاقمة . لكن لا توجد اي محالاولات جادة للتوبة الحقيقية التي تسمح بمكافحة حقيقية للفساد ، والا لكنا سمعنا عن القبض على مئات من بطانة الرئيس والاسلامويين وتم استرجاع المال المهرب من الخارج لحل الازمة ؛ وهذا بالتأكيد يحتاج لتوبة نصوحة والتوبة النصوحة تحتاج لشجاعة كبيرة ، وبالتأكيد يفتقد هؤلاء جميعهم للشجاعة. ما يحدث الان من عمليات قبض واعتقال لبعض الفاسدين الصغار هم في الواقع اكباش فداء وربما يكون الامر تصفية لخصومة سياسية اكثر منها مكافحة للفساد . نعم قد ترسل تركيا باخرة او باخرتي نفط وقد تحاول قطر ضخ بضعة ملايين من الدولارات ولكن هل هذا هو فعلا المنقذ من الانهيار؟ بالتأكيد لا فهذه ليست سوى صدمات كهربية لانعاش قلب تأكد توقفه عن النبض ، فالسودان صار طاردا تماما ليس فقط للمستثمرين الاجانب بل حتى للمستثمرين السودانيين الذين تركوا السودان وبدأوا الاستثمار في الدول المجاورة كأثيوبيا ومصر . بل وازيدكم من الشعر بيتا ان من يريد ان يفتح كنتينا صغيرا لبيع الصعوط سيفكر الف مرة قبل ان يفعل ذلك جراء انهيار سعر الجنيه السريع والمتواصل … ازمة الوقود قد تعالج مؤقتا لبضعة اشهر ولكن اصل المشكلة موجود وهو انهيار الصادر الوطني في مقابل اتساع الاستيراد من الخارج مع عمليات فساد وغسيل اموال مليارية لتهريب الاموال والذهب خارج السودان بمعرفة النافذين من اولي الشوكة… المهم في الامر اننا سنعاني من تتابع الازمات لما لا يزيد عن سنتين قبل ان يضحى انهيار الدولة أمرا مكشوفا للجميع ومن ثم اعلان افلاس الدولة…
لكن الاخطر من ذلك ليس الجوع الذي سيعاني منه المواطن ، ولا توقف المصانع ولا تجمد الزراعة ، ولا انعدام الطاقة ، الاخطر من ذلك ان هناك عشرات الآلاف من مقاتلي المليشيات الذين يحوذون سلاحا فتاكا وفي نفس الوقت لن يتحملوا عدم قدرة الحكومة على اطعامهم ، لقد رأينا ما حدث من عمليات نهب واغتصاب وقتل من قبل هذه المليشيات حين تهاجم القرى وهي جائعة كالوحوش المفترسة ، هؤلاء لن يتوانوا عن الانقضاض على المواطنين ومن ثم حدوث انفلاتات امنية قد لا تصيبن الذين ظلموا منهم خاصة بل قد تطال المدن وحتى العاصمة ، وكما جاء في تقرير احد المراكز البحثية الامريكية فإن صوملة السودان ستبدأ من العاصمة وليس من الاقاليم … ان الوضع كارثي تماما لكل ذي مسكة من عقل سليم ولكل ذي بصيرة ، ولم يعد امامنا من نصيحة نسدي بها الى القوى السياسية لأن طوفان الانهيار اكبر منهم جميعا حكومة ام معارضة ، ولكن النصيحة نسديها لكل مواطن بأن يبحث عن الوسيلة المناسبة لتأمين نفسه وعياله منذ الآن وياروح ما بعدك روح.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.