اولاد الناس فى مزاد السياسة

اولاد الناس فى مزاد السياسة
…………………………………..
بائعات الشاى بالقرب من مطار اصوصا يدخلن فى نوبة من البكاء وهن ينظرن الى الطائرات المغادرة المدرج دون انجاز مهمتها فهم يعلمون قصة الاولاد الذين ذهبوا الى الحرب وتم اسرهم والان امهاتهم فى الانتظار كن يتابعن القصة لحظة بلحظة ويتفاعلن يغضبن عند التعقيدات ويبتسمن عند الامل والان لا لغة الا الدموع
هذه قلوب بائعات الشاى فكيف قلوب الامهات والزوجات والاخوات والبنات
مجموعة الصليب الاحمر ينخرط بعضهم فى نوبة البكاء
فكيف بالاباء والاخوان والاصحاب والابناء
الاشياء عندما تستشعرها القلوب الانسانية
الاشياء عندما تحرك الضمير الانسانى
اللوعة بقدر الوجع….
وعندما قلنا بالامس ان المخابرات والامن السودانى لهم علاقات قوية مع الامن الاثيوبى وان قصة التأشيرات ليست ازمة يمكن ان توقف وصول الاسرى اذا توفرت الارادة  كنا نشير بلغة دبلوماسية
وعندما قلنا ان العلاقات الحكومية بين السودان واثيوبيا قوية كنا نشير ولا نفصح واعيننا على الفشقة وسد النهضة وكل شيئ تحكمه لغة المصالح
وعندما قلنا ان الكسب السياسي مهما كان هو اقل من فرحة ام واطمئنان قلب اب وضحكة ابن كنا نشير ولا نفصح
فموضوع الاسرى يعتبر كسب سياسي ضخم للحركة الشعبية وتغيير للذهنية التى ينظر بها كثير من الناس للحركة الشعبية ولا سبيل الا بافشال مساعيها واظهارها بمظهر الذين لا يفون بوعدهم ولا يحافظون على عهودهم والقول انهم يتاجرون بالامل
ومقالات يكتبها البعض وبيانات يصدرها البعض تحاول التبخيس من الموضوع والتشكيك فى الحركة ولا شيئ يكتب عفوا  لدفعهم لالغاء المبادرة ولكن بالتواصل المستمر مع المنصة كانوا يجدون مخرجا لكل تعثر
وعندما كنا نشكر غندور على تواصله مع الحكومة الاثيوبية كنا نعلم تماما انه لا يمثل الصقور ولا مراكز اتخاذ القرار وان الرجل صادق فى نياته ولكن لا حول له ولا قوة
وعندما كنا نرجو ان تتدخل الخرطوم بقوة لانجاح الامر لاننا نعلم يقينا ان بعض من هم  فى الخرطوم كانوا يتدخلون بقوة لافشال الامر
فاصوصا مدينة حدودية وبها ادارة للجوازات تستطيع ان تنجز الامر فى ثوانى  وليس دقائق
وعندما كنا نقول ان الخطأ فى الاجراءات والترتيب كنا نعلم سلفا ان الصليب الاحمر قد سلم بيانات موظفيه للخارجية الاثيوبية قبل وقت كاف ولكن هذه البيانات ((سقطت سهوا)) حين الاجراءات وكل سهو هنا معلوم
وعندما منعت الخرطوم فى تجربة سابقة من فتح مسار لايصال الطيارين البلغاريين عندما سقطت طائرة الامم المتحدة فى مناطق الحركات المسلحة تم تلسيمهم عبر نساء الحركة الشعبية برا الى معسكر تيدا فى جنوب السودان
وعند تسليم الصينيين عبر كينيا لم تتوفر التأشيرات ولكن كان الحل حاضرا فليست الازمة كبيرة لتوقف تسليم الاسرى والمفقودين
وعندما كان الناس يهرولون فى كل اتجاه لتدارك الامر فى لحظاته الاخيرة كان ابوبكر محمد يوسف وماجد من مبادرة السائحون يقفون على ابواب بكرى حسن صالح ليتدخل فى الامر ولكن لم يؤذن لهم بالدخول والحرس يتمنع حتى مابعد منتصف الليل
وعندما كانت بائعات الشاى يبكين والامهات تنفطر قلوبهن كان ((عدوى وعلى سالم ومحمد عطا)) يحضنون ابنائهم وهم ((فرحون))
وعلاقة المخابرات السودانية والاثيوبية تاريخ يمتد
وعندما ظل الاثيوبيون يتحججون بموضوع التأشيرات كنا نعلم ان هناك ايادى اخرى تتحرك من خلفهم ووجوه كالحة تشير وتأمر وتطلب
والجميع يحتضن ابناءه ولا يريد للاخرين ان يحتضنوا ابنائهم فهم سلعة فى مزاد المكاسب السياسية
والحركة التى قاتلناها سنين طوال ونحن منها فى موقف الضد الايديولوجى  نقيم الشهادة لها اليوم بما تستحقه فى هذا الموضوع فهى ما زالت تتمسك بعهدها وتتباحث مع الناس فى طرق التسليم وتفتح الف باب
والصليب الاحمر يؤكد انه سيكون جاهزا خلال اربعة وعشرون ساعه متى تحدد المسار الجديد
وجبريل ابراهيم نفسه يدخل على الخط ويحمل بشارات اخرى
وقلوب بائعات الشاى فى اصوصا تبكى وقلوب مسئولين كبار جدا فى الخرطوم تبتسم
والحركة تلتزم بعهدها بتسليم الاسرى والسائحون يلتزمون بعهدهم بايصال الاسرى الى بيوتهم فما زالت نوافذ الامل مشرعة
وما زالت ارادة الحياة قادرة على الانتصار على ارادة الموت
وما زالت ارادة السلام والحب قادرة على هزيمة ارادة الحرب والبغض.
وما زالت ارادة الانسانية قادرة على الانتصار على كل اسواق المزايدات السياسية
التحية مثنى وثلاث ورباع للحركة الشعبية
التحية مثنى وثلاث ورباع للسائحون
التحية عطرة جدا لغندور ونعلم ان ذلك مبلغه من الجهد
التحية لكل الامهات والاباء والاخوة .. ونطمئن على وجود ابناءكم لدى الحركة حتى حين انفراج فصبر جميل عسى الله ان يأتى بهم ((جميعا))
والتحية لدكتور جبريل وهو يبادر
التحية لهذا الاجماع الوطنى السودانى الذى يؤكد اننا امة تبحث عن الحياة والسلام والعدالة
ومازالت مشاورات السائحون والحركة مستمرة للبحث عن افق ممتد
وان حلقت الطائرات فى السماء فايضا قلوبنا وامالنا تحلق فى السماء عالية فقد ضاعت فرصة ولم يضيع الامل ولن يضيع المستقبل فقط لان بعض قصار النظر قساة القلوب جفاة الضمير يظنون ان لا قيمة لاولاد الناس                            راشد عبدالقادر